أبحاثاللغة والأدب والنّقد

وظيفة الشّخصيّات وهويّتها وتشكّلها في القصّة القصيرة

وظيفة الشّخصيّات وهويّتها وتشكّلها في القصّة القصيرة

The function of the characters and their identity and formation in the short story

د.وائل جزينيّ[1]

Dr. Wael Jezzini

تاريخ الاستلام 30/7/2024                                                   تاريخ القبول 16/8/2024

 

ملخّص الدراسة

يبدو دور الشخصيّة بارزًا في الأعمال القصصيّة والرّوائيّة؛ لأنّها باختصار، هي القائمة بتصوير الحدث وتمثيله والذي هو أساس القصّة أو الرّواية. فأمام كلّ حدث نتساءل عن كيفيّة وقوعه وزمانه، وعن سبب نشأته أصلًا. ومن هنا، تبدأ عمليّة الكشف عن الدّوافع وراء هذا الحدث. والدّوافع بالطّبع تؤدّي إلى شخص أو مجموعة أشخاص قاموا بناءً عليها بتنفيذ الأحداث؛ بل إنّ أولئك الأشخاص هم المسؤولون عن وقوع الحدث بطريقة معيّنة، تبعًا لخصوصيّة هوياتهم ودوافعهم وسلوكهم؛ وبذلك ينمو الحدث ويتطوّر عبر مراحله وينحدر نحو العقدة ثمّ إلى الحلّ، بوجود شخصيّة أو مجموعة شخصيّات تنفعل معه وترسم مواقفه وآثاره عبر سلوكها ومشاعرها.

الكلمات المفتاحية: وظيفة، الشّخصيّات، الهويّة، التشكّل، القصّة القصيرة.

Study summary

The role of the character seems prominent in short stories and novels, because in short, she is the one who portrays and represents the event that is the basis of the story or novel. In the face of every event, we wonder about how and when it occurred, and why it arose in the first place. From here begins the process of uncovering the motives behind this event. Motives, of course, lead to a person or group of people based on which they carried out events. Rather, those people are responsible for the event occurring in a certain way, depending on the specificity of their identities, motives, and behavior. Thus, the event grows and develops through its stages and descends towards a complex and then towards a solution, with the presence of a character or group of characters who react to it and draw its positions and effects through their behavior and feelings.

Keywords: function, characters, identity, formation, short story.

مقدّمة

تقوم القصّة على شخصيّات تتصّف بخصائص وصفات معيّنة، ويستلهم الكاتب الرّوائيّ عنصر الشّخصيّة من منبع ذاتيّ أو اجتماعيّ، فيتخيّل الشّخصيّة في ذهنه، ويحييها في قلبه، ثمّ يخرجها شخصيّة روائيّة، أو يقتبسها من مجتمعه ومن حياته اليوميّة المملوءة بالأسرار، فيتعامل معها كأنّها شخص حقيقيّ يعيش معه. والشّخصيّة الرّوائيّة، مثلها مثل الزّمان والمكان، منتمية إلى عالم متخيَّل، وانتماؤها إلى هذا العالم يجعلها نتاجًا للخطاب الذي يصوغه الرّوائيّ؛ “فهي التي تصطنع اللّغة، وهي التي تصف معظم المناظر، كما تنجز الحدث، كذلك تعمّر المكان، وتفاعلها مع الزّمن يمنحه معنًى جديدًا، إذ إنّه لا شيء من المكونّات السّرديّة الأخرى يقتدر على ما تقتدر عليه الشّخصيّة بطيبة خاطر، أو رغمًا عنه، وذلك باعتماده على مخيّلته. وسنحاول من خلال هذا البحث الإجابة عن مجموعة من التّساؤلات البحثيّة:

  • ما القصّة وما أبرز خصائصها ومقوّماتها؟
  • ما دور الشّخصيّة وكيف تبُنى في النّصّ القصصيّ؟
  • كيف تتشكّل هويّات الشّخصيّات وكيف تُقدم؟
  • وما الفرق بين الشّخصيّة الورقيّة في القصّة والشّخصيّة الواقعيّة؟

لا بدّ للباحث في أيّ بحث علميّ من أن يعتمد في دراسته منهجًا معيّنًا، وقد رأيت أن أختار في بحثي هذا المنهج الوصفيّ الاستقرائيّ التّحليليّ الّذي يتيح للباحث أن يرى الظّواهر بعين الفاحص النّاقد، والذي يتماشى وهدف الدراسة. وسنبدأ أوّلاً مع مبحث القصّة ومن ثمّ ننتقل إلى معالجة مبحث الشّخصيّة.

أوّلًا: القصّة

  • نشأة القصّة

وفدت القصّة القصيرة إلينا بمفهومها الحديث في نهاية القرن التاسع عشر من الغرب، ولا يخفى على النّقاد تأثّر القصّة الأوروبيّة بمفهومها الحديث بتراث القصّ العربيّ([2])، وثّمة منظوران يشيران إلى نشأة القصّة وأسبابها في أوروبا؛ فالمنظور الأوّل يربط ظهور القصّة بصعود الطّبقة البورجوازيّة (ما فوق الطّبقة الوسطى في التّصنيف الاجتماعيّ القديم)، وأشهر المنظّرين في ذلك هيغل (Georg Hegel) وجورج لوكتاش (György Lukács)، حيث يركّز لوكاتش على “أنّ الانتقال من الملحمة إلى الرّواية هو انتقال منطقيّ ناجم عن تطوّر اجتماعيّ بدأ بالإقطاع الأرستقراطيّ وانتهى في عصر النّهضة الأوروبية إلى صعود البورجوازيّة”. والمنظور الآخر يعود إلى النّاقد الرّوسيّ باختين الذي يرى القصّة “تمثّل نوعًا أدبيًّا دونيًّا (سفليًّا)، كان ينطق باسم الطّبقات الدُنيا والمسحوقة. ويرى أنّ نشأة القصّة تزامنت مع تفسّخ اللّغة الثّقافيّة الأم (اللّاتينيّة) إلى لغات ولهجات شعبيّة”([3]) ويقول إنّ هناك تناقضًا واضحًا بين هذين النوعين الأدبييّن (الملحمة والقصّ)؛ فالأوّل نشيد أُحاديّ الصوت، بينما النوع الثاني نصّ متعدّد الأصوات. وهذا التّعدّد مرتبط بالشَّعب، أي بالطّبقات الدّنيا، أو سواد النّاس. وعليه لا يكون القصّ فرعًا من فروع الملحمة، وإنّما من طينة مغايرة لطينتها. فبينما ترتبط الملحمة بهيمنة الأرستقراطيّة، وتبني عالمها في مناخ أسطوريّ راسخ، تنطلق القصّة من الزّمن الحاضر المشاكس والمجدّد والمجرّب. وهكذا، ودائمًا بحسب ميخائيل باختين (Mikhail Bakhtin)، لا تُعد القصّة نوعًا أدبيًّا محدّدًا له بداية ونهاية، بل هو نوع غير منجز ومستمرّ في تطوّره، أي أنّه يرفض الانغلاق والاحتواء، بيد أنّ الحسم في هذا الموضوع – بما يتعلّق بنشأة القصّ – يتطلّب دراسة مستقلّة لا يسعفنا بحثنا للتّوسع بها في هذا المقام.

  • نشأة القصّة العربيّة

عرف عالمنا العربيّ النّفَس القصصيّ ممثلًا بفنّ الخبر، والحكايات والمقامات، ابتداءً بناصيف اليازجيّ (1800 – 1871)، وأحمد فارس الشّدياق (1805 – 1887)، ورفاعة الطّهطاوي، مرورًا بسليم البستانيّ وجرجي زيدان وميخائيل نعيمة.

وقد ظهرت البذور الأولى للقصّة القصيرة الحديثة في لبنان، ثمّ ترعرعت ونضجت في مصر على يد محمّد حسين هيكل، ومحمّد ومحمود تيمور وإبراهيم المازنيّ وتوفيق الحكيم، وطه حسين، وغيرهم([4]).،كما أنّ طبيعة المرحلة التّاريخيّة حتّمت أن تؤدّي هذه الكتابات القصصيّة وظيفة تاريخيّة تندرج في سياق مواجهة إشكاليّة النهضة، فكانت تسهم في تشكيل الهويّة، المهدّدة بالانقراض، كما أنّها كانت تبعث الشّعور بالانتماء إلى تاريخ مجيد، ما يعوّض الشّعور بالضّعة”([5]). وقد “ظهرت بصمات الكتّاب الغربييّن، أمثال “غي دي موباسان”(Guy de Maupassant)، و”أنطون تشيخوف” (Anton Chekhov)، و”نيقولاي غوغول” (Nikolai Gogol)، و”إيڤان سير جييفيتش تورغينيف” (Ivan Turgenev)، عند بعض كتّاب القصّة في لبنان وعالمنا العربيّ”([6]).

ويرى عبد المجيد زراقط  بأنّ القصّة القصيرة تطوّرت في بداية القرن التاسع عشر، في أوروبا وأميركا، وتمثّلت في أعمال “إدغار ألن بو” (Edgar Allan Poe)، وغوغولوتشيخوف، وغي دو موباسان. وقد أتت الرّواية من التّاريخ ومن حكايات الأسفار والمغامرات، وتفاصيل الوقائع اليوميّة للحياة، أمّا القصّة القصيرة فجاءت من النادرة والأحدوثة.([7])

  • تعريف القصّة

يعرِّف فؤاد أفرام البستانيّ القصّة:”بأنها تتبُّع وتقصِّي أخبار النَّاس وفعالهم شيئًا بعد شيء أو حادثة بعد حادثة([8])، ويعرّفها  جبُّور عبد النُّور: “إنّها أحدوثة شائقة، مرويّة أو مكتوبة، يُقصد بها الإقناع أو الإفادة.”([9])

فالقصّة، بهذا المعنى العامّ، قديمة قِدَم الحياة الإنسانيّة – الاجتماعيَّة، عرفها الإنسان منذ أن أحسّ بالحاجة إلى حكاية حدث ما، أو إلى معرفته. وفي الحالتين تلبّي الحكاية حاجات منها: التوازن والمعرفة والتَّسلية والمتعة، وتنطق برؤية منشئها.

وتوصّل النقّاد والمشتغلون بدراسة القصّة القصيرة حتّى اليوم، إلى تعريفات تكاد تكون متقاربة، ومنها ما قدّمه الباحث يوسف إدريس، حيث قال: القصّة القصيرة أكثر الأشكال الأدبيّة إيجازًا، وتشبه القنبلة الذّريّة في صغرها وفعّاليّتها، ومع ذلك، حيثُ يمكن، فقط، تصنيعها على أيدي أناس ذوي موهبة خاصّة، لا ينفي وجود سمات مشتركة تسمح بتكوين تعريف عامّ، وهو أنّها نوع سرديّ قصير ذو موضوع بسيط، قليل الشّخصيّات، مشدود الخيوط إلى عنصر مركزي واحد (حدث أو لحظة)([10]). وذلك من خلال سرد نثريّ قصير يكثِّف في بناءٍ محكم، أو من خلال سعي شخصيّة إلى قضيَّة مهمَّة من قضايا الإنسان العاديّ السّاعي إلى تحقيق ذاته في مرحلة من التّاريخ توّفر له شروطها حرّية التّحرّك وإمكانية التحقّق. ويعلّق  فؤاد كنعان على القصّة القصيرة قائلًا:  “إنّها رشحٌ من الخاطرة السّهلة تعنُّ لك وأنت مستلقٍ على دثارك.. بل هي صنيع فنِّي، هي وليدة خيال رحب محلِّل لا مُلهم، وبذلك  تكشف حقيقة إنسانيّة كبرى عندما تضيء لحظات من الحياة.([11])

تُعد القصّة من الفنون النّثريّة في الآداب العالميّة. وتطلق كلمة “قصّة” عمومًا على سرد وقائع ماضية، متماسكة من حيث المضمون، ومؤثّرة من حيث طريقة العرض الفنّيّة”.([12])والقصّة نظام سرديّ مؤلّف من ثلاثة مستويات: “الحكاية وهي الحدث منقولًا إلى الكلام، وفعل السّرد وهو عمل الرّاوي، والخطاب وهو كلام الرّاوي. يستطيع الخطاب وحده أن يكشف لنا الحكاية وفعل السّرد معًا، لأنّ لا وجود للحكاية في غياب فعل السّرد الّذي يرويها، ولا وجود لفعل السّرد من دون الخطاب الّذي يجسّده، والعكس صحيح”([13]).

وعرّف غسّان كنفاني القصّة القصيرة تعريفًا طريفًا، ورد في كتابه النّقديّ “مقالات فارس فارس” ذاكرًا: “إنّ كتابة القصّة القصيرة عمليّة مرهقة للغاية، تحتاج إلى موهبة قول الشّيء باختصار شديد الإيحاء، إنّها من حيث الصعوبة تشبه أن تعمل على كسب موافقة سيّدة جميلة تراها لأوّل مرة في المصعد، لتقبل منك قبلة عرمرميّة قبل أن يصل المصعد اللعين إلى الطّابق الخامس، حيث سيتوجب عليها أن تغادرك”([14]). وعلى الرّغم من كلّ التعريفات الآنفة الذكر: “تبقى القصّة نوعًا أدبيَّا مراوغًا، يستعصي على التّعريفات الجامعة المانعة؛ لأنّ الأساس فيه الإبداع، ثم يأتي النّقد فيرصد الخصائص ويبلورها. وكما يرى “فرانك أوكونور”(F.O’Connor)، النّاقد وكاتب القصّة الإيرلنديّ في كتابه “الصّوت المنفرد”: القصّة  القصيرة  ذاكرًا بأنّها:”ليست القصّة القصيرة قصيرة؛ لأنّها صغيرة الحجم، وإنّما هي كذلك لأنّها عولجت علاجًا خاصًّا، وهو أنّها تناولت موضوعها على أساس رأسيّ لا أفقيّ، وفجّرت طاقات الموقف الواحد، بالتّركيز على نقاط التحوّل فيه… والذي يفجّر نقاط التّحوّل في الموقف يتاح له الجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل في لحظة واحدة، ماثلة للعيان”. ويضيف أوكونور بأنّ “أسلوب القصّة القصيرة يولع بالحاضر ويرتفع عنه في الوقت ذاته، وذلك على نحو يجعله يرى الماضي والحاضر متزامنيّن وواضحيّن بالقدر ذاته”([15]). كما يرى أكونور،  “فإن القصّة القصيرة هي فنّ اللّحظة المهمّة… حيث إنّ هذه اللّحظة قد تكشف عصرًا بكامله،  وذلك من خلال ما تنطق به من دلالة على رؤية القاصّ لقضايا معيّنة من عصره يُطلق عليها لحظة التنوير. وعليه، فإنّ القصّة القصيرة تجسّد اللّحظة المهمّة في بناء فنّيّ قوامه الأساس التكثيف والتركيز”.([16])

لذا سنحاول أن نبيّن فيما يلي أبرز خصائص ومقومات القصّة القصيرة.

  • خصائص القصّة القصيرة ومقوّماتها

يذكر رشاد رشدي، في حديثه عن بناء القصّة القصيرة:”إنّ القصّة القصيرة قد تصوِّر حدثًا كاملًا له وحدة، ومع ذلك تظلُّ قصّة قصيرة من ناحية الحجم فقط، لا من ناحية الشّكل ولكي تكتمل للقصّة القصيرة  مقوِّمات الشَّكل يجب أن تصوِّر حدثًا كاملًا يجلو موقفًا معيّنًا([17]). ويسمَّى جلاء هذا الموقف لحظة التّنوير، وتُسمّى هذه اللّحظة بِلحظة التنبُّؤ، إذ إنّها كثيرًا ما تكون لحظة تمرُّ بها الشّخصيّة يُحدث فيها تغيُّر حاسم وفاصل في موقفها من الحياة أو فهمها لها([18])، لذا  فإنّ الخيار الفنّيّ في القصّة القصيرة قائم على انتقاء الموضوعات البسيطة، والإكتفاء بالقليل من الشّخصيّات والحدّ الأدنى من الوصف، والوقوف عند التفاصيل الضروريّة، وتوجيه كلّ خيوط الحدث لتلتقي عند الخاتمة، وبذلك يقرّب هذا الحدث القصّة من المسرحيّة التي يتّجه فيها الحدث نحو ذروة يتقرّر بعدها مصير الشّخصيّات وتاليًا نهاية الحكاية. ولكنّ القصّة الحديثة ابتعدت عن الصّيغة المسرحيّة بعدما قلّلت من الاعتماد على حدّة التّأزّم، وسعت إلى إغراق الحدث في الخيال، وتشويش المعنى.([19])ويورد علي حجازي في كتابه “القصّة القصيرة في لبنانّ” أنّ القصّة القصيرة  ترتكز على المقومّات الأساسية التّالية:

  • الفكرة الواحدة التي يعزلها الكاتب عن كلّ شيء آخر، ويلقي عليها نورًا قويًّا يبرزها بصورة واضحة مؤثّرة، يستطيع بها إيصال هذه الفكرة إلى القارئ، بشكل أقوى ممّا لو كانت الفكرة أو الحادثة جزءًا من رواية كبيرة متعدّدة الحوادث والوقائع.
  • تخضع للحبكة كالرّواية.
  • لا تعنى مثلها بالتفاصيل.
  • لا تهتّم إلّا بما له علاقة مباشرة بالحادثة.
  • تلتزم بداية ونهاية، وقد تترك النهايات مفتوحة أو غامضة.
  • قد تكون صورة أو مشهدًّا أو جوًّا نفسيًّا خاصًّا، تعالج لمحةً من حياة البطل في لحظة من لحظات  وجوده أو أزمة من أزمات نفسه، ولا تعالج حياته بأكملها مع التطوّرات، فهذا من شأن الرّواية([20]).
  • الزّمن لا يكون طويلًا.
  • المكان يكون محدّدًا.
  • الشّخصيّات تكون قليلة جدًّا.
  • مفاجأة الشّخصيّات تتمّ في لحظة الحدث([21]).

ويورد لطيف زيتوني في كتابه “معجم مصطلحات نقد الرّواية” أنّ القصّة نوع  سرديّ، كالملحمة  والحكاية الخرافيّة والرّواية، أي تتضمّن حكايةً يرويها راوٍ، ولكنّ سمةَ السّرد التي طبعت الأقصوصة الكلاسيكيّة لم تعُدْ سمةً مميِّزة في نتاج القرن العشرين. كما وتختلف بالحجم، حيث إنّ الأقصوصة نوع  سرديّ  قصير، أي أقصر من الرّواية  والملحمة، وتشبه الميثة والحكاية الخرافيّة. لذا، فإنّ  القصّة تتميّز  بأنّها تكتفي بعدد محدود من العناصر (الشّخصيّات والأحداث والمكان والزمن). و تتميّز القصّة بقصرها إذ يمكن قراءتها في جلسة واحدة، وبحبكتها التي تبدأ غالبًا في وسط الحدث، وبعقدتها الواحدة، وبعناصرها القليلة، وشخصياتها المحدودة العدد والجامدة، وبمحافظتها على وجهة نظر واحدة وموضوع واحد ووتيرة واحدة، وميلها الظاهر إلى الاقتصاد في التفاصيل. وقد أوضح ولتر جيمس ميلر هذه الميزات في دراسة له بعنوان (The short story as a literary form)([22]) إذ أطلقت كلمة أقصوصة على القصّة القصيرة التي يكتبها كاتب وعلى الخبر الذي ينقله صحفيّ. وقد أدّت هذه الدلالة المزدوجة إلى ربط الأقصوصة بالحدث الواقعيّ بل الواقع الفعليّ.([23]) ويرى “أكونور”(F.O’Connor)، إنّ القصّة القصيرة هي فنّ اللّحظة المهمة حيث إنّ هذه اللحظة قد تكشف عصرًا بكامله وذلك من خلال ما تنطق به من دلالة على رؤية القاصّ إلى قضايا معيّنة من عصره يُطلق عليها لحظة التنوير. وعليه، فإنّ القصّة القصيرة تجسّد اللحظة المهمة في بناء فنّيّ قوامه الأساس التكثيف والتركيز؛ لذا يرى بعض الباحثين بأنّها تتّفق مع القصيدة الغنائيّة، وفي اتّجاهها الذاتيّ، بالقدر نفسه الذي تتماثل فيه الرّواية مع الملحمة أو كما يجادل الناقد الشكلي بوريس ميخائيلوفيتش أيخنباوم (BorisMikhailovich Aichenbaum)  بأنّ الرّواية شكل توليفيّ، بينما القصّة شكل أساسيّ وأوّليّ”([24]).

ويتوافق هذا بدوره مع ما توصّل إليه الدّكتور زراقط من قراءات تؤكِّد أنّ عمليّة القصِّ تنتج أشكالًا من القصّة القصيرة تتنوَّع بتنوُّع الكتَّاب الكبار أنفسهم، وفي حالات تتنوَّع بتنوُّع التجارب يجسِّدها هؤلاء الكتَّاب، كما تفيد بوجود خصائص عامَّة تشترك فيها هذه الأشكال، وتعطيها صفة انتماء إلى نوعٍ أدبيّ مستقلّ([25])، وبذلك، مهّدوا الطّريق لتأخذ القصّة مكانها المرموق بين الأنواع الأدبيّة الأخرى بعد أن كان ينُظر إليها نظرة دونيّة([26]).

وعليه بعد أن عالجنا موضوع القصّة، لابدّ لنا على المستوى المنهجيّ أن نعالج موضوع الشّخصيّة.

ثانيًا: الشّخصيّة

تُعرّف الشّخصيّة بأنّها كل مشارك في أحداث الحكاية، سواء أكانت  تلك  المشاركة سلبيّة أم إيجابيّة، أمّا من لا يشارك في الحدث فلا ينتمي إلى الشّخصيّات، بل يكون جزءًا من الوصف، إذ لا فعل من دون فاعل، ولا حدث من دون شخصيّة تتحرّك على مسرح ما في الخط المصيريّ([27])الذي يظهر في الحبكة. فالحبكة تؤمن إدارة الحدث في إطار المصير وتبني لهذا الحدث المصيريّ العالم الذي يتجلّى فيه، فتنكشف الشّخصيّة. والمقصود بمصطلح الشّخصيّة، الشّخصيّة داخل العمل السّرديّ؛ أي ذلك الإنسان الحيّ الذي يعمل ويعيش ويفكر. والشّخصيّة تُخلق بواسطة الخيال الإبداعيّ للروائيّ، ولمّا كانت الشّخصيّة تركيبًا أبدعته مخيّلة الروائي وجسّدته اللّغة، وبالتالي فلا سبيل لمعرفة الشّخصيّة إلّا من خلال معرفة التركيب، فالشّخصيّة وحدة دلاليّة ذات دالّ ومدلول كأيّ علامة لغويّة([28]).

ويذكر عبد الرحمن منيف أنّ أهمّيّة الشّخصيّة في السّرد لا تقاس أو تحدّد بالمساحة التي تحتلّها، وإنّما بالدّور الذي تقوم به، مع ما يرمز إليه هذا الدّور، وأيضًا مدى الأثر الذي تتركه في ضمير القارئ، ما يدفع به إلى التّساؤل والمقارنة، تمهيدًا لتصويب موقفه، في الواقع، وبالفعل، تجاه هذا الموضوع الأساس([29]).

وجاء في  المعجم الوسيط أنّ الشّخصيّة هي: “الذات الواعية لكيانها المستقلّة في إرادتها”([30])، فالشّخصيّة هي مجموعة من الصّفات المميّزة للشخص عن غيره. ويتوافق تعريف”المعجم الأدبيّ” مع ما سبق ذكره حيث تُحدّد الشّخصيّة بأنّها: “عنصر ثابت في التّصرّف الإنسانيّ، وطريقة المرء العادية في مخالفة الناس والتّعامل معهم، ويتميز بها عن الآخرين”([31]). ووفقًا لذلك، فإنّ تطوّر الشّخصيّة الإنسانيّة في تصرّفاتها ومميزاتها يحدث تدريجيًّا بسبب النّضج النّاتج من تجاربها في الحياة.

وفنيًّا، تحتل الشّخصيّة مكانة مهمّة في الآثار الأدبيّة، فهي عامل أساسيّ يمنح تلك الآثار خصوصيّة ظاهرة من حيث تصوّر الكاتب المميّز موضوعاته وطريقة تنفيذها وأسلوبه في ذلك. والمهمّ أنّ تعريفات الشّخصيّة المتعدّدة تتفق على أمرين مهميَّن: أنّها تُطلق على التصرّف الإنسانيّ والتصوّرات الفكريّة التي دفعت إليها، وأنّ تلك التصوّرات والسّلوكات تميّز صاحبها عن جماعته التي يُشبهها في الأصل وينتمي إليها، فيكون لديه أسلوبه المختلف في التّعامل مع تجاربه الخاصّة.

  • أهمّيّة بناء الشّخصيّة

إنّ الحدث دون تمثيل أفعال الشّخصيّة ومشاعرها هو مجرّد خبر، فوحدة الحدث وتكاملها تعتمد على تلاحمه التامّ مع الشّخصيّة([32]) وبذلك تُعد الشّخصيّة من أهمّ عناصر القصّة، لأنّها في ملخّص بليغ تمثّل أفكار الكاتب، فبناء الشّخصيّة القصصيّة بأبعادها المختلفة “يسهم في تحقيق هدف القصّة وينير فكرتها”([33]).

وللشّخصيّة القصصيّة أبعاد متنّوعة منها: الجسميّ والنفسيّ والاجتماعيّ، فالبعد الجسميّ يُعنى بمظهر الشّخصيّة الخارجيّ ومواصفاتها الشكليّة وقسماتها الجسديّة، أمّا البعد النفسيّ فيجسّد النّطاق الدّاخليّ للنّفس الإنسانيّة التّي تمثّلها الشّخصيّة، حيث الدّوافع والمشاعر والعقد والمؤثّرات وغير ذلك، وفي البعد الاجتماعيّ يحيط الكاتب بالظّروف الخارجيّة للشّخصيّة وأحوالها داخل نطاق المجتمع فيصف – مثلًا – مكانتها وحالتها الاجتماعيّة، وأدوارها الثّقافيّة والعلميّة، وسلوكيّاتها وتصرّفاتها مع الآخرين([34]).

وينبغي إدراك مدى التّلاحم بين الجوانب المختلفة للشّخصيّة، فالسّلوك الاجتماعيّ للفرد نابع من دوافعه وصفاته الداخليّة، كما أنّ تكوينه الجسديّ له دور في نظرة الفرد إلى ذاته وتكوين فكرة خاصّة ينطلق منها للتعبير عن نفسه وللتعامل مع من حوله. وهكذا، فالصراع الحتميّ بين الأبعاد المختلفة للشخصيّة، وتفاعلها المستمّر فيما بينها “هو الذي يُحدّد معالم هذه الشّخصيّة ويكشفها للمتلقّي” ويُحدّد نوع علاقته بها، ولهذا قد يتعاطف معها متجاوبًا، أو يفقد الصلة بها فيمقتها، أو تكون علاقته بها باعثًا على تأزّمه.

  • طريقة تقديم الشّخصيّة

اقترح “فيليب هامون” طريقتين لتقديم الشّخصيّة الرّوائيّة، وذلك من خلال مقياسين:

  • المقياس الكمّيّ: وينظر إلى كميّة المعلومات المتواترة المعطاة صراحة حول الشّخصيّة.
  • المقياس النّوعي: وينظر إلى مصدر المعلومات حول الشّخصيّة، هل تقدّمها عن نفسها مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عن طريق التّعليقات الّتي تسوقها الشّخصيّات الأخرى أو المؤلّف، أم أنّ الأمر يتعلّق بمعلومة ضمنيّة تمّ الحصول عليها من خلال فعل الشّخصيّة ونشاطها.([35])

وبناءً على ذلك، فإنّ الملفوظات الّتي تقدّم المعلومات عن الشّخصيّة يتمّ توزيعها إلى نوعين بحسب طبيعة المعرفة (المعلومات):

  • ملفوظات وصفيّة: تعتمد صيغة الوصف في تقديم الشّخصيّات.
  • ملفوظات سرديّة: تعتمد الأفعال في تقديم الشّخصيّة.([36])

تقدّم الملفوظات الوصفيّة معلومات ظاهرة، ومعرفة مباشرة عن الشّخصيّة، بحيث لا تحتاج إلى استنباط أو تأويل القارئ. أمّا الملفوظات السّرديّة فتقدّم معلومات ضمنيّة، ومعرفة غير مباشرة عن الشّخصيّة، حيث إنّ القارئ مدعوّ لاستخراج مظاهر الشّخصيّة واستكشافها من خلال ما تُحيل عليه الأفعال.([37])

أمّا المواصفات أو المعلومات الّتي تقدّمها القصّة، فيمكن إجرائيًّا تصنيفها إلى ثلاث مواصفات:

  • مواصفات سيكولوجيّة: تتعلّق بكينونة الشّخصيّة الدّاخليّة (الأفكار، المشاعر، الانفعالات، العواطف…).
  • مواصفات خارجيّة: تتعلّق بالمظاهر الخارجيّة للشخصيّة (القامة، لون الشّعر، العينان، الوجه…).
  • مواصفات اجتماعيّة: تتعلّق بمعلومات حول وضع الشّخصيّة الاجتماعيّ، وأيديّولوجيّتها، وعلاقاتها الاجتماعيّة، ووضعها الاجتماعيّ.([38])

ويركز التّصنيف الشكلّي على دور الشّخصيّة ومهّمتها في النّصّ استنادًا إلى العلاقة الشكليّة الخالصة بسائر الشّخصيّات. والتصنيف الآخر هو التصنيف المضمونيّ الذي يعتمد على العلاقة المتينة بين الشخصيات والحوادث، وهذان التقسيمان يعتمدان على تقسيم النصّ الى شكل ومضمون. وهذا ما لا تعترف البنيويّة الشكليّة به؛ لأنّها اعتبرت أنّ هذا التصنيف يساعد في فهم الشّخصيّة داخل القصّ ولكنّه لا يمكّننا من معرفة بنائها.([39])

كما أنّ هناك تصنيفًا آخر ثلاثيًّا يساعد في تحليل بناء الشّخصيّة الرّوائيّة، وهذا التصنيف يعتمد على إمكانيّة العثور على الشّيء المشترك بين مجموعة الشّخصيّات قبل التعرّف على خصوصية كلّ واحدة منها. ولمّا كان المقياس الكمّيّ غير كافٍ لفهم تكوين الشّخصيّة ومقوّمات بنائها؛ لأنّ المعلومات الكمّيّة وحدها لا تقدّم رؤية متكاملة للشخصيّة؛ لذا يأتي المقياس النوعيّ ليدقّق في المعلومات، مصدرها ودقّتها وطريقة عرضها.([40])

  • هويّة الشّخصيّات

تُعرّف الهويّة الشّخصيّة شخصًا بشكله، وباسمه، وبصفاته، وبجنسيته، وبعمره، وبتاريخ ميلاده. والهويّة هي مجمل السّمات والخصائص التي تميّز فردًا عن غيره أو جماعة عن غيرها. وتتميّز هذه العناصر بالديناميكيّة والحركيّة، إذ يمكن أن يبرز أحدها أو بعضها في مرحلة، وبعضها الآخر في مرحلة أخرى. وهناك الهويّة الجمعيّة (الوطنيّة والقوميّة) التي تدلّ على سمات وخصائص مشتركة لمجموعة من البشر يشتركون في مجموعة عناصر، كاشتراك الشعب أو المجموعة في: الأرض، واللّغة، والتاريخ، والحضارة، والثقافة والتحديات([41])، والهويّة مُصطلح يُعتمد لوصف مفهوم الشخص، وتعبيره عن ذاته وعلاقتها مع الجماعة (كالهويّة الوطنّية أو الهويّة الثقافيّة)، ويُتداول هذا المصطلح خصوصًا في علم الاجتماع، وعلم النفس. ويُشتق  في اللّغة العربيّة من كلمة (هو). والهوية هي الذاتيّة والخصوصيّة، وهي القيم والمثل والمبادئ التي تُكوّن الشّخصيّة الفردية أو المجتمعيّة، وهوية الفرد هي عقيدته، ولغته وثقافته، وحضارته وتاريخه. وترتكز الهوية على الوعي بالذات الاجتماعيّة والثقافيّة وتتغيّر وتتحوّل تبعًا لتحول الواقع، بل أكثر من ذلك هناك داخل كلّ هوية هويّات متعددة ذوات مستويات مختلفة([42]).

وبحث رولان بارت (Roland Barthes) في تحليله البنيويّ للقصص، عن الوحدات الدّلاليّة فيما يتعلّق بالشّخصيّات في القصّة، فميّز بين الوظائف والصفات، “الوظائف تعبّر عنها الأفعال، والصفات تدلّ عليها الهويّة…”([43])، وما يعنينا، هنا، ليس الوظائف، إنّما هويّة الشّخصيّة كما أُخبر عنها، أو كما كشفت عن نفسها، فضلًا عن المؤشّرات الدالّة على هويّتها وبيئتها وانتمائها.

ويؤكّد “رولان بارت” (Roland Barthes) أنّ شخصيّة القصّة “نتاج عمل تأليفيّ وهويّتها موزّعة في القصّة عبر الخصائص والأوصاف، كما تُحدّد من حيث موتها داخل القصّة”([44]).

وتُعد الشّخصيّة، صورة للشخص البشريّ المتنوّع الوجوه والسلوكيّات، والباحث عن ذاته الواحدة، وهويّته الواحدة عبر هذا التعدّد([45]). كما نعلم أنّه لا يمكن للأدب أن يكون مقطوع الصلة بواقعه الاجتماعيّ؛ فالأعمال الفنّيّة والأدب حياة، وهي كما يقول “توماس بافل” (Thomas Pavel) صيغ فنيّة لا وجود مستقلّ لها خارج نشاط فكريّ فنّيّ ينتجها([46]). وبذلك “خير ما يملك الإنسان هويّته، أي في النهاية شخصيّته نفسها، ما يجعله في الأساس مميّزًا من الآخرين. وعليه، فلا عجب أنّ القانون يهدف إلى حماية اسم الشخص من كلّ امتلاكٍ أو غلوٍّ في استعماله.

والشّخصيّة عنصر فنّيّ يُبنى في النصّ ومن خلاله، فيكون دالًّا عند اتّخاذه أسماء أو صفات تلخّص هويّته؛ وبمثابة مدلول عبر مجموع ما يُقال عنه، ما يشير إلى وجود جانبين يحدّدان الشّخصيّة: الأوّل، ويكشف التحليل في هذا المستوى عن انتماء الشّخصيّة الجغرافيّ والاجتماعيّ والدّينيّ والثقافيّ والإيديولوجيّ، وعن مدى تأثير ذلك على سير أحداث القصّة،  ووظيفيّ يتمثّل في الأفعال، والثاني وصفيّ يتضمّن الصّفات والألقاب والأسماء. ومهمّة النّاقد تكمن في التركيز على الجانب الأوّل (الأفعال والوظائف) من غير إهمال الثّاني، فيرصد عناصر بناء الشّخصيّة عبر وصفها الدّاخليّ والخارجيّ، فضلًا عن وضعها العائلي والاجتماعيّ والطبقيّ والاقتصاديّ… فيكشف بذلك عن انتمائها الجغرافيّ والاجتماعيّ والثقافيّ، ويلاحق النعوت سلبًا وإيجابًا، ويرسم العلاقات بين الشّخصيّات، أكانت علاقات انسجام أم تنافر، مع ما يطرأ عليها من تطوّر وتحوّل، من خلال  اختيار المؤلّف للاسم واللّقب والجنس والعمر والوضع العائليّ… ولهذا الاختيار دلالاته، إذ يضع الظاهرة ضمن مستوى أعمّ منها، وهو عالم الخطاب([47]). وما يعنينا في دراستنا، ليس الوظائف، إنّما هويّة الشّخصيّة كما أُخبر عنها، أو كما كشفت عن نفسها، فضلًا عن المؤشّرات الدالّة على هويّتها وبيئتها وانتمائها.

ويعمد الرّاوي في رسم شخصيّاته وأبطاله إلى وسائل مباشرة ( الطريقة التحليليّة)، وأخرى غير مباشرة (الطريقة التمثيليّة)؛ ففي الحالة الأولى يرسم شخصيّاته من الخارج، يشرّح عواطفها وأحاسيسها، بواعثها وأفكارها، ويعلّق على بعض تصرّفاتها، ويفسّر بعضها الآخر. وكثيرًا ما يُعطينا رأيه فيها بصراحة دونما التواء. أمّا في الحالة الثانية فإنّه ينحّي نفسه جانبًا ليتيح للشخصيّة التعبير عن نفسها والكشف عن جوهرها بأحاديثها، وتصرّفاتها الخاصّة، كما قد يعمد إلى توضيح بعض صفاتها عن طريق أحاديث الشّخصيّات الأخرى عنها، وتعليقها على أعمالها([48]). وللراوي أيضًا أن يستخدم كلتا الطريقتين، حيث يُساعده في ذلك قيام القصّ على الحوار والسّرد، ما يتيح له استخدام الطريقتين معًا في رسم الشّخصيّة([49]). والنقد الحديث يُؤثر استعمال الطريقة التمثيليّة، لأنّ تكشّف الشّخصيّة من الداخل إلى الخارج أقوى أثرًا، وأدقّ تعبيرًا من وصفها وصفًا خارجيًّا([50])، وهذا ما فعله القاصون إذ لم يغفلوا عن الطريقة التحليليّة في وصف الشّخصيّات بغية تقريبنا من الواقع؛ فوصف المرئيّات بتفاصيلها ودقائقها ما هو إلّا دوافع لنشاط الشّخصيّة وتحرّكاتها، حيث يصف الكاتب الموجودات المرئيّة لأنّها تساعد، وتعطي صورة واقعيّة عن بيئة معيّنة لفترة ما، في حين يصف خارج الشّخصيّة لأنّه يقرّب القارئ من الواقع، وبذلك يتّفقون حول نقطة محوريّة تكمن في([51]):

  • تجريد الشّخصيّة من كلّ الأقنعة.
  • تصفيتها من كلّ الشّوائب.
  • رسم نفسيّتها بتفاصيلها البارزة لكشف الواقع الذي تحياه، وتواجهه.

لذلك على الدّارس مراقبة وجهات النّظر التي يحمّلها الأديب للشّخصيّة، لا سيّما الذّات الفاعلة، للكشف عن رؤيته إلى العالم، ومعرفة أيّ نوع من الشّخصيّات قد خلق الكاتب: صراعيّة، عبثيّة، ضائعة، هامشيّة، متسكّعة أم منسجمة، متأقلمة، وما هي منظومة القيم التي حملتها هذه الذوات الفاعلة.([52])

وهذا ما سنحاول معرفته من خلال تحليل المستوى السّردي لدى الأدباء عبر كلّ من:عالم الرموز الذي “يرصد شبكة العلاقات بين الشّخصيّات فيرسم ما يطبعها من انسجام وتنافر وما يطرأ على هذه العلاقات من تطوّر أو تراجع.

تتجاوز القصّة الكشف عن سمات الهويّة إلى إنتاجها([53])،” ويكشف التّحليل في هذا المستوى عن انتماء الشّخصيّة الجغرافيّ والاجتماعيّ والدينيّ والثقافيّ والإيديولوجيّ، وعن مدى تأثير ذلك على سير أحداث القصّة، من خلال  اختيار الرّاوي للاسم واللقب والجنس والعمر والوضع العائليّ… ولهذا الاختيار دلالاته، و”الدليل يدلّ، لكنّ العلاقة بين الدليل وما يدلّ عليه ليست بسيطة، لأنّها غير مباشرة. فالدليل يضع الظاهرة ضمن مستوى أعمّ منها، ولكن من نوعها، وهو عالم الخطاب”([54]). وعالم الرموز “يرصد شبكة العلاقات بين الشّخصيّات فيرسم ما يطبعها من انسجام وتنافر وما يطرأ على هذه العلاقات من تطوّر أو تراجع… لأنّ كل شخصيّة هي صورة للشخص البشريّ المتعدّد الوجوه والشّخصيّات والباحث عن ذاته الواحدة وهويّته الواحدة عبر هذا التعدّد”([55]).

وبحث “رولان بارت”(Roland Barthes) في تحليله البنيويّ للقصص، عن الوحدات الدلاليّة فيما يتعلّق بالشّخصيّات في القصّة، فميز بين الوظائف والصفات، “الوظائف تعبّر عنها الأفعال، والصفات تدلّ عليها الهويّة…”([56])، وما يعنينا، هنا، ليس الوظائف، إنّما هويّة الشّخصيّة كما أُخبر عنها، أو كما كشفت عن نفسها، فضلًا عن المؤشّرات الدالّة على هويّتها وبيئتها وانتمائها.

  • الشّخصيّة الحقيقيّة والشّخصيّة الورقيّة في القصّة

“إنّ الشّخصيّة الرّوائيّة إنسان من ورق يخلقه الرّوائيّ ليحقّق بواسطته هدفًا جماليًّا ما، ويطرح رؤيا لعالم يؤمن بها([57])، ما يعني أنّها “شخصيّة تخييليّة، لسانيّة، فهي من مادّة اللّغة لا من الواقع”([58]).

فهي تخييليّة لأنّ الرّوائيّ، اعتمادًا على الخيال، هو من “ينتجها ويبنيها بناء على تفاعله مع واقعه التجريبيّ”([59]). وهي لسانيّة لأنّها “لا وجود لها خارج الكلمات”([60]). ولذلك فإنّ “الشّخصيّة بناء يقوم النّصّ بتشييده أكثر ممّا هي معيار مفروض من خارج النّصّ”([61]).

وغنيّ عن القول إنّ الشّخصيّة الرّوائيّة مكوّن أساسي من مكوّنات العمل الرّوائيّ، لأنّ الحدث لا يمكن أن يقع في العالم التّخييليّ بمعزل عنها، كما أنّه ليس هناك أهمّيّة للشخصيّة خارج الحدث، إذ إنّ الأحداث هي الّتي تكشف عن بنية الشّخصيّة النّفسيّة والاجتماعيّة والسّلوكيّة… وانطلاقًا من هذا التّصوّر التّخييليّ اللّسانيّ لها، فإنّها تلتقي بمفهوم العلامة اللّغويّة في النّظريّة الألسنيّة، “حيث يُنظر إليها كمورفيم فارغ في الأصل… يتّخذ مدلوله من طريق إسناد الأوصاف والنّعوت إلى الشّخصيّة، ومن خلال العلاقات الّتي تقيمها الشّخصيّات داخل النّصّ الرّوائيّ”([62]). إلّا أنّ الشّخصيّة “لا يمكن أن تعدّ مجرّد علامات لغويّة فقط، لأنّ الاقتصار على هذا الفهم يُفقد النّصّ الرّوائيّ صبغته الإنسانيّة، لذا فالشّخصيّة هي محض خيال يبدعه المؤلّف لغاية فنّية محدّدة. كما أنّ القراءة السّاذجة تخلط بين (الشّخصيّة التخيليّة) و (الشّخصيّة الحيّة). في حين أنّ الشّخصيّة التخيليّة (كائن من ورق)، كما يرى كلّ من بارت وتزفيتان تودوروف (Tzvetan Todorov)، أنّها ليست أكثر من قضية (لسانيّة). وبهذا فإنّ تودوروف يُجرّدها من محتواها الدلاليّ من أجل إبراز وظيفتها النحويّة، حيث يجعلها (فاعلًا) في السّرد، بخلاف التحليل البنيويّ الذي يعد الشّخصيّة (دليلًا) ذا وجهين: إحداهما (دالّ)، والآخر (مدلول)، ولا شك أنّ القارئ هو الذي يحدّد شخصيّة البطل من خلال أقوالها وسلوكها؛ لذا؛ فإنّ شخصيّة البطل يمكن أن تتفاوت بتعدّد القرّاء واختلاف مستوياتهم وتحليلاتهم([63]).

ولكي تبدو الشّخصيّة مقبولة واقعيًا ومنطقيًا، فإنّ على الكاتب أن يُسخّر إمكاناته الفنّيّة من عناصر الخيال والعاطفة لإظهار الشّخصيّة، بعد تلوينها بتجربته الخاصّة وتجارب من حوله، ومن ثمّ نقلها برؤية دقيقة لتفاصيل واقعها المُستحدث، ولا يُقصد بذلك الواقع النّقل الحرفيّ الفوتوغرافيّ الذي يمللنا منها، بل المقصود إظهارها في صورة تتوازى فيها مع مثيلاتها من الشّخصيّات في الحياة الواقعيّة([64]). كذلك يوجد أتباع الطريقة الحديثة في وصف الشّخصيّات بالإظهار والاكتمال مع انتهاء الأحداث، بحيث تظهر الشّخصيّة – بداية- مُبهمة غير محددّة المعالم؛ فلا بد فيه من تبرير الكاتب لهذا الغموض وبُعده عن الواقع، لأنّ ذلك ينبع عادة من عمق الصراع وتعدّد أشكال المعاناة عند الشّخصيّة، ولا يأتي دون سبب او تفسير مقنع للقارئ([65]).

ويحتاج الكاتب في هذه الطّريقة إلى الإمكانات الكبيرة التي تسمح له بتحرير الشّخصيّة من حدود الزّمان والمكان، والانطلاق بها نحو جوانب إنسانيّة عامّة وشاملة، عبر الربط بين عوالمها الداخليّة والخارجيّة وبين سلوكها الإنسانيّ، وتحريكها في مسارات الحدث وفق ما يناسب نزعاتها وسماتها وخصائصها والتي ستبدو كاملة في النّهاية، وهي بتلك الصورة تعكس لنا منطق نموّها وتطوّرها في شتّى الجوانب، فنرى من خلالها حياة متدفقة مقبولة رغم ما يعترضها من صراع واضطراب([66]).

ينبغي للرّاوي إذًا أن يُلائم بين طريقة بنائه لشخصيّاته وبين أهدافه وأفكاره من جهة، وبين إمكاناته من جهة أخرى، فإنّ “قوة الخلق الفنّيّ لشخصيّة قصصيّة لا تكون فقط في حياتها المتدفقة النابضة داخل القصّة نفسها، بل في حياتها خارج القصّة، في حياتها الممكن استمرارها على وجوه أخرى في رؤوس الناس”([67])، كما يحتاج الكاتب لدعم الموضوعيّة في عمله السّرديّ إلى عدم السيطرة على شخصيّاته بتحميلها أفكاره وإلزامها بنقل رغباته، بل عليه أن يجعل لها كيانها المستقل، الذي تنبع فيه سلوكيّاتها من واقع خلفيتها النفسيّة المحددة لها، وأن يصفها قدر المستطاع من الداخل قبل الخارج، بتعميق بعدها النفسيّ قبل الاهتمام بأبعادها الخارجيّة، فذلك أدق تعبيرًا وأكثر فاعلية في تصويرها.

 

محصّلة واستنتاج

وانطلاقًا  مما سبق ذكره، نستخلص مفهومًا مناسبًا للشخصيّة في العمل السّرديّ، وهو أنّها العنصر الأساس والحيويّ والفعّال في البناء الدراميّ الذي يتآزر ويتضافر مع سائر العناصر الأخرى لنقل فكرة الكاتب ورؤيته، وطرح وجهة نظره من خلال ما تمارسه من أفعال وأحداث نامية تكون هي محور ارتكازها والموجّه الرئيسي لها، والشّخصيّة على ذلك هي العنصر القائم بتمثيل السلوك الإنسانيّ المُعبّر عن العوالم الداخليّة والخارجيّة لكل شخصيّة مماثلة في الواقع، في إطار يسمح بنموها وتدرجّها وفق سنن الحياة الإنسانيّة وطموحاتها، وبالكيفيّة التي تُظهر براعة الكاتب في تقمّص تجارب الآخرين ومزجها بتجاربه ثمّ نقلها من خلال شخصيّاته المستقلّة في هيئة نابضة ومقبولة للقارئ؛ وهنا لا بدّ من التأكيد على ضرورة تلاحم عنصر الشّخصيّة مع بقيّة العناصر في البناء الدراميّ، بعد سبكها بقوّة وإتقان ووفق ما تقدم من لوازم وصفها، لتكتمل لهذا البناء سمات الوحدة والتأثير.

لكن يبرز السُّؤال: إلى أي متى ستحافظ  الشّخصيّة على دورها المحوريّ في العمل الدراميّ، وهل ثمة مقاربات نقديّة تناولت الموضوع من منظور آخر؟

 

المراجع العربيّة

  • إدريس، سهيل، محاضرات عن القصّة في لبنان، القاهرة: معهد البحوث الدراسات العربيّة ط1، 1975م.
  • أفرام البستانيّ، فؤاد ، دائرة المعارف: بيروت: 1969م.
  • أيوب، نبيل، النقد النّصيّ (2) وتحليل الخطاب (نظريات ومقاربات)، بيروت: مطبعة لبنان ناشرون، ط1، 2011م.
  • أيوب، نبيل، نصّ القارىء المختلف(2) وسيمائيّة الخطاب النقديّ، بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 2011م.
  • بحراويّ، حسن، بنية الشكل الرّوائيّ، الدار البيضاء- بيروت: المركز الثقافيّ العربيّ، ط1، 1990م.
  • بدوي، أحمد زكي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعيّة، بيروت: مكتبة لبنان، ط1، 1978م.
  • بو عزّة، محمّد ، تحليل النّصّ السّرديّ، لبنان: الدار العربيّة للعلوم، ط1، 2010م..
  • تيمور، محمود ، دراسات في القصّة والمسرح، القاهرة: المطبعة النموذجيّة، ط5، 1945م.
  • الجازميّ، حسن ، البناء الفنّيّ في الرّواية السعوديّة: دراسة نقديّة تطبيقيّة، عمان: دار الجنادرية للنشر، ط1،2006م.
  • عبد النور، جبور ، المعجم الأدبيّ، بيروت، دار العلم للملايين، 1979م.
  • جحا، ميشال، القصّة القصيرة في لبنان: سير ونصوص، بيروت: مركز التراث اللبنانيّ في الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة، ط1، 2008م.
  • الموسوي، جميلة ، الشّخصيّة والالتزام في رواية هزائم مبكرة، رسالة أعدت لنيل شهادة الماجستير في اللّغة العربيّة وآدابها، إشراف أ. د علي زيتون، الجامعة اللبنانيّة، عمادة كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة،2013م.
  • حجازيّ، علي، القصّة القصيرة في لبنان: 1950-5 197 تطوّرها وأعلامها، بيروت: دار الفارابيّ، ط2، 2015م.
  • خليل، إبراهيم ، بنية النّصّ الرّوائيّ، بيروت: الدار العربيّة للعلوم، ط1، 2001م.
  • رشدي، رشاد، فنّ القصّة القصيرة، بيروت: دار العودة، ط1، 1975م.
  • روحي الفيصل، سمر ، الرّواية العربيّة البناء والرؤيا، دمشق: منشورات اتّحاد الكتّاب العرب، لا.ط، 2003م.
  • زراقط ، عبد المجيد ، الإبداع الأدبيّ العربيّ: قضايا وإشكالات، بيروت: مركز الغدير، ط1، 2003م.
  • زراقط، عبد المجيد، في الرّواية وقضاياها، بيروت: مركز الغدير، ط1، 2011م.
  • زراقط، عبد المجيد، في القصّة وفنيّتها،بيروت: مركز الغدير للدراسات والنشر، ط1، 2010م.
  • زراقط، عبد المجيد، في بناء الرّواية اللبنانيّة (1972-1992)، جزءان، بيروت: الجامعة اللبنانيّة: دائرة المنشورات، ط1، 1999م.
  • زيتونيّ، لطيف، معجم مصطلحات نقد الرّواية، بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، ودار النهار، ط1، 2002م
  • الشارونيّ، يوسف ، القصّة القصيرة نظريًا وتطبيقًا، سلسلة الهلال، القاهرة: عدد316، 1977م،
  • طعمة، انطوان، “الشّخصيّة في الرّواية العربيّة”، مجلة عالم الفكر العربيّ، المجلد 24، العدد 3، الكويت: 1996.
  • عبد النور، جبور ، المعجم الأدبيّ، بيروت: دار العلم للملايين، ط2، 1984م.
  • عثمان، عبد الفتاح ، بناء الرّواية: دراسة في الرّواية المصريّة، القاهرة: مكتبة الشباب، ط2، 1982م.
  • عياد، شكريّ ، القصّة القصيرة في مصر “دراسة في تأصيل فنّ أدبيّ”، القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربيّة، ط1، 1967م.
  • كنفاني، غسان ، فارس فارس، بيروت: دار الآداب، ط1، 1996م.
  • مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة: المعجم الوسيط، ج1، القاهرة: مكتبة الشروق الدوليّة، ط 4، 2004م.
  • مرتاض، عبد الملك، “في نظرية الرّواية”،العدد 240 عالم المعرفة، الكويت: 1989م.
  • منيف، عبد الرحمن، بين الثقافة والسياسة، بيروت: المركز الثقافيّ العربيّ، ط3، 2003م.
  • نجم، محمّد يوسف، فنّ القصّة، بيروت: دار صادر، ط1، 1996م.
  • نصر، عبّاس ، البناء الفنّيّ في القصّة السعوديّة المعاصرة، الرياض: دار العلوم، ط1، 1983م.
  • يقطين، سعيد، انفتاح النّصّ الرّوائيّ، الدار البيضاء-بيروت:  المركز الثقافيّ العربيّ، ط3، 2006م.

المراجع المعربة

  • أوكونور، فرانك، الصوت المنفرد، تعر محمود الربيعيّ، القاهرة: المركز القوميّ للترجمة، ط1، 2009م.
  • ماي، تشارلز، القصّة القصيرة حقيقة الإبداع، تعر ناصر الحجيلان، بيروت: مؤسسة الانتشار العربيّ، ط1، 2011م.
  • هامون، فليب، سيمولوجيّة الشّخصيّات الرّوائيّة، تعر سعيد بنكراد، بيروت: دار الكلام، ط1، 1998م.

 

المراجع الأجنبيّة

  • BARTHES, Roland, Poétique du récit, Seuil, Paris, 1977, p.21
  • Recherches collectives, L’analyse structurale des récits, Seuil, Paris, 1966, p.74.

 

  • GOLDMANN, Lucien, Pour une sociologie du roman, Gallimard, Paris, 1964, p297.

BARTHES, Roland, Poétique du roman, Paris, 1977, p.21

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] محاضر جامعيّ ومشرف تربويّ ((waeljezzini@gmail.com.

([2]) تجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أنّ النّقاد يشيرون إلى تأثير الأدب القصصيّ العربيّ في هذا الرائد القصصيّ (بوكاتشيو) لا سيّما في “ديكاميرون/الأيّام العشرة” كما كان لقصص “ألف ليلة وليلة” الأثر البالغ الأهميّة في تطوّر هذا النوع الأدبيّ.. يمكن مراجعة: يوسف علي طويل، مدخل إلى الأدب الأندلسيّ، بيروت: لا ن، لا ط، 2003م، ص303-304. محدّدًا في كتابه هذا مراجع أخرى مثل: محمّد رجب البيّوميّ،الأدب الأندلسيّ بين التأثير والتأثّر، ولطفي عبد البديع: الإسلام في إسبانيا. وانظر أيضًا حسام الخطيب، تطوّر الأدب الأوروبيّ.

([3]) ميخائيل باختين، الملحمة والرواية، ترجمال شحيد، بيروت: معهد الإنماء العربي، ط1، 1982م،  ص10-11-14. حيث يلتقي باختين مع “أنطونيو غرامشي” الذي لاحظ تزامنًا بين انتعاش القص وظهور القوى الديمقراطية الشعبية والوطنية في كل أوروبا.

([4]) سهيل إدريس، محاضرات عن القصّة في لبنان، القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربيّة ط1، 1975، ص92.

وانظر:  شكري عياد، القصّة القصيرة في مصر “دراسة في تأصيل فن أدبي”، القاهرة:معهد البحوث والدراسات العربيّة،ط1، 1967م.

([5]) عبد المجيد زراقط، في الرواية وقضاياها، م.س.، ص53-54.

([6]) علي حجازي، القصّة القصيرة في لبنان، م. س، ص44-46.

([7])عبد المجيد زراقط، الإبداع الأدبي العربي: قضايا وإشكالات، بيروت: الغدير، ط1، 2003م. ص303 و306.

([8]) فؤاد أفرام البستاني، دائرة المعارف: بيروت: 1969م، مادة (قص).

([9]) جبور عبد النور، المعجم الأدبي، بيروت، دار العلم للملايين، 1979، مادة قص.

([10])ميشال جحا، القصّة القصيرة في لبنان، م. س، ص 133.

([11]) عبد المجيد زراقط، في بناء الرواية اللبنانية، م.س، ص 22.

([12]) لطيف زيتوني، معجم مصطلحات نقد الراوية، م.س، ص 133.

([13]) م.ن.، ص 133.

([14]) غسان كنفاني، فارس فارس، بيروت: دار الآداب، ط1، 1996 ص98.

([15]) فرانك أوكونور، الصوت المنفرد، تر محمود الربيعيّ، القاهرة: المركز القوميّ للترجمة، طبعة خاصّة، 2009، ص8.

([16])عبد المجيد زراقط، في الرواية وقضاياها، بيروت: مركز الغدير، ط1، 2011م. ص23-25-26-27.

– وينظر تشارلز ماي: القصّة القصيرة حقيقة الإبداع، تعر ناصر الحجيلان، بيروت: مؤسّسة الانتشار العربيّ، ط1، 2011م، ص66،

– وانظر علي حجازي: القصّة القصيرة في لبنان، 1950 – 1975، تق وليم الخازن. بيروت، دار الفارابيّ، ط1، 2015م. ص25.

([17])رشاد رشدي، فنّ القصّة القصيرة، بيروت: دار العودة، ط1، 1975، ص 40-41.

([18])عبد المجيد زراقط، في القصّة وفنّيّتها، م.س، ص 66.

([19]) ميشال  جحا، القصّة القصيرة في لبنان: سير ونصوص، م.س، ص 133.

([20]) علي حجازي، القصّة القصيرة في لبنان (1950، 1975)، م.س،  ص 28.

([21])علي حجازي، القصّة القصيرة في لبنان (1950، 1975)، م.س، ص 28.

([22]) لطيف زيتوني، معجم مصطلحات نقد الرواية، م.س، ص 133.

([23]) م.ن.،  134.

([24]) عبد المجيد زراقط، في الرواية وقضاياها، م.س، ص23-25-26-27. وانظر: تشارلز ماي، القصّة القصيرة حقيقة الإبداع،  م س، ص66، نقلًا عن: فرانك أكونور، الصوت الوحيد، دراسة للقصّة القصيرة.

([25])عبد المجيد زراقط، في القصّة وفنّيّتها، م.س، ص 147.

([26])علي حجازي، القصّة القصيرة في لبنان: 1950-5 197 تطوّرها، م.س، ص41.

([27]) أنطوان طعمة، “الشخصيّة في الرواية العربيّة”، مجلة عالم الفكر العربيّ، المجلد 24، العدد 3، الكويت: 1996، ص213-214.

([28]) أنطوان طعمة،”الشخصيّة في الرواية العربيّة”، م.س.، ص213-214.

([29])عبد الرحمن منيف، بين الثقافة والسياسة، بيروت: المركز الثقافيّ العربيّ،  ط3، 2003م، ص149.

([30])مجمع اللّغة العربيّة، المعجم الوسيط، ج1،  ط 4، 2004م، ص 475، مادة (شخص).

([31])جبّور عبد النور، المعجم الأدبيّ، بيروت: دار العلم للملايين، ط2، 1984م، ص 146- 147.

([32]) عباس نصر، البناء الفنّيّ في القصّة السعودية المعاصرة، الرياض: دار العلوم، ط1، 1983م، ص 19.

([33])حسن الجازميّ، البناء الفّنيّ في الرواية السعوديّة: دراسة نقديّة تطبيقيّة، عمان: دار الجنادرية للنشر، ط1،2006م، ص 206.

([34]) يوسف الشارونيّ، القصّة القصيرة نظريًّا وتطبيقًا، سلسلة الهلال، القاهرة: عدد316، 1977م، ص 68- 69.

([35]) فليب هامون، سيمولوجيّة الشخصيّات الروائيّة، تر سعيد بنكراد، الرباط: دار الكلام، ط،1998،1م، ص24.

([36]) فليب هامون، سيمولوجيّة الشخصيّات الروائيّة، م. س،  ص 37.

([37]) محمّد بو عزّة، تحليل النّصّ السرديّ، لبنان: الدار العربيّة للعلوم، ط1، 2010م،  ص 42.

([38])محمّد بو عزّة، تحليل النّصّ السرديّ، م.ن.، ص 40.

([39])أحمد رفيق عوض، العذراء والقرية، فلسطين: لان، ط1، 1992، ص 92.

([40])جميلة الموسوي، الشخصيّة والالتزام في رواية هزائم مبكرة، رسالة أعدت لنيل شهادة الماجستير في اللغة العربيّة وآدابها، إشراف أ. د علي زيتون، الجامعة اللّبنانيّة، عمادة كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة،2013م، ص 26.

([41])جميلة الموسوي، الشخصيّة والالتزام في رواية هزائم مبكرة لنبيل سليمان، م.س.، ص 41.

([42]) أحمد زكي بدوي، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعيّة، بيروت: مكتبة لبنان، ط1، ص206.

([43])BARTHES, Roland, Poétique du récit, Seuil, Paris, 1977, p.21

([44])Recherches collectives, L’analyse structurale des récits, Seuil, Paris, 1966, p.74.

([45]) أنطوان نعمة،  “الشخصيّة في الرواية العربيّة”، الكويت: عالم الفكر العربيّ، المجلد 11، العدد32،ص 241.

([46])عبد الملك مرتاض، في نظريّة الرواية، الكويت، عالم المعرفة، العدد 240، 1989، ص 150.

([47]) لطيف زيتوني، معجم مصطلحات نقد الرواية، م.س، ص93.

([48]) محمّد يوسف نجم، فنّ القصّة، م.س.، ص98.

([49]) م.ن.، ص99.

([50]) م.ن.، ص100.

([51])GOLDMANN, Lucien, Pour une sociologie du roman, Gallimard, Paris, 1964, p297.

([52])  نبيل أيوب، الطرائق إلى نص القارىء المختلف، م.س،  ص116.

([53]) رولان بارت، مدخل إلى التحليل البنيوي، م.س، ص 21.

([54]) لطيف زيتوني، معجم مصطلحات الرواية، م.س.، ص93.

([55]) مجلّة “عالم الفكر“، م.س.، ص214.

([56])BARTHES, Roland, Poétique du roman, Paris, 1977, p.21

([57]) سمر روحي الفيصل، الرّواية العربيّة البناء والرؤيا، دمشق: منشورات اتّحاد الكتّاب العرب، لا.ط، 2003م، ص 160.

([58]) إبراهيم خليل، بنية النّصّ الرّوائيّ، بيروت: الدار العربيّة للعلوم، ط1، 2001م،  ص 194 – 195.

([59]) سعيد يقطين، انفتاح النّصّ الرّوائيّ،  الدار البيضاء-بيروت:  المركز الثقافي العربي، ط3، 2006م، ص 141.

([60]) حسن بحراوي، بنية الشكل الرّوائي، الدار البيضاء- بيروت: المركز الثقافي العربي، ط1، 1990م، ص 213.

([61]) فيليب هامون، سيميولوجيّة الشّخصيّات الروائيّة، م.س.، ص 51.

([62]) حسن بحراوي، بنية الشكل الرّوائي، م.س،  ص 213 – 214.

([63])نبيل أيوب، النقد النصّيّ وتحليل الخطاب، م.س، ص 116.

([64]) محمود تيمور، دراسات في القصّة والمسرح، القاهرة: المطبعة النموذجيّة، ط5، 1945م، ص 105.

([65]) عبد الفتاح عثمان، بناء الرواية: دراسة في الرواية المصريّة،القاهرة: مكتبة الشباب، ط2، 1982م، ص 109 -111.

([66]) عبّاس نصر، البناء الفنّيّ في القصّة السعوديّة المعاصرة، م.س، ص 26- 28.

([67])عبد المجيد زراقط، في القصّة وفنّيّتها، م.س، ص 26.

عدد الزوار:937

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى