ثقافة الحوار في الوسط المدرسيّ
ثقافة الحوار في الوسط المدرسيّ
The culture of dialogue in the school environment
منى حديفة
Moma Hudhayfah
تاريخ الاستلام 4/9/ 2024 تاريخ القبول 21/9/2024
الملخص
يعدّ الحوار من أهم صور التّواصل في الحياة اليوميّة والاجتماعيّة للفرد، كونه أسلوبًا لتنمية مهارات فن التّواصل والتّفاهم بين النّاس، وطريقة لتحليل الموضوعات وتبادل المعلومات والثّقافات، ليهدف إلى تقوية شخصية الفرد من خلال تنمية أسلوبه في التّعامل، وتعزيز القدرة على تقبل الآخر والتّفاعل بإيجابيّة، ليعكس رقي ونهضة المجتمع والأمة.
وعلى مستوى المؤسّسات التّعليميّة، فإنّ المدرسة تؤدّي دورًا مهمًّا في تربية الطّلاب على الحوار، لذلك لا بد من التعرّف على مقوّمات الحوار النّاجح بين الطّلاب، وتحديد معوّقات الحوار، والعمل على تجنبها. وإطلاق جو المناقشة واحترام الرّأي في حريّة تامة.
الكلمات المفتاحيّة: الحوار- ثقافة الحوار- الطّلاب – المؤسّسة التّعليميّة.
Summary:
Dialogue is one of the most important forms of communication in daily and social life, serving as a method to develop communication skills and mutual understanding among people. It is a way to analyze topics, exchange information and cultures, and aims to strengthen an individual’s character by enhancing their interaction style, fostering the ability to accept others and engage positively, thereby reflecting the advancement and prosperity of society and the nation.
In educational institutions, schools play a significant role in teaching students the art of dialogue. Therefore, it is essential to understand the components of successful dialogue among students, identify the obstacles that hinder effective communication, and work on avoiding them. Additionally, it is important to foster an atmosphere of discussion and respect for opinions with complete freedom.
Keywords: Dialogue, Culture of Dialogue, Students, Educational Institution.
المقدمة
للحوار أهمية كبيرة فهو الرّكيزة الأساسية للتّواصل الفكريّ والثقافيّ والاجتماعيّ بين الأفراد والمجتمعات. وذلك لما له من أثر في اكساب الأفراد والجماعات مهارات التّفكير والتّواصل والانفتاح على الثّقافات الأخرى وتبادل الخبرات.
كما يعدّ الحوار من أهم أسس الحياة الاجتماعيّة لأنّه وسيلة الانسان للتّعبير عن حاجاته ورغباته وميوله ومواقفه ومشكلاته، فهو يحرّر الانسان من الجهل والعبوديّة والانغلاق والانعزال، ويفتح له قنوات الاتّصال والتّواصل مع الآخرين التي تسهم في اكتساب مزيد من التّقدّم والرّقي والوعي.
وتزداد أهمية الحوار في المؤسّسات التّعليميّة، فهو أسلوب من الأساليب التّربويّة التي يجب أن يتربى عليها النّاشئة، سواء كان ذلك في تربية الأبناء داخل الأسرة، أو تربية المتعلّمين داخل المدرسة. وهذا يؤكد على أهمية الدّور الذي تؤدّيه المؤسّسات التّربويّة في سبيل تأهيل جيل جديد يتبنى قيم الحوار والاختلاف في الأفكار والطروحات. لذلك يجب إشاعة ثقافة الحوار بين الطّلبة حتى لا يتبنّى المراهق اتّجاهات غير مرغوب فيها، وتتنافى مع آداب وقيم المجتمع.
ولا بد أولًا وقبل الحديث عن الحوار كونه أحد الأساليب التّربويّة من بيان معنى التّربيّة لغة واصطلاحًا.
مفهوم التّربيّة لغة:
تعود كلمة (التّربيّة) لغة إلى أصول ثلاثة هي:
الأصل الأوّل: ربا، يربو، بمعنى زاد ونما، ينمو.
الأصل الثّاني: ربى يربي على وزن خفي يخفي، ومعناها: نشأ وترعرع.
الأصل الثّالث: ربا، يربّ، على وزن أصلحه وتولّى أمره، وساسه وقام عليه ورعاه[1].
أما من النّاحية الاصطلاحيّة فالتّربيّة هي عملية نمو واكتساب الخبرة، واستخراج ما لدى الفرد من قدرات كامنة وتنميته خُلقيًّا وعقليًّا، لإحداث تغيير مرغوب فيه في سلوك الفرد خاصة، وفي المجتمع عامة، بواسطة تفاعل الفرد مع البيئة المحيطة به من أفراد وكائنات حية وغيرها.
ويرى العلماء المسلمون أنّ التّربيّة الإسلاميّة فلسفة واضحة مستمدة من القرآن الكريم والسّنة الشريفة، وهي تتعهد الإنسان بدنيًّا وعقليًّا وروحيًّا. وكل من يتدبّر القرآن يرى “أنّه كتاب عقيدة وتشريع وكتاب تربية وتوجيه ودعوة من الله سبحانه وتعالى للإنسان لدراسة الكون والحياة، دراسة متأنية عميقة، ليفهم ويتدبر ومن ثم يتجه الاتّجاه الصحيح”[2].
مفهوم الحوار:
تعريف الحوار لغة: الحوار لغة أصله من الحور وهو “الرّجوع عن الشّيء وإلى الشّيء، حار إلى الشّيء وعنه حورًا ومحارًا وحؤورًا، رجع عنه وإليه…، والحور النّقصان بعد الزّيادة لأنّه رجوع من حال إلى حال. كقوله تعالى: ﭐﱡﭐﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙﱠ[3]. أي لن يرجع حيًا. وبيّن أنّ المحاورة: المجاوبة والتّحاور: التّجاوب… وهم يتحاورون أي يتراجعون الكلام، والمحاورة، مرجعة المنطق والكلام في المخاطبة[4].
وفي المعجم الوسيط نجد أنّ كلمة الحوار لغة مشتقة من تحاور وتحاوروا أي تراجعوا في الكلام فيما بينهم. وبذلك تكون المحاورة بمعنى مراجعة الكلام من قولهم. حار إذا رجع[5].
الحوار اصطلاحًا:
أما المعنى الاصطلاحي للحوار فهو يفيد المشاركة أو الرّد أو المجاوبة حول موضوع مطروح بين طرفين أو أكثر سواء كان الحوار عن طريق ندوة أو مناقشة أو مناظرة أو مجادلة أو موقف من المواقف الحياتيّة[6].
أما ثقافة الحوار فيمكن تعريفها بأنّها “إطار ثقافيّ تنطلق فيه إمكانيات الحوار مع الآخرين والإيمان بوجودهم وحقوقهم مع المحافظة على تبادل المعلومات بين الأطراف من أجل فهم طبيعة الحوار وهدفة”.[7]
وتعرف ثقافة الحوار أيضًا بأنّها “الجو العام الذي يكتنف حياة الطّلاب بالمدرسة وما يشتمل عليه من مبادئ وأعراف وأطر ونظم بحيث يصبح الجو معتمدًا تبادل الرّأي لا أحاديته، ومحاولة فهم الطّرف الآخر وعدم إلغائه”[8].
كما يفيد بأنّه الحديث بين شخصين أو أكثر بطريقة متكافئة في مسألة معينة، فلا يستأثر أحدهما دون الآخر، ويغلب عليه الهدوء والبعد عن التّعصّب لإظهار الحقّ بالحجة والبرهان[9].
والحوار من منظور إسلاميّ هو أسلوب تربويّ واجتماعيّ يستخدم في حلّ المشكلات التّربويّة والاجتماعيّة، وتعتمد هذه الرّؤية على المنهج الإسلاميّ وعلى التّصوّر الإسلاميّ في فهم الكون والحياة والانسان. كما أنّ الحوار هو المنهج الذي خاطب به القرآن الكريم عقل الانسان ووجدانه ليدلّه إلى الصّراط المستقيم في الحياة الدّنيا ليصل به إلى النّجاة في الحياة الآخرة.
وقد كان الحوار منذ بداية البشريّة طريقة الأنبياء والرّسل في الدّعوة إلى الله، ولا يزال هو الطّريق الأجدى في العمل الدّعوي، وهناك الكثير من الآيات القرآنيّة التي تدلّ على الحوار، ففي قوله تعالى: ﭐﱡﭐﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗﱠ[10]. وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪﱠ[11]. يفهم من هذه الآيات أن الحوار هو مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين، وعليه فالحوار هو محادثة حول موضوع معين محدد، لكلّ منهما وجهة نظر خاصة به هدفها الوصول إلى الحقيقة أو إلى أكبر قدر ممكن من تطابق وجهات النّظر بعيدًا عن التعّصّب والخصومة. فالرّسول عليه الصلاة والسلام أفضل من استخدم لغة الحوار على الاطلاق. فقد كان يستعمل الحوار كوسيلة للتّراحم والتّواصل مع الآخرين، وتجد في سيرته ﷺ نماذج كثيرة ومتنوّعة للحوار. وترد في أشكال شتى لتقدّم لنا الدّروس التي تنفعنا[12].
ومما لا شك فيه أنّ للحوار في الإسلام آدابًا وقيمًا ومنهجًا أخلاقيًّا يحترم الانسان وحريته في الاختيار. فالإسلام يحترم حقّ الانسان في الاختلاف، وبما أنّ الانسان كائن اجتماعيّ بطبعه، لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن النّاس، فهو في اتّصال مستمر معهم، والنّفس البشريّة تميل بطبعها وفطرتها إلى الحوار والجدل قال تعالى في كتابه الكريم: ﭐﱡﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱠ[13].
أهمية الحوار
تبرز أهمية الحوار في أنّه يعدّ من أفضل الوسائل في الاقناع وتغيير الاتّجاه الذي يدفع إلى تعديل السّلوك. فالحوار الإيجابيّ يؤدّي إلى ترويض النّفوس، وتعويدها على تقبل النّقد واحترام الرّأي الآخر، ودعم النمو النّفسيّ، والتخفيف من مشاعر الكبت وتحرير النّفس من المشاعر العدائيّة والقلق من المستقبل، كما أنّه يعدّ وسيلة علاجيّة لكثير من المشكلات التي يصعب حلّها بالطّرق التّقليديّة.
فالحوار من أهم أدبيّات التّواصل الفكريّ والثقافيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ التي تتطلّبها الحياة في مجتمعنا المعاصر، لما له من أثر في تنمية قدرة الأفراد على التّفكير المشترك والتّحليل والاستدلال، بغية إنهاء خلافاتهم مع الآخرين بروح التّسامح والصّفاء وبعيدًا من العنف والإقصاء. كما أنّ الحوار هو سمة من سمات المجتمعات المتحضرّة، والأداة الفعالة التي تساعد على حلّ المشكلات الصّعبة.
ويعد أسلوب الحوار من أهم أساليب التّربيّة الإسلاميّة، لذلك فمن واجب كل من يعمل في مجال التّربيّة، سواءً كان في وسط تربويّ، كالأسرة، أم في مؤسّسة تربويّة، كالمدرسة والجامعة أن يعنوا بمثل هذا الموضوع فيبحثوا فيه، ويتكلّموا، فهم أحقّ بذلك وأولى، وألا يتركوه لمغرض أو لأصحاب النوايا السيئة[14].
وعلى الصّعيد المؤسّسات التّربويّة والتّعليميّة فإنّ أهمية الحوار تكمن من خلال ما تقدّمه هذه المؤسّسات من أساليب وطرق تسهم في تعزيز ثقافة الحوار ومهاراته لدى المتعلّم. فالحوار يسهم في تحسين أداء المتعلّم في مختلف العلوم وعلى جميع الأصعدة.
ولكي يكتمل نمو المتعلّم فكريًّا فإن ذلك يتطّلب من المربي أن يكسب ثقة المتعلّم عن طريق استخدام أسلوب الحوار فيتحوّل المتعلّم إلى عنصر مشارك في العملية التّعليميّة[15]. كما أنّ الحوار يصقل قدرات العقل وينمّي ابداعاته، ويمنح الطّالب جملة من القيم والمهارات لحسن التّعامل مع الآخرين. ويساعد على تنمية السّلوك التّعليميّ كالإيجابيّة والمشاركة الفاعلة، واشباع الحاجة للعلم، وتقريب الأفكار والآراء، وزيادة المعلومات والحصيلة العلميّة، والتّوصل لكشف الحقيقة وإيجاد روح المنافسة، والدّخول في المناقشات العلميّة.
إنّ أهمية الحوار تكمن في تهيئة النشء لمواجهة عالم سريع التّغير، فاستخدام استراتيجيات التّدريس القائمة على الحوار والمناقشة تساعد المتعلّم على مواجهة المشكلات المستجدة، وإعداده لعالم متغير.
أهداف الحوار
إنّ ما يدعو للحوار بين التّلاميذ وأفراد الهيئة التّعليميّة وبقية العاملين في المؤسّسات التّعليميّة سواء كانوا معلّمين أو مرشدين أو مشرفين أو مديرين هو الإيمان بضرورة تقبّل الآخر عن طريق التّواصل اللّفظيّ وغير اللّفظيّ. وهذا الأمر لا يتحقّق إلا عن طريق الحوار الإيجابيّ الذي يتيح للطّالب الفرصة للتّطوّر والتّقدّم والنّمو.
وعندما تسود لغة الحوار بين عناصر الأسرة المدرسيّة فإنّ ثمة أهدافًا عديدة وآمالًا كبيرة يرجى تحقيقيها سواء في القريب العاجل أو في المستقبل. ومن هذه الأهداف تربية الطّلاب على منهجية الحوار وفهم وجهة نظر الطّرف الآخر واحترامها حتى مع وجود الاختلاف في الرّأي، لكي يسلكوا هذا المنهاج في حياتهم ومعاملاتهم مع الآخرين، وليس في المدرسة فقط.
والحوار يتيح الفرصة للتّلاميذ بأن يعبروا عن آرائهم وأفكارهم بحريّة دون خوف أو خجل. كما يساعد المعلّم على تخريج جيل صالح، قادر على النّقد البناء من خلال تشجيعهم على إبداء آرائهم وملاحظاتهم بجرأة وشجاعة من دون خوف أو تردّد. وقد يؤدّي المعلّم دورًا فاعلًا في بناء الفكر النّقديّ عند الطّلاب من خلال إثارة أذهانهم على التّساؤل، وإعطائهم مساحة كافية من الحريّة والوقت ليعبّروا عما يريدون. بمعنى أن يكون الطّالب متحرّرًا من الرّهاب المدرسيّ الذي يولّد الكبت والخجل والخوف[16].
كما يعزّز الحوار ثقة الطّالب بنفسه من خلال منحه الفرصة والوقت الكافي للتعبير عن أفكاره. ويعمل على تنمية روابط الألفة والمحبة بين المعلّم والطّالب، وبين الطّلاب فيما بينهم.
ومن أهداف الحوار إعطاء الفرصة للطّلاب للمشاركة في صياغة القرارات المدرسيّة وقوانينها، ومن المؤكد أن الطّلاب سيحترمون هذه القرارات المدرسيّة عندما يشاركون في وضعها. وسيطبقون القوانين المدرسيّة بطواعية عندما يدركون أنّها وضعت من أجلهم، ومن أجل تحقيق بيئة مدرسية آمنة[17].
شروط الحوار النّاجح
للحوار ركنان أساسيان يتمثّلان في وجود شخصين متحاورين أو أكثر، ووجود قضية يجري الحوار بشأنها. فالحوار لا يتم في فراغ وإنّما يدور حول فكرة معينة أو موضوع معين يستحق المناقشة مع الغير، وأن تكون الأطراف المتحاورة على علم بالموضوع المطروح للتحاور والوقوف على الفكرة التي يريدون اثباتها.
وإذا أردنا للحوار أن ينتج ويؤتي ثماره ويخرج بنتائج ذات قيمة، فإنّ ذلك يتطّلب عدة شروط منها:
1- تحديد موضوع النقاش
لكي يأتي الحوار بنتيجة، لا بدّ من تحديد موضوع النقاش، فاحترام التّخصص وعدم التّحاور في موضوعات ليس لها علاقة بموضوع النّقاش وفكر المحاور واهتماماته من شأنها أن تنهي الحوار من دون نتائج مرضية للطرفين. لذلك لا بد للمتحاورين أن يتّفقا على الموضوع الذي سيكون مناط حوارهما أو حوارهم إذا كانوا أكثر من اثنين. ولعل هذا التّحديد يجدي في بقاء الحوار ضمن المضمار المتفق عليه. ومن الضّرورة معرفة الموضوع أو الموضوعات مسبقًا كي يكون كل محاور على بينة من أمره[18].
2- معرفة أسباب الحوار وأهدافه
فلا بد للمحاور أن يعرف أسباب الحوار وتتمثّل في الخلاف حول موضع محدّد، فقد يكون موقف أحدهما سلبيًا من هذا الموضوع، وقد يكون الآخر إيجابيًا. فلكل حوار بواعث ودوافع تدفع المتحاورين للاستغراق الحواريّ فيه. كما أنّه من الضّرورة معرفة أغراض وأهداف الحوار للطّرفين للوصول إلى حقيقة متّفق عليها أو أن يعمل الطّرفان على الوصول إليها، وذلك بإفهام الطّرف الأوّل برأي الطّرف الثّاني أو العكس، فهما يحلاّن رأيين متعارضين، وغرضهما الاتّفاق على رأي موحد بحيث يزول الخلاف بينهما، ومن ثم يصلان إلى نتائج محددة يخرج منها الطّرفان برضى عقلي، أو يبقى الخلاف بينهما لعدم اقتناع أي منهما برأي الآخر[19].
3- اعتماد العقل والمنطق في الحوار
يعني التزام أطراف الحوار بالطّرق المنطقيّة السّليمة في أثناء المحاورة، ويمكن تحديد معالم الالتزام من خلال تقديم الأدلّة المثبتة المرجحة لكل فرضيّة أو دعوى يقدّمها المحاور، لأن من واجب المحاور تقديم الحجة أو البرهان، فكل قول يتفوّه به المحاور من حقّ الآخر أن يطالبه بالدّليل[20].
ومن أوجب الواجبات لكي يكون الحوار بين الأطراف ناجحًا ونافعًا، وترجى من ورائه النّتائج الطّيبة والعواقب الحميدة أن يقوم على الحقائق الثّابتة، لا على الاشاعات الكاذبة، وأن يبنى على المعلومات الصّحيحة، لا على الأخبار الملفقة.
4- إعطاء معلومات للمتحاورين
قبل البدء في الحوار لا بدّ من إعطاء معلومات للمتحاورين عن الموضوع أو القضية التي سيتحاورون فيها. وهذا ضروريّ جدًا لطلاب المدارس والجامعات، ذلك أنّ المعلّم حين يختار موضوعًا للمناقشة بين الطّلاب يجب أن يختاره بعناية وأن يكون هذا الموضوع ذا فائدة لهم. وإذا لم يكن الطّلاب يملكون المعلومات عن الموضوع المنوي طرحه للنّقاش فإنّهم لن يتفاعلوا ولن يشاركوا أستاذهم بالحوار لأنّهم لا يملكون المعلومات الكافية عن الموضوع، أو أنّ الموضوع جديد بالنّسبة لهم ولم يسبق أن طرح عليهم من قبل[21].
فإذا أراد المعلّم أن يطرح أي موضوع للنّقاش عليه أن يعطي طلابه أوّل الأمر معلومات عن هذا الموضوع مع شرح الفكرة والمغزى من طرحه وبعد ذلك يبدأ الحوار. وسوف يجد المعلّم تجاوبًا من الطّلاب ومشاركة بالحوار والمناقشة أكثر مما هو متوقع.
5- اختيار الوقت المناسب للحوار
ويدخل في ذلك اختيار الوقت المناسب للحوار، فليس كل وقت مناسب للحوار، كما أنّ الحوار يجب ألا يستغرق وقتًا طويلًا أكثر مما يجب، فيرهق المتحاورين وقد لا يوصلهم إلى نتيجة مرضية، وقد يؤجّل الحوار بسبب هدر الوقت من دون تحقيق نتيجة متوخاة[22].
6- البعد عن التّجريح
من المهم في كل حوار البعد عن التّجريح الشّخصيّ والتّعريض بالمحاور الآخر، كما ينبغي أن يخلو الحوار من الصّراخ والضّجيج أو العنف، أو الكلام الجارح، كأن ينعت أحد المتحاورين الآخر بنعوت غير لائقة، أو أن يتعرّض لقبيلة الرجل أو عائلته أو سلالته أو أن يسخر من عمله.
– أساسيّات الحوار
من أهم أساسيّات الحوار ومهاراته هو الانصات الجيّد أو والاصغاء، إنّ الانصات جزء مكمل وأساسي لأي حوار فهو يتيح الفرصة لجميع المتحاورين في التّعبير عن آرائهم، كما أنّ نجاح أي حوار يعتمد بشكل كبير على تعلّم فنّ الإصغاء.
والمحاور الجاد يهتم بصاحبه وينصت له بشكل يعين على هدوئهما ويتيح لهما حسن الفهم ووضوح الرّؤية والقدرة على إتمام الحوار[23].
ويعدّ النّظر إلى المتحدّث، أو الانشغال عنه وهو يتحدّث من أهمّ سمات الانصات أو الاصغاء النّاجح، وكذلك عدم مقاطعته في أثناء الكلام أو نقض كلامه أو الرّد عليه قبل أن ينهي كلامه ويعرض حججه. فمن يريد أن يحاور ينبغي أن يتعلّم أوّلًا أدب الاستماع، ولهذا يوصف الانصات بأنّه من أهم مهارات الحوار وأساسيّاته. والاستماع الجيّد يكون بالإصغاء التام وحضور الذهن، وانفتاح النّفس للسماع، كما يكون بالنّظر إلى وجه المتحدّث.
أما النقطة الثّانية من أساسيّات الحوار فهي عدم الغضب، وهذه وصية النّبي عليه أفضل الصلاة والسلام حين سأله رجل أن يوصيه، وقال أيضًا “ليس الشّديد بالصّرعة وإنّما الشّديد الذي يملك نفسه عند الغضب[24].
ومن أساسيّات الحوار الانفتاح للوصول إلى فهم مشترك وتبادل الخبرات والأفكار، وهذا لا يتحقّق من دون انفتاح ذهنيّ يكون فيه كل طرف مستعدًا لترك ما هو عليه وتبني وجهة نظر محاوره لأنّها أولى، أو لأنّها تنطوي على مصلحة للطّرفين.
وأيضًا من أساسيّات الحوار قبول النّقد، فالمحاور الجيّد يجب أن يتقبل نقد أفكاره وآراءه من غير امتعاض، وإنّ النّقد لا يعني البحث عن سلبيّات الآخر ومساوئه فحسب، بل يعني أن نكتشف مساحات الجمال الموجودة في الأشياء، ومساحات الخير الموجودة في الأفعال والمواقف، ولدى النّاس كافة، إن النّقد يعني اكتشاف الإيجابيّات والسّلبيّات وما يقترب وما ينتمي إلى كل منهما[25].
ولا يجب أن ننسى خفض الصّوت واحترام المجالس ولزوم السّكينة، فالمحاور القوي يستمد قوّته من هدوئه ورزانته ومنطقه، لا من الصّراخ والصّياح. لأنّ الصّوت المرتفع يوتّر المتحاورين ويجعل الحوار أشبه بحلبة ملاكمة، وليس لأحد المتحاورين مصلحة في ذلك.
يعد إنهاء الحوار من الأمور المهمة التي يجب أن يأخذها المحاور باعتباره، وهي أصعب جزء في الحوار وأكثر احتياجًا للمهارة، ففي بعض الأحيان يجد المحاور نفسه مضطرًا إلى وقف الحوار، مثلًا إذا تبين له أنّ الاختلاف في أمور أساسيّة لن يسمح الوقت بالتّحاور فيها، أو تبيّن له أنّ الأمر بدأ يتّجه إلى السّخريّة والاستهزاء وانعدام المنطق، لذلك فإنّ إنهاء الحوار بأسلوب لبق والانصراف هو السّبيل الأمثل، ويجب أن يكون إيقاف الحوار بطريقة ذكيّة ومهذبة لا تدلّ على العجز ولا الهزيمة بل على الثقة[26].
– معوّقات الحوار
في الحقيقية إنّ معوّقات الحوار في غالبها أمر عارض، وليست أمرًا موجودًا أصلًا. بمعنى أنّ التخلّص منها أمر ليس بالصّعب، إذا ما أدركنا تلك المعوّقات.
إن المصداقيّة والأمانة صفتان مهمّتان في المحاور النّاجح، وفقدانهما أو فقدان أحدهما يُفقد الآخرين الثّقة فيه، وحينذاك لا يصلح أن يكون أهلًا لإكمال الحوار معه، ولا للحوار أصلًا.
كما أنّ عدم وجود قواسم مشتركة بين المتحاورين يعدّ من عوائق الحوار، حيث تجد كل منهما يتحدّث في موضوع لا يفهمه الآخر، أو أنّه يتحدّث عن أمور لا يستطيع الطّرف الآخر استيعابها، فعدم وجود قواسم مشتركة بين الطّرفين يجعل المناقشة تستمر من دون أي فائدة.
ومن معوّقات الحوار عدم الالتزام بالسّلوك المهذب والرّاقي في الحوار، لذا يجب على كلا الطّرفين أن يلتزما الأسلوب اللائق عند طرح الرّأي أوالفكرة، والمحاور الذي لا يلتزم حدود الأدب واللّياقة يسهم في فشل الحوار وفساده لأنّ الطّرف الآخر قد يلجأ للأسلوب نفسه، فيقابل الإساءة بمثلها، ومن هنا يفقد الحوار هدفه ويفقد المتحاوران مصداقيتهما.
كما أنّ الاعتداد بالرّأي والتّعصّب له يفسد الحوار، لأنّ الذي يتعصّب لرأيه يطيل الكلام بغير فائدة، فتراه يبتعد أحيانًا عن الموضوع ويأبى الدّخول في صلبه ويتهرّب من مواجهة الحقائق التي يوردها محاوره.
وقد يكون اختيار الزّمان والمكان المناسبين لكلا الطّرفين أو لأحدهما معوّقًا من معوّقات الحوار، إذا ما أسيء اختيارهما. فهناك عوامل تتعلّق بالمكان، كالبعد، والقرب، والتّرتيب والتّهوية، وما إلى ذلك. وعوامل أخرى متعلّقة بالزّمان، كالتّحاور بعد يوم عمل شاق، وما إلى ذلك.
وإذا لم يدرك المحاور قبل البدء بالحوار أنّ الخلاف أمر طبيعيّ في البشر فسوف يُقبل على محاوره بنفس غير مطمئنة، وروح ثائرة، ينتج عن ذلك تباعد في وجهات النّظر، وإحياء روح الفرقة والاختلاف[27].
يتّضح مما سبق أنّ معوّقات الحوار كثيرة ومتعدّدة، منها معوّقات ناشئة عن عدم تطبيق أصول الحوار أو أحد عناصره، ومنها معوّقات ناشئة عن عدم تطبيق آدابه، لكن تعد هذه المعوّقات أمر عارض يمكن السّيطرة عليها، إذا وجد الوعي التّام والرّغبة الصّادقة من قبل المتحاورين للتّغلّب عليها وعدم التّأثر بها لكي يحقّق الحوار أهدافه المنشودة.
– دور البيئة المدرسيّة في تعزيز ثقافة الحوار لدى الطّلاب
تعد المدرسة من أهم المؤسّسات التّربويّة ذات الأثر الأكبر في نشر ثقافة الحوار لدى الطّلاب وتعزيزه وتفعيله ، لما تحظى به من سبل ووسائل عديدة يمكن من خلالها غرس مبادئ الحوار وقيمه وآدابه، بحيث تؤثر المدرسة بشكل بالغ في تكوين شخصيّة الطّلاب وميولهم لاسيما إذا تضافرت الجهود من المؤسّسات التّربويّة الأخرى كالأسرة والتي تقوم بجزء كبير من هذه المهمّة، ووسائل الإعلام وغيرها.
ومن المؤكد أنّ ليس هناك من مهمة خطيرة وعظيمة مثل مهمة بناء الإنسان عقليًا وسلوكيًا. وإذا كانت الأسرة أصغر وحدة اجتماعيّة تضطلع بجزء كبير في أداء هذه المهمة، فإنّ للمدرسة دورًا كبيرًا في إعداد الأفراد وبنائهم وتربيتهم وتعليمهم. كما تسهم بشكل فاعل في نشر ثقافة الحوار وترسيخ آدابه في نفوس الطّلاب، وتحقيق العديد من الأهداف التّربويّة المنشودة.
وهنا لا بد من سياسة تعليميّة جديدة تقوم على عنصرين أساسيين هما:
العنصر الأوّل: التّحويل الجذريّ للعمليّة التّربويّة من عملّية تقوم على تلقين وتقوية الذاكرة إلى عملية تقوم على الحوار والنقاش.
العنصر الثّاني: التّسامح مع الاختلاف، والحرص على التّعدديّة.
ولكي تقوم المؤسّسات التّربويّة بدورها بنشر ثقافة الحوار، لا بد من توافر بعض المقومات لهذه المؤسّسات من حيث:
أولًا: إعداد المعلّم: يعد المعلّم حجر الزّاوية في العملية التّعليميّة، وهو يمثّل أساس العملية التّربويّة، إذ أنه من العوامل التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف التّربويّة والاجتماعيّة المنشودة.
والحديث عن ثقافة الحوار في المدارس يرتبط بشكل أساسي بقضية إعداد المعلّم الواعي والمثقف والمنفتح.
وبالتالي فإن المعلّم ليس ناقلًا للعلم إلى طلابه فقط، وإنّما يعتبر الأداة الأمثل لغرس القيم النبيلة والأخلاق وبناء شخصية الفرد تحقيقًا للأهداف التّربويّة والاجتماعيّة التي يسعى إليها المجتمع، وخصوصًا فيما يتعلق بثقافة الحوار التي أضحت ضرورة حياتية لبلوغ الأهداف المشتركة للإنسانية، وهذا لا يتم إلا من خلال إرساء قواعد تربويّة وتعليميّة تتولّى انجاز هذه المهمة.
ومن سمات المعلّم النّاجح أن يكون قدوة حسنة لجميع طلابه، فالتّربيّة بالقدوة ذات أثر كبير في إكساب القيم الخلقية للمتعلّمين، والمعلّم قدوة ونموذجًا حيًا للمبادئ والقيم والمفاهيم والمهارات التي يسعى إلى تعليمها. لأن القدوة من أقوى أساليب التعلّم وأبقاهًا أثرًا[28].
والمعلّمون يعدون صناعًا والمتعلّمين مواد خام قابلين للتّشكّل والصّناعة كما تريد الأمة، فبقدر مهارة هؤلاء الصّناع يستطيعون صناعة جيل واع مثقف يمتلك ثقافة الحوار، ولكن لا يكون المعلّم صانعًا ماهرًا إلا إذا اتصف ببعض الصفات من أهمها: أن يكون بادئ الأمر ملمًا بالمادة التي يقدمها لطلابه من كافة جوانبها، ومتمكنًا من المعلومات والمهارات التي يُكسبها لطلابه، وقادرًا على فهمهم، فعندما يكون المعلّم قادرًا على التّعامل مع كل الفئات العمريّة للطّلاب، فإن ذلك سيسهل عليه عملية الحوار معهم.
ولا بد للمعلم أن يكون لديه استعداد جيد لهذه المهنة، وأن يمتلك روح التضحية من أجل بناء جيل الأمة على نحو يستطيعون تحقيق آمال الأمة، وتتوافر فيهم روح التّضحيّة من أجل خدمة المجتمع ودفع عجلة التّقدّم فيها.
ثانيًا: إعداد المناهج الدراسية بطريقة تعتمد على الحوار، وتساعد عليه من خلال اختيار المادة التّعليميّة، وإدراج التدريبات التي تحفز الذهن وتنمي التّفكير، وبالتالي تقود إلى الحوار وتنميته عند الطّالب وعند المعلّم، لأن المنهج الجيّد يرتقي بأدوات المعلّم وتفكيره، ويتطّلب منه المزيد من التّفاعل وبذل الجهد في الإعداد.
وإعادة النّظر في الأهداف التّربويّة أي تحقيق التّوافق المنطقي بين الأهداف التّربويّة، بحيث تبدأ متناسقة تبدأ بالفرد وتنتهي بالإنسانيّة آخذة بالحسبان المهارات العمليّة والأخلاق الفردية والقيم الاجتماعيّة والتطور المتسارع للحياة المعاصرة.
ثالثًا: التّعامل مع المنهج الحالي بذكاء، وتطويعه ليكون قابلًا للحوار، من خلا ل إثرائه بأوراق عمل ووسائل تعليميّة ومسابقات ثقافيّة، ولا ننسى اللّوح التّفاعليّ الذي يعد وسيلة نافعة ومشوذقة في الوقت الرّاهن، ويساعد المعلّم على استخدام الطّريقة الحواريّة من خلال المقاطع الصّوتيّة أو المشاهد المصوّرة التي يعرضها على الطّلاب والتي تتعلّق بموضوع الدّرس بشكل مباشر أو غير مباشر[29].
رابعًا: تهيئة الطّلاب للحوار من خلال تكليفهم بجمع معلومات تمكنّهم من الإحاطة بشكل كبير بمادة الحوار لأن الطّلاب يعانون نقص المعلومات، كأن يكلف المعلّم طلابه بجمع معلومات عن موضوع معين. أو تحويل القصص القصيرة من النّمط السّرديّ إلى قصة حواريّة ذات مغزى مؤثراُ ومقنعًا.
خامسًا: ولا بد أن يكون هناك حوار بين مدير المدرسة وطلابه، فيحاورهم ويصغي إليهم بمحبة، ويعطيهم الوقت الكافي ليعبّروا عن مشاعرهم، وما يجول في خاطرهم من مشكلات حول مادة تعليميّة معيّنة أو علاقتهم بمعلميهم، ومقترحاتهم التي تعد بمثابة التّغذيّة الرّاجعة لسير النّظام التّعليميّ والسّلوكيّ في المدرسة. والحوار بين مدير المدرسة والطّلاب يحقّق أهدافًا عديدة أبرزها: إقامة علاقات ودية بين الطّلاب وبينه، ومد جسور التّواصل والحوار، كما يمكّن المدير من معرفة طرائق تفكير الطّلاب واهتماماتهم، والتعرف على مشكلاتهم ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لهم، وتوفير بيئة تربويّة وتعليمية مريحة للطّلاب[30].
سادسًا: تقديم تغذية راجعة للطّلاب وذلك عن طريق ثناء المعلّم على طلابه أثناء الحوار أو بعده، لأن ذلك من شأنه أن يعزز ثقة الطّلاب بأنفسهم ويجعلهم يسعون إلى المشاركة دائمًا، وينمي لديهم مهارات الحوار، ليكونوا محاورين ناجحين مستقبلًا. كما أن تركيز المعلّم على الطّلاب والمنسجمين خلال توجيه الأسئلة إليهم ومنحهم الوقت الكافي للإجابة وتعزيزه ان كانت صحيحة له بالغ الأثر في تنمية قدرة المتعلّمين على الحوار، واكتساب مهارته والتأدب بآدابه.
سابعًا: تفعيل المسرح المدرسيّ لما له من لأثر فعال في الطّلاب على الحوار من خلال عوامل الجذب والتشويق التي يمتلكها، خاصة إذا كان المشهد المسرحي معدًا اعدادًا جيدًا بدءًا من النص المليء بالقيم والمعاني النبيلة مرورًا بالطّلاب الممثلين وانتهاءً بالمؤثّرات المستخدمة.
ويؤدّي المسرح المدرسيّ رسالته في نشر ثقافة الحوار بين الطّالب من خلال:
-تدريب الطّالب تدريبًا جيدًا ليكون ناجحًا ومؤثرًا.
-اختيار الأفكار الجيّدة والنصوص الحوارية بعناية وجعلها متنوعة.
-اختار الطّلاب الموهوبين في هذا المجال، وإعطاء الفرصة لمن عنده رغبة حقيقية في التمثيل، لأن وجود الدافع عالم مهم من عوامل النجاح في الأداء.
– اختيار نصوص من المنهج وتمثيلها من أجل ربط الطّالب بالمنهاج.
ولكي ننجح في إعداد الطّالب ليصبح محاورًا ناجحًا، لابد من إعداده ليكون مستمعًا ناجحًا، لأنّ الاستماع الإيجابيّ يعدّ مهارة، وأدبًا من آداب الحوار، وحسن الاستماع لا يعني أن يكون المستمع صامتًا لا ينبس ببنت شفة طوال فترة الحوار، ولكن حسن الاستماع يتطّلب من المستمع إبداء بعض الإيماءات والإشارات والابتسامات، ويطرح بعض الأسئلة القصيرة على المتحدّث في الوقت المناسب، ومن غير مقاطعة المتحدّث قبل ان ينهي فكرته.
الخاتمة
في ضوء ما تقدم عرضه، يتّضح لنا أهمية التّربيّة بالحوار، ونشر ثقافة الحوار المدرسيّ، لما له من قيمة كبيرة في حياة المجتمعات، في البيئة المدرسيّة على وجه الخصوص، علمًا أنّ التّأسيس لحوار فعال في المؤسّسة التّعليميّة أمر ليس صعبًا كما يعتقد البعض، ولكنّه يحتاج إلى تضافر جهود وإخلاص عناصر الحوار المدرسيّ جميعهم. لأنّ المعلّم ليس ناقلًا للعلم فقط، وانّما يعدّ الأداة الأمثل لغرس القيم النّبيلة في السّلوك والأخلاق وبناء شخصيّة الفرد تحقيقًا للأهداف التّربويّة والاجتماعيّة التي يسعى إليها المجتمع.
فالتّربيّة بالحوار عمليّة مهمّة للفرد والمجتمع وتتّضح أهميته في المؤسّسات التّعليميّة تحديدًا، فهو يعدّ من الأساليب التّربويّة الرّاقية التي يجب أن يتربي عليها النّاشئة سواء كان ذلك في تربية الأبناء داخل الأسرة أو تربية المتعلّمين داخل المؤسّسات التّعليميّة، في سبيل تأهيل جيل يتبنى قيم الحوار والاختلاف في الأفكار والطروحات.
قائمة المصادر والمراجع:
- ابن منظور، لسان العرب، بيروت، دار صادر، المجلد الرابع، ط6، 2008م، ص264.
- أحمد عبد الرحمن الصويان، الحوار أصوله المنهجية وآدابه السّلوكية، الرياض، دار الوطن، 1413هـ، ط1، ص108.
- أمل الخليلي، إدارة الصف، عمان، دار صفاء للنشر والتوزيع، 1425هـ/ 2005م، ص78.
- بدر بن محمد عيد الحسين، الحوار المدرسيّ، الرياض، مركز الملك عبد الله للحوار الوطني، 1432هـ/ 2011م، ص47.
- حسين أحمد الزيات، المعجم الوسيط، بيروت، دت، ج1، ص212.
- خليل فهد زايد، فن الحوار والاقناع، عمان، دار النفائس للنشر والتوزيع، 1427هـ/2007م، ص132.
- ريم بنت خليفة بنت محمد الباني، ثقافة الحوار، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، الرياض، 1430هـ، ص33.
- سعيد زادة، الحوار قيمة حضارية، الأردن، دار النفائس، 1430هـ/ 2019م، ص123.
- سيد محمد طنطاوي، أدب الحوار في الإسلام، القاهرة، دار نهضة مصر، 1999م، ص45.
- السيد يس، الحوار الحضاري في عصر المعلومات، القاهرة، دار النهضة، 2001/ ط2، ص38.
- عبد الرحمن بكار، مدخل إلى التّربيّة في الإسلام، بيروت، المكتب الإسلاميّ، دط، دت، ص7. وانظر الجوهري، أبو نصر إسماعيل بن حمادة، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور، دار العلم للملايين، ط1، 1407هـ/ 1987م.
- عبد الرحمن عميرة، منهج القرآن في تربية الأجيال، جدة، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، 1981، ط1، ص15.
- عبد القادر الشيخلي، ثقافة الحوار في الإسلام، الرياض، مؤسسة اليمامة الصحفية، 2003م، ص 139.
- عبد الكريم بكار، التّربيّة بالحوار، الرياض، مركز الملك عبد الله للحوار الوطني، 1429هـ/ 2011م، ص26.
- علي طارق الحبيب، كيف نتحاور؟، الرياض، مؤسسة الجريسي للنشر والتوزيع، 1421هـ، ص59.
- عوض صابر جيدوري، دواعي تعزيز ثقافة الحوار لدى طلاب جامعة طيبة وطالباتها من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس، الكويت، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، العدد 158، ص 17.
- فهد بن ناصر العبودي، الحوار منهج وسلوك، الرياض، دار أطلس الخضراء، 2005م، ص12.
- فيصل محمد الدنيس، الحوار الاجتماعيّ من منظور نفسي، الرياض، مطبعة النرجس، 2005م، ص6.
- ماهر أحمد البقري، القيم الخلقية في الإسلام، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر والتوزيع، 1420هـ، ص76.
- محمد ديماس، فنون الحوار والاقناع، بيروت، دار ابن حزم، 1999م، ص86.
- محمد عبد اللطيف خليفة، ارتقاء القيم دراسة نفسية، الكويت، عالم المعرفة، 1412هـ/ 1994م، ص49.
- محمد يحيي زمزمي، الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، عمان، دار المعالي، ط2، 1422هـ، ص33.
- منى إبراهيم اللبودي، الحوار فنياته واستراتيجياته وأساليب تعليمه، القاهرة، وهبة للطباعة والنشر، 2003م، ص 89.
- هلال حسين فلمبان، دور الحوار التربويّ في وقاية الشباب من الإرهاب الفكريّ، الرياض، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني،1432هـ/ 2011م، ط4، ص64.
[1] عبد الرحمن بكار، مدخل إلى التربية في الإسلام، بيروت، المكتب الإسلامي، دط، دت، ص7. وانظر الجوهري، أبو نصر إسماعيل بن حمادة، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور، دار العلم للملايين، ط1، 1407هـ/ 1987م.
1 عبد الرحمن عميرة، منهج القرآن في تربية الأجيال، جدة، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، 1981، ط1، ص15.
[4] ابن منظور، لسان العرب، بيروت، دار صادر، المجلد الرابع، ط6، 2008م، ص264.
[5] حسين أحمد الزيات، المعجم الوسيط، بيروت، دت، ج1، ص212.
[6] فيصل محمد الدنيس، الحوار الاجتماعي من منظور نفسي، الرياض، مطبعة النرجس، 2005م، ص6.
[7] ريم بنت خليفة بنت محمد الباني، ثقافة الحوار، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، الرياض، 1430هـ، ص33.
[8] ماهر أحمد البقري، القيم الخلقية في الإسلام، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر والتوزيع، 1420هـ، ص76.
[9] فهد بن ناصر العبودي، الحوار منهج وسلوك، الرياض، دار أطلس الخضراء، 2005م، ص12.
[10] سورة الكهف: الآية 34.
[11] سورة الكهف: الآية 37.
[12] سيد محمد طنطاوي، أدب الحوار في الإسلام، القاهرة، دار نهضة مصر، 1999م، ص45.
[13] سورة الكهف: الآية 54.
[14] محمد يحيي زمزمي، الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، عمان، دار المعالي، ط2، 1422هـ، ص33.
[15] عوض صابر جيدوري، دواعي تعزيز ثقافة الحوار لدى طلاب جامعة طيبة وطالباتها من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس، الكويت، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، العدد 158، ص 17.
[16] بدر بن محمد عيد الحسين، الحوار المدرسي، الرياض، مركز الملك عبد الله للحوار الوطني، 1432هـ/ 2011م، ص47.
[17] المرجع نفسه، ص48.
[18] السيد يس، الحوار الحضاري في عصر المعلومات، القاهرة، دار النهضة، 2001/ ط2، ص38.
[19] عبد القادر الشيخلي، ثقافة الحوار في الإسلام، الرياض، مؤسسة اليمامة الصحفية، 2003م، ص 139.
[20] سعيد زادة، الحوار قيمة حضارية، الأردن، دار النفائس، 1430هـ/ 2019م، ص123.
[21] عبد الكريم بكار، التربية بالحوار، الرياض، مركز الملك عبد الله للحوار الوطني، 1429هـ/ 2011م، ص26.
[22] محمد ديماس، فنون الحوار والاقناع، بيروت، دار ابن حزم، 1999م، ص86.
[23] أحمد عبد الرحمن الصويان، الحوار أصوله المنهجية وآدابه السلوكية، الرياض، دار الوطن، 1413هـ، ط1، ص108.
[24] خليل فهد زايد، فن الحوار والاقناع، عمان، دار النفائس للنشر والتوزيع، 1427هـ/2007م، ص132.
[25] عبد الكريم بكار، التربية بالحوار، مرجع سابق، ص 39.
[26] علي طارق الحبيب، كيف نتحاور؟، الرياض، مؤسسة الجريسي للنشر والتوزيع، 1421هـ، ص59.
[27] هلال حسين فلمبان، دور الحوار التربوي في وقاية الشباب من الإرهاب الفكري، الرياض، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني،1432هـ/ 2011م، ط4، ص64.
[28] أمل الخليلي، إدارة الصف، عمان، دار صفاء للنشر والتوزيع، 1425هـ/ 2005م، ص78.
[29] منى إبراهيم اللبودي، الحوار فنياته واستراتيجياته وأساليب تعليمه، القاهرة، وهبة للطباعة والنشر، 2003م، ص 89.
[30] محمد عبد اللطيف خليفة، ارتقاء القيم دراسة نفسية، الكويت، عالم المعرفة، 1412هـ/ 1994م، ص49.
عدد الزوار:53