القضاء والقدر وأثر الإيمان به في حياة الإنسان
القضاء والقدر وأثر الإيمان به في حياة الإنسان
Fate and destiny and the impact of belief in it on human life
وليد الحجيري
Walid abed algheni alhoujairy
تاريخ الاستلام 7/6/2024 تاريخ القبول 25/6/2024
ملخص
إن الإيمان بالقضاء والقدر مرتبط بالإيمان بالله. يجعل الإنسان يمضي في حياته على منهج سواء لا تبطره النعمة، ولا تيئسه المصيبة، من نتائجه يورث راحة البال، وطمأنينة النفس، واليقين، والتعلّق بالله، وصدق التوكّل عليه، والتوجّه إليه، فكل شيء بقضاء وقدرٍ مكتوب.
Abstract
Belief in fate and destiny is linked to belief in God. It guides a person to live a balanced life, neither becoming arrogant due to blessings nor despairing due to hardships. This belief results in peace of mind, tranquillity of the soul, certainty, reliance on God, and turning to Him, as everything is predestined and written
المقدمة
إنّ موضوع القضاء والقدر موضوع مهم، لأنّه يتعلّق بحياة الناس، فما من إنسان يعيش في هذه الحياة، ويسير في مناكبها على أي ديانة كان، وفي أيّ اتجاه اتّجه في حياته العملية أو العقدية أو غيرها؛ إلاّ وقضية القضاء والقدر تشغل باله في كل وقت. ومن ثم فإن الله تبارك وتعالى بيَّن لنا هذه المسألة في كتابه أتمّ بيان، كما أوضحها لنا رسوله صلّى الله عليه وسلّم على منهج صحيح. وأول ما يتبادر إلى الذهن حول أهمية القضاء والقدر أنّه من أركان الإيمان، ونحن نعلم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم حينما سُئل عن الإيمان أجاب بالأركان الستة، وختمها بالإيمان بالقدر خيره وشرّه. والله تبارك وتعالى أخبرنا في كتابه العزيز أنّه خَلَق كل شيء وقدّره، وأن كلّ ما يجري في هذا الكون فهو بتقديره تبارك وتعالى على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
مسألة القضاء والقدر من المسائل التي كثُرت فيها الانحرافات، وتعدّدت فيها أقوال الطوائف، فصار بيان الحق من الباطل فيها مهمًّا، لو نظرنا إلى ما قبل الإسلام مثلًا لوجدنا أن الفلاسفة والوثنيين بل ومشركي العرب كلّ منهم خاضوا في مسألة القضاء والقدر، حتى أنّ مسألة الاحتجاج بالقدر التي نسمعها إلى الآن. وبالاستناد إلى كتاب الله تعالى نجد أن المشركين قد احتجّوا بالقضاء والقدر على شركهم ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: 148] فربطوا شركهم بالقدر، واحتجّوا بالقدر على شركهم، ولا شك أن حجّتهم باطلة.
فجاءت رسالة الإسلام، ونزل القرآن العظيم على قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم، وفهم الصحابة العقيدة الفهم السليم؛ لأنّهم حضروا التنزيل، وشافهوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتلقّوا عنه، ثم جاء بعدهم من يتكلم بلا علم في قضايا العقيدة ومنها: قضية القضاء والقدر. ولقد حدثت انحرافات خطيرة جدًا في القرن الأول في أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم، واستمر الانحراف والتفرّق في موضوع القضاء والقدر، وظهرت الطوائف على حسب معتقداتها ومسلّماتها فنشأ انحراف خطير. وفي العصر الحاضر نجد أنّ الفلسفات المعاصرة كّلها تجعل قضية القضاء والقدر من قضاياها الأساسيّة، التي تبلور بها ومن خلالها مناهجها وفلسفاتها، فهناك أصحاب مبدأ الحتمية، والجبرية، وهناك أصحاب مذهب الحرية التامة، وهكذا… كل صورة في عصر من العصور نجد في السابق ما يشابهها، فلما كثُرت الاجتهادات في هذا الباب كان لزامًا بيان الحقّ في هذه المسألة، وبحثها وفق منهج القرآن الكريم على فهم منهج السلف رحمهم الله تعالى.
أهمية موضوع القضاء والقدر
من خلال ما تم ذكره تبين لنا شيء من شأن القدر وعظمه، وفيما يلي مزيد بيان لأهميته على النحو التالي:
ارتباط القضاء والقدر بالإيمان بالله: فالقدر قدرة الله والمؤمن به مؤمن بقدرة الله، والمكذّب به مكذّب بقدرة الله تعالى، ولارتباطه بحكمة الله تعالى وعلمه، ومشيئته، وخلقه.
كثرة ورود القضاء والقدر في أدلة الشرع: فنصوص الكتاب والسنّة حافلة ببيان حقيقة القدر، وتجلية أمره، وإيجاب الإيمان به، وهذا سيتضح في ثنايا البحث.
أن القضاء والقدر من الموضوعات الكبرى، التي خاض فيها جميع الناس على اختلاف طبقاتهم وأديانهم؛ والتي شغلت أذهان الفلاسفة، والمتكلمين، وأتباع الطوائف من أهل الملل وغيرهم.
ارتباط القضاء والقدر بحياة الناس وأحوالهم: فهو مرتبط بحياتهم اليومية وما فيها من أحداث وتقلبات ليس لهم في كثير منها إرادة أو تأثير.
ولو لم يكن هناك إلا مسألة الحياة والموت، وتفاوت الناس في الأعمال والمواهب، والغنى والفقر، والصحة والمرض، والهداية والإضلال لكان ذلك كافيًا في أن يفكر الإنسان في القضاء والقدر.
كون القضاء والقدر أعوصَ أبواب العقيدة: فمع أن باب القدر معلوم بالفطرة كما مرّ وأن نصوص الشّرع قد بيّنته غاية البيان، إلاّ أنه يظلّ أعوص أبواب العقيدة؛ فدقّة تفاصيله، وتشعُّب مسائله، وكثرة الخوض فيه، وتنوُّع الشُبهات المُثارة حوله؛ يوجِب صعوبة فهمه، وتعسُّر استيعابه. فلا غرو أن يحَار الناس بشأنه في القديم والحديث؛ فلقد سلك العقلاء في هذا الباب كلّ واد، وأخذوا في كل طريق، وتولّجوا كل مضيق، وقصدوا الوصول إلى معرفته، والوقوف على حقيقته؛ فلم يرجعوا بفائدة، ولم يعودوا بعائده، لأنهم التمسوا الهدى من غير مظانِّه، فتعبوا وأتعبوا، وحاروا وتحيَّروا، وضلُّوا وأضلُّوا.
تعريف القضاء والقدر والعلاقة بينهما
أولًا: تعريف القضاء والقدر لغةً واصطلاحًا
أ) القضاء في اللغة:
هو الحكم والحتم، وأصله القطع والفصل وقضاء الشيء وإحكامه والفراغ منه([1]).
وقال ابن فارس رحمه الله – في مادة (قضى): القاف، والضاد، والحرف المعتل – أصل صحيح يدل على إحكام أمر، وإتقانه، وإنفاذه لجهته. قال الله تعالى: )فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ( [فصلت: 12]؛ أي: أحكم خلقهن ([2]).
ب) القدر في اللغة:
القدر مصدر الفعل قَدِرَ يقْدر قدَرًا، وقد تسكّن دالُه([3]).
قال ابن فارس في مادة (قدر): قدر: القاف، والدال، والراء، أصل صحيح يدل على مبلغ الشيء وكنهه، ونهايته؛ فالقدْر مبلغ كل شيء، يقال: قَدْرُه كذا أي مبلغه، وكذلك القدَرُ، وقدَرْت الشيء أقدِره وأقدُره من التقدير([4]). والقدَر محركة: القضاء، والحكم، وهو ما يقدِّره الله عز وجل من القضاء، ويحكم به من الأمور.
والتقدير: التروية، والتفكير في التسوية أمر، والقَدَرُ كالقَدْر وجميعها جمعها: أقدار([5]) والفرق بين القدر والتقدير – كما يقول أبو هلال العسكري “أن التقدير يُستعمل في أفعال العباد ولا يُستعمل القدر إلا في أفعال الله عزّ وجلّ”([6]).
ثانيًا: القضاء والقدر اصطلاحًا
هناك من عرف القضاء أو القدر بعمومه من دون الإشارة إلى مراتبه أو أركانه وأمثال الجرجاني رحمه الله: عرف القضاء بقوله:
“عبارة عن الحكم الكلي الإلهي في أعيان الموجودات على ما هي عليه من الأحوال الجارية في الأزل إلى الأبد”([7])،وهذا التعريف صحيح، ولكن ينقصه الشمول، واستيعاب جميع الأفراد، وهي مراتب القدر الأربع”.
ويمكن أن يعرّف القضاء والقدر بأحد التعريفات التالية([8]):
- هو ما سبق به العلم، وجرى به القلم مما هو كائن إلى الأبد، وأنه – عزّ وجلّ – قدّر مقادير الخلائق، وما يكون من الأشياء قبل أن تقع في الأزل، وعلمه تعالى.
- ويمكن أن يعرّف القضاء والقدر تعريفًا مختصرًا فيقال: هو علم الله بالأشياء، وكتابته، ومشيئته، وخلقه لها”.
أ) إطلاق القضاء في القرآن الكريم:
يطلق لفظ القضاء في القرآن الكريم على إطلاقات عديدة منها([9]):
- الوصية والأمر: قال تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: 23] أمر وأوصى.
- الإخبار: قال تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ﴾ [الإسراء: 4]
- الفراغ: قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ﴾ [البقرة: 200]
قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: 103]
- الفعل: قال تعالى: ﴿فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ﴾ [طه: 72]
- الوجوب والحتم: قال تعالى: (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ) [يوسف: 41]
- الكتابة: قال تعالى: ﴿وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا﴾ [مريم: 21]
- الإتمام: قال تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ﴾ [القصص: 29]
وقال تعالى: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ﴾ [القصص: 28]
- الفصل: قال تعالى: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ﴾ [الزمر: 69]
- الخلق: قال تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فصلت: 12]
- القتل: قال تعالى: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ﴾ [القصص: 15]
ب) إطلاق القدر في القرآن الكريم:
يطلق القدر في القرآن على عدة إطلاقات منها([10]):
- التضييق: قال تعالى: ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾ [سورة الفجر: 16]
- التعظيم: قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: 91]
- الاستطاعة: قال تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ [سورة المائدة: 34]
- التدبير: قال تعالى: ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: 23]، أي دبَّرنا الأمور، أو أردنا وقوعها بحسب تدبيرنا.
- قال تعالى: ﴿وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ﴾ [سبأ: 18].
وقال تعالى: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ﴾ [فصلت: 10].
- الإرادة: قال تعالى: ﴿فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ [القمر: 12]، أريد وقوعه.
- القضاء والإحكام: قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ [الواقعة: 60] أي قضينا، وحكمنا.
- التمهل والتروّي في الإنجاز: قال تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ﴾ [المدثر: 18]، أي تمهَّل، وتروَّى، ليتبين ما يقوله في القرآن. وقال تعالى: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ [سبأ: 11] أي تمهل، وتروَّ في السرد؛ كي تحكمه.
- الصنع بمقادير معينة: قال تعالى: ﴿قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ [الإنسان: 16] ([11]).
ج) العلاقة بين القضاء والقدر:
وقع الخلاف في التعبير عن العلاقة بين القضاء والقدر في كلام السلف رحمهم الله، إذ تباينت أقوالهم في تحديد ذلك، و نجملها فيما يلي:
انقسم العلماء في ذلك إلى فريقين([12]):
- الفريق الأول: قالوا بأنّه لا فرق بين القضاء والقدر، فكل واحد منهما في معنى الآخر، فإذا أطلق التعريف على أحدهما شمل الآخر، ولذلك إذا أطلق القضاء وحده فسّر بالقدر، وكذلك القدر، فلا فرق بينهما في اللغة، كما أنّه لا دليل على التفريق بينهما في الشرع.
- الفريق الثاني: قالوا بالفرق بينهما، ولكن هؤلاء اختلفوا في التمييز بينهما على أقوال:
- القول الأول: رأي أبي حامد الغزالي، أن هناك بالنسبة لتدبير الله وخلقه ثلاثة أمور:
- الحكم: وهو التدبير الأول الكلي، والأمر الأزلي.
- القدر: وهو توجيه الأسباب الكلية بحركاتها المقدّرة المحسوبة إلى مسبباتها المعدودة المحدودة، بقدر معلوم لا يزيد ولا ينقص.
- القول الثاني: من فرق بينهما بأن القضاء: هو الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل، والقدر: الحكم بوقوع الجزيئات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل([13]).
- القول الثالث: أن القدر هو التقدير والقضاء هو التفصيل والتقطيع، فالقضاء أخص من القدر الذي هو كالأساس([14]).
- القول الرابع: ذكر بعض العلماء أن القدر بمنزلة المُعدّ للكيل، والقضاء بمنزلة الكيل، وهذا كما قال أبو عبيدة لعمر رضي الله عنه لما أراد الفرار من الطاعون بالشام: (أتفرّ من القضاء؟ قال: أفرّ من قضاء الله إلى قدر الله. وجاء بلفظ أفرار من قدر الله؟… قال عمر: نفر من قدر إلى الله إلى قدر الله([15]). تنبيهًا على أن القدر ما لم يكن قضاء فمرجو أن يدفعه الله، فإذا قضي فلا مدفع له. والاستشهاد بالحادثة ضعيف لأنها لم ترد بهذا اللفظ([16]).
- القول الخامس: قول الماتريدية، وقد فرقوا بينهما: بأن القضاء هو الخلق الراجع إلى التكوين، أي: الإيمان على وفق القدر السابق، والقدر هو ما يتعلق بعلم الله الأزلي، وذلك بجعل الشيء بالإرادة على مقدار محدَّد قبل وجوده([17]).
- القول السادس: قول الأشاعرة وجمهور أهل السنة:
- أن القضاء هو إرادة الله الأزلية المتعلقة بالأشياء على وفق ما توجد عليه في وجودها الحادث.
- والقدر إيجاد الله الأشياء على مقاديرها المحدّدة في كل ما يتعلق بها.
“هذه هي أهم الأقوال في الفرق بين القضاء والقدر، ونخلص منها إلى ما يلي:
- الذين فرّقوا بينهما ليس لهم دليل واضح من الكتاب والسُنّة يفصل في القضية.
- عند إطلاق أحدهما يشمل الآخر. وهذا يوحي بأنّه لا فرق بينهما في الاصطلاح ولذا فالراجح أنّه لا فرق بينهما.
- ولا فائدة من هذا الخلاف، وعلى هذا فيكون التعريف السابق للقضاء والقدر شرعًا هو الراجح”([18]).
أدلة الإيمان بالقضاء والقدر
أولًا: الأدلة من القرآن الكريم
وردت آيات في كتاب الله تعالى تدل على أنّ الأمور تجري بقدر الله تعالى، وعلى أنّ الله تعالى علّم الأشياء وقدّرها في الأزل، وأنّها ستقع على وفق ما قدّره الله سبحانه وتعالى، ومن هذه الآيات:
قوله تعالى: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾ [الأحزاب: 38]
ومعنى هذه الآية: أن الله – عزّ وجلّ – قدَّر أن يخلق خلقًا، ويأمرهم وينهاهم، ويجعل ثوابًا لأهل طاعته، وعقابًا لأهل معصيته، فلمّا قدَّره كتب ذلك وغيَّبه، فسمّاه الغيب وأمّ الكتاب، وخلق الخلق على ذلك الكتاب: أرزاقهم، وآجالهم، وأعمالهم، وما يصيبهم من الأشياء من الرخاء والشدّة، فكان أمر الله الذي مضى، وفرغ منه، وخلق الخلق عليه قدرًا مقدورًا([19]).
قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: 49]
ومعنى الآية: أن الله سبحانه قدّر الأشياء، أي علم مقاديرها وأحوالها، وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد منها ما سبق في علمه، فلا يحدث حدث في العالم العلوي والسفلي إلا وهو صادر عن علمه – تعالى – وقدرته وإرادته([20]).
قوله تعالى: ﴿إِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ [الحجر: 2].
وهذا عام في كل شيء وذهب قوم من المفسرين إلى أن المراد به المطر خاصة([21]).
وقوله تعالى: (إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ) [المرسلات: [21]
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ﴾ [طه: 40]. أي أنه جاء موافقًا لقدر الله – تعالى – وإرادته على غير ميعاد.
قوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: 2]
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ﴾ [الأعلى: 3]
قوله تعالى: ﴿لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا﴾ [الأنفال: 53]
قوله تعالى:﴿وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾[الإسراء: 4]
فهذه الآيات تفيد الإخبار عن قدر الله الشامل لكل شيء، وأخبار القرآن مقطوع بها.
· ثانيًا: الأدلة من السنّة
لقد تظافرت الأدلة من السُنّة المطهّرة على الإيمان بالقضاء والقدر، ومنها:
- جاء في حديث جبريل عليه السلام للنبي عليه الصلاة والسلام: “وتؤمن بالقدر خيره وشره“([22]).
- وحديث جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله: “لا يؤمن عبدٌ حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه“([23]).
- عن طاووس قال: أدركت ناسًا من أصحاب رسول الله يقولون: “كل شيء بقدر، قال: وسمعت عبد الله بن عمر يقول: كل شيء بقدر حتى العجز والكيْس، أو الكيس والعجز“([24]).
- وقال عليه الصلاة والسلام: “وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّرَ الله وما شاء فعل“([25]).
أ- الإجماع:
فقد أجمع المسلمون على وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره من الله، قال النووي: “وقد تظاهرت الأدلة القطعيات من الكتاب، والسُنّة، وإجماع الصحابة، وأهل الحلّ والعقد من السلف والخلف – على إثبات قدر الله – سبحانه وتعالى”([26]).
وقال ابن حجر: “ومذهب السلف قاطبة أن الأمور كلها بتقدير الله تعالى”([27]).
ب- دلالة الفطرة:
الإيمان بالقدر يتضمن – كما مرَّ – علم الله بالأشياء، وكتابته لها، ومشيئته، وخلقه. وهذه الأمور معلومة بالفطرة، وكذلك فإنّ الإيمان بالقدر معلوم بالفطرة قديمًا وحديثًا، ولم يُنكره إلا الشواذّ المشركون من الأمم، ولم يقع الخطأ في نفي القدر وإنكاره، وإنّما وقع في فهمه على الوجه الصحيح؛ ولهذا([28]) قال سبحانه وتعالى عن المشركين ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: 148].
فهم أثبتوا المشيئة لله، لكنهم احتجوا بها على الشرك، ثم بيَّن – سبحانه وتعالى – أن هذا هو شأنُ من كان قبلهم، فقال: ﴿كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [الأنعام: 148]
وكانت العرب في الجاهلية تعرف القدر ولا تنكره، ولم يكن هناك من يرى أنّ الأمر مستأنف. وهذا ما نجده مبثوثًا في أشعارهم كما مرّ في المقدمة، وكما في قول عنترة([29]):
إن كان ربي في السماء قضاها يا عبلُ أين من المنية مهربي
كما نجد ذلك – أيضًا – في خطبهم، كما في قول هانئ بن مسعود الشيباني في خطبته المشهورة في يوم ذي قار: إنَّ الحذر لا يُنجي من القدر([30]).
ج- دلالة العقل:
أما دلالة العقل فهي: أنّ العقل الصحيح يقطع بأنّ الله هو خالق هذا الكون، ومدبّره، ومالكه، ولا يمكن أن يوجد على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين الأسباب والمسبّبات هكذا صدفة؛ إذ الموجود صدفة ليس له نظام في أصل وجوده، فكيف يكون منتظمًا حال بقائه وتطوره؟ فإذا تقرر عقلًا أنّ الله هو الخالق لزم ألا يقع شيء في ملكه إلا ما قد شاءه وقدَّره([31]).
ومما يدل على هذا التقرير قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: 13]، ثم إن تفاصيل القدر لا ينكرها العقل، بل هي مما يتّفق معه تمام الاتفاق.
د- دلالة الحسّ:
نحن نشاهد ونسمع، ونقرأ أن النّاس تستقيم أمورهم بالإيمان بالقضاء والقدر، وسيمرّ شيء من ذلك عند الحديث عن ثمرات الإيمان بالقدر، فالمؤمنون به على الوجه الصحيح هم أسعد الناس، وأصبرهم، وأشجعهم، وأكرمهم، وأكملهم، وأعقلهم([32]).
مراتب القدر وأقسامه
أولًا: مراتب القدر
القدر يقوم على أربعة أركان أو مراتب هي: العلم، والكتابة والمشيئة والخلق([33]) وقد نظّمها بعضهم بقوله:
وخَلْقُهُ وهو إيجادٌ وتكوينُ عِلْمٌ كِتابةُ مولانا مشيئَتُهُ
– المرتبة الأولى: العلم
وهو الإيمان بأنّ الله عالم بكلّ شيء جملة وتفصيلًا، أزلًا، وأبدًا، سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله، أو بأفعال عباده؛ فعلمه محيط بما كان، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون. وهذه المرتبة – وهي العلم السابق – اتفق عليها الرسل من أولهم إلى آخرهم، واتفق عليها جميع الصحابة، ومن تَبِعهم من هذه الأمة، وخالفهم مجوسُ هذه الأمة – القدرية الغلاة.
ثانيًا: ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر
ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر كثيرة منها:
- الثمرات الإيمانية العقدية:
للإيمان بالقدر ثمرات إيمانية وعقدية تعود إلى إيمان العبد بالزيادة، وعلى عقيدته بالثبات، ومن ذلك:
- أداء عبادة الله – عزّ وجلّ -: فالإيمان بالقدر ممّا تعَبَّدنا الله به، وكمال المخلوق في تحقيقه العبودية لربه، وكلّما ازداد تحقيقًا للعبودية ازداد كمالُه، وعلَت درجتُه، وكان كل ما يجري عليه مما يكرهه خيرًا له، وحصل له من جرَّاء ذلك الإيمان عبوديّاتٌ كثيرة، سيأتي ذكرٌ لشيء منها([34]).
- الخلاص من الشرك: فالمجوس زعموا أن النورَ خالقُ الخيرِ، والظلمةَ خالقةُ الشرِّ، والقدرية قالوا: إن الله لم يخلق أفعال العباد، بل العباد يخلقون أفعالهم، فأثبتوا خالِقينَ مع الله – جلّ وعلا – وهذا الضَّلال شركٌ، والإيمان بالقدر على الوجه الصحيح توحيد لله – عزّ وجلّ – وهذا يبعثه إلى إفراد الله بالعبادة وحده دون سواه، فلا يتقرَّب لغير الله، ولا يتمسَّح بأتربة القبور وعتبات الصالحين([35]).
- حصول الهداية وزيادة الإيمان: فالمؤمن بالقدر على الوجه الصحيح يتحقّق توحيده، ويزيد إيمانه، ويسير على هُدى من ربه؛ ذلك أن الإيمان بالقدر من الاهتداء، والله – عزّ وجلّ – يقول: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: 17] ويقول: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [التغابن: 11].
- الإخلاص: فالإيمان بالقدر يحمل صاحبه على الإخلاص، فيكون الباعث له في جميع أعماله امتثال أمر الله([36]). فإذا أيقن العبد أن هذه الأمور لا تُنال إلا بتقدير الله – عزّ وجلّ – وأنّ الناس ليس لهم من الأمر شيء في أنفسهم ولا في غيرهم، لم يعد يبالي بالناس، ولم يَسْعَ إلى إرضائهم بسخط الله، فينقاد إلى إيثار الحق على الخلق، وإلى الإخلاص والتفريد، بعيدًا عن كل رياء وتنديد. ومن هنا ينال فضيلة الإخلاص وأكرم بها من فضيلة؛ فالإخلاص يرفع شأن الأعمال حتى تكون مراقيَ للفلاح، وهو الذي يحمل الإنسان على مواصلة عمل الخير، وهو الذي يجعل في عزم الرجال متانة، ويربط على قلبه، فيمضي حتى يبلغ الغاية.
- صحة التوكّل وتمامه: فالتوكل على الله هو لُبُّ العبادة، ولا يصحّ التوكّل ولا يستقيم إلا لمن آمن بالقَدَر على الوجه الصحيح([37]).
- الخوف من الله: فالمؤمن بالقَدر تجده دائمًا على خوف من الله، وعلى حذر من سوء الخاتمة؛ إذ لا يدري ما يُفعل به، ولا يأمن مكر الله.
- قوة الرجاء وإحسان الظن بالله: فالمؤمن بالقدر حَسَنُ الظن بالله، قويُّ الرجاء به؛ لعلمه بأن الله لا يقضي قضاءً إلا وفيه تمام العدل والرحمة والحكمة([38]).
- الرضا: فالمؤمن بالقدر قد تسمو به الحال، فَيَصِلُ إلى منزلة الرضا، فمن رضي عن الله رضي الله عنه، بل إنّ رضا العبد عن الله من نتائج رضا الله عنه؛ فهو محفوف بنوعين من رضاه عن عبده: رضًا قبله أوجب له أن يرضى عنه، ورضًا بعده هو ثمرة رضاه عنه.
- الشكر: فالمؤمن بالقدر يعلم أنّ ما به من نعمة فهي من الله وحده، وأن الله هو الدافع لكل مكروه ونقمة، فيبعثه ذلك على إفراد الله بالشكر؛ فإذا نزل به ما يحب شكر الله عليه؛ إذ هو المنعم المتفضل، وإذا نزل به ما يكرهه شكر الله على ما قدَّره عليه.
- الفرح: فالمؤمن بالقدر يفرح بهذا الإيمان الذي حُرِم منه أكثر الخلق. قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58]. ثم إنّ المؤمن بالقدر قد يرتقي به الحال من الرضا بقضاء الله والشّكر له فيما يقدّره حتى يصل إلى منزلة الفرح، فيفرح بكل ما يقدره الله ويقضيه عليه.
- العلم بحكمة الله – عزّ وجلّ -: فالإيمان بالقدر على وجه الحقيقة يكشف للإنسان حكمة الله – عزّ وجلّ – فيما يُقدّره من خير أو شر، فيعلم أن وراء تفكيره، وتخيُّلاته من هو أعظم وأعلم، وأحكم.
- تحرير العقول من الخرافات والأباطيل: فمن بديهيات الإيمان بالقدر الإيمان بأن ما جرى وما يجري، وما سيجري في هذا الكون إنّما هو بقدر الله – عزّ وجلّ – وأنّ قدر الله سرّ مكتوم، لا يعلمه إلا هو، ولا يُطلع عليه أحدًا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا([39]).
- الثمرات الأخلاقية:
للإيمان بالقدر ثمرات أخلاقية تعود على المؤمن به بحسن الخلق، وطيب النفس، وحسن المعشر، ومن تلك الثمرات ما يلي:
- الصبر: فالإيمان بالقدر يُثمر لصاحبه عبودية الصبر على الأقدار المؤلمة، والصبرُ من جميل الخلال، ومن محمود الخصال، له فوائده الجمّة، وعوائده الكريمة، وله عواقبه الجميلة، وآثاره الحميدة. وكل واحد من النّاس لا بدّ له من الصبر على بعض ما يكره، إما اختيارًا وإما اضطرارًا؛ فالكريم يصبر اختيارًا؛ لعلمه بحسن عاقبة الصبر، وأنّه يُحمد عليه، ويُذم على الجزع، وأنّه إن لم يصبر لم يردَّ عليه الجزع فائتًا، ولم ينتزع منه مكروهًا؛ فمن لم يصبر صبر الكرام سلا سلوَّ البهائم([40]).
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: “وجدنا خير عيشنا بالصبر”([41]).
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: “الصبر مطيّة لا تكبو”([42]).
وقال الحسن: “الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده”([43]).
- التواضع: الإيمان بالقدر يحمل صاحبه على التواضع مهما أوتي من مال، أو جاه، أو علم، أو شهرة، أو نحو ذلك؛ لعلمه بأنّ ما أوتيه إّنما هو بقدر الله، وأنّه – عزّ وجلّ – لو شاء لانتزعه منه. ومن هنا يتواضع لله – عزّ وجلّ – ويتواضع لبني جنسه، وينئ بنفسه عن الكبر والخيلاء([44]).
- الكرم والسخاء: ذلك أن المؤمن بالقدر يعلم علم اليقين بأنّ الله هو الرزّاق، وهو الذي قسَّم بين الخلق معيشتهم؛ فكلٌّ له نصيبه، ولن تموت نفسٌ حتى تَستوفي رزقها وأجلها، ولن يفتقر أحد إلا بقدر الله – عزّ وجلّ -.
- الشجاعة والإقدام وإطراح الخور والجبن: الإيمان بالقدر يملأ قلب صاحبه شجاعةً وإقدامًا، ويُفرِغهُ من كل خورٍ وجُبن؛ لأن المؤمن بالقدر يعلم أنّه لن يموت قبل يومه، ولن يصيبه إلا ما كُتب له، وأنّ الأمة لو اجتمعوا على أن يضرّوه لن يضرّوه إلا بشيء قد كتبه الله له. ومما يُنسَب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله([45]):
أَي يَومَيَّ مِنَ المَوتَ أَفِر يَومَ لا يَقدِرُ أَو يَومَ قَدِر
يَومَ ما قُدِّرَ لا أَرهَبُهُ وَإِذا قَدِّرَ لا يُنجي الحَذَر
- عُلوّ الهِمّة: فعلوّ الهمّة يعني استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور، ودنو الهمّة بالعكس من ذلك؛ فهو إيثار الدّعة، والرضا بالدُّون، والقعود عن معالي الأمور.
- الحزم والجدّ في الأمور: فالمؤمن بالقدر حازم في أموره، مُنتهز للفرص التي تمرّ به، حريصٌ على كل خير ديني أو دنيوي؛ إذ الإيمان بالقدر يدعو إلى ذلك؛ فلم يكن داعية إلى البطالة، والإقلال من العمل البتّة.
- السلامة من الحسد والاعتراض: فالإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تفتك بالمجتمعات، وتزرع الأحقاد بينها، وذلك مثل رذيلة الحسد؛ فالمؤمن بالقدر لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله؛ لإيمانه بأنّ الله هو الذي رزقهم، وقدَّر لهم أرزاقهم، فأعطى من شاء، ومنع من شاء ابتلاءً، وامتحانًا، وأنه حين يحسد غيره إنّما يعترض على قدر الله. فإذا آمن بالقدر سَلِمَ من الحسد، وسَلِمَ من الاعتراض على أحكام الله الشرعية، وأقداره الكونية، وسَلَّم لله في جميع أموره([46]).
- الثمرات النفسية:
ثمّة ثمرات نفسية جميلة في حال الإيمان بالقضاء والقدر، تعود على صاحبها بالراحة، والطمأنينة والسَكينة، وتُضفي عليه أمنًا، وهدوء بال، ومن ذلك ما يلي([47]):
- محاربة اليأس: فالذي لا يؤمِن بالقدر يصيبه اليأس، ويدِبُّ إلى روعه القنوط؛ فإذا أُصيب ببليّة ظنّ أنّها قاصمة ظهره، وإذا نزلت به نازلة حَسِب أنّها ضربة لازم لن تبارحه. سيستمر، وأنّ الحق سيضمحل؛ فاليأس سمٌّ قاتل، وسجن مظلم، يُعَبِّسُ الوجه، ويَصدُّ النفس عن الخير، ولا يزال الإنسان حتى يُهلكه، أو يُنغِّص عليه حياته. وأما المؤمن بالقدر فلا يعرف اليأس، ولا تراه إلا متفائلًا في جميع أحواله، منتظرًا الفرج من ربّه، عالمًا بأنّ النصر مع الصبر، وأنّ مع العُسر يُسرًا.
- قوة الاحتمال: فالمؤمنون بالقدر حقًا هم أقوى الناس نفوسًا، وأكثرهم احتمالًا، وأقلّهم جزعًا. ولذلك يكثر الانتحار في البلاد التي لا يؤمن أهلها بالقضاء والقدر، كأمريكا والسويد، والنرويج، وغيرها، بل لقد وصل الأمر ببعض البلاد إلى فتح مستشفيات للانتحار!
- القناعة وعزَّة النفس: فالمؤمن بالقدر يعلم بأنّ رزقه مكتوب، وأنّه لن يموت حتى يستوفيه، وأنّ الرزق لا يجلبه حرص حريص، ولا يمنعه حَسَدُ حاسدٍ، وأنّ الخلق مهما حاولوا إيصال الرزق إليه، أو منعه عنه فلن يستطيعوا إلا بشيء قد كتبه الله له. ومن هنا ينبعث إلى القناعة بما أوتي، وإلى عزة النفس والإجمال في الطلب، وإلى التحرّر من رق الخلق ومنَّتِهم.
- الاعتدال حال السراء والضراء: فالإيمان بالقدر يحمل على الاعتدال في سائر الأحوال؛ ذلك أنّ الإنسان في هذه الحياة الدنيا يتقلَّب في أحوال عديدة؛ فقد يُبتلى بالفقر، وقد ينال نصيبًا وافرًا من الدنيا، وقد يَنعم بالصحة، وقد يُبتلى بالأمراض، وقد ينال ولايةً وشهرةً وبُعْدَ صيتٍ، وقد يعقب ذلك عزلٌ، وذلٌّ، وخمولُ ذكرٍ. ولهذه الأمور وأمثالها أثرٌ على النفس؛ فالفقر قد يقود إلى الذلّة والخنوع، والغنى قد تتغيّر به أخلاق اللئيم بطرًا، وتسوء طرائقه أشرًا. والمرض قد يتغيّر به الطّبع، فلا تبقى الأخلاق على اعتدال، ولا يقدر معه المرء على احتمال. وكذا الولاية قد تحدث في الأخلاق تغيُّرًا، وعلى الخُلطاء تنكُّرًا، إما من لؤم طبعٍ، وإما من ضيق صدر. وفي مقابل ذلك العزلُ، فقد يسوء به الخلق، ويضيق به الصدر؛ إما لشدة أسف، أو لقلّة صبر. وهكذا لا تستقيم الأحوال على حدّ الاعتدال؛ لأنّ في العباد قصورًا، وجهلًا، وضعفًا، ونقصًا. إلا من آمن بالقدر حقيقة؛ فلا تبطره النعمة، ولا تُقَنِّطه المصيبة؛ فلا تطيش به الولاية في زهوٍ، ولا ينزل به العزل في حسرة، ولا يحمله الغنى على الأشر والبطر، ولا ينحطّ به الفقر إلى الذلّة والخضوع. فالمؤمنون بالقدر يتلقّون المسارَّ والمجابَّ بقبول لها، وشُكر لله عليها، واستعانة بها على أمور الدِّين والدنيا، فيحصل لهم من جرَّاء ذلك من الخيرات والبركات ما تتضاعف به مسرَّاتهم. ويتلقّون المكاره بالرضا، والاحتساب، والتحمُّل، والمقاومة لِمَا يمكنهم مقاومته، وتخفيف ما يمكنهم تخفيفُه، وبالصبر الجميل لما لا بدّ لهم منه، فيحصل لهم بسبب ذلك خيرات عظيمة تضمحل معها المكاره، وتحلّ محلّها المسار والآمال الطيبة([48]).
- سكون القلب وطمأنينة النفس، وراحة البال: فهذه الأمور من ثمرات الإيمان بالقدر، وهي داخلة في كثير مما مضى ذكره من الثمرات، وهي مطلبٌ مُلِحّ، وهدف منشود، وغاية مُبْتَغاةٌ؛ فكل من في الأرض يبتغيها، ويبحث عنها، ويسعى لها سعيها، ولكن كما قيل([49]):
غير أن الشباك مختلفاتُ كل من في الوجود يطلب صيدًا
فلا يُدرك هذه الأمور، ولا يجد حلاوتها، ولا يعلم ثمراتها، إلاّ من آمن بالله وقضائه وقدره؛ فالمؤمن بالقدر ساكن القلب، مطمئن النفس، مرتاح البال، لا يفكر كثيرًا في احتمال الشر، ثم إن وقع لم يطِرْ له قلبه شعاعًا، بل يتحمّل ذلك بثبات وصبر؛ إن مرض لم يضاعف مرضه بوهمه، وإن نزل به مكروه قابله بجأش رابط فخفّف حدّته؛ فمن الحكمة ألا يجمع الإنسان على نفسه بين الألم بتوقّع الشر، والألم بحصول الشر. بل يُسعد ما دامت أسباب الحزن بعيدة عنه، فإذا حدثت قابلها بشجاعة واعتدال. وإنك لتجد عند خواصِّ المسلمين من العلماء العاملين، والعباد القانتين المتبعين من سكون القلب وطمأنينة النفس ما لا يخطر ببال، ولا يدور حول ما يشبهه خيال؛ فلهم في ذلك الشأن القِدْحُ المعلى، والنصيب الأوفى([50]).
علاقة القضاء والقدر بالشرع وواقع الناس
منهج أهل السُنّة والجماعة التسليم لله تعالى فيما شرّعه من أحكام، والإيمان بقدره السابق، فإنّ الإيمان بالقدر مرتبط بامتثال الشرع، وامتثال الشرع مرتبط بالإيمان بالقدر، وانفكاك أحدها من الآخر محال، وأنّه لا تعارض بين الشرع والقدر، وأن الأمة الإسلامية مأمورة بالإيمان بالقضاء والقدر والتصديق به، وكل من الناس لا يعلمه إلا بعد وقوعه، وهي مأمورة في مستقبل أمرها باتباع شرع الله سبحانه وتعالى. ثمّة بعض الطوائف غلّبت القضاء والقدر على حساب الشّرع فنشأت الجبرية الذين يقولون كل شيء مقدّر، ويجب أن نستسلم لهذا الأمر المقدّر، حتى إن بعضهم إذا رأى غلبة الكفار رضي بذلك وسلّم، وإذا رأى غلبة المسلمين رضي بذلك وسلّم من دون أن يُفرّق بين الحالين، وهي نوع من الجبر. وقسم ثانٍ من الناس رأى أهمية الشرع فغلّب جانب الشرع وطاعة الله على حساب القضاء والقدر فأنكر قدر الله، وسننه الكونية، من أنّها ماضية ويجب الأخذ بها وجعلها في الاعتبار. فإذا نظرنا إلى واقع الأمة الإسلامية فنجد أنّ الله سبحانه وتعالى أمرنا بالتمسك بهذا الدِّين، أمرنا بالدعوة إلى الله، أمرنا بجهاد الكفار حين يكون عندنا قدرة على ذلك وأمرنا بإزالة الضعف في أحوال الأمة الإسلامية. ويجب أن نعلم علم اليقين أنّ تغيير هذا الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية ممكن، وأنّ وسائله واضحة – والحمد لله – مثل الشمس، ويبقى علينا العمل، وألّا نقع في أنواعٍ من الخلل([51]).
فالإيمان بالقدر “خيره وشرّه” هو نظام التوحيد كما أنّ الإتيان بالأسباب التي توصل إلى خيره وتحجز عن شرّه واستعانة الله عليهما “هو نظام الشرع”، ولا ينتظم أمر الدين ولا يستقيم إلا لمن آمن بالقدر وامتثل بالشرع، فمن نفى القدر وزعم منافاته للشرع فقد عطّل الله عن علمه وقدرته ومعاني ربوبيته، وجعل العبد مستقلًا بأفعاله، خالقًا لها فأثبت خالقًا آخر مع الله.
الخاتمة
من خلال هذه الدراسة يتبيّن لنا شيء من شأن القدر على النحو التالي:
- ارتباطه بالإيمان بالله، فالقدر قدرة الله، والمؤمن به مؤمن بقدرة الله، والمكذّب به مكذّب بقدرة الله – عزّ وجلّ -، ثم إنه مرتبط بحكمة الله – عزّ وجلّ – وعلمه ومشيئته، وخلقه.
- كثرة وروده في أدلّة الشرع، فنصوص الكتاب والسُنّة حافلة ببيان حقيقة القدر، وتجلية أمره، وإيجاب الإيمان به.
- أنه من الموضوعات الكبرى التي خاض فيها جميع الناس على اختلاف طبقاتهم وأديانهم؛ والتي شغلت أذهان الفلاسفة، والمتكلّمين، وأتباع الطوائف من أهل الملل وغيرهم.
- ارتباط القدر بحياة الناس وأحوالهم، فهو مرتبط بحياتهم اليومية وما فيها من أحداث وتقلّبات ليس لهم في كثير منها إرادة أو تاثير.
ولو لم يكن هناك إلا مسألة الحياة والموت، وتفاوت الناس في الأعمال والمواهب، والغنى والفقر، والصحة والمرض، والهداية والإضلال، لكان ذلك كافيًا في أن يفكّر الإنسان في القدر.
- كونه أعوصَ أبواب العقيدة، فمع أن باب القدر معلوم بالفطرة – كما مر – وأنّ نصوص الشرع قد بيّنته غاية البيان إلا أنه يظلّ أعوص أبواب العقيدة.
ومن التوصيات التي أوصي بها في نهاية هذا البحث، الاهتمام بهذا الموضوع من خلال الكتابة العميقة في موضوع القدر وبيانه حقّ البيان، وتحليل ومناقشة الشُبهات التي تتعلّق به.
المصادر والمراجع
1- القرآن الكريم.
- ابن الأثير. النهاية في غريب الحديث. بيروت، المكتبة العلمية، تحقيق طاهر أحمد الزاوي – محمود محمد الطناحي.
- ابن تيمية. الفتاوى الكبرى. القاهرة، دار الريان للتراث، ط1، 1408هـ- 1988م، تحقيق محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا.
- ابن سعدي،عبد الرحمن. الرياض الناضرة والحدائق الزاهرة في العقائد والفنون المتنوعة الفاخرة. القاهرة، مؤسسة قرطبة.لاط، لات.
- ابن القيم. شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل. القاهرة، مكتبة دار التراث، تحرير الحساني حسن عبد الله.
- ابن القيم. عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين. بيروت، دار الكتاب العربي، 1408هـ- 1988م، تحقيق محمد عثمان الخشن.
- ابن القيم. مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين. الرياض، توزيع دار النفائس، ط1، 1410هـ- 1990م، تحقيق المعتصم بالله البغدادي.
- ابن منظور. لسان العرب. بيروت، دار صادر، ط3، 1414هـ – 1994م.
- أبي هلال العسكري. الفروق اللغوية، مصر، القاهرة، دار العلم، تحقيق محمد إبراهيم سليم.
- الرازي، أحمد بن فارس بن زكريا القزويني. معجم مقاييس اللغة. دمشق، دار الفكر، تحقيق عبد السلام محمد هارون، 1399هـ – 1979م.
- الأشقر، عمر سليمان. القضاء والقدر. الأردن، دار النفائس، ط13، 1425ه- 2005م.
- الأصفهاني. مفردات القرآن. بيروت، دار الفكر،ط1، 1392هـ، تحقيق: نديم مرعشلي.
- الأصفهاني. المفردات في غريب القرآن.دمشق، دار القلم، لاط، 1429ه-2009م.
- إمام، أنفال بنت يحيى. موقف الرازي من القضاء والقدر في التفسير الكبير. دراسة نقدية في ضوء عقيدة أهل السُنّة والجماعة، إشراف أ. د. يحيى بن محمد ربيع، السعودية، جامعة أم القرى،1431ه- 2011م.
- الجوزي، جمال الدين. زاد الميسر في علم التفسير. المكتب الإسلامي، ط4، 1407-1987.
- خان، محمد صديق. فتح البيان في مقاصد القرآن. القاهرة، مطبعة العاصمة، د.ت.
- الخلف، محمد إبراهيم. الإيمان بالقضاء والقدر. السعودية، جامعة أم القرى، 1429ه- 2008م.
- الطبري، محمد بن جرير. جامع البيان في تأويل القرآن. بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1، 1420هـ – 2000م، تحقيق أحمد محمد شاكر.
- ديوان الإمام علي. بيروت، دار الكتب العلمية، تحقيق: نعيم زرزور.
- ديوان عنتر، بيروت، دار بيروت، 1398هـ – 1979م.
- الشهرستاني، أبي الفتح محمد بن عبد الكريم. الملل والنحل. بيروت، دار المعرفة، تحقيق محمد سيد كيلاني.
- صفوت.أحمد زكي. جمهرة خطب العرب.مصر، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط1، 1381 ه – 1962م.
- العسقلاني، ابن حجر. فتح الباري في شرح صحيح البخاري.
- عواد المعتق، مبحث وسطية أهل السنة في القدر. مجلة البحوث. عدد34.
- محمود، عبد الرحمن. القضاء والقدر في صور الكتاب والسنّة ومذاهب الناس فيه، ط2، 1418ه – 1998م.
- المالكي، محمد بن عبد الله. أحكام القرآن. بيروت، دار الكتب العلمية، ط3، 1424هـ-2003م.
- الميداني، عبد الرحمن حبنكة. العقيدة الإسلامية وأسسها. دمشق،ط1، 1385هـ – 1966م.
- النووي، محيي الدين يحيى بن شرف. المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج. بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط2، 1392هـ – 1972م.
[1] – محمد بن مكرم بن علي، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور (المتوفى: 711هـ)، لسان العرب، ط/3، بيروت، دار صادر، 1414هـ، ص(15/186).
[2] – أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395) تح/عبد السلام محمد هارون، معجم مقاييس اللغة، دمشق، دار الفكر، 1399هـ – 1979م، ص(5/99).
[3] – ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري (المتوفى: 606 هـ)، النهاية في غريب الحديث، ت: طاهر أحمد الزاوي – محمود محمد الطناحي، بيروت، المكتبة العلمية، ص(4/23).
[4] – انظر: ابن منظور، لسان العرب، ص(5/72).
[5] – الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى، المعروف بأبي هلال العسكري.
[6] – أبي هلال العسكري، الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)، الفروق اللغوية، تح/محمد إبراهيم سليم، مصر، القاهرة، دار العلم، ص(1/191).
[7] – الأزل: هو الشيء الذي لا بداية له. والأبد: هو الشيء الذي لا نهاية له.
[8] – عمر سليمان الأشقر، القضاء والقدر، الأردن، دار النفائس، ط13، 2005، ص21.
[9] – أنفال بنت يحيى إمام، موقف الرازي من القضاء والقدر في التفسير الكبير، دراسة نقدية في ضوء عقيدة أهل السُنّة والجماعة، إشراف أ. د. يحيى بن محمد ربيع، السعودية، جامعة أم القرى، 2011، ص129.
[10] – محمد إبراهيم الخلف، الإيمان بالقضاء والقدر، السعودية، جامعة أم القرى، 2008، ص32.
[11] – انظر: محمد إبراهيم الخلف، الإيمان بالقضاء والقدر، ص33.
[12] – محمد إبراهيم الخلف، الإيمان بالقضاء والقدر، ص32.
[13] – انظر: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ص477.
[14] – أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (المتوفى: 502)، مفردات القرآن، تحقيق: نديم مرعشلي، ط1، بيروت، دار الفكر، 1392هـ، ص422.
[15] – رواه البخاري في كتاب (الطب) باب (ما يذكر في الطاعون): برقم (5729)، ومسلم (2219).
[16] – أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (المتوفى: 502)، المفردات في غريب القرآن، تحقيق صفوان عدنان الداودي، دمشق، دار القلم، 2009، ص422.
[17] – عبد الرحمن حبنكة الميداني، العقيدة الإسلامية وأسسها، ط/1، دمشق، 1385هـ – 1966م، ص(2/414).
[18] – محمد صديق خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، القاهرة، مطبعة العاصمة، د.ت، ص(7/375).
[19] – محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب المشهور بأبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، جامع البيان في تأويل القرآن، تح: أحمد محمد شاكر، ط1، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1420هـ – 2000م، ص(20/276).
[20] – محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الإشبيلي المالكي (المتوفى: 543هـ)، أحكام القرآن، ط/3، بيروت، دار الكتب العلمية، 1424هـ-2003م، ص(17/148).
[21] – أبي الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، زاد الميسر في علم التفسير، ط4، المكتب الإسلامي، 1407-1987، ص(2/529).
[22] – رواه مسلم، كتاب (الإيمان): باب (الإيمان ما هو وبيان خصاله): رقم (8).
[23] – رواه الترمذي: أبواب القدر، باب ما جاء في القدر خيره وشره، رقم (2144) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1723).
[24] – رواه مسلم، كتاب: (القدر)، باب: (كل شيء بقدر)، برقم (2655).
[25] – رواه مسلم، كتاب: (القدر)، باب: (باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله)، برقم (2664).
[26] – أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ط2، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1392هـ، ص(1/155).
[27] – انظر: ابن حجر، فتح الباري، ص(11/287).
[28] – انظر: ابن جرير، جامع البيان، ص5/79.
[29] – ديوان عنتر، بيروت، دار بيروت، 1398هـ، ص74.
[30] – أحمد زكي صفوت، جمهرة خطب العرب، ط1، مصر، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1381 هـ – 1962م، ص(1/37).
[31] – عبد الرحمن بن سعدي، الرياض الناضرة والحدائق الزاهرة في العقائد والفنون المتنوعة الفاخرة، القاهرة، مؤسسة قرطبة، ص194.
[32] – عبد الرحمن بن سعدي، الرياض الناضرة والحدائق الزاهرة في العقائد والفنون المتنوعة الفاخرة، المرجع السابق، ص194.
[33] – ابن القيم الجوزية، شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، تحرير الحساني حسن عبد الله، القاهرة، مكتبة دار التراث، ص61/116. عمر الأشقر، القضاء والقدر، ص(29-36).
[34] – ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحراني (توفي 1328)، الفتاوى الكبرى، ط1، تح: محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، القاهرة، دار الريان للتراث، 1408هـ، ص(10/176).
[35] – أبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (المتوفى 548هـ)، الملل والنحل، تح: محمد سيد كيلاني، بيروت، دار المعرفة، ص(1/233).
[36] – ابن القيم الجوزية، أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تح: المعتصم بالله البغدادي، ط1، الرياض، توزيع دار النفائس، 1410هـ، ص(2/93).
[37] – انظر: ابن القيم الجوزية، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ص235.
[38] – انظر: ابن القيم الجوزية، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ص166.
[39] – انظر: ابن القيم، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ص199.
[40] – ابن قيم الجوزية، عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، تح: محمد عثمان الخشت، بيروت، دار الكتاب العربي، 1408هـ، ص124.
[41] – رواه البخاري معلقاً، كتاب (الرقاق)، باب (الصبر عن محارم الله)، برقم: (81).
[42] – انظر: ابن القيم، عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ص(124).
[43] – انظر: ابن القيم، عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ص(124).
[44] – المرجع نفسه، ص(124).
[45] – ديوان الإمام علي، تحقيق: نعيم زرزور، بيروت، دار الكتب العلمية، ص69-80.
[46] – عواد المعتق، مبحث وسطية أهل السنة في القدر، مجلة البحوث، عدد34، ص250.
[47] – انظر: عبد الرحمن السعدي، الوسائل المفيدة للحياة السعيدة، ص2/481-495.
[48] – انظر: عبد الرحمن السعدي، الوسائل المفيدة للحياة السعيدة، ص/481-495.
[49] – أبي سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك، الأصمعيات.
[50] – انظر: عبد الرحمن السعدي، الوسائل المفيدة للحياة السعيدة، ص 465.
[51] – عبد الرحمن محمود، القضاء والقدر في صور الكتاب والسنّة ومذاهب الناس فيه، ط2، 1418هـ، (ص/447-458).
عدد الزوار:1042