أبحاثاللغة والأدب والنّقد

الخطاب والسّلطة والأيديولوجيّا: تحوّلات ما بعد البنيويّة

                الخطاب والسّلطة والأيديولوجيّا: تحوّلات ما بعد البنيويّة

Discourse, Power, and Ideology: Poststructuralism’s Turns

د. كميل مخايل([1])

Dr. Camille Mikhael

تاريخ الاستلام 3/9/2024                                         تاريخ القبول 20/9/2024

 

  1. 1. ملخص

يدرس هذا البحث العلاقة بين الخطاب والسّلطة والأيديولوجيّا في ضوء تحوّلات ما بعد البنيويّة ويفترض أن ممارسة السّلطة المترافقة والخطاب خصيصة خطابيّة، وترتبط كفاءتها بالأداء الخطابيّ للمسؤول السّياسيّ أو غيره. يرتكز هذا البحث على منهج نقديّ وعابر للاختصاصات، وهو منهج ترافق ونظرية التّحليل النّقديّ للخطاب التي أضاءت على كثير من المسائل الغامضة المرتبطة بدراسة خطاب السّلطة. لقد بيّنت نتائج البحث أن خطاب السّلطة لا يرتبط فقط بالمسؤولين الذين يتولون منصبًا سياسيّا في مؤسّسة سياسيّة، بل بكل شخص أدرك جوهر الأيديولوجيّا المؤسسة للنظام السّياسيّ والاجتماعيّ المعاصر له. إنّ ما تفترضه هذه النتائج أنّ الأيديولوجيّا المرافقة لخطاب السّلطة يمكن استغلالها لتحقيق أهداف متنوّعة وأحيانا متعارضة.

  • الكلمات المفاتيح: خطاب، سلطة، أيديولوجيا، معرفة، نقديّ، ممارسات، شرعنة، قوّة ناعمة، شعبويّة.

 

Abstract

This research studies the relation among discourse, power, and Ideology after Poststructuralism’s Turns and it assumes that the practice of power and discourse is of discursive property, and its efficiency relates to the discursive performance of a political official or any other official. The interdisciplinary method along side the critical one used by the critical discourse analysis approach are being applied in this research. This method has highlighted many subtle issues that are related to the study of discourse. The findings clarify that the discourse of power does not relate only to a political official in political institution but to every person who has realized the role of the contemporary ideology and its underlying basis of the political and sociological regime. Moreover, different goals, and sometimes contradictory ones, can be achieved by exploiting ideology, particularly when accompanied by discourse.

Keywords: discourse, power, ideology, knowledge, critical, practices, legitimization, soft power, populism

.

  1. التّحوّلات النّقديّة في العلوم الإنسانيّة

شهدت العقود الأخيرة تحوّلًا مهمًّا في دراسات العلوم الإنسانيّة، ومنها دراسات تحليل الخطاب التي ستؤلّف بؤرة الاهتمام في هذا البحث، وتجسّد هذا التّحوّل بالانتقال من دراسة سلطة الخطاب، إلى دراسة خطاب السّلطة. اهتمت الدّراسة الأوّلى بأفعال الكلام والتّأدّب وغيرهما، أما الثّانية فاهتمت في مرحلة ما بعد البنيويّة ولا تزال بدراسة الممارسات الخطابيّة والمعرفيّة والأيديولوجيّة دراسة نقديّة، وهو ما سمّي بالتّحوّل النّقديّ (Critical Turn). اهتمّ الباحثون بهذه الممارسات، أجرى ذلك تلقائيًّا في عيادة طبيب أو في مؤسّسات اقتصاديّة أو في مؤسّسات سياسيّة، لأنّها تشارك في إدارة عملية التّواصل ونجاحها ولأسباب أخرى([2]).

ويرى الباحثون أنّ استخدام السّلطة في عملية التّواصل إجراء دائم، سواء أكانت ظاهرة في البنى السّطحيّة أم العميقة، ومنهم من يرى أنّ استعمالها يتّسم بمعالم غير واضحة، ويصفها بأنّهـا إجراء يتّسم باللامساواة بين الأشخاص([3]). هذه اللامساواة تعني أنّ السّلطة المترافقة واستخدام الخطاب أو النّاتجة عنه سلطة يرغب فيها كثيرون، ويسعى إلى امتلاك ناصيتها كل قائد سياسيّ أو عسكريّ؛ لذلك كثيرًا ما تتلازم السّلطة والخطاب، والتّمرّس بممارستها في هذا السّياق يعدّ هدفًا استراتيجيًا دائما لكل ممثل اجتماعيّ، لأنّها ذات أبعاد اجتماعيّة واستعمالها يرمي إلى السّيطرة على النّاس وإخضاعهم([4])، وهي خصيصة ديناميّة وليس مثل ما اعتقد مسبقًا.

ترتبط هذه الديناميّة بكثير من المسائل، ومن أهمّها الأداء الخطابيّ للمرء، ولا تزال هذه العلاقة محل تنظير وتحليل حتى الآن بسبب غموضها النّسبيّ، ويصفها كثير من الباحثين بأنّها إجراء مجرد، وتعزوها بعض الدّراسات اللسانيّة إلى استغلال المركز أو السّلطة، وتعزوها دراسات أخرى إلى استغلال السّياق. افترضت هذه الدّراسات أنّ استعمال اللّغة لممارسة السّلطة أمر نسبيّ، أي هناك أشخاص يبرعون فيه وأشخاص لا يبرعون فيه لأسباب ترتبط بأداء المرء والسّياق، وتوصلّت هذه الدّراسات إلى تفسير كثير من تحوّلات ما بعد البنيويّة.

ويعود سبب نجاح الدّراسات أعلاه إلى عوامل عديدة، منها استنادها إلى منهج عابر الاختصاصات ينحو إلى حل المشكلات([5])، منهج يراعي التّعقيدات المتنوّعة الجامعة بين بنى الخطاب وبنى المجتمع([6])، وهو ما ساهم بنجاحه. هذا الأداء الخطابيّ واللّغويّ الغامض والمرتبط بممارسة السّلطة أصبح محل تنظير وتحليل؛ لذلك

يقدّم هذا البحث دراسة نظريّة وتطبيقيّة لمسائل التّحوّلات التي طالت الخطاب والسّلطة والأيديولوجيّا.

  1. 3. من اللّغة إلى الخطاب والمعرفة

تطوّر مفهوم الخطاب ولم يَعد مجرد سلسلة مترابطة من الجمل، بل أصبح ينظر إليه نظرة مرنة ذات وجهين، فهو مكوِّن (Constituent) ومكوَّن (constitued)([7]). والخطاب بهذا المعنى يكوِّن العالم الاجتماعيّ ويغيّره تارة، ويُكوَّن بالعالم الاجتماعيّ نفسه ويتأثر بسياقاته طورًا؛ فتحوّل الاهتمام من اللّغة إلى الخطاب، لأن اللّغة وسيلة تواصليّة محايدة، أما الخطاب فكثيرًا ما يعبر عن المواقف والظّروف الاجتماعيّة التي يستعمل فيها([8]). والخطاب هنا ذو وجهين، الأوّل يرتبط بالمعرفة والثّاني يرتبط بالسّلطة؛ كتب ميشال فوكو (Michel Foucault) معلقًا على هذه الفكرة: تلتقي السّلطة والمعرفة معا في سياق الخطاب فقط([9]).

وبعبارات مختلفة، يترافق الخطاب وتطوّر الشّخصيّة الإنسانيّة للمرء واكتشاف الأفكار والأهداف الاجتماعيّة، وفي هذا السّياق تُكون السّلطة([10])، أي في سياق اجتماعيّ أو تربويّ أو مؤسّساتيّ تنظمه المعرفة والقوانين. فإذا مثلنا على سبيل المثال أمام قاضي التّحقيق في مكتبه في لبنان، فيتبين أنّ الخطاب، أو الحوار، النّاتج عن  ممارسة السّلطة أكثر صرامة من حالة الحوار الذي يديره الطّبيب مع المريض.

يفترض وجود السّلطة أحيانا عند الطّرف الأوّل وجود ضعف عند الطّرف الآخر أو أقله مقاومة، لذا هناك سعيٌّ حثيث إلى الاستئثار بالسّلطة للتّأثير في النّاس، ولأنّه كذلك فإنّ ممارستها مقيدة بشروط ترتبط بالخطاب والسّياق. فالقاضي يمارس سلطته فقط في قضايا محددة، وخاصة إذا كانت ممارسة مهامه تجري في مكتبه، والخطاب هنا يتحوّل إلى مركز جذب لاستعمال ممارسات خطابيّة متنوّعة، أي من يسيطر على موضوع الخطاب وأساليب إنتاجه يسيطر على الممارسات الخطابيّة، ويستغل الأيديولوجيّا استغلالا استثنائيًا لتعزيز هيمنته، وإن أدّى ذلك إلى إضعاف الممارسات الأخرى، ولو كانت لا تتوافق ومثيلاتها([11]).

وهنا يبرز دور الخطاب، وقد تساءل أيضًا كثيرون من العلماء عن دوره في أنواع معينة من التّواصل.    هذا التّساؤل مرده إلى أنّ قوة الأيديولوجيّا والتّأثير الذي ينتج عنها في الناس يغلبان أحيانًا على الطّابع اللّسانيّ والمعرفيّ للخطاب، أي أنّ هناك لغطًا يترافق واستعمال الخطاب؛ هذا اللّغط قد يكون مقصودًا أحيانًا، فالمهمة الرّئيسة للخطاب إنتاج المعرفة باستخدام اللّغة أو النّص، ولكن الخطاب يترافق دائما والأيديولوجيّا، والتّمييز بينهما يتطلًب أحيانًا التّمييز بين الكلام الواقعيّ أو الحقائق العلميّة والكلام المزيف أو الحقائق غير العلميّة([12])، وهي مسألة وإن بدأت بالخطاب، لكنّها تتجاوزه وترتبط بالممارسات الاجتماعيّة والخطابيّة والتّناص.

لا تزال هذه المسألة محلّ أخذ ورد حتى الآن، والمسألة لا تتعلّق فقط بالتّمييز بين الكلام الواقعيّ والكلام الزّائف، أو بين الخطاب والأيديولوجيّا، بل بتحديد فعالية الكلام وموضوعه أو قوّة الخطاب وأثره في الناس. فعندما يشارك الخطاب في صياغة موضوع ما بأسلوب معين، يشارك الخطاب أيضًا في الحد من استعمال أسلوب آخر. وهنا يبرز دور محلّل الخطاب، وعليه أن يسأل: لماذا ظهر تعبير معين بدلا من غيره؟([13]).

ينطلق الجواب من فكرة أنّ الخطاب يرتبط بإنتاج المعرفة التي ترتبط بدورها بالسّياق الاجتماعيّ والإدراكيّ، وإذا كانت المعرفة تستغل اللّغة في الأغلب فإن التعبير الذي ينتج عن استغلال اللّغة لا يظهر فقط ممارسة الكفاية اللسانيّة والبلاغية وطريقة حصول ذلك، بل يظهر أيضًا القواعد والممارسات الاجتماعيّة والخطابيّة التي اكتسبها المرء وأصبحت جـزءًا رئيسًا من أسلوب تفكيره في إنتاج الخطاب. والخطاب في هذا السّياق نسق تمثيليّ يهتم بتمثيل المعرفة، أي نسق أيديولوجيّ يتكلّم عن موضوع ما في لحظة ما. يظهر هذا النّسق تمثيل معرفتنا، لذا ينتج أهدافنا ويوجّه تفكيرنا ويضبط الأسلوب الذي صيغت به الأفكار وأسلوب استعمالها للتّأثير في سلوكيات الآخرين([14]). والخطاب يؤثّر أيضًا فينا وفي الموضوعات التي نتكلّم عنها أو المعرفة التي نربطها بالموضوعات، لذلك فإنّ المعنى خارج الخطاب عبثيّ([15]).

كتب أحد الباحثين المعاصرين في كتاب شهير عن موضوع التّأثير أنّ المرء يرغب في ربط أفعاله بسبب ما لتسويغها، وإنّ من يملك القدرة على تفعيل هذا السّبب يملك القوّة للتّأثير في غيره، واللّغة كثيرًا ما كانت الأداة الملائمة للتّأثير في الآخرين([16]). فمن يُحكم استخدام اللّغة إذا يجدها سلاحًا فعالًا، وخاصّة لمن يدرك خفايا العقل البشريّ أو السّلوك النّفسيّ للمرء. والمقصود هنا بخفايا العقل البشريّ هو أسلوب التّفكير عند البشر الذي يتشابه بطريقة مدهشة([17])، ومن هنا قيمة الخطاب لأنّه كلام موجّه للجمهور، أكثر منه للأفراد.

لذلك أصرّت النّظريّات الإدراكيّة الحديثة أنّه لا يمكن فصل المعرفة عن الخطاب أو النّص، إذ إنّ المعرفة يكتسبها المرء باستخدام النّص، ويجري تنشيط المعرفة المخزنة في العقل باستخدام التّعابير اللّغويّة المتماسكة والواردة في النّص. وهذا لا يعني أنّه لا يتضمّن معرفة، بل المقصود هنا أنّ المعرفة التي ينقلها النّص تنشّط المعرفة المخزنة في ذاكرة المرء، وخاصّة المعرفة المخزّنة في ذاكرة المرء الطّويلة الأمد. وهنا تبرز قيمة المعرفة وأسلوب تضمينها في النّص، لأنّ مضمون المعرفة لا يتماثل والتّعابير اللّغويّة التي استخدمت لتمثيل المعرفة التي نقلتها([18])، وهذا ما يستغله أحيانا مستخدمو الخطاب للتّسلل إلى عقول الجماهير.

والخطاب هنا وفق النّظريّات الإدراكيّة وسيلة وليس هدفًا، وبالتّحديد وسيلة لبناء المعاني والتّصوّرات في العقل. وهذا يفترض أنّ المعاني ليست عملية محدّدة تحديدا مُسبَّقا وقاطعًا؛ لذلك فإنَّ عملية تحديد المعاني والهوية الذّاتيّة لا ترتبط بجوهر ذي منشأ إلهي، أو بفلسفة معينة؛ المعاني الاجتماعيّة والهويّات السّياسيّة تتولّد من الخطاب الذي يُعرَّف في هذا السّياق بأنّه مجموعة من القواعد المترسبة والعلاقات أو الأصوات المنطوقة التي تصاغ في أثناء الصّراع على السّلطة أو تعاد صياغتها بواسطته([19]).

هذه الصّياغة المتكرّرة أو التّوليديّة تجعل من إنتاج السّلطة عملا يتّسم بالإبداع، وكلما ازداد اطلاع صفوة القوم على المعلومات وتعززت سلطتهم ازدادت قدرتهم على ممارسة السّلطة باللّغة([20])، لأنه يصبح باستطاعتهم استغلال أدائهم الخطابيّ لممارسة سلطتهم والتّأثير في الآخرين، ولكن كيف؟

  1. تجليّات ما بعد البنيويّة في تحليل الخطاب

1.4 من الخطاب إلى السّلطة والأيديولوجيّا

    تبين مما ذكرته آنفًا أنّ دور الخطاب في المجتمع دور رئيس، لأنّه يمتلك القدرة الإنجازيّة الطّبيعية على كشف الحقائق الواقعيّة وإظهارها إلى حيز الوجود، وخاصة الحقائق التي يدعي أنّه يصفها([21]). ولكن هذا الكشف يكون منحازًا  في الأغلب أو يتضمّن غموضًا ويجري أحيانًا استغلاله لغايات خبيثة، لأنّ المعرفة أو أقلّه ما يظهره الخطاب من معرفة ترتبط بالممارسات الاجتماعيّة والأيديولوجيّة ارتباطًا وثيقًا لا ينفصل، ما يجعل الخطاب أحيانًا غير بريء([22]). لذلك تكمن المهمة الرّئيسة لمحلّل الخطاب في بيان هذا الغموض وبيان دور الخطاب في تعزيز السّلطة، أي دراسة دور البنى الصّغرى للغة في صياغة البنى الكبرى للمجتمع([23]).

هذا الاهتمام بدور الخطاب وكفاءته مردّه الأطروحات التي اهتمت بدراسة فلسفة السّلطة وارتبطت بالتّطوّرات

الاجتماعيّة في المجتمع الغربيّ بُعيد بدء القرن السّابع عشر وصولًا إلى فلسفة ما بعد الحداثة في أواخر القرن العشرين، حيث انتشرت الدّيموقراطيّة وأصبحت الذّات الإنسانيّة محور القوانيــن والتّشريعات، وأنتجت هذه التطوّرات فلسفة جديدة للسّلطة، فلسفة ترى أنّ ممارسة السّلطة تجري في الخطاب لا في خارجه، أي لا تمارس

دائما من الأعلى باتجاه الأسفل (Top-Down)، لأنّها خصيصة خطابيّة([24]). وهنا يجري استعمال  اللّغة لغايات عديدة، أهمها:

  • تحويل استعمال السّلطة إلى استعمال محق وصائب.
  • تحويل امتثال الآخرين إلى واجب ومسؤولية([25]).

ترتبط الغاية الأوّلى باستغلال الحجاج وغيره في التّفاعل المجتمعيّ، أما الغاية الثّانية فترتبط باستغلال الإدراك الاجتماعيّ، وهو عامل رئيس في نظريّة تون فان دايك (Teun van Dijk) الخطابيّة([26]). يؤثّر هذا التّحويل أو التّعديل في التّمثيل الذّهنيّ للمرء عن الأفكار والأحداث والأنماط، وفي ربط هذا التّمثيل بالأيديولوجيّا المعاصرة والمتداولة على حدٍّ سواء، ويتم هذه الرّبط أحيانا كثيرة باستخدام الممارسات الخطابيّة أو استغلالها لتصبح متحيزة. ويتحوّل هنا تحرير المجتمعات من أثر الممارسات الخطابيّة المتحيزة هدفًا صعب المنال ما لم تتغير بنية هذه الأنماط تغييرًا يعزّز نسبـة الوعي والقدرة على الرّفض والمقاومة والتّحرّر([27]). وما يجري في لبنان حاليًا هو خير مثال عن الخضوع لإرادة الممارسات الخطابيّة المنحرفة التي ورثها المسؤولون السّياسيّون.

هذا الإجراء الذي ذكرته آنفًا ينجز باستغلال الخطاب استغلالًا مختلفا عما افترضته بعض الدّراسات النّقديّة؛ يتخطّى هذا الإجراء مجرد تغيير الأداء اللّغويّ أو كشف الممارسات الخطابيّة المنحرفة، فالممارسات الخطابيّة تؤثّر في الفعل الإنسانيّ أو أدائه وتنظمه، بيد أن الممارسات تعد وليدة أداء الفعل الإنسانيّ في الوقت نفسه؛ لذا فإن ممارسة السّلطة توجد في كل مكان وفي كل الأزمنة، ومن هنا أهميتها في تحليل الخطاب.

وهنا تبرز مسألة أخرى، وهي طبيعة العلاقة الدائرية بين الفعل الإنسانيّ والممارسات الخطابيّة، والممارسات نفسها ليست جيدة أو سيئة، لكن دور الفعل الإنسانيّ فيها والمتأثر بأيديولوجيا ما هو الهدف، لا بوصفه ممثلا اجتماعيّا مستقلا عن غيره، لكن بوصفه ممثلًا اجتماعيّا أدى دورا اجتماعيّا متكررا. لذلك يتأثر المرء أحيانا بموضوعات متنوعة أو يؤثّر فيها، وهذا ما يجعل من تحليل أثر السّلطة في الخطاب أمرًا ممكنًا، ولو لم يكن تحليل السّلطة على هذا النّحو لما كان بالإمكان ملاحظة آثار الإنسان المعرفيّة في الخطاب([28]).

 

وفي هذا السّياق المعرفيّ، اتّفق العلماء على أنّ الأيديولوجيّا نظام راسخ من الأفكار التي تنظّم النّشاط الاجتماعيّ والسّياسيّ([29]). تكتسب الأيديولوجيّا قيمة إضافية في تحليل الخطاب، لأنّها لا تظهر دائمًا ظهورًا صريحًا في البنية السّطحيّة للخطاب، أو أنّ ملاحظتها تحتاج إلى الحكمة والتّبصر بتاريخ المجتمعات، ولا سيما السّياسيّ والدّينيّ وطريقة تطوّره، بالإضافة إلى أنّها أكثر قيمة من الإدراك وباستطاعتها إنارة سلوك المرء وتوجيه قراراته وأحكامه اليوميّة التي كثيرًا ما تتّسم بالتماسك([30]).

هذا الأثر للأيديولوجيا ينسحب أيضًا على الاستراتيجيات الخطابيّة والمعرفيّة اللتين يتشاركهما كثيرون، فالمعرفة التي يجري تبادلها بوسيلة لسانيّة كالخطاب، أو بوسيلة أخرى، تتميّز بأنّها ذات أبعاد اجتماعيّة ونفسيّة وأنتروبولوجيّة وسياسيّة، مما يجعل المعرفة شيئًا لا ينمو كنمو الأعضاء البشريّة، بل شيئا يعلم وينتج ويستعمل ويباع ويستهلك([31]). تبدأ هذه المسألة في المنزل بخطاب الأهل مرورًا بخطاب المربين في المدرسة وغيره؛ لذلك تلتصـــق المعرفــة التصاقًا وثيقًا بالممارسات الخطابيّة التي تتحوّل بدورها إلى ممارسات اجتماعيّة تحكمها أيديولوجيا معينة تحـاول الحفاظ على نجاحها وتفوّقها وقوّتها باستخدام الممارسات الخطابيّة([32]).

ويصف نورمان فاركلوف (Norman Fairclough)  بدوره هذه العلاقة التي تترسخ في الخطاب على النّحو الآتي: اللّغة هي التّجسيد الماديّ للأيديولوجيا، وهذه الأخيرة تستغل بدورها اللّغة([33])، أضف إلى ذلك أن استخدام الأيديولوجيّا يرمي إلى إزالة آثار استخدام السّلطة من النّسيج الاجتماعيّ، أو جعل المعاني الجديدة والهويات تبدو أمرًا طبيعيًا وموضوعيا ومسلّم به، أي أنّه يرمي إلى إخفاء أثر المكون الخارجيّ([34]). ومن أمثلة ذلك ما ورد في المبحث (5.2)، حيث برع كاتب الخطاب في إخفاء المعاني الحقيقية، وأظهر المربع الأيديولوجيّ مقاصدها المضمرة في الخطاب.

وهذا ما حاول ميشال فوكو الإضاءة عليه، أي الإضاءة على دور الممارسات التي تتبلور في الواقع الاجتماعيّ. فالسّلطة مثمرة، وهي تربط المعرفة والخطاب معا، إذ تنتج الأحداث الاجتماعيّة والحقائق والذوات الواعية أي المفكِّرة([35]). وفي عبارات أكثر وضوحًا، تتأثّر الذّات الواعية بعوامل خارجية كاللّغة والأيديولوجيّا، لأنّ الذّات الواعية في تيار ما بعد البنيويّة أصبحت مسرحًا للأحداث بدلًا من أن تكون مركزا، أو حضورا، أو هي ما يتعرّض للأحداث بدلًا من أن تكون الفاعل للأحداث([36])، أي تصبح ممارسة السّلطة أشبه بلعبة([37]).

لهذه الأسباب أطلق على مقاربة فوكو للسلطة المقاربة العلائقيّة، لأنّها تربط بين استعمال المعرفة والسّلطة والخطاب، واستعمالها لا يقتصر على فرع معين من العلوم، أكانت هذه الأخيرة سياسيّة أو تربويّة أو نفسيّة أو أنتروبولوجية([38])، وهي أشبه بشبكة إنتاج متطوّرة ومثمرة انتشرت في مجمل الجسم الاجتماعيّ([39]). وتوصل الباحثون في هذا المضمار إلى خلاصة مُفادها أنّ المعرفة النّاتجة عن الخطاب تترافق والسّلطة تارة وتؤدي إليها طورًا، والسّلطة تعمل أيضًا بنجاح باستغلال المؤسّسات والممارسات والخطابات([40]).

يمكن الاستنتاج من المفاهيم المذكورة آنفًا أنّه كلما تضاعف تفاعل المرء ومحيطه الثّقافيّ والسّياسيّ تعمق انتماء المرء للثّقافة المعاصرة، وتأثّر بدوره تأثرًّا أيديولوجيًّا بها، مما قد ينتج عن ذلك تقبل المرء لمحيطه المذكور كما تقبل اللّبنانيّون حكامهم الفاسدين. لذلك يلاحظ أنّ التّأثير بالأيديولوجيّا حدثٌ تاريخيّ في ذروة استخدام الحضارات للخطاب كما حدث في الحضارة الهيلينية وخاصة في أثينا، أو في الإمبراطورية الرومانية إبّان حكم الإمبراطور يوليوس قيصر، أو في الحضارة العربية إبّان حكم العباسيين حيث تطوّرت البلاغة العربية وازداد استخدامها. لذا انطلق هذا النّوع من ممارسة السّلطة من رأي يعد السّلطة وسيلة للإقناع، حيث يكون للغة دور رئيـس، وليست وسيلة للهيمنة فقط([41])؛ وهنا تكمن خطورة الأيديولوجيّا وأهمية تحليلها تحليلا يترافق وتحليل السّلطة.

والجدير ذكره هنا أنّ مقاربة فوكو لنشوء السّلطة وممارستها وتفسيرها ليست الوحيدة، وسأشير فقط وباختصار إلى مقاربة ستيفن لوك (Steven Lukes). انطلق هذا الأخير من المفهوم السائد عن السّلطة في سبعينيات القرن الماضي وهو أن السّلطة تترافق والسيطرة أو الهيمنة، وقد طور مفهومه لممارسة السّلطة وقسمه إلى ثلاثة أبعاد وفق تسميته، الأوّل والثّاني عدّهما غير كافيين، أمّا الثّالث فعدّه كافيا. يرتبط البعد الأوّل بأخذ القرارات المهمة، ويكمن البعد الثّاني في قدرة  السّلطة على التّأثير، أو الحضِّ على عدم اتّخاذ قرار، أما البعد الثّالث للسّلطة فيرتبط بالهيمنة، وهو أخطرهم لأنّه غدار وماكر وخفي ويؤثّر في أفكار الأفراد([42]).

هذه المقاربة الأخيرة انطلقت من مفهوم تعميم الوعي الزّائف، أما المقاربات الأخرى لنشوء السّلطة فهي مقاربة

النّظام الاجتماعيّ، والانحياز (الانحياز إلى القوي)، وأنظمة التّفكير السّائدة، وتعميم الوعي الزّائف، وترابط السّلطة بالمعرفة كمرحلة عبور إجباريّة، وقواعد السّلوك أو الانضباط، والإكراه أو القوّة([43]).

2.4 من تحليل الخطاب إلى التّحليل النّقديّ للخطاب

تأثّرت نظرية الخطاب بأفكار ما بعد البنيويّة وتجسّد ذلك باهتمام مؤسسي نظرية التّحليل النّقديّ للخطاب بدراسة علاقات الخطاب الخارجيّة وممارساته، وتركَّز هذا الاهتمام على دراسة علاقة الخطاب بالسّلطة والأيديولوجيّا اللتين تحدّدان أسلوب استعمال اللّغة، أي الخطاب، وما هو تأثيره، وكيف يجسّد مصالح ممارسي السّلطة، ويخدم موقعهم السّلطويّ ويؤيد وجهات نظرهم وقيمهم([44]). ويذكر تون فان دايك أنّ التّحليل النّقديّ للخطاب بحث تحليليّ للخطاب، ويرمي أوّلًا إلى دراسة أساليب استغلال السّلطة الاجتماعيّة وطريقة وضع اللامساواة موضع التّنفيذ وإعادة إنتاجها وانتشارها وشرعنتها أو مقاومتها عن طريق النّص والكلام في السّياق الاجتماعيّ والسّياسيّ([45]).

ويعد في هذا السّياق دور الممارسات الخطابيّة دورًا رئيسًا، إذ أسهمت في تعزيز دور الخطاب وجعله أداة فعالة في ممارسة السّلطة، ما يؤدّي أحيانا إلى علاقات غير عادلة بين أطراف المجتمع، كالعلاقة بين الذّكور والإناث، والعلاقة بين الأقلية الإثنية والأكثرية الحاكمة([46])، أو العلاقة بين القاضي والمدعى عليه.  وممارسة السّلطة في هذا السّياق ذات طبيعة خطابيّة وإدراكيّة، وهذه الطبيعة لا تتنافى وفكرة أن هناك سلطة مستقلة للمرء، بل تعززها، وترمي السّلطة هنا إلى إدارة الفعل الحرّ للممثلين الاجتماعيّين والسّياسيّين في إطار خطابي وإدراكيّ يوجه أفعالهم إلى اتجاهات معينة ليكفل تشاكلها لاحقا([47]).

لذلك استهدفت مناهج التّحليل النّقديّ للخطاب في مرحلة ما بعد البنيويّة توضيح العلاقة بين استعمال الخطاب، أو المستوى الجزئي الذي كثيرا ما يرمي إلى التّأثير في الآخرين باستغلال الأيديولوجيّا السائدة من جهة، والمستوى الكلي أي السّلطة والهيمنة واللامساواة من جهة أخرى([48])، حيث يصبح استعمال اللّغة استعمالا نشطا يتخطى دلالات التّواصل التقليدية بغية الوصول إلى دلالات مضمرة وملتبسة غالبًا ما ترتبط بمسائل اجتماعيّة وسياسيّة. ويترافق استعمال هذا النّوع من الدّلالات وتحديد موقع الآخرين إلى المتكلم، ويجري ذلك عن طريق استعمال اللّغة أو الخطاب بأسلوب موارب([49]).

تهتم نظرية التّحليل النّقديّ للخطاب بكشف هذه الرّموز أو الأساليب الملتوية التي ترسخّت في الخطاب مستغلة الأيديولوجيّا، لأنّها ترمي إلى نشر العدالة الاجتماعيّة وإلى البحث عن خطاب بديل يحترم عقول الآخرين وحقوقهم الاجتماعيّة. ويعدّ هذا الموقف موقفا إيجابيا لا سلبيا كما عدّه بعض النقاد لأول وهلة. فمعنى مصطلح النّقديّ (Critical) لا يعني الوقوف على الحياد، بل يعني اتّخاد موقف تصحيحي للممارسات السّياسيّة والاجتماعيّة الخاطئة([50])، لأنّ هذه الأخيرة انتقلت إلى الخطاب ولا تزال تنتقل في كثير من المجتمعات، وهو ما يسمى بالأثر الأيديولوجيّ([51]).

لذلك يعدّ تحليل الخطاب تحليلًا للأيديولوجيا في الأغلب، وخاصة إذا اقترن تحليله بدراسة أساليب استغلال الخطاب للتّلاعب بالضّيم ليصبح عدلًا أو لتخفيف وطأته ليصبح أكثر مقبولية، سواء أكان ذلك في مؤسّسة أم في منظمة([52]). يشرح أحد الباحثين الفكرة الأخيرة قائلا: عندما تنظم الكلمات في جمل، والجمل تجتمع معًا في الخطاب، فإنّ قوّة اللّغة تزدهر ازدهارًا ملحوظًا، وذلك لأنّه قد تُستخدم وسائل ملتبسة أو حيل لسانيّة لتشويـه الواقع وإخفائه، سواء أكان ذلك على مستوى الجمل أم على مستوى الخطاب. يجري التّأثير في القراء لإدراك الواقع مثل ما قدمه المؤلف، لذلك يبرز هنا شأن اختيار المنهج الملائم لتحليل التّأثير البارع للغة في الاستعمال([53]). ولتوضيح ذلك سأتوقّف عند مثالين اثنين ترددا كثيرًا في الحياة السّياسيّة والاجتماعيّة اللّبنانيّة، وهما استخدام المصدر (انفجار) و (تفجير):

(1) … انفجار مرفأ بيروت.

(2) … تفجير مرفأ بيروت.

بحثت في تطبيق جريدة النهار على هاتفي الشّخصي عن عدد المرات التي تردّد فيها استخدام المصدرين المذكورين وتاريخ ورودهما، فوردت النّتيجة: 923 مرّة للمصدر (انفجار)، و123 مرّة للمصدر (تفجير)، وذلك منذ تاريخ 9/9/2020 حتّى 17/4/2021. اشتقّ المصدر الأوّل من فعل (انفجر) أي على وزن انفعل، وهو وزن بني للمطاوعة، ومعنى المطاوعة هنا هو قبول الفعل، مثل كسرته فانكسر، نحو: انكسر الزجاج، والفاعل الحقيقي هنا مجهول. والمصدر الثّاني اشتق من فعل على وزن (فعّل)، أي فعّل تفعيلا، نحو: فجّر فلان القنبلة تفجيرًا، والفاعل النّحويّ والمنطقيّ هنا ظاهر في البنية السّطحيّة.

وما حدث في المثال رقم (1) هو أن استخدام الوزن (انفعل) أخفى الفاعل الحقيقي أو المنطقيّ لأنّه وزن بني للمطاوعة، ووظيفته إظهار الصّيغة التي قيل فيها الفعل (Aspect)، وكأنّه بني للمجهول. ويلتقي الغرضان، أي المطاوعة والبناء للمجهول، في فكرة الباعث أو المحرّك وردة الفعل، فالمطاوعة هي انعكاس لمؤثّر والمبني للمجهول هو استجابة لمؤثّر أيضًا، ولذا يمكن عدهما وجهين لغرض واحد([54]).

وفي عبارات نقديّة، أدّى استعمال المصدر (انفجار) إلى إخفاء الفاعل المنطقي المسؤول عن تفجير المرفأ وحذفه من الوعي الجماعيّ اللّبنانيّ كما حذف من البنية السّطحيّة في التّركيب المذكور، وإن كان استعماله من باب المجاز. كتب تون فان دايك واصفًا بدوره مناهج التّحليل النّقديّ للخطاب بأنّها عابرة للاختصاصات، أي لا تقتصر فقط على استعمال منهج محدّد لتحليل الخطاب، بل تستحضر مناهجها من العلوم العابرة للاختصاصات، وخاصة من العلوم الإنسانيّة، أو كل ما من شأنه أن يساعد على تحليل الخطاب تحليلًا نقديّا يبرز المشكلات الاجتماعيّة والمسائل السّياسيّة في سياقاتها الاجتماعيّة والسّياسيّة. ولا تكتفي هذه المناهج بوصف البنى الخطابيّة والاجتماعيّة، بل تحاول أن تشرحها وتبين كيف تتفاعل خصائصها الاجتماعيّة([55]).

هذه المناهج المرنة تتلاءم بدورها ومبادئ نظرية المعرفة (Epistemology) وأصولها المعرفيّة، لأنّ ممارسة السّلطة ووفق فوكو توجد أينما كان، ولا سيما في العلاقات الاجتماعيّة، وتتعدد وجوهها أيضًا([56]). هذه المسألة تعني أن ممارسة السّلطة تترافق وأنواع كثيرة من الأنشطة والعلاقات المهنية والاجتماعيّة. إنّ ما يميز نظرية التّحليل النّقديّ للخطاب إذًا هو المنظور الذي تعالج به الموضوعات، فمعظم الأدوات يتماثل، والموضوعات أيضًا تتماثل وإن كانت بنسبة أقل. فتغيير المنظور إذا هو الهدف الرّئيس، لأن السّلطة لا تكمن في اللّغة نفسها، بل في أساليب استغلال اللّغة، وخاصة ممن هم في السّلطة([57]). ويمكن هنا إعادة وصف ما ذكرته آنفًا عن مناهج تحليل الخطاب النّقديّ التي يجب التركيز عليها، وهي:

  • الخطاب بوصفه لغة مكتوبة أو منطوقة: حروف، وأصوات، ومفردات، وجمل، وتراكيب، وقواعد نحوية.
  • الخطاب بوصفه ممارسة بلاغية: ظروف إنتاج الخطاب، وظروف تلقيه، وسياقاته، وغاياته البلاغية، وأساليب تنظيمه وتداوله.
  • الخطاب بوصفه فعلا اجتماعيّا: علاقة الخطاب بالمسائل التي تحيط به من قوى فاعلة، وأيديولوجيات مؤثرة، وتأثيره فيها وتأثيرها فيه([58]).

أما تون فان دايك فاهتم في مقاربته للتّحليل النّقديّ للخطاب بالمكوّن الإدراكيّ، وهو مكوّن يتكامل والمقاربة المذكورة من جهة، ومع ما كان قد عمل له منذ بدء الثّمانينات في القرن العشرين من جهة أخرى، بالإضافة إلى ما كان قد أشار إليه فوكو، أي دور المعرفة، وهذا البعد هو بدوره عابر للاختصاص:

  • الخطاب بوصفه وسيلة للمعرفة والإدراك: دور العقل والإدراك الذي ينظم آليات عمل العقل كالتّفكير والملاحظة والتّمثيل، ودور الذّاكرة بأنواعها، والأهداف، والمعرفة، والأيديولوجيّا، والمواقف النّفسيّة، والإجراءات

الإدراكيّة، وعلاقة الخطاب بالذاكرة([59]).

والجدير ذكره هنا أن تون فان دايك لم يكتف بثلاثية فاركلوف، أي الملاحظة والوصف والتّفسير، بل أضاف إليها سمة الفعالية ووثاقة صلة المنهج المقترح بالموضوع، وهمـا سمتان ضروريتان جدا للنّجاح في عملية التّحليل النّقديّ للخطاب([60]).

  1. التّحليل

    اخترت عمدًا خطابًا سياسيًّا إلقاء الرّئيس الأميركيّ السّابق دونالد ترامب (Donald Trump) أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحليله([61])، لأنّها كانت فرصة مهمة حاول فيها الرّئيس المذكور تضمين خطابه عصارة أفكاره التي روجها في أثناء حملته الانتخابيّة العام 2016 وصولا إلى خطاب التّنصيب في النّصف الثّاني من شهر كانون الثّاني العام 2017. أضف إلى ذلك، حاول الرّئيس المذكور أيضًا الظهور أمام رؤساء الدّول بطابع معين، مما جعله أيضًا يضمّن خطابه المذكور مقاربته لممارسة السّلطة، وفي هذا السّياق ميز النّقاد السّياسيّون الرّئيس ترامب من غيره وعدّوه رئيسًا يمينيًّا شعبويًّا.

انطلاقًا مما ورد، سأقوم بتحليل الممارسات الاجتماعيّة والأيديولوجيّة مع ما يرتبط بها من مكوّنات لغويّة أو نصيّة أو أنماط نصيّة، بسبب قيمة هذه الممارسات وطبيعتها العابرة لأنواع الخطاب. سيتناول هذا التّحليل موضوعات مثل السّياسة الدّاخليّة، والسّياسة الخارجيّة، والاقتصاد والتّجارة، والإرهاب والأمن؛ هذه الموضوعات ترتبط بتفكير الرّئيس الأميركيّ وتوضّح استراتيجياته السّياسيّة، ولا سيما سياسته الخارجيّة تجاه كوريا الشّماليّة وإيران وفنزويلا، وقد اقتصر هذا البحث على دراسة موضوع كوريا الشّماليّة.

1.5 أنواع الخطاب في كلمة الرّئيس الأميركيّ

1.1.5  خطاب القوّة الناعمة

    بدأ الرّئيس الأميركيّ خطابه العام (Public Discourse) بالتزام مبدأ التّأدب، حيث رحّب بجميع الضّيوف (مرحبا بكم في نيويورك)، وهو أمر غير استثنائي، ولكنّه أمر استغله أيديولوجيًّا لتضمين الفقرة الأوّلى من خطابه ملامح القوّة النّاعمة وبعض مبادئها التي ستتضّح تفاصيلها الرّمادية لاحقًا في خطابه، إذ يبدأ بتذكير الجميع بأسلوب غير مباشر ومهذب أنّهم هم من أتوا إلى مدينته نيويورك، فكأنه يضع المخطط الآتي:

الرئيس الأميركي/مدينتي نيويورك

 

رؤساء الدول                                                        الشعب الأميركي

وشعوبها

 

مركز الأمم المتحدة

الرسم البياني رقم 1:  مخطط تحديد السلطة.

 

 

 

 

 

 

 

فالرّئيس الأميركيّ يحدّد هنا المكان والزّمان ويحدد الأيديولوجيّا، ويضع الشّعب الأميركيّ مقابل رؤساء الدّول وشعوبها، ويرمي بذاك إلى رسم معالم استراتيجيته القياديّة مستغلًا سلطته من جهة، والزّمان والمكان من جهة أخرى. يذكر الأنتروبولوجي إدوارد هال (Edawrd Hall) أنّ الزّمان والمكان عنصرين ثقافيين يتواصلان بقوة اللّغة([62])، فالزّمان الآن زمان الرّؤيّة الاقتصاديّة الأميركيّة (سوق الأسهم الأميركيّة وصلت إلى أعلى درجاتها…)؛ والرّئيس المذكور نفسه رجل أعمال ناجح جدا، زد على ذلك أن برج ترامب الشّهير يقع في مدينة نيويورك نفسها، وذكر مدينة نيويورك هنا مضافة إلى ياء المتكلّم هو أشبه باستعارة تفيد معنى أيديولوجبا.

وبالانتقال إلى الفقرة الثّانية فصَّل الرّئيس الأميركيّ بعض سياسات أميركا الاقتصاديّة، ومن المسائل المهمة التي وردت في هذا الموضوع ما ذكره في نهاية خطابه، وخاصة في الفقرة التّاسعة عشرة، حيث دعا إلى الانجذاب إلى قيم السّلام والحرية والعدالة والعائلة. هذا كلّه يبين خبرةً برزت في ممارسات خطابيّة عزّزت الحبك بين البنى الصّغرى والكبرى، وذلك لضبط فقرات الخطاب ومضمونها الأيديولوجيّ الذي استغله استغلالًا ذكيًّا للاستعلاء على بعض رؤساء الدّول ومحاولة التّأثير في صياغة خطابهم، وهو ما سأتناوله أدناه.

2.1.5 خطاب الاستعلاء والقوّة والتهديد

بادئ ذي بدء، إقناع الآخرين ومحاولة التّأثير فيهم لا يقتصران على استخدام القوّة النّاعمة فقـط، أو استخدام القوّة القاسية فقط، بل كثيرا ما يُستخدم نوعي القوّة المذكورين في الخطاب الواحد([63]). انطلاقًا من هنا، يبدأ الرّئيس

الأميركيّ مباشرة بعد مقدمة مقتضبة وذكيّة بخطاب القوّة، إذ يعلن بصراحة في نهاية الفقرة الثّانية تطوّر القدرة

العسكريّة الأميركيّة (سننفق حوالي 700 بليون دولار على الجيش والدفاع)، ويطرح أيضًا أمام رؤساء الدّول  مسألتين: (التهديدات الخطيرة) و(الاحتمالات الرائعة)، ثم يستفيض قليلًا في تفصيل المسألة الثّانية وشرحها (الاختراقات في مجالات العلوم…). هذه الاستراتيجية عزّزت تماسك النّص، زد على ذلك أنّ الرّئيس الأميركيّ يرمي هنا على الأرجح إلى إغراء حلفاء أميركا وأعدائها وتهديد خصومها وأصدقائها في الوقت نفسه، فمن يملك القوّة والسّلطة يملك القدرة على تخيير الآخرين:

 

 

 

 

 

الخيار الأول      ؟        ؟       الخيار الثاني

(التهديدات الخطيرة)                (الاحتمالات الرائعة)

الرّسم البياني رقم 2: الخياران الملتبسان.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يظهر هذا المخطط الخيارين الملتبسين اللذين وردا في خطاب الرّئيس الأميركيّ، كأنّه لا يوجد خيار ثالث مناسب أو غيره قد يرد من أحد رؤساء الدّول الأخرى، وهذا يعدّ استغلالًا خبيثًا لخطاب السّلطة المرتكز على أيديولوجيا القوّة. فما لا ينتمي إلى الخيارات الرّائعة التي تكلّم عنها قد يعدّ من التّهديدات الخطيرة! وبهذا يكون الرّئيس المذكور قد استغل نفوذه للتّأثير في جدول المناظرات، وهو ما أشار إليه ستيفن لوك وذكرته سابقا.

وفي الواقع طرح الرّئيس الأميركيّ ثنائيات عديدة في سياق خطابه، وخاصة في الفقرة الثّامنة والتّاسعة والعاشرة. فقد ذكر في الفقرة الثّامنة الثّنائيات الآتية: (الانسجام والوئام والصّداقة وليس النّزاع والشقاق)؛ وفي الفقرة التّاسعة ذكر الثّنائية الآتية: (الرّضا الخادع مقابل القوّة والاعتزاز)؛ وفي الفقرة العاشرة ذكر الثّنائية الآتية: (الأخيـــار… الأشرار)؛ وذلك كله لترويج أسلوبه في التّفكير القائم على الثّنائيات وتعميم الوعي الزّائف.

3.1.5 خطاب الشّعبويّة

الشّعبويّة حركة سياسيّة عفوية، وهي تتيح لممارسيها الاستقواء بالشّعب ضد النّخب السّياسيّة الحاكمة، أو الأحزاب السّياسيّة الحاكمة، وتحقيق غايات عديدة متباينة، وكثيرًا ما تكون غايات تتعلّق بالأشخاص لا بالمجموعات. وتبدو هنا الشّعبويّة كردّة فعل على الممارسات السّياسيّة السّابقة، أو ربما تبدو كشكل من أشكال الانتقام السّياسيّ، وقد ظهر ذلك في خطاب الرّئيس الأميركيّ المذكور بأشكال عديدة، منها ما ظهر في خطاب الكراهية، ومنها أيضًا ما ظهر في أسلوبه السّاخر من الآخرين. لذلك تقوم الشّعبويّة على عناصر أيديولوجية غير متماسكة في الأغلب رغبة منها في تحقيق الأهداف التّلاعبية للمروجين لها، وخاصّة في الأنظمة الدّيموقراطية([64]).

وقد لجأ إليها الرّئيس الأميركيّ في خطاباته السّياسيّة قبل انتخابات عام 2016 ويعيدها كاستراتيجية سياسيّة

تتيح له أوّلًا الوصول إلى البيت الأبيض. أما في هذا الخطاب فإنّه استغلها استغلالًا استراتيجيًّا وسياسيًّا للإطباق على السّلطة من جهة، ولترويج أفكاره من جهة أخرى. وقد خصّص فقرات عديدة من خطابه للحديث عن الشّعبويّة، وخاصّة في الفقرة الخامسة والسّادسة والسّابعة، حيث ذكَّر في الفقرة الخامسة بعبارة (نحن الشّعب) الواردة في الدّستور الأميركيّ، ثم ذكر بوضوح في الفقرة السّادسة المبدأ الرّئيس للشّعبويّة وهو أنّ (الشّعب يحكم ويقرر)، وفي الفقرة السّابعة ذكر بوضوح أن سياسته الخارجيّة تقوم على وضع أميركا في المقام الأوّل، بالإضافة إلى مواقف متناثرة في الخطاب تبيّن أسلوبه الشّعبويّ.

2.5 الممارسات الخطابيّة والاجتماعيّة والأيديولوجيّة

سأتناول هنا مسائل تتعلق بالممارسات الخطابيّة والاجتماعيّة والأيديولوجيّة، وهي مسائل وردت في خطاب الرّئيس الأميركيّ وترافقت وأنواع الخطاب المذكورة آنفا. سأبدأ بدراسة أنواعها، ثم سأدرس دلالات استخدامها، وأخيرا سأدرس دلالات استخدام المربع الأيديولوجيّ والحجاج الذي استهدف إقناع رؤساء الدّول بأساليب نوعية، كالتّفكير العملي والتهديد أو التخويف؛ إذ كثيرا ما يتم استغلال السّياق الاجتماعيّ والإدراكيّ في هذه الممارسات للتأثير في أساليب تفكير الآخرين تأثيرا ملحوظا.

بالنسبة إلى الممارسات الخطابيّة تميز خطاب الرّئيس الأميركيّ باستخدام فقرات قصيرة نسبيا، وترافق هذا النوع من الفقرات واستخدام جمل قصيرة ورشيقة في معظم أقسام الخطاب. وفي هذا السّياق، يذكر كثير من الباحثين أن طريقة عمل الذاكرة العاملة (Working Memory) ترتكز على معالجة عدد محدود من الكلمات قد يبلغ ثماني كلمات في الجملة الواحدة. ويذكر الباحثون في علم النّفس الإدراكيّ أنه كلما ازداد عدد الكلمات في الجملة ارتبطت عملية معالجة المعلومات بعددها؛ لذلك انتقلت الدّراسات الإدراكيّة الحديثة التي تتناول تحليل الخطاب من الاهتمام بأسلوب تأليف المعلومات في سياق معين إلى الاهتمام بأسلوب معالجة المعلومات وتحليل الأداء المرتبط بمعالجة عدد الكلمات([65])، فما كان قصده من استخدامها؟

تميّزت هذه الجمل بأنّها تحتاج إلى جهد إدراكيّ معتدل لمعالجتها، وقصد الرّئيس الأميركيّ منهـــــا مسألتين، الأوّلى تخفيف الحمل الإدراكيّ على المترجمين الفوريين ووسائل الإعلام، والثّانية مخاطبة رؤساء الدّول بوضوح وفعالية وحثهم على التّفكير وتجنب استخدام فائض من الجهد الإدراكيّ، أي ما يسمّى بالتّفكير السّريع أو التّفكير الآني الذي لا يحتاج إلى جهد إدراكيّ ملحوظ([66])، وهو ما يمكن ملاحظته من أدائه الخطابيّ.

تميز الخطاب أيضًا باستخدام كلمات تدلّ على الشّمولية، أو كلمات وردت في صيغة الجمع تدل على الشّيء نفسه، وباستخدام ضمير المتكلّم الجمع، نحو: (النّصر العظيم، زعماء، أخطار متنامية، أنظمة مارقة،

أملنا، ننزلق، شهدنا، مهمتنا، سنقاتل، نضحي). تنطلق هذه الممارسات الخطابيّة من مبدأ التأدب وترمي إلى  تعميم شعور التضامن بين زعماء العالم([67])، وهو أمر استغله الرّئيس الأميركيّ لتحقيق غايات استراتيجية عديدة وردت لاحقا في خطابه وسأتكلم عنها أدناه.

بالنّسبة إلى الممارسات الاجتماعيّة والأيديولوجيّة أخفى الرّئيس الأميركيّ في سياق خطابه استراتيجيات عديدة، وأهمها الاستراتيجيات المرتبطة بشرعنة سياساته وتبريرها. والشرعنة أو إضفاء الشرعية (Legimitization) في الخطاب السّياسيّ ترتبط مباشرة بشرعنة ممارسة السّلطة السّياسيّة، أو غيرها، ومنحها

الحق بالنسبة إلى الأشخاص الذين تُمارس السّلطة بحقهم([68]).

وبعبارات تداولية، تستعين الأيديولوجيّا السائدة للسلطة الحاكمة بالوسائل التي تراها ملائمة لإثبات صحة سلطتها المعنوية والسّياسيّة([69]). والرّئيس الأميركيّ لجأ في خطابه أمام الأمم المتحدة إلى كثير من الاستراتيجيات لشرعنة سياسة بلاده الخارجيّة، وخاصّة تجاه الدّول التي اتهمها بأنها دول مارقة، وتكتسب هذه الاستراتيجيات قيمة متزايدة في الخطاب السّياسيّ، لأنها تتصف بأنها فعل اجتماعيّ معقد أو إجراء يُنجز أيضًا باستخدام بعض أفعال الكلام، كالتّأكيد، والنفي، ورد الاتهامات([70]). هذه الاستراتيجيات هي:

  • استراتيجية اللّجوء إلى المستقبل المزدهر لأميركا

    تعود قيمة هذه الاستراتيجية إلى أنّها تربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، وقد بدأ الرّئيس الأميركيّ استخدامها في الفقرة الثّانية، حيث بيَّن إنجازاته منذ استلامه مقاليد الحكم في شهر كانون الثّاني في سنة 2017، إذ كان قد وعد في أثناء حملته الانتخابيّة بإعادة الأوّلوية لازدهار أميركا، وهو ما حدث إلى حدٍّ ما في العام الأوّل من عهده؛ ويبرز استخدام هذه الاستراتيجيّة بوضوح في الفقرتين الرّابعة والسّابعة، حيث تطرّق أوّلًا إلى تحقيق وعود المستقبل عندما ذكَّر بخطة مارشال وآثارها المتنوّعة على الحلفاء، ولاحقًا ذكر بوضوح: سأضع (أميركا أوّلًا) في المقام الأوّل. ومصطح أميركا أوّلًا (America first) مصطلح قديم تعود جذوره إلى ما قبل الحرب العالميّة الثّانية، وكأنّه هنا يوازن تاريخه بتاريخ بعض الرؤساء الأميركيّين الذين نجحوا قبله في رسم معالم مستقبل أميركا، واستخدام هذا المصطلح هنا يعدّ استغلالا للأيديولوجيا المتوارثة.

  • استراتيجية اللجوء إلى العقلانية

    استغل الرّئيس الأميركيّ هذه الاستراتيجية في فقرات خطابه بغية الحجاج، وخاصّة في الفقرات السّابعة والثّامنة والتّاسعة، فقد وازى الرّئيس المذكور في الفقرة السّابعة بين ممارساته وممارسات الرؤساء الآخرين؛ وفي الفقرة الثّامنة طرح مجموعة ثنائيات بالإضافة إلى فكرة (الواقعيّة المبدئية) التي أقل ما يقال عنها أنّها تخاطب الذّكاء الإنسانيّ وتحثّه على الاستدلال باستعمال أسلوب القياس. واستمرّ في الفقرة التّاسعة بذكر (الواقعيّة) ومقدمات منطقيّة أخرى لاستخدام الأسلوب نفسه لاحقًا والوصول إلى استدلالات معينة. وفي الواقع يرتكز هذا النّوع من التّفكير على استخدام المعرفة المخزنة في ذاكرة المرء الطّويلة الأمد، ما يسمح بتوليد استنتاجات جديدة، زد على ذلك اكتساب مخطّطات عقليّة جديدة ذات طبيعة تعلميّة([71]). هذا الأمر يعني أنّ الرّئيس الأميركيّ حاول توجيه أسلوب تفكير الرّؤساء الآخرين إلى أهداف وضعها هو مُسبَّقا.

  • استراتيجية اللجوء إلى المشاعر الوطنية

يلاحظ هنا أنّ الرّئيس الأميركيّ لجأ إلى هذه الاستراتيجية لإضفاء الشّرعيّة على ممارساته وآرائه أو قراراته بعيد لجوئه إلى استراتيجية العقلانيّة. ففي الفقرة الخامسة عشرة استغل أيديولوجيا البطولة، واستذكر تاريخ تأسيس الأمم المتحدة الذي ترافق وانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثّانية، وأشار أيضًا إلى الدّول التي حاربت النّازيّة، كأنه يوازي بين كوريا الشّماليّة والنّازيّة داعيًا رؤساء دول العالم إلى الخوف من تسلّحها ومحاولة الانتصار عليها كما انتصر الحلفاء على ألمانيا النّازيّة.

  • استراتيجية اللّجوء إلى الإيثار

على إثر قيام الرّئيس الأميركيّ بإثارة مشاعر الخوف من الأنظمة التي سماها أنظمة مارقة كنظام كوريا الشّماليّة لجأ إلى استغلال استراتيجية الإيثار لتبرير سياسة التدخل في مستقبل كثير من الدّول لخير شعوبها وشرعنة سياسة أميركا الخارجيّة، مستغلا بذلك مفهوم التضامن مع الآخرين. وبدأ إظهار استراتيجية الإيثار هذه في الفقرة الرّابعة عندما بيَّن حسنات خطة مارشال القائمة على السّيادة والأمن والازدهار في أوروبا. وفي نهاية خطابه استخدم أسلوب الاستفهام التقريريّ، وبالتّحديد استخدم في الفقرة السّابعة عشرة ثلاثة أسئلة استغلّها لعرض استراتيجيته هذه القائمة على الموازاة بين مستقبل الدّول الأعضاء في الأمم المتحدة([72]).

5.2.5 المربع الأيديولوجيّ

    لم يكتف الرّئيس الأميركيّ باستخدام الاستراتيجيات المذكورة أعلاه بل استغلها ببراعة، حيث لجأ إلى ممارسات أيديولوجيّة بارعة أخفت مقاصد كثيرة، إذ وظّف الأيديولوجيّا المعاصرة في أميركا، وبالتّحديـــد ربط بين استخدام السّلطة والمعرفة واستغلهما استغلالًا ذكيًّا لتبرير سياسة بلاده الخارجيّة؛ وقد برز ذلك باستخدام المربع الأيديولوجيّ الذي يرتكز على المفاهيم الآتية([73]):

التّشديد على حسناتنا               التّشديد على سيئاتهم

 

 

التّقليل من قيمة سيئاتنا        التّقليل من قيمة حسناتهم

 

 

 

 

 

 

 

الرّسم البياني رقم 3: المربع الأيديولوجيّ

ويمكن تحليل المربع الأيديولوجيّ في خطاب الرّئيس ترامب على النحو الآتي:

  • التّشديد على حسناتنا: انتخابات، ديموقراطية، حرية، اصلاحات، عدالة، سلام، عائلة…
  • التّشديد على سيئاتهم: أشرار، تجويع الكوريين الشماليين وسجنهم وتعذيبهم، اغتيال شقيق الزعيم الكوري،

خطف فتاة…

  • التّقليل من قيمة سيئاتنا: الهيمنة، التّدخّل في شؤون الدّول الداخلية، زعزعة الاستقرار في البلدان…
  • التّقليل من قيمة حسناتهم: لا يوجد

والجدير ذكره هنا أنّ لجوء الرّئيس الأميركيّ إلى استخدام الأيديولوجيّا أكثر من استخدام الحجاج في بعض فقرات خطابه قد يعني أنّه سياسيّ مناور سعى لإخفاء افتقاره للحجج وللثّقافة السّياسيّة التّقليديّة التي قد تشارك في إيجاد الاستراتيجيّات النّاجعة للتّعامل مع الأزمات من جهة، ولأنّ الأيديولوجيّا لا تضفي على الكلام معنى فقط بل تمنحه سلطة، سلطة الإقناع أو الاستقطاب أو الرّفض([74]) من جهة أخرى؛ لذا هو يحاول التّلاعب بعقول الأميركيّين ومشاعرهم، ويحاول أيضًا التّصرّف كرئيس شعبويّ، وهو ما انتقد عليه الرّئيس المذكور.

هذا الإحساس المفترض بضعف معين ربما حثَّ الرّئيس الأميركيّ على تنويع ممارساته الخطابيّة، ولتحقيق ذلك استغلّ ذاكرة الشّعوب الأوروبيّة والأميركيّة، وخاصّة استغل الأبعاد الإدراكيّة لرؤساء دول العالم المستمعين إلى خطابه، وذكّرهم بالحرب العالمية الثّانية وخطورتها. وبدأ الفقرة الخامسة عشرة بأسلوب صريح، حيث ذكر مصطلح (الأبطال)، ثم انتقل في الفقرة السّادسة عشرة إلى ذكر هوية الأبطال في الحرب العالميّة الثّانية (بولندا وفرنسا وبريطانيا)، وفي الفقرة الثّامنة عشرة ذكّر بما كان قد قاله جون آدمز عن الثّورة الأميركيّة، كأنّه يستغل أيضًا الإدراك الاجتماعيّ للأميركيين ويؤجّج مشاعرهم الوطنيّة محأوّلًا التّلاعب بمشاعر الآخرين.

ولكي تنجح هذه الاستراتيجيّة سعى الرّئيس المذكور في الفقرة الثّامنة إلى إقناع رؤساء هذه الدّول بفكرة قوّة دولة أميركا وضعف غيرها عندما تكلّم عن النّتائج وسياسة الواقعيّة المبدئيّة المستخدمة في أميركا. وقد لجأ إلى أسلوب التّفكير العمليّ (Practical Reasoning)، أو الاستنتاج من الأحداث أو المقدمات، وهو تفكير

حجاجيّ يحدث في سياقات توصف المشكلة أوّلًا لتصل لاحقًا إلى الحلّ، وخاصّة الحل الذي يقترحه السّياسيّ([75]).

ويضاف إلى ذلك أنّ الرّئيس الأميركيّ لجأ إلى سياسة التّخويف من الآخرين واستغلها أيديولوجيا لكي يكفل نجاعة استراتيجياته الخطابيّة ووصولها إلى أهدافها. فعندما شبه الزّعيم الكوري بِـ (رجل الصّواريخ) في الفقرة الثّالثة عشرة ربما قصد من ذلك استخدام التّناص وإعادة التّذكير بالتّاريخ المأساوي لأوروبا، وخاصّة بالصواريخ التي أطلقها النظام النازي في ألمانيا على العاصمة الإنكليزية (لندن) في أثناء الحرب العالمية الثّانية. والخوف من الآخرين يدوم أكثر من الحب وفق التّاريخ النّفسي والسّياسيّ للشعوب، أي أنه أكثر تأثيرا من غيره، بالإضافة إلى أن بلاغة التخويف من الآخرين وربطها بالإرهاب أثبتت نجاعتها في السّياسات الخارجيّة للدّول الدّيموقراطية التي استغلّت هذه البلاغة لإعادة التّعريف بالتّوازن القائم بين الحرية والأخطار الأمنية([76]).

وفي الواقع كرّر الرّئيس الأميركيّ استغلاله للتّاريخ غير مرة في خطابه، فقد استغلّ تاريخ تدخل بلاده في نتائج الحروب التي دارت رحاها في أوروبا وغيرها، واستغل أيضًا تاريخ تأسيس بلاده واستغل تاريخ الحلفاء أعلاه. واستغلال التّاريخ في الخطاب السّياسيّ لا يتعلّق فقط بذكر أحداث سياسيّة، بل يرتبط بتفعيل الإدراك الاجتماعيّ الذي ذكرته سابقًا، وبالتّعريف بهوية الشّعوب والبلدان، وهو أيضًا وسيلة للتّواصل الأممي([77])، وقد استغله لربط الماضي بالحاضر من جهة، وللإقناع والضّغط من جهة أخرى، كأنّه من تداوليّات الخطاب.

وأخيرا يمكن تشبيه ما ذكرته بسباقين بين الممارسات الخطابيّة والممارسات الاجتماعيّة والأيديولوجيّة، الأوّل بين السّلطة والطّرف المقاوم لها، والثّاني بين نوعي الممارسات نفسها في كل طرف، وذلك على النحو الآتي:

                        م. خطابية                                       م. خطابية

 

م. اجتماعية وأيديولوجية                          م. اجتماعية وأيديولوجية

الرسم البياني رقم 4: العلاقة التّفاضليّة بين نوعي الممارسات

1.  يمثّل الخط الأسود المسار الثّابت للممارسات الخطابية وعلاقته الوثيقة بالممارسات الاجتماعيّة والأيديولوجيّة.

2. يمثّل الخط المنقط الطّبيعة المرنة للممارسات الاجتماعية والأيديولوجية وإمكانية تقدمها على نوعي الممارسات في الجهة المقابلة أو تراجعها بحسب أداء الطرف المقابل أو بحسب كفاءة الممارسات الخطابية في الجهة نفسها.

3.  يمثّل الهدف المفترض كل محاولة ناجحة للتّأثير في الآخرين عن طريق الممارسات المذكورة.

 

 

الهدف  المفترض
1
2

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  1. آراء ختامية وآفاق جديدة للبحث

تبين من سياق الدّراسة أنّ قيود ممارسة السّلطة تترافق وقيود ممارسة الخطاب السّياسيّ وإنتاجه، وقد تتغير هذه القيود بتغير المكان والزّمان والثّقافة والأيديولوجيّا. وهكذا فإنّ دراسة علاقة السّلطة بالخطاب هي دراسة لقيود أيديولوجيّة معينة. ويبدو أيضًا من هذه الدّراسة أنّه كلّما تتطوّرت حياة الإنسان الاجتماعيّة والسّياسيّة وتنوّعت أفكاره وأحلامه تنوّعت هذه القيود وتطوّر معها الخطاب.

تبين لي أيضًا في هذه الدّراسة أنّ المرء أو المسؤول يستمد أحقية ممارسة السّلطة من الذّات الواعية، ومن الوعي المعرفيّ والجماعيّ الذي نشره كل من الخطاب السّياسيّ والسّياسة الثّقافيّة بأنواعها بين أفراد المجتمع، ما يعني أن ممارسة السّلطة بفعالية ترتبط بعامل يقع في داخل السّلطة نفسها وخارجها. والسّلطة هنا هي إعادة اكتشاف مستمرة للفكر والثّقافة المعاصرة من جهة، وممارسة خطابيّة ذكية وناجحة لأساليب تفكيكهما المتاحة من جهة أخرى.

لذلك يتراوح هنا هامش ممارسة السّلطة على الأقل بين حدين، حدٌّ يرسمه مسؤولو الدّولة الرسميين أو مسؤولو المؤسّسات والمنظمات، وحدٌّ يرسمه المواطنون أو من ينوب عنهم، والمسألة نفسها تنسحب على ممارسة الخطاب، وهو ما طرح إشكالية منهجيّة، إذ إن تحديد هذا الخط الفاصل يتغير باستمرار وهو ما يفسح المجال لاستغلاله ببراعة.

لاحظت في هذه الدّراسة أيضًا أنّ الرّبط بين استغلال أيديولوجيا ما والخطاب لا يعني حكما أن هذا الخطاب أو ذاك يتميز بممارسات خطابيّة أو أيديولوجية ناجعة. فالخطاب الناجع، وعلى الرغم من شأن الأيديولوجيّا، يحتاج إلى ركائز أخرى للنجاح في ممارسته، لكن أين يمكن البحث عن هذه الركائز وكيف؟

لا غرو أن البحث عن هذه الرّكائز يحتاج إلى استقراء كثير من الدّراسات النّقديّة للخطاب، إلا أن كثيرا من الباحثين وأنا منهم أيضًا يرون أن ما لم يُقل في البنية السّطحيّة للخطاب يوازي قيمة ما قيل فيها إن لم يكن أهم، وهذا ما تحاول الدّراسات المذكورة أن تبينه وتشرحه متبنية منهجا عابرا للاختصصات، لأنّ اختيار المنهج الملائم يعدُّ العامل الرّئيس لنجاح التّحليل. وأخيرا  كشف المنهج المذكور في هذه الدّراسة أن خطاب الرّئيس ترامب تضمن استخدام كثير من نظريات نشوء السّلطة، ما يعني أنه كلما تنوعت القيود الأيديولوجيّة التي تكلمت عنها سالفا تنوعت أشكال الإبداع في ممارسة الخطاب، وهو ما يؤسس لآفاق بحثية عديدة.

 

  1. خطاب الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب أمام الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في المركز الرّئيس بتاريخ 19/9/2017، الساعة العاشرة والدقيقة الرّابعة صباحا([78]).
  2. 1. السيد الأمين العام، السيد الرّئيس، زعماء العالم، والمندوبون المحترمون: مرحبا بكم في نيويورك، إنه شرف

عظيم أن أقف أمامكم هنا في مدينتي، ممثلا للشعب الأميركيّ لأتحدث إلى كل شعوب العالم.

  1. 2. ولحسن الحظ، فإن الولايات المتحدة تسير بشكل جيد منذ يوم الانتخابات في الثامن من تشرين الثّاني/نوفمبر الماضي. فسوق الأسهم وصلت إلى أعلى درجاتها على الاطلاق- وهذا مستوى قياسي. ومعدل البطالة وصل إلى أدنى درجاته خلال 16 عاما، وبسبب إصلاح الإجراءات التنظيمية والإصلاحات الأخرى، أصبح لدينا عدد أكبر من العاملين في الولايات المتحدة الآن أكثر من أي وقت مضى. فالشركات أخذت تعود إلى بلدنا، وتخلق نموا في فرص العمل، مثلما لم تشهده بلدنا من زمن طويل. وكما أعلن مؤخرا، فإننا سننفق حوالي 700 بليون دولار على الجيش والدفاع لدينا.
  2. 3. وفي وقت قريب جدا سيصبح جيشنا في أقوى حالاته على الإطلاق. ولمدة تزيد على 70 عاما، في أوقات الحرب والسلم، وقف زعماء وكبار رجال الدّول، والحركات والأديان أمام الجمعية العامة… اعتزم أنّ أتناول بعض التهديدات الخطيرة التي تواجهنا حاليا، ولكن أيضًا الاحتمالات الرائعة التي تنتظر أن يطلق لها العنان… فالاختراقات التي تحققت في مجالات العلوم والتكنولوجيا والطّب أصبحت تعالج الأمراض.
  3. 4. وفي مثل هذه المدّة قبل 70 عامًا، وضعت الولايات المتحدة خطة مارشال لكي تسهم في إعادة إعمار أوروبا. وهذه الدّعائم الثّلاث الجميلة-هي دعائم السّلام الثّلاث: السّيادة والأمن والازدهار…
  4. 5. إن أعظم شيء في دستور الولايات المتحدة هو أوّل عبارة جميلة فيه. وهي، “نحن الشّعب”.
  5. 6. لقد ضحَّت أجيال من الأميركيّين من أجل الحفاظ على وعد تلك الكلمات، ووعد بلدنا، وتاريخنا العظيم. في أميركا، الشّعب يحكم، والشّعب يقرر، والشّعب هو صاحب السّيادة. لقد انتُخبت ليس لتولي السّلطة،

ولكن لإعطاء السّلطة لمن تنتمي إليه، الشّعب الأميركيّ…

  1. 7. وبوصفي رئيسًا للولايات المتحدة، سأضع أميركا دائمًا في المقام الأوّل، مثلكم تمامًا، فزعماء بلدانكم سيضعون بلدانكم دائما أوّلًا، وينبغي أن يفعلوا ذلك دائما… (تصفيق)
  2. 8. وبالنّسبة لأمم العالم التي تتّسم بالتنوّع، فإنّ هذا هو أملنا، نحن نريد الانسجام والوئام والصّداقة، وليس النّزاع والشّقاق. إنّنا نسترشد بالنّتائج، وليس بالأيديولوجيّات. فلدينا سياسة الواقعيّة المبدئيّة، وهي سياسة لها جذور في الأهداف والمصالح والقيم المشتركة.
  3. 9. وتلك الواقعيّة تدفعنا إلى مواجهة مسألة تواجه كل زعيم وأمّة في هذه القاعة. إنّها مسألة لا يمكننا الهروب منها أو تجنّبها. هل سوف ننزلق في طريق الرّضا الخادع، ونفقد القدرة على مواجهة التّحديّات والتّهديدات وحتى الحروب، أم لدينا ما يكفي من القوّة والاعتزاز لمواجهة تلك الأخطار اليوم، حتى يتسنى لمواطنينا التّمتع بالسّلام والازدهار غدا؟…
  4. 10. وإذا لم يقم الأخيار وهم كثرة بمواجهة الأشرار وهم قلّة، فإنّ الشّر سوف ينتصر. وعندما تصبح الشّعوب

والأمم التي تتحلّى بالأخلاق الكريمة متفرجين على أحداث التّاريخ، فإنّ قوى التّدمير لن تستجمع وتحشد سوى القوّة والبأس.

  1. 11. لم يبد أحد احتقارًا لأمم أخرى ولخير ورفاهية شعبه أكثر من النّظام الفاسد المنحرف في كوريا الشّماليّة. فهو مسؤول عن موت الملايين من الكوريين الشّماليين جوعًا، وعن سجن وتعذيب وقتل وقمع عدد لا حصر له أكثر من ذلك.
  2. 12. ورأينا في اغتيال شقيق الدّكتاتور باستخدام الغازات المؤثّرة في الأعصاب المحظورة في مطار دوليّ. ونحن نعلم أنّه قام بخطف فتاة يابانية لطيفة تبلغ من العمر 13 عامًا من شاطئ في بلدها لاستعبادها كمعلمة لغة لجواسيس كوريا الشّماليّة.
  3. 13. إن الولايات المتحدة تمتلك قوى عظيمة وتتحلى بصبر بالغ، ولكنّها إذا اضطرت إلى الدّفاع عن نفسها أو حلفائها، فلن يكون أمامنا خيار سوى تدمير كوريا الشّماليّة تمامًا. إن “رجل الصّواريخ” في مهمة انتحاريّة لنفسه ونظامه. والولايات المتحدة جاهزة ومستعدة وقادرة، ولكن نأمل ألا يكون ذلك ضروريا. وهذا ما تعنيه الأمم المتحدة؛ وهذه هي وظيفة الأمم المتحدة. دعونا نرى كيف يتصرفون.
  4. 14. لقد حان الوقت لكي تدرك كوريا الشّماليّة أن نزع السّلاح النّووي هو فقط مستقبلها المقبول. فقد أجرى مجلس الأمن الدّولي مؤخرًا تصويتين حظيا بإجماع 15 صوتًا مقابل لا شيء لاعتماد قرارات صارمة ضد كوريا الشّماليّة، وأود أن أشكر الصّين وروسيا على الانضمام إلى التّصويت بفرض عقوبات، مع جميع أعضاء مجلس الأمن الآخرين. شكرا لجميع المعنيين.
  5. 15. وإذ نتذكر النّصر العظيم الذى أدّى إلى تأسيس هذه الهيئة، فإنّه يتحتم علينا ألا ننسى أبدًا أن الأبطال الذي حاربوا ضد الشّر حاربوا أيضًا من أجل دول أحبّوها.
  6. 16. فقد قادت الوطنيّة البولنديين إلى الموت من أجل إنقاذ بولندا والفرنسيين للقتال من أجل فرنسا الحرة، والبريطانيين ليقفوا أقوياء أشداء من أجل بريطانيا…
  7. 17. والسؤال الحقيقيّ بالنسبة للأمم المتحدة اليوم، وبالنسبة لأبناء الشعوب في جميع أنحاء العالم الذين يطمحون إلى تحقيق حياة أفضل لأنفسهم ولأطفالهم، هو سؤال أساسي: وهو هل ما زلنا وطنيين؟ هل نحب دولنا بما فيه الكفاية لحماية سيادتها والأخذ بزمام مستقبلها؟ هل نجلها بما فيه الكفاية للدفاع عن مصالحها، والحفاظ على ثقافاتها، وتأمين عالم مسالم لمواطنيها؟
  8. 18. لقد كتب جون آدمز، أحد أعظم الوطنيين الأميركيّين قائلا: “إنّ الثّورة الأميركيّة نفذّت قبل بدء الحرب. إذ كانت الثّورة في عقول وقلوب الناس”…
  9. 19. فلتكن هذه مهمتنا، ولتكن هذه رسالتنا للعالم: سنقاتل معا ونضحي معا ونقف معًا من أجل السّلام، من

أجل الحرية، من أجل العدالة، من أجل العائلة، من أجل الإنسانيّة، وفي سبيل الله العظيم الذي خلقنا جميعا.

  1. 20. شكرا لكم. حفظكم الله. وليبارك الله دول العالم. ويبارك في الولايات المتحدة الأميركيّة. شكرا جزيلا. (تصفيق)([79]).

 

المصادر المراجع

المصادر والمراجع العربية:

  1. روبول، أوليفيي (2005) “التكييف الأيديولوجيّ للغة”، في محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي (اعداد وترجمة)، اللّغة 5، سلسلة دفاتر فلسفية، الدار البيضاء، دار توبقال للنشر، ص 113-114.
  2. عمايرة، حنا إسماعيل (2012) “معاني الزيادة في الفعل الثلاثي في اللّغة العربية: دراسة وصفية”، مجلة الجامعة الإسلامية للبحوث الإنسانيّة، م 20، ع 2، ص 295-326.

المصادر والمراجع الأجنبية:

  1. Canovan, Margaret (2001) “Populism”, In Paul B. Clarke & Joe Foweraker (eds) Encyclopedia of Democratic Thought, London: Routledge, pp. 679-674.
  2. Cappelen, Herman & Dever, Josh (2016) Context and Communication. Oxford: Oxford University Press.
  3. Cialdini, Robert B. (2007) Influence: The Pscyhology of Persuasion. USA: Collins Business.
  4. De Beaugrande, Robert & Dressler, Wolfgang (1981) Introduction to Text Linguistics. London: Longman.
  5. Enani, Mohammad (1996) Modern Literary Terms: A Study and A Dictionary English-Arabic. Beirut: Librairie du Liban.
  6. Engle, Randall W. (2002) “Working Memory Capacity as Executive Attention”, Current Directions in Psychological Science 11: 19-23.
  7. Fairclough, Isabela & Fairclough, Norman (2011) “Practical Reasoning in Political Discourse: The UK Government’s Response to the Economic Crisis in the 2008 Pre-Budget Report”, Discourse and Society 22(3): 243-268.
  8. Fairclough, Norman (1995) Critical Discourse Analysis: The Critical Study of Language. London: Routledge.
  9. Fairclough, Norman (2003) Discourse Analysis: Textual Analysis for Social Research. London:
  10. Fairclough, Norman (2013) Critical Discourse Analysis: The Critical Study of Language. London: Routledge.
  11. Fairclough, Norman; Jane Mulderrig; Ruth Wodak (2011) “Critical Discourse

Analysis”, In Teun A. Van Dijk (ed) Discourse Studies: A Multidisciplinary Introduction, London: Sage Publications, pp. 357-378.

  1. Foucault, Michel (1980) Power/Knowledge: Selected Interviews and Other Writings 1972-1977. New York: Pantheon Books.
  2. Foucault, Michel (1982) “The Subject and Power”, Critical Inquiry 8(4): 777-795.
  3. Foucault, Michel (1998) The History of Sexuality: An Introduction. New York: Pantheon Books.
  4. Foucault, Michel (2002) The Archeology of Knowledge. New York: Pantheon Books.
  5. Fowler, Roger & Kress, Gunther (2019) “Rules and Regulations”, In Roger Fowler et al. (eds) Language and Control, London: Routledge, pp. 26-45.
  6. Fyke, Jeremy P. (2017) “Power in Language”, In Mike Allen (ed) The Sage Encyclopedia of Communication Research Methods, London: Sage Publications 3, pp. 1314-1317.
  7. Gaventa, John & Cornwall, Andrea (2008) “Power and Knowledge”, In Peter Reason & Hilary Bradbury (eds) The Sage Handbook of Action Research: Participative Inquiry and Practice, London: Sage Publications, pp. 172-189.
  8. Giroux, Henry A. (2003) The Abandoned Generation: Democracy Beyond the Culture of Fear. New York: Palgrave Macmillan.
  9. Haidar, Julieta & Rodríguez, Lidia (2005) “Power and Ideology in Different Discursive Practices”, In Christina Schäffner & Anita L. Wenden (eds) Language and Peace, Amsterdam: Harwood Academic Publishers, pp. 121-138.
  10. Hall, Edawrd T. (1959) The Silent Language. New York: Doubleday.
  11. Hall, Stuart (1992) “The West and the Rest: Discourse and Power”, In Stuart Hall & Bram Gieben (eds) Formations of Modernity, Oxford: Blackwell Publishers, pp. 275-331.
  12. Hall, Stuart (2001) “Foucault: Power Knowledge and Discourse”, In Margaret Wetherell, Stephanie Taylor & Simeon J. Yates (eds) Discourse Theory and Practice: A Reader, London: Sage Publications, pp. 72-81.
  13. Hardy, Cynthia & Phillips, Nelson (2004) “Discourse and Power”, In David Grant et al. (eds) The Sage Handbook of Organizational Discourse, London: Sage Publications, pp. 299-316.
  14. Haugaard, Mark & Clegg, Stewart R. (2009) “Introduction: Why Power is the Central Concept of the Social Science”, In Stewart R. Clegg & Mark Haugaard

(eds) The Sage Handbook of Power, London: Sage Publications, pp. 1-24.

  1. Haugaard, Mark (2010) “Reflections on Seven Ways of Creating Power”, In Stewart R. Clegg (ed) Sage Directions in Organization Studies, London: Sage

Publications 4, pp. 155-182.

  1. Holyoak, Keith J. (2012) “Analogy and Relational Reasoning”, In Keith J. Holyoak & Robert G. Morrison (eds) The Oxford Handbook of Thinking and Reasoning, Oxford: Oxford University Press, pp. 234-259.
  2. Hung Ng, Sik (2011) “Language and Power”, In Keith Dowding (ed) Encyclopedia of Power, London: Sage Publications, pp. 371-372.
  3. Jørgensen, Marianne & Phillips, Louise (2002) Discourse Analysis as Theory and Method. London: Sage Publications.
  4. Kahneman, Daniel (2013) Thinking Fast and Slow. New York: Farrar Straus and Giroux.
  5. Leezenberg, Michiel (2013) “Power in Speech Actions”, In Marina Sbisà & Ken Turner (eds) Pragmatics of Speech Actions, Berlin: De Gruyter Mouton, pp. 287-312.
  6. Lukes, Steven (2005) Power: A Radical View. Houndmills: Palgrave Macmillan.
  7. Malešević, Siniša (2011) “Ideology”, In Keith Dowding (ed) Encyclopedia of Power, London: Sage Publications, pp. 333-339.
  8. Martin, Judith N. & Nakyama, Thomas K. (2010) Intercultural Communication in Contexts. New York: McGraw-Hill Education.
  9. Martin, Judith N. & Nakayama, Thomas K. (2018) Experiencing Intercultural Communication: An Introduction. New York: McGraw-Hill Education.
  10. Mayr, Andrea (2008) Language and Power: An Introduction to Institutional Discourse. London: Continuum.
  11. Nye Jr., Joseph S. (2008) “Public Diplomacy and Soft Power”, AAPSS, 616(1): 94-109.
  12. Reyes, Antonio (2011) “Strategies of Legitimization in Political Discourse: From Words to Action”, Discourse and Society 22(6): 781-807.
  13. Scollon, Ron & Scollon, Suzanne W. (2001) Intercultural Communication: A Discourse Approach. Malden: Blackwell Publishers.
  14. Scruton, Roger (2007) The Palgrave Macmillan Dictionary of Political Thought. New York: Palgrave Macmillan.
  15. Torfing, Jacob (2011) “Discourse”, In Keith Dowding (ed) Encyclopedia of Power, London: Sage Publications, pp. 191-196.
  16. Van Dijk, Teun A. (1993) “Principles of Critical Discourse Analysis”, Discourse and Society 4(2): 249-283.
  17. Van Dijk, Teun A. (1997) “What is Political Discourse Analysis?”, Belgian Journal of Linguistics 11, pp. 11-52.
  18. Van Dijk, Teun A. (2001) “Multidisciplinary CDA: A Plea for Diversity”, In Ruth

Wodak & Michael Meyer (eds) Methods of Critical Discourse Analysis, London: Sage Publications, pp. 95-120.

  1. Van Dijk, Teun A. (2009) “Critical Discourse Studies: A Sociocognitive Approach”, In Ruth Wodak & Michael Meyer (eds) Methods of Critical Discourse Analysis, London: Sage Publications: 62-85.
  2. Van Dijk, Teun A. (2011) “Discourse and Ideology”, In Teun A. Van Dijk (ed) Discourse Studies: A Multidisciplinary Introduction, London: Sage Publications, pp. 379-407.
  3. Van Dijk, Teun A. (2011) “Discourse Knowledge Power and Politics: Towards Critical Epistemic Discourse Analysis”, In Christopher Hart (ed) Critical Discourse studies in Context and Cognition, Amsterdam: John Benjamins Publishing, pp. 27-64.
  4. Van Dijk, Teun A. (2015) “Critical Discourse Analysis”, In Deborah Tannen, Heidi E. Hamilton & Deborah Schiffrin (eds) The Handbook of Discourse Analysis, Oxford: Wiley Blackwell 1, pp. 466-485.
  5. Wareing, Shân S. (2004) “What is Language and What Does it Do?”, In Ishtla Singh & Jean Stilwell Peccei (eds) Language Society and Power: An Introduction, London: Routledge, pp. 1-15.
  6. Watson, Matt (2017) “Placing Power in Practice Theory”, In Allison Hui, Theodore Schatzki & Elizabeth Shove (eds) The Nexus of Practices: Connections Constellations Practitioners, London: Routledge, pp. 169-182.
  7. Waugh, Linda R. et al. (2016) “Critical Discourse Analysis: Definition Approaches Relation to Pragmatics Critique and Trends”, In Alessandro Capone & Jacob L. Mey (eds) Interdisciplinary Studies in Pragmatics Culture and Society, London: Springer, pp. 71-135.
  8. Winter, David G. (2009) “How Power Can Be Tamed?”, In Dean Tjosvold & Barbara Wisse (eds) Power and Interdependence in Organizations, Cambridge: Cambridge University Press, pp. 33-51.
  9. Wodak, Ruth (2002) “Aspects of Critical Discourse Analysis”, ZfAL 36: 5-31.
  10. Wodak, Ruth & Meyer, Michael (2009) “Critical Discourse Analysis: History Agenda Theory and Methodology”, In Ruth Wodak & Michael Meyer (eds) Methods of Critical Discourse Analysis, London: Sage Publications.

المراجع الإلكترونية:

  1. https://sy.usembassy.gov/ar/ كلمة الرّئيس دونالد ترامب أمام الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة (Accessed 1 March 2021)

[1])) دكتور كميل مخايل حائز على شهادة دكتوراه في اللّغات والتّرجمة من الجامعة اللّبنانيّة، باحث ولسانيّ يهتمّ بدراسات تحليل الخطاب والتّداوليّة.

)[2]( Winter, David G. (2009) “How Power Can Be Tamed?”, In Dean Tjosvold & Barbara Wisse (eds) Power and Interdependence in Organizations, Cambridge: Cambridge University Press, p. 33.

([3]( Martin, Judith N. & Nakayama, Thomas K. (2018) Experiencing Intercultural Communication: An Introduction. New York:  McGraw-Hill Education, p. 54.

)[4]( Foucault, Michel (1982) “The Subject and Power”, Critical Inquiry 8(4), p. 781.

)[5]( Fairclough, Norman; Jane Mulderrig; Ruth Wodak (2011) “Critical Discourse Analysis”, In Teun A. Van Dijk (ed) Discourse Studies: A Multidisciplinary Introduction, London: Sage Publications, p. 357.

)[6]( Van Dijk, Teun A. (2001) “Multidisciplinary CDA: A Plea for Diversity”, In Ruth Wodak & Michael Meyer (eds) Methods of Critical Discourse Analysis, London: Sage Publications, p. 96.

)[7]( Jørgensen, Marianne & Phillips, Louise (2002) Discourse Analysis as Theory and Method. London: Sage Publications, p. 61.

)[8]( Fowler, Roger & Kress, Gunther (2019) “Rules and Regulations”, In Roger Fowler et al. (eds) Language and Control, London: Routledge, p. 26.

)[9]( Foucault, Michel (1998) The History of Sexuality: An Introduction. New York: Pantheon Books, p. 100.

)[10]( Hardy, Cynthia & Phillips, Nelson (2004) “Discourse and Power”, In David Grant et al. (eds) The Sage Handbook of Organizational Discourse, London: Sage Publications, p. 302.

)[11]( Fairclough, Norman (1995) Critical Discourse Analysis: The Critical Study of Language. London: Routledge, p. 2.

)[12]( Hall, Stuart (1992) “The West and the Rest: Discourse and Power”, In Stuart Hall & Bram Gieben (eds) Formations of Modernity, Oxford: Blackwell Publishers, pp. 291-293.

)[13]( Foucault, Michel (2002) The Archeology of Knowledge. New York: Pantheon Books, p. 27.

)[14]( Hall, Stuart (2001) “Foucault: Power Knowledge and Discourse”, In Margaret Wetherell, Stephanie Taylor & Simeon J. Yates (eds) Discourse Theory and Practice: A Reader, London: Sage Publications, pp. 72-73.

)[15]( Foucault (2002) The Archeology of Knowledge. p. 89.

)[16]( Cialdini, Robert B. (2007) Influence: The Pscyhology of Persuasion. USA: Collins Business, pp. 4-11.

)[17]( Wodak, Ruth & Meyer, Michael (2009) “Critical Discourse Analysis: History Agenda Theory and Methodology”, In Ruth Wodak & Michael Meyer (eds) Methods of Critical Discourse Analysis, London: Sage Publications, p. 8.

)[18]( De Beaugrande, Robert & Dressler, Wolfgang (1981) Introduction to Text Linguistics. London: Longman, p. 84.

)[19]( Torfing, Jacob (2011) “Discourse”, In Keith Dowding (ed) Encyclopedia of Power, London: Sage Publications, p. 191.

)[20]( Cappelen, Herman & Dever, Josh (2016) Context and Communication. Oxford: Oxford University Press, p. 185.

)[21]( Fairclough (2003) Discourse Analysis: Textual Analysis for Social Research, pp. 203-204.

)[22](    Hall (1992) “The West and the Rest: Discourse and Power”, In Hall & Gieben (eds) Formations of Modernity,  291-293.

)[23]( Mayr, Andrea (2008) Language and Power: An Introduction to Institutional Discourse. London: Continuum, p. 9.

([24]) Hardy & Phillips (2004) “Discourse and Power”, In David Grant et al. (eds) The Sage Handbook of Organizational Discourse, p. 303.

)[25]( Wareing, Shân S. (2004) “What is Language and What Does it Do?”, In Ishtla Singh & Jean Stilwell Peccei (eds) Language Society and Power: An Introduction, London: Routledge, p. 10.

)[26]( Van Dijk, Teun A. (2009) “Critical Discourse Studies: A Sociocognitive Approach”, In Ruth Wodak & Michael Meyer (eds) Methods of Critical Discourse Analysis, London: Sage Publications, p. 66.

)[27]( Waugh, Linda R. et al. (2016) “Critical Discourse Analysis: Definition Approaches Relation to Pragmatics Critique and Trends”, In Alessandro Capone & Jacob L. Mey (eds) Interdisciplinary Studies in Pragmatics Culture and Society, London: Springer, p. 80.

)[28]( Watson, Matt (2017) “Placing Power in Practice Theory”, In Allison Hui, Theodore Schatzki & Elizabeth Shove (eds) The Nexus of Practices: Connections Constellations Practitioners, London: Routledge, pp. 174-181.

)[29]( Malešević, Siniša (2011) “Ideology”, In Keith Dowding (ed) Encyclopedia of Power, London: Sage Publications, p. 334.

)[30]( Wodak & Meyer (2009) “Critical Discourse Analysis: History Agenda Theory and Methodology”, In Wodak & Meyer (eds) Methods of Critical Discourse Analysis, p. 8.

)[31]( Van Dijk, Teun A. (2011) “Discourse Knowledge Power and Politics: Towards Critical Epistemic Discourse Analysis”, In Christopher Hart (ed) Critical Discourse studies in Context and Cognition, Amsterdam: John Benjamins Publishing, p. 33.

([32]) Haidar, Julieta & Rodríguez, Lidia (2005) “Power and Ideology in Different Discursive Practices”, In Christina Schäffner & Anita L.Wenden (eds) Language and Peace, Amsterdam: Harwood Academic  Publishers, pp. 121-122.

([33]) Fairclough (1995) Critical Discourse Analysis: The Critical Study of Language, p. 73.

([34]) Torfing (2011) “Discourse”, In Dowding (ed) Encyclopedia of Power, p. 196.

([35]) Foucault (1982) “The Subject and Power”, Critical Inquiry 8(4), p. 783.

([36]) Enani, Mohammad (1996) Modern Literary Terms: A Study and A Dictionary English-Arabic. Beirut: Librairie du Liban. pp. 107-108.

([37]) Leezenberg, Michiel (2013) “Power in Speech Actions”, In Marina Sbisà & Ken Turner (eds) Pragmatics of Speech Actions, Berlin: De Gruyter Mouton, p. 290.

([38]) Haugaard, Mark & Clegg, Stewart R. (2009) “Introduction: Why Power is the Central Concept of the Social Science”, In Stewart R. Clegg & Mark Haugaard (eds) The Sage Handbook of Power, London: Sage Publications, p. 5.

([39]) Foucault, Michel (1980) Power/Knowledge: Selected Interviews and Other Writings 1972-1977. New York: Pantheon Books, p. 131.

)[40]( Gaventa, John & Cornwall, Andrea  (2008) “Power and Knowledge”, In Peter Reason & Hilary Bradbury (eds) The Sage Handbook of Action Research:Participative Inquiry and Practice, London: Sage Publications, pp. 173-175.

([41]) Mayr (2008) Language and Power: An Introduction to Institutional Discourse, p. 13.

([42]) Lukes, Steven (2005) Power: A Radical View. Houndmills: Palgrave Macmillan, pp. 25-40.

([43]) Haugaard, Mark (2010) “Reflections on Seven Ways of Creating Power”, In Stewart R. Clegg (ed) Sage Directions in Organization Studies, London: Sage Publications 4, p. 157.

)[44]( Waugh et al. (2016) “Critical Discourse Analysis: Definition Approaches Relation to Pragmatics Critique and Trends”, In Capone & Mey (eds) Interdisciplinary Studies in Pragmatics Culture and Society, p. 72.

)[45]( Van Dijk, Teun A. (2015) “Critical Discourse Analysis”, In Deborah Tannen, Heidi E. Hamilton & Deborah Schiffrin (eds) The Handbook of Discourse Analysis, Oxford: Wiley Blackwell 1, p. 466.

)[46]( Jørgensen & Phillips (2002) Discuorse Analysis as Theory and Method, p. 63.

)[47]( Torfing (2011) “Discourse”, In Dowding (ed) Encyclopedia of Power, p. 191.

)[48]( Waugh et al. (2016) “Critical Discourse Analysis: Definition Approaches Relation to Pragmatics Critique and Trends”, In Capone & Mey (eds) Interdisciplinary Studies in Pragmatics Culture and Society, p. 80.

)[49]( Fyke, Jeremy P. (2017) “Power in Language”, In Mike Allen (ed) The Sage Encyclopedia of Communication Research Methods, London: Sage Publications 3, p. 1316.

)[50]( Wodak & Meyer (2009) “Critical Discourse Analysis: History Agenda Theory and Methodology”, In Wodak & Meyer (eds) Methods of Critical Discourse Analysis, p. 1.

)[51]( Jørgensen & Phillips (2002) Discuorse Analysis as Theory and Method, p. 63.

)[52]( Fairclough, Norman (2013) Critical Discourse Analysis: The Critical Study of Language. London: Routledge, p. 7.

)[53]( Hung Ng, Sik (2011) “Language and Power”, In keith Dowding (ed) Encyclopedia of Power, London: Sage Publications, p. 372.

([54]) عمايرة، حنا إسماعيل (2012) “معاني الزيادة في الفعل الثلاثي في اللغة العربية: دراسة وصفية”، مجلة الجامعة الإسلامية للبحوث الإنسانية، م 20، ع 2،  ص 312.

)[55]( Van Dijk (2015) “Critical Discourse Analysis”, In Tannen; Hamilton; Schiffrin (eds) The Handbook of Discourse Analysis 1, p. 466.

)[56]( Foucault (1998) The History of Sexuality: An Introduction, 93.

)[57]( Wodak, Ruth (2002) “Aspects of Critical Discourse Analysis”, ZfAL 36, p. 10.

)[58]( Fairclough (1995) Critical Discourse Analysis: The Critical Study of Language, p. 2.

)[59]( Van Dijk (2009) “Critical Discourse Studies: A Sociocognitive Approach”, In Wodak & Meyer (eds) Methods of Critical Discourse Analysis, p. 64-65.

)[60]( Van Dijk, Teun A. (1993) “Principles of Critical Discourse Analysis”, Discourse and Society 4(2), p. 253.

[61])) ينظر الملحق في نهاية البحث للاطلاع على الخطاب.

)[62]( Hall, Edawrd T. (1959) The Silent Language. New York: Doubleday, pp. 165-190.

)[63]( Nye Jr., Joseph S. (2008) “Public Diplomacy and Soft Power”, AAPSS, 616(1), p. 95.

)[64]( Canovan, Margaret (2001) “Populism”, In Paul B. Clarke & Joe Foweraker (eds) Encyclopedia of Democratic Thought, London: Routledge, pp. 674-676.

)[65]( Engle, Randall W. (2002) “Working Memory Capacity as Executive Attention”, Current Directions in Psychological Science 11, p. 20.

)[66]( Kahneman, Daniel (2013) Thinking Fast and Slow. New York: Farrar Straus and Giroux, pp. 20-21.

)[67]( Scollon, Ron & Scollon, Suzanne W. (2001) Intercultural Communication: A Discourse Approach. Malden: Blackwell Publishers, p. 54.

)[68]( Scruton, Roger (2007) The Palgrave Macmillan Dictionary of Political Thought. New York: Palgrave Macmillan, p. 388.

)[69]( Enani (1996) Modern Literary Terms: A Study and A Dictionary English-Arabic. pp. 49-50.

)[70]( Van Dijk, Teun A. (1997) “What is Political Discourse Analysis?”, Belgian Journal of Linguistics 11(1), p. 37.

)[71]( Holyoak, Keith J. (2012) “Analogy and Relational Reasoning”, In Keith J. Holyoak and Robert G. Morrison (eds) The Oxford Handbook of Thinking and Reasoning, Oxford: Oxford University Press, p. 234.

)[72](                                                                                                                                                        Reyes, Antonio (2011) “Strategies of Legitimization in Political Discourse: From Words to Action”, Discourse and Society 22(6), pp. 785-787.

)[73]( Van Dijk, Teun A. (2011) “Discourse and Ideology”, In Teun A. Van Dijk (ed) Discourse Studies: A Multidisciplinary Introduction, London: Sage Publications, p. 396.

[74]) ) روبول، أوليفيي (2005) “التكييف الأيديولوجي للغة”، في محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي (اعداد وترجمة)، اللغة 5، سلسلة دفاتر فلسفية، الدار البيضاء، دار توبقال للنشر، ص 114.

)[75]( Fairclough, Isabela  & Fairclough, Norman (2011) “Practical Reasoning in Political Discourse: The UK Government’s Response to the Economic Crisis in the 2008 Pre-Budget Report”, Discourse and Society 22(3), p. 246.

)[76]( Giroux, Henry A. (2003) The Abandoned Generation: Democracy Beyond the Culture of Fear. New York: Palgrave Macmillan, p. 5.

)[77]( Martin, Judith N. & Nakyama, Thomas K. (2010) Intercultural Communication in Contexts. New York:  McGraw-Hill Education. pp. 133-146.

([78]) يبلغ عدد كلمات الخطاب المذكور زهاء أربعة آلاف، وقد أثبت فقط أنموذج عن سياسية الرئيس ترامب الداخلية والخارجية وموضوع كوريا الشمالية.

)[79](  https://sy.usembassy.gov/ar/كلمة الرئيس دونالد ترامب أمام الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة (Accessed  1 March 2021)

عدد الزوار:26

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى