صعوبات تعلّم اللّغة العربيّة في الصفوف الابتدائيّة
صعوبات تعلّم اللّغة العربيّة في الصفوف الابتدائيّة
الأسباب والحلول
Challenges in Learning Arabic in Primary Classes: Causes and Solutions
د. ريما غانم
Dr.Rima ahmad Ghanem
تاريخ الاستلام 1/6/2024 تاريخ القبول 27/6/2024
ملخص
يواجه تعلّم اللّغة العربيّة في المراحل التّعليميّة المبكرة صعوبات تشبه الإعاقات الخفية، وترجع هذه التحديات إلى عوامل مختلفة، منها خصائص المتعلّم نفسه، والمناهج التعليمية، وتنفيذ المعلم لواجباته التعليمية. ويهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على بعض هذه الصعوبات، مثل تحديات الكتابة، بما في ذلك صعوبات الطلاب في التهجئة، والصعوبات المتعلقة بنطق الحروف في أثناء القراءة، والمعروفة باسم عسر القراءة أو صعوبات القراءة. كما يتناول تحّدي التّعبير عن الأفكار بوضوح وباللّغة الفصحى الصّحيحة. بالإضافة إلى ذلك، يناقش البحث قضية المناهج التّعليميّة التي قد تعيق فعاليّة المعلّم إذا لم تتضمّن النّظريات التّربويّة المناسبة لتغيرات القرن الحادي والعشرين. كما يقدّم بعض الحلول التي قد تساعد المعلّمين على معالجة الفجوات لدى الطّلاب الذين يعانون من صعوبات، مما يؤدي إلى متعلّمين متمكنين من التّواصل الشّفهيّ والكتابيّ.
Abstract
Learning Arabic at the early educational stages is confronted with difficulties similar to hidden disabilities. These challenges are attributed to various factors, including the learner’s own characteristics, the educational curricula, and the teacher’s execution of their instructional duties. This research aimed to highlight some of these difficulties, such as writing challenges, including students’ struggles with spelling, and difficulties related to the pronunciation of letters during reading, known as dyslexia or reading disability. It also addresses the challenge of expressing thoughts clearly and in correct classical language. Additionally, the research discusses the issue of educational curricula that may hinder the teacher’s effectiveness if they do not incorporate appropriate pedagogical theories for the changes of the 21st century. It also presents some solutions that may help teachers address gaps in students who are struggling, leading to learners who are proficient in both oral and written communication.
المقدّمة
اللّغة العربيّة هي اللّغة الأساسيّة لكلّ تلميذ يدخل المدرسة في العالم العربيّ، فعليه أن يتعلّمها بطريقة صحيحة ليستطيع، فيما بعد، أن يعبّر من خلالها عن آرائه وأفكاره ومشاعره، فضلًا عن استعمالها في عملية التّواصل مع الآخرين. لهذا نجد معظم المؤسّسات التعليميّة تسعى جادّة لإنجاح عمليّة تعليم اللّغة العربيّة بأفضل الوسائل والطرق الناجعة، لكي تسهّل عملية استيعابها لدى تلاميذ المرحلة الابتدائيّة لأنّ هؤلاء التلاميذ تقع عليهم مسؤولية كيفية استيعاب هذه اللغة بكلّ مكوّناتها اللفظيّة والتعبيريّة والكتابيّة لكي تسهل عليهم في ما بعد عملية التواصل مع الآخرين تكلّمًا وكتابة.
يمكن تعريف صعوبات التعلّم على أنّها شبيهة بإعاقة خفيّة، لأنّ الأطفال الذين يعانون من هذه الصعوبات يمتلكون قدرات تخفي جوانب الضعف في أدائهم. فهم قد يسردون قصصًا رائعة، رغم أنّهم لا يستطيعون الكتابة، وقد ينجحون في تأدية مهارات معقدة جدًّا رغم إخفاقهم في اتّباع التعليمات البسيطة، وهم يبدون عاديين تمامًا، وأذكياء وليس في مظهرهم شيء يوحي بأنّهم يختلفون عن الأطفال الآخرين[1]. ويعتبرها آخرون بأـنها تخلّف أو اضطراب أو تأخر تطوّر واحدة أو أكثر من عمليّات الكلام، كاللّغة والقراءة والكتابة والحساب أو المواد الدراسيّة الأخرى والتي تنشأ عن الحالة النفسيّة التي يسبّبها الاختلال الوظيفيّ لنصفي المخ، أو تسبّبها الاضطرابات السلوكيّة الوجدانيّة [2].
إنّ صعوبات التعلّم قد تشير إلى التأخّر أو الاضطراب في واحدة أو أكثر من العمليّات الخاصّة بالكلام كاللّغة، والقراءة والكتابة أو أي موادّ دراسيّة أخرى، وذلك نتيجة إمكانيّة وجود خلل مخيّ أو اضطرابات انفعاليّة أو سلوكيّة. ولا يمكن إرجاع هذا التأخر المدرسيّ فقط إلى التخلف العقليّ أو الحرمان الحسيّ أو إلى العوامل الثقافيّة، فهذه الحال تمثّل أحد الموضوعات النفسيّة التربويّة التي أثير حولها الكثير من النقاش والجدال سواء من حيث تحديدها أو من حيث الفئات الفرعيّة الّتي تتضمّنها. فصعوبات التعلّم هي عبارة عن مشكلات تستجدّ خلال التحصيل المدرسيّ، والتي تعترض سبيل الدارسين، وتربكهم، وتقلّل عندهم نسب نجاح تعلّمهم بشكل ظاهر وملموس، وبخاصة في مجال اكتساب المعارف والمعلومات الجديدة [3].
وإزاء ذلك، نجد عددًا كبيرًا من المعلّمين والمربّين يجهدون لإيجاد الطرق الناجعة لإنجاح عملية تعلّم اللغة العربيّة لدى هؤلاء التلاميذ، إذ بيّنت الإحصاءات أنّ عددًا كبيرًا منهم يجدون صعوبة في تعلّم هذه اللّغة سواء أكان من حيث كيفية نطقها، أم من حيث كتابتها أو التعبير بها. سنحاول في مقاربتنا لهذا الموضوع أن نقصر كلامنا ضمن المحاور الآتية : صعوبات كتابيّة، صعوبات لفظيّة، صعوبات تعبيريّة.
أوّلًا- صعوبات كتابيّة
لا شك في أنّ الكتابة باللّغة العربيّة هي من أبرز وأهمّ الأشكال المعبّرة عن أفكار الكاتب أو المتعلّم على حدّ سواء، وتساعد على التواصل مع الآخرين، إذ تسهم في تبادل الآراء ووجهات النظر معهم . ولهذا تعمد المدارس في المراحل التعليميّة الأولى إلى الاهتمام بالكتابة، وتحسين الخطّ العربيّ عند المتعلّمين ، لأنّ وضوح هذا الخط، بالنسبة للقارئ، يساعد على الفهم والإدراك، ويخفّف عن كاهل المتعلّم والمعلّم معًا صعوبات عديدة، إذ ثبت بالتجربة أنّ الكثير من المعلّمين أو المعلّمات يجدون صعوبة في قراءة ما يكتبه التلميذ الذي يعاني خطّه الكتابيّ الكثير من المشاكل، وبخاصّة عندما تختلط الحروف ببعضها البعض، أو تنحرف الكلمات بشكل عشوائيّ وفوضويّ، ما يجعل الكلام المكتوب غير واضح المعالم يكتنفه الغموض، فلا تعود المعلمة قادرة أن تستوعب ما هو مكتوب فتضع له علامة متدنيّة، وتسجّل ملاحظاتها التوجيهيّة التي قد لا تؤدّي الغاية منها إذا لم يحسّن التلميذ خطّه فيما بعد. فالطفل، في سنواته الأولى، يحتاج إلى تعلّم الخطّ والتعبير الكتابيّ والإملاء، ونجاحه في هذه الأمور يساعده على تخطّي الكثير من المشاكل التي ستعترضه في السنوات الدراسيّة القادمة، لأنّ تعلّم الكتابة في المرحلة التعليميّة الأولى يُبنى عليه إتقانه في بقيّة حياته.
لا أحد ينكر في أنّ الكتابة هي كفاءة أو قدرة على تصوير الأفكار في حروف وكلمات وتراكيب لغويّة صحيحة، وفي أساليب متنوّعة المدى والعمق، مع عرض تلك الأفكار في وضوح ومعالجتها في تتابع وتتدفق الأفكار والتراكيب التي تعرضها بشكل يدعو إلى مزيد من الضبط والتفكير.
تقسم الكتابة إلى نوعين: الكتابة الوظيفيّة والكتابة الإبداعيّة. فالكتابة الوظيفيّة هي طريقة تهتم بنقل الأفكار والتعليمات إلى الآخرين، مثل كتابة الرسائل والمعاملات الإداريّة والإرشادات والمذكّرات، بينما الكتابة الإبداعيّة تنحصر في التعبير عن المشاعر والانفعالات الشخصيّة والأفكار والآراء. وهذا النوع من الكتابة يحتاج إلى تطوير وتدريب وموهبة. ولهذا يتمّ التركيز في المدارس الابتدائيّة على توجيه التلاميذ نحو هذا النوع من الكتابة لكي يستطيع المتعلّم فيما بعد التعبير عن أفكاره ومشاعره بأسلوب فنيّ إبداعيّ. وأحيانًا، نجد بعض التلاميذ يعانون من مشكلة في تعلّم الكتابة، بحيث يستنفر الأهل في البيت ليساعدوه في الكتابة وتحسين خطّه، ويحاول المعلّم، قدر استطاعته، توجيه التلميذ نحو الكتابة الصحيحة والمقبولة في الدرجة الأولى. كما يمكن للمعلمّ أن يقوم بفحص عيّنة من كتابة التلاميذ ليحكم على ما إذا كان التلميذ يعاني ممّا يأتي:
أوّلًا – الغموض الذي ينتاب بعض الكلمات، من خلال ارتباك كتابة الأحرف، ممّا يجعل الكلمة وأحرفها غير واضحة المعالم، إضافة إلى تداخل الأحرف ببعضها البعض، أو كثرة المحو والشطب، فارتكاب التلميذ لأخطاء الكتابة اليدويّة المذكورة سابقًا قد لا يساعده مستقبلًا على تحسين وضعيّته التعلّميّة، إذ كثيرًا ما نجد بعض التلاميذ يكتبون الكلمة مرّات عديدة، فيمحون أحرفها ثم يكتبونها من جديد، ويعيدون المحو، ويعيدون كتابتها. وهذا ما يمكن أن نسميه بالارتباك الكتابيّ الناتج عن ضعف في الإدراك الحسيّ والحركيّ.
ثانيًا- عدم وضوح الحروف وعكسيّة اتجاهها، وهذا ما يربك النصّ، ويكشف عن ضعف كتابيّ لدى المتعلّم، وفي هذه الحال، يمكن للمعلم أن يطلب من التلميذ إعادة نسخ فقرة أخرى حتّى يتأكّد من نـوع وحجم وثبات الأخطاء التي يرتكبها التلميذ في كتابته. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ مهارة التلاميذ في التعامل مـع الكتابة تختلف باختلاف نوع الكتابة، فالنقل عن بعد قد يكون أكثر صعوبة من النقل عن قرب لـدى بعـض التلاميـذ، وكلاهما قد يكون أسهل من التحرير دون وجود نموذج أمام التلميذ (الكتابة الحرّة)، فيجب على المعلّم أن يراعي تقيـيم الإنتاج الكتابيّ للتلميذ في مختلف الوضعيّات، هذا ما يسمح له بأخذ صورة شاملة عن كتابة التلميذ [4] .
ويبدو أنّ صعوبات تعلّم الكتابة بصورة خاصّة قد شغلت حيّزًا من الفكر لدى العديد من المتخصّصين في مجالات مختلفة، كعلم النفس، والصحّة النفسيّة، ومصممّي المناهج والبرامج، ومتخصّصي طرائق التدريس، وهذا بدوره يشير إلى أنّ قضيّة صعوبات تعلّم الكتابة هي قضيّة متشعّبة الجوانب، نظرًا لكونها متعلّقة بقضايا الإدراك والانتباه والذاكرة والتفكير، إذ بات على المتخصّصين والمعلّمين أن يقوموا بتشخيص هذه الظاهرة والوقوف على العوامل المؤثّرة فيها، وبناء الاستراتيجيّات المناسبة لعلاجها، أو لعلاج الأسباب المؤدّية لها [5].
لكي ينجح الطفل – المتعلّم في الوصول إلى هذا النوع من الكتابة، ما عليه إلا أن يتخطّى عددًا من الصعوبات التي يمكن أن تحول دون أن ينجح في الكتابة، وتجعله عرضة للفشل أو لانتقاد المعلّم أو المعلّمة، ومن هذه الصعوبات ما يأتي :
أ – صعوبة اختلاط الأحرف
إنّ صعوبة كتابة أحرف الكلمات بشكل سويّ تعود إلى ما يسمّى بعُسر الكتابة Dysgraphia [6] وهو أحد إعاقات التعلُم الّتي تؤثر في اكتساب مهارات الكتابة والتعامل مع القلم. وهو اضطراب عصبيّ يمكن أن يصيب الأطفال أو البالغين على حد سواء، ويجعل الأشخاص يكتبون نصوصًا غير مفهومة أو كلمات خاطئة. وإذا تعمّقنا أكثر بالمشكلة، فإننا نجد عددًا كبيرًا من الأطفال يعانون من مشكلة الكتابة الحرفيّة، إذ نراهم يمسكون القلم بطريقة خاطئة، أو يجلسون إلى الطاولة بطريقة منحنية لا تساعدهم على التمكّن من الكتابة الصحيحة، فتأتي كلماتهم وأحرفهم مشوّهة ولا أحد يستطيع قراءتها جيّدًا، ومن أبرز هذه التشوّهات الكتابيّة، أو مظاهر العسر الكتابيّ، نعرضها كما يأتي:
- تصغير الحروف بشكل يصعب تحديد موقعها أو قراءتها. بمعنى أنّ الكلمة المكوّنة من خمسة أحرف تبدو صغيرة للرؤية، بحيث نحتاج إلى مفسّر يستكشف معالم ما كتبه التلميذ.
- تتداخل الأحرف ببعضها البعض، بحيث يختلط حرف الفاء مع القاف.
- تحجيم الأحرف والتباعد فيما بينها، فنجد أحرفًا كبيرة وأحرفًا صغيرة، بحيث تبدو الكلمة مشوّهة وغامضة، كأن يُطيل التلميذ حرف الألف واللام، ويصغّر حرف الراء أو الواو، فتلتصق الواو بالألف المكبّرة.
- اضطراب الخطّ بحيث تبدو الأحرف وكأنّها تتراقص على السطر، فنرى أحرفًا صاعدة فوق السّطر، وأحرفًا هابطة تحت السّطر.
- حذف بعض الأحرف من الكلمات أو حذف بعض الكلمات من الجمل.
هذه الصعوبة نجدها متفشّية في الأحرف التي تتشابه كتابيًّا، كما في كتابة حرف السين والصاد، الضاد والدال، الفاء والقاف الخ… إذ نجد أحيانًا بعض التلامذة لا يضعون النقاط فوق الأحرف وفي مكانها المناسب. فإذا كتبَ القاف، نراه ينسى أو يهمل كتابة النقطتين فوقها أو الشحطة الملائمة، أو يكتفي بوضع نقطة واحدة فتصبح (فاء) عوضًا من أن تكون (قاف)، كما في كلمة (رفيق)، فتصبح (رفيف)، وهذا ما يجعل قراءتها مخالفة للمطلوب، وكذلك في كتابة السين، أو الصاد، أو الدال والضاد، كما في هذه الكلمات :
- الشّمس : تُكتَب خطأً هكذا ( الشمص)، كما في جملة أشرقت الشّمس..
- صادَ : تُكتَب خطأً هكذا (صاض أو ساد) ، كما في جملة صادَ الصيّاد، فتصبح ساد السيّاض، أو كما في الفعل (يقدرُ)، فيصبح ( يقضرُ)..
- دلَّ، ندلّ، يدلّ : تُكتب خطأً هكذا ( ضلّ، نضلّ، يضلّ) والمعنيان مختلفان.
إذًا، وباختصار، إنّ صعوبة كتابة الأحرف، أو الاضطراب الكتابيّ أو العسر الكتابيّ، تقود إلى أمرين: إمّا أن يكون التلميذ يُعاني من مشكلة سمعيّة، أو أنّه لم يستوعب جيّدًا ما تعلّمه منذ دخوله المدرسة لأوّل مرّة. فما تعلّمه في البداية، إن كان في الكتابة الخاطئة للأحرف، فسيلازمه في السنوات التعليميّة القادمة، وبخاصّة في مجال الكتابة الإملائيّة، لأنّ هذه المادّة التعليميّة تشكّل معاناة لدى الكثير من التلاميذ، إذ نجد أنّ قسمًا كبيرًا منهم لا يكون موفّقًا في مسابقات الإملاء.
ومن الملاحظ، عند الكثير من المعلّمين، أنّ الاضطراب في عمليّة نسخ أحرف الكلمات يعتمد بصورة أساسيّة على الإدراك البصريّ عند تعلّم التلميذ للكتابة، وإذا كان هذا التلميذ يعاني من خلل في التناسق البصريّ الحركيّ، والذي يظهر على صورة اضطراب في مكان كتابة الحرف، فإنّ الخلل العصبيّ هنا يتموضع في المنطقة الخلفيّة من الفصوص الجداريّة في النصف الكرويّ المخيّ المسيطر من على الناحية اللغويّة [7] .
ولعلّ أبرز أسباب هذا الاضطراب الكتابيّ يعود إلى هذه المشكلات :
- اضطراب في الإدراك والتمييز البصريّين.
- اضطراب في إدراك العلاقات المكانيّة – البصريّة.
- اضطراب التناسق الحركيّ – البصريّ وصعوبة إنتاج ما تمّ رؤيته كالنقل.
- اضطراب الذاكرة البصريّة وصعوبة تذكّر أشكال الحروف والكلمات [8] .
وهنا ، لكيّ ننقذ التلميذ من هذه الأشكال الاضطرابيّة ، ينبغي أن يخضع لتدريب على الكتابة، وعلى الاستماع الجيّد لانتقاء الأحرف الملائمة للكلمة، وقد يحتاج إلى معلم اختصاصيّ في مجال التدريب الحركيّ على كيفية الإمساك بالقلم، والعناية بكتابة الأحرف. واليوم، مع تطوّر التعليم، أصبح لدينا أخصائيون في التعليم الحركيّ يعتنون بالتلاميذ الذين يعانون من مشكلة الكتابة الصحيحة للكلمات ولأحرفها.
يمكن اعتبار هذا الاضطراب على شكل عسر في الكتابة. وهذا العسر يعتبر من الصعوبات التي يعاني منها المتعلّم، وبخاصّة إذا لم يكن قادرًا على تذكّر الحروف وتتابعها وتناسق عضلات اليد لإنتاج الحركات الدقيقة لكتابة الحروف والأرقام وتكوين الكلمات والجمل من أجل التعبير عن أفكاره من خلال الكتابة اليدويّة [9]. ويمكن تعريف عسر الكتابة بأنّه صعوبة ناتجة عن خلل وظيفيّ بسيط في المـخ، ويكون المصاب هنا غير قادر على تذكر التسلسل الحركيّ لكتابة الحروف والكلمات، رغم أنّه يعرف الكلمة التي يريد كتابتها ويستطيع نطقها وتحديدها عند رؤيته لها، ولكنّه غير قادر على تنظيم وإنتاج الأنشطة الحركيّة اللّازمة لنسـخ أو كتابة الكلمة من الذاكرة [10].
وإذا حاولنا، دراسة هذا الواقع الذي يعانيه المتعلّم ذو العسر الكتابيّ، لا بدّ أن نلاحظ أنّ إدراكه البصريّ يجد صعوبة في رؤية الأحرف. وهذا الإدراك البصريّ هو الذي يساعده على التعرّف بالكلمات الحسيّة التي يستقبلها الإبصار، وهذا النوع من الإدراك يقوم بدور مهم في عمليّة التعلّم، خاصّة في القراءة والكتابة. والتلاميذ الذين يعانون من مشكلة في إدراكهم البصريّ يجدون صعوبة في التمييز البصريّ للحروف والكلمات والأرقام[11]. فالتلاميذ الذين يعانون من مشكلة الإدراك البصريّ يمكنهم رؤية الأشكال والتمييز بينها، ولكنهم لا يستطيعون التعرّف عليها [12].
يعاني التلاميذ ذوو صعوبات الإدراك البصريّ من مشكلة في اسـتقبال وإدراك أو إحداث تكامل في العلاقة بين الشيء ومكوناته، فالبعض يمكنه استقبال أجزاء المثيرات البصريّة فقـط دون التوصّل إلى الكلّ، والبعض الآخر يمكنه استقبال الكلّ دون معرفة أجزائه. فالطفل ذو الإدراك الكليّ يتمكّن من استقبال الكلمات المركبّة، لكنّه لا يتمكّن من إدراك الحروف المكوّنة لها، ويطلق على هؤلاء الأطفال المعتمدين على المجـال أو ذوي صعوبات إدراك التفاصيل. وعلى العكس من ذلك لا يجد الطفل ذو الإدراك الجزئي صعوبة في إدراك الحـروف المكوّنة للكلمة، ولكنّه يجد صعوبة في تأليف تلك الحروف وإحداث تكامل بينها للوصول إلى الكلمة، فيقرأ الكلمة مجزّأة، ممّا يؤدّي إلى ضياع معناها، ويُطلق على هؤلاء لقب : ذوو صعوبات التكامل الرمزيّ[13].
ومن الضروريّ العمل على تقوية ذاكرة المتعلّم البصريّة، لأنّها القادرة على حفظ واسترجاع الخبرات السابقة، والقادرة على تعديل سلوكه بعد الاستفادة من الخبرة السابقة، وذلك لأنّها، في المفهوم العلميّ، نشاط عقليّ معرفيّ مستقلّ عن الوظائف العقليّة. وهذه الذاكرة قادرة على استدعاء مثيرات بصريّة سبق تعلّمها. والأطفال الذين يعانون من مشكلات الذاكرة البصريّة لديهم صعوبة في استرجاع التمثيل العقليّ المعرفيّ لشيء سبق إدراكه، أي عدم إدراك الرابطة بين التمثيل العقليّ للشيء والشيء نفسه، فقد يفشلون في استرجاع شكل الحروف الأبجديّة من حيث كتابتها في أوّل الكلمة أو في الوسط أو في آخرها، كما يفشلون في استرجاع الأعداد والكلمات فيقومون بتهجئتها في كلّ مرّة [14] .
يمكن، أيضًا، تدريب المتعلّم على كلمات مفردة مختارة من كتب القراءة، بهدف دفعه إلى تذكّر هذه الكلمات، وكتابتها بصورة صحيحة، ممّا يساعد على ترسيخها في ذهنه. ومن المستحسن أن تسهم عمليّة تدريس أصول الكتابة الصحيحة في تحقيق الوظيفة الأساسيّة للّغة، وهي الفهم والإفهام والاتّصال. فالفهم يتحقّق عن طريق المعلومات التي تحتويها النصوص الكتابيّة، والإفهام يتحقّق من خلال اكتساب القدرة على التعبير[15]، والاتّصال هو عملية تواصل مع الآخرين والتحدّث بطريقة سليمة، واستخدام الكلمات والعبارات المناسبة لكلّ تعبير شفويّ معيّن، وهذا ما يُكسب المتعلّم قدرة الوقوف أمام الآخرين، والتعبير عن آرائه ومواقفه بأسلوب لغويّ ناجح.
ولعلّ من أبرز الأساليب العلاجيّة في مجال صعوبة الإدراك السمعيّ – الحسيّ أن نعتمد لهؤلاء التلاميذ عددًا من الألعاب اللّغويّة والكتابيّة الّتي يمكن أن تساعدهم على التخلّص من المعاناة التي تؤرقهم في أثناء الدرس. ومن هذه الطرق ما يأتي :
- أن يقوم المعلم بكتابة كلمات كبيرة ويطلب إلى التلميذ أو التلاميذ نسخ ما كتبه بتمهّل، فندرّبه على تقوية إدراكه النظريّ والحسيّ، فيرى الكلمات بعينيه ويكتب ما يراه، أوّلًا، ومن ثمّ يقرأ المعلم الكلمات على مسمعه، لكي يعود ويكتب الكلمة المسموعة. ونعتقد أنّ هذه الطريقة العلاجيّة إذا نفّذها المعلم يوميًّا مع الأطفال ذوي صعوبات التعلم، يمكن أن يصل إلى نتائج مرجوّة.
- أن يقوم المعلّم بإصدار أصوات متنوّعة ومتقاربة، ومطلوب من التلميذ أو التلاميذ أن يميّزوا بين هذه الأصوات، أكانت أصواتًا صادرة من رنين الهاتف، أو من عواء كلب أو هرّة، أو صوت مكنسة كهربائيّة، إلى من هنالك من أصوات تسمع يوميًّا على مسامع التلاميذ. وإذا لم يستطع التلميذ أن يوفّق بين الأصوات أو لم يتوصّل إلى معرفة مصادرها، فهو يعاني من مشكلة في الإدراك السمعيّ، ومن الضروريّ أن يتدرّب على الأصوات للتعرّف تدريجيًّا على مصادرها في حال كان سمعه طبيعيًّا ولا يعاني من أيّ مشكلة صحيّة أو سمعيّة.
- أن يقوم بقراءة أسماء أو كلمات تختلف في حرف واحد، كأن تكون أواخر الكلمات تنتهي بأحرف متشابهة، مثل: توت وبيوت، جوز ولوز أو تتضمّن في وسطها أحرفًا متشابهة، مثل: نحل ولحم، موت وصوت، مرّة وجرّة.
ب – صعوبات الكتابة الإملائيّة :
تعتبر الإملاء السمعيّ من أكثر المواد التعليميّة المثيرة للجدل، لأنّ ذلك يعود إلى عدد من الأسباب، منها ما هو متعلّق بالصحّة السمعيّة أو النفسيّة، ومنها متعلّق بالخبرة المعرفيّة. فالإملاء السمعيّ يدرّب التَّلاميذ على أسلوب الاستنباط، الذي تُستخلص فيه قاعدة عامَّة من أمثلة متشابهة، وهو أسلوب تربويٌّ مطلوب في مواقف تعليميَّة كثيرة، ولكنّها تشكّل صعوبة لدى الكثير من المتعلّمين.
وهي صعوبة لا يستطيع الكثير من التلاميذ تخطّيها، خصوصًا في التمييز بين تاء الفعل وتاء الاسم، وتاء جمع المؤنث السالم، فيكتب بعضهم مثلًا (ذهبة الفتات) بدلًا من (ذهبت الفتاة)، وكذلك يكتب في جمع الفتاة (فتياة) بدلًا من ( فتيات)، وفي جمع سيّارة (سياراة). فحرف التاء يشكّل لدى الكثير من تلامذة المرحلة التعليميّة الأولى مشكلة كبيرة، خصوصًا إذا لم يستوعبوا كيفيّة التمييز بين التاء الممدودة والتاء المربوطة ( ت، ة).
وأيضًا بالنسبة إلى حرف الألف المقصورة الّتي تتحوّل ياء في المثنّى، كما في ( جاء الفتى) فيكتبها هكذا ( جاء الفتان)، من دون الياء (الفَتَيان)، وكذلك في حالة جمع المذكر السالم، وفي الفعل المضارع المجزوم (لم يرمِ) فيكتبها خطأً هكذا ( لم يرمي) من دون حذف الياء لأنه مجزوم. ومن أبرز الأخطاء التي يرتكبها المتعلّم في الكتابة الإملائيّة، أن يجهل معرفة موقع الهمزة في الكلمات المهموزة، مثلًا، فهو يخطئ في كتابة الهمزة المتوسّطة، كما في يتساءلون، أو بيئة، أو سيئات، أو في كتابة الهمزة المتطرّفة الواقعة في آخر الكلام، كما ، سماء، يجرؤ، يُسيء..
إنّ الإملاء هي مادة تعليميّة ضروريّة لكلّ متعلّم، لأنّها تساعده على الكتابة الصحيحة وعلى تحسين خطّه وتعرّفه على الكثير من المفردات. وفي أكثر الأحيان قد يلجأ بعض المعلّمين إلى تحفيظ التلاميذ نصًّا إملائيًّا، بهدف التدريب وتسهيل الأمور حين يعود المعلّم ويعيد قراءته على التلاميذ كإملاء قد حفظه التلميذ في ذهنه. وهي طريقة لا تعتبر ناجحة في أكثر الأحيان. فما هي الوسائل التي تسهم في التخفيف من حدّة الصعوبات الكتابيّة؟
ليس هنالك حلول إيجابيّة تساعد كليًّا على التخلّص من هذه الصعوبات، وإنّما هناك طرق ووسائل تسهم بشكل فعّال في التخفيف من معاناة التلاميذ مع الكتابة الإملائيّة، نذكر من أبرزها :
- في حال كان الطفل يعاني من مشكلة في سماع الكلمات كما هي، على الأهل أن يعرضوه على طبيب مختصّ بالسّمع، للتأكّد من أنّ هذا التلميذ لا يشكو من أيّ مشكلة سمعيّة، على اعتبار أنّ بعض التلاميذ قد يعانون من مشكلة في سمعهم، فلا يسمعون الكلمات التي تتفوّه بها المعلمة كما يجب.
- الطلب من التلميذ أن يتعوّد، يوميًّا، على نسخ نص إملائيّ من دروس القراءة على دفتر خاصّ، لأنّ هذه الطريقة لها فوائدها، ومن أهم هذه الفوائد تعرّف التلميذ على الكثير من المفردات الّتي تمرّ به في حياته المدرسيّة، فترسخ في ذهنه، ويتذكّرها عندما تُلقى عليه في درس الإملاء. كما أنّ هذه الطريقة النسخيّة تساعده على تحسين خطّه، والتخلّص من الكثير من الشوائب التي تغير أشكال الأحرف المكتوبة، فضلًا عن أنّها تزوّد ذهنه بعدد وفير من الكلمات التي لا ينساها إذا ذكرت على مسمعه .
- ضرورة تدريب المتعلّم على حسن الاستماع لصوت المعلّم، إمّا مباشرة عندما يقرأ المعلم نصًّا أدبيًّا، أو من خلال جهاز خاصّ ( كومبيوتر- راديو- آلة تسجيل..) حيث يمكنه أن يتعرّف على حروف الكلمات المنطوقة بطريقة صحيحة ومتمهّلة، فيسمع كلّ كلمة على حدة، ويتعرّف تدريجيًّا على النطق السليم لكلّ حرف من حروف اللغة العربيّة. ومن واجب المعلّم أن ينطق الكلمات بطريقة سهلة ومتمهّلة، ويُشبع الحرف حيث يجب، إشباعًا لفظيًّا ما يسهم في تخزين الحروف في ذهن المتعلّم، فلا يعود هذا الأخير ينساها إذا مرّت معه في درس من دروس القراءة أو الإملاء، فتدريب الأذن على الإصغاء، تمكّن المتعلّم من التقاط مخارج الحروف، وفهم المعنى والتذكّر .
- تدريب المتعلّم على استخدام علامات الترقيم بين الجمل، وتنمية ثروته اللّغوية ممّا يساعد على تنمية قدرته التعبيريّة .
فالكتابة الإملائيّة تعتبر من المواد التعليميّة الأساسيّة في المساعدة على تخفيف قيود الصعوبات على المتعلّمين، لأنّها تساعدهم على تجنّب الخطأ. فإذا ضعف المتعلّم في الإملاء، يصعب عليه أن يتابع الدراسة في مراحل التعليم التالية، لأنّ تعلّم الإملاء أداة لتعلّم المواد الدراسيّة الأخرى، والتخلّف فيها يتبعه غالبًا تخلّف في جميع الموادّ الدراسيّة [16].
باختصار، إنّ من أبرز الطرق والوسائل التي تساعد على التخفيف من حدّة صعوبة الكتابة اليدويّة، أن يعمد المعلّم إلى إبراز صورة كبيرة يعلقها على الجدار، ويطلب من التلاميذ أن يكتبوا جملة من خمس كلمات أو أكثر تعبّر عما هو موجود في الصورة. وبهذه الطريقة يمكن أن نشاهد ونميّز بين التلاميذ الذين نجحوا في الكتابة اليدويّة بعرض ما رأوه في الصورة، والذين فشلوا في الكتابة، أو احتاجوا إلى وقت كبير لإنهاء جملتهم، والتي تكون غالبًا مرتبكة وناقصة بعض الأحرف، في حال كان هؤلاء يعانون مشكلة في الكتابة اليدوية. وعلى المعلّم في هذه الحالة أن يتابع هذه المشكلة ويساعد التلميذ على الكتابة الصحيحة والتعبير عن أفكاره من خلال تزويده بأعمال إضافية ينفّذها في البيت، ويراقب ما كتبه التلميذ يوميًّا، على أمل أن يتوصّل هذا الأخير إلى النجاح في الكتابة اليدويّة.
ونحن نعتبر أن إعادة نسخ بعض النصوص القصيرة يوميًّا، يمكن أن يساعد التلميذ على تحسين كتابته، لأنّه يتدرّب على الإمساك بالقلم أولاً، والتعرّف على أحرف الكلمات التي يكتبها ثانيًا، وفي حال مرّت معه مرّة ثانية فلن يُخطئ في كتابتها، لأنّه اعتاد أن يراها في أثناء نسخ النصوص القصيرة.
ثانيًا – صعوبات لفظيّة – لغويّة
نعني بها الصعوبات التي يعانيها بعض التلاميذ في عملية التلفّظ أو النطق بكلمات اللّغة العربيّة إذ نجد أنّ البعض منهم يصعب عليه لفظ حرف الألف أو الواو أو أن يلفظ حرفين داخل كلمة بصعوبة ويكون هذا ربما بسبب عائق حركيّ في اللّسان أو عائق نفسيّ أو اضطراب مخيّ. ولكن، في مجمل الحالات، قد يكون للعائق النفسيّ التأثير الأكبر في صعوبة التلفّظ الجيد بالكلمات، إذ نجد الكثير من التلاميذ في الصفوف الأولى يعانون من حالة نفسيّة يعيشون تحت وطأتها وتجعلهم ينطقون الأحرف بصعوبة أو يرتكبون خطأ في لفظ بعض الكلمات، إذ نراهم لا يميزون بين كيفيّة نطق السين والصاد أو بين نطق الزاي والذال. وهؤلاء التلاميذ يحتاجون إلى رعاية مميّزة تساعدهم على تحسين النطق لديهم، وهي رعاية تقوم بها بعض المعلّمات المتخصّصات بهذه الحالات، إذ تعمد هذه المعلمات على ملاحقة الأولاد الذين يعانون مثل هذه الصعوبات يوميًّا، وتدرّبهم تدريجيًّا على تخطّي هذه الصعوبات.
ونلاحظ أنّ التلاميذ ذوي صعوبات التعلّم هم الذين لا يستطيعون الاستفادة من الخبرات التعليميّة المتاحة في الفصل الدراسيّ أو خارجه ولا يستطيعون الوصول إلى مستوى زملائهم مع استبعاد المعاقين عقليًّا وجسميًّا والمصابين بأمراض عيوب السمع والبصر[17] . وقد أعدّت دراسة بهدف تحديد مدى انتشار صعوبات التعلّم لدى التلاميذ، وتكونت عيّنة الدراسة من 21 تلميذًا من ذوي صعوبات التعلّم تراوحت أعمارهم من (6-16) سـنة. وأشارت النتائج إلى ارتفاع صعوبات التهجّي والكتابة بين ذوي صعوبات التعلّم، حيث بلغـت نـسبة التلاميذ الذين لديهم صعوبات في التهجّي (٧١%)، وأظهرت النتائج أنّ حوالي (٦٢%) من التلاميـذ، لديهم صعوبات في تعلّم الكتابة [18] .
ومن أجل ذلك نرى بعض المدارس تعمد إلى إعداد صفّ مخصّص لبعض التلاميذ ممن يعانون من هذه المشكلة، وتُفرد لهم معلّمون أو معلّمات متخصّصات يقومون بتدريبهم على النطق الجيد، وعلى كيفيّة التمييز بين الأحرف، وتساعدهم على التخلّص التدريجيّ من الحالات النفسيّة الّتي قد يعيشون تحت وطأتها وتحول دون أن يتلفّظوا الأحرف بطريقة سليمة، إذ تبيّن لبعض علماء النفس أنّ المعلمة القاسية في الصفّ أو الأمّ التي تكون متوتّرة وهي تساعد ابنها على القراءة، قد تجعل بعض التلاميذ يعيشون الخوف والتّوتّر والاضطراب في أثناء وجودهم داخل الصفوف، وعند وقوفهم للتكلّم أو قراءة درس ما نراهم يضطربون ويخافون ويتلعثمون عند التلفّظ، وقد تلاحقهم هذه الحالة في أكثر الأوقات، إنّ تأثير المعلمة يكون كبيرًا على تلاميذ الصفوف الأولى.
أ- القراءة وصعوباتها :
تعتبر القراءة من الموادّ الأساسيّة التي تعلّم التلميذ على النطق الجيّد وعلى التعبير المناسب لأفكاره ومشاعره. ولكنّ الطّلاقة في القراءة تحتاج إلى زمن وتدرّبٍ كي يجيدها المتعلّم، ويتمكّن من فهم معاني الكلمات. فالنصّ الذي يقرأه التلميذ أمام معلّمه وزملائه يحتاج إلى تدريب وتنسيق بينه وبين المعلّم، حتى يصبح بمقدوره أن يقرأ جيّدًا كلّ ما يقع تحت ناظريه. لكنّ المشكلة أنّ عددًا لا بأس به من التلاميذ يعانون صعوبات جمّة مع دروس القراءة، فيقعون في أخطاء لفظيّة ولغويّة كثيرة، ومن أبرزها مشكلة نطق أحرف الكلمات.
إنّ القراءة في المرحلة الابتدائية تشكل جزءًا كبيرًا من حياة المدرسة بحيث يمكن القول إنّها عملية اجتماعيّة غير مترابطة بزمن محدّد أو مكان معيّن. وفي الفترات المخصّصة للتدريب على المهارات والقدرات المختلفة لعملية القراءة تتاح الفرصة للتلميذ كي يحصل على معلومات يستفيد منها في تعلّم المقرّرات الدراسيّة المختلفة [19] .
والملاحظ، عند كثير من علماء التربية، أنّ القراءة في المراحل التعليميّة الأولى تتميّز بصعوبة كبيرة، حيث يكون مطلوبًا من التلميذ أن يقف بين زملائه ويقرأ نصًّا أو عددًا من الكلمات أمام رفاقه. فتظهر هنا حالته المتوترّة إذا كان يعاني مشكلة ما في نطق الأحرف أو التلفظ الجيّد بالكلمات، فيبدو عليه الاضطراب والخوف، ولا يعود بمقدوره متابعة القراءة، فيتلفّظ ببعض الكلمات بطريقة سيّئة ما يثير ضحك زملائه. وهذا الوضع الذي هو فيه يساعد على تعميق مشكلته ويجعله لا يشفى منها لمدّة طويلة. وليس غريبًا أن تكون القراءة عمليّة عقليّة شديدة التعقيد تمثّل أحد مخرجات اللغة، ويراد بها إبراز العلاقة بين لغة الكلام والرموز الكتابيّة، وتقوم على رؤية الكلمات المكتوبة وإدراك معناها للوقوف على مضمونها كي يعمل بمقتضاها. ويقع المتعلمون ذوو صعوبات التعلّم في القراءة ضمن المستوى المحبط، ففي هذا المستوى لا يستطيع التلميذ أن يعمل بصورة طبيعيّة وغالبًا ما تظهر عليه علامات التوتّر وعدم الارتياح ويكون معدّل الفهم لديه حوالى 50% أو أقلّ ومعدّل التعرّف على الكلمات 90 % أو أقل [20] .
ويمكن تحديد عمليّة القراءة على أنّها تنطوي على درجة عالية من التعقيدـ فهي نتاج لتفاعل عمليّات الإدراك السمعيّ والإدراك البصريّ والانتباه الانتقائيّ والذاكرة والفهم اللغويّ. وكلّ هذه العوامل تتداخل فيما بينها لتسهم في اندفاع المتعلّم إلى القراءة الجيّدة، أمّا إذا كان يعاني صعوبات أو مشاكل صحيّة في أحد هذه العوامل، فإنّ ذلك يمكن أن يؤثّر فيه تأثيرًا ملحوظًا، فتضعف عنده القدرة على القراءة الواضحة والصحيحة. وهناك خمسة مبادئ أساسيّة لعملية القراءة تؤثر في تعلّمها وهي:
- القراءة يجب أن تتّصف بالطلاقة، والحماسة والاستعداد لإبراز الذات.
- هي عمليّة بنائيّة تراكميّة.
- هي عمليّة استراتيجيّة، يتبعها المتعلّم بأسلوب منهجيّ واضح لا غموض فيه ولا ضعف.
- إنّها تقوم على الدافعية، بحيث يُقدم المتعلّم على القراءة وفي داخله اندفاع للتّفوّق أمام زملائه، كي يبرز ذاته على أنّه من المتفوّقين في قراءة النّصوص.
- إنّها عمليّة مستمرّة مدى الحياة [21] .
إنّ نظرة عامّة نلقيها على مجتمع التلاميذ، وخاصّة في صفوف المراحل الأولى، تكشف لنا عن أزمة لغويّة ونطقيّة يعانيها العديد من التلاميذ، وذلك لأسباب متعدّدة، من أبرزها، مشكلة في النطق أو عسر القراءة، إذ نجد عددًا كبيرًا من التلاميذ لا يُجيدون قراءة النصوص بطريقة سليمة، فإمّا يلفظون الحروف بطريقة مقلوبة، أو يحذفون أحرفًا من الجملة أو من الكلمة، أو نراهم يقرأون بطريقة سريعة فتختلط الأمور عليهم. لذا سنحاول التطرّق إلى موضوع عسر القراءة، لدراسة مظاهر هذه الصعوبة، وكيفية معالجتها.
ب – عُسر القراءة Dyslexia [22] :
تعتبر هذه الصعوبة من المشاكل الأساسيّة التي يعاني منها عدد كبير من التلاميذ. وقد تنادى علماء التربية والنفس إلى حلّ هذه المشكلة، فوجدوا أنّ إهمال الأهل لمثل هذه الحالة وعدم الاعتناء بأولادهم، له نتائج سلبيّة على أوضاعهم النفسيّة والمعنويّة، وقد أشار بعضهم إلى أنّ عسر القراءة ليس مرضًا عقليًّا، أو إعاقة حسيّة، إنّما هو اضطراب في القراءة ذو منشأ عصبيّ، ولا يرتبط بعوامل ثقافيّة أو بيئيّة، وقد يكون معدّل الذكاء لدى التلميذ الذي يعاني من هذا الاضطراب عاديًّا أو فوق العاديّ. واعتبر البعض الآخر أنّ العسر القرائيّ هو اضطراب له تأثيرات خطيرة على النموّ الاجتماعيّ والانفعاليّ لعدد كبير من الأطفال [23].
إنّ هذه الاضطرابات في عمليّة القراءة، أي في عمليّة نطق الكلمات بشكل صحيح، ما هي إلا نتيجة لصعوبة إنتاج أو استقبال الوحدات اللغويّة ، بغضّ النظر عن البيئة الّتي قد تتراوح في مداها من الغياب الكليّ إلى الوجود المتباين في إنتاج النحو واللّغة المفيدة، ولكن بمحتوى قليل من المفردات وتكوين لفظيّ محدود وحذف لبعض الأحرف كإشارات الجمع وحروف الجرّ والظروف الزمنيّة والمكانيّة [24].
يُعتبر عسر القراءة من المشكلات التي تثير اهتمام المربّين، نظرًا لكون القراءة من أبرز المهارات الأساسيّة التي ينبغي على المتعلّم أن يمتلكها، وأن تكون له القدرة على التكيّف مع النصوص وما تحتويه من كلمات ومعانٍ وعبارات، وإذا لم ينجح التلميذ في تخطي هذه المشكلة، فإنّه سيعاني في مراحله التعليميّة اللّاحقة من عدم التكيّف والتأقلم مع ما يستجدّ عليه من معلومات ونصوص ومطالعات، وذلك يؤدّي إلى هدر الكثير من الوقت والجهد في معالجة مشكلته القرائيّة. وما قد يزيد من خطورة هذه المشكلة غموض مظاهرها، وقلّة الوعي بها، خصوصًا إذا كان الطفل المصاب بها لا يجد من يمدّ له يد العون، أو يرشده إلى كيفيّة تخطّيها، وتجاوز الصعوبات الّتي يعاني منها، في ظلّ غياب الرعاية الضروريّة والاهتمام من قبل والديه أو معلّميه.
أمّا صعوبات القراءة فيمكن تعريفها بأنّها انخفاض في قدرة المتعلّم على مواكبة الكلمات والجمل بشكل لفظيّ واضح، وانخفاض مستوى القراءة عنده يعود في معظم الأحيان إلى مشاكل نفسيّة أو اجتماعيّة أو أنّه يعاني من أمراض عصبيّة، وعدم تكافؤ الفرص التعليميّة [25]. ويمكن استعراض مظاهر العسر القرائيّ من خلال ما يأتي :
- لفظ كلمة بطريقة مقلوبة، أي أن يتقدّم حرف على آخر، فتصبح الكلمة مختلفة كليًّا عن الأساسية، كما في لفظ “نبات” بدلًا من “بنات”، والمعنى بين الكلمتين مختلف.
- عند التلفّظ ببعض الكلمات، قد يتمّ حذف بعض الحروف، وإضافة أُخرى كأن يقول التلميذ : “طبعة” بدلًا من “طبيعة”، “ندى” بدلًا من “نادى”. أو قد يتمّ، أحيانًا حذف مقطع من الكلمة، فيلفظ “فتاة” بدلًا من “فتيات”، “طبع” بدلًا من “طبائع”، “جنة” بدلًا من “جنينة”.
- لفظ كلمة بشكل يتمّ فيها تغيير مواضع الحروف إمّا بالتقديم أو بالتأخير، كأن يقرأ التلميذ “قلب” بدلًا من “قبل”، و”عبد” بدلًا من “بعد”، و”سبع” بدلًا من “عبس”…
- قد يتمّ حذف بعض الكلمات أو أجزاء من الكلمة المقروءة، فمثلًا( قاد السيّارة ) قد يقرأها الطالب (قد السيار).
- الارتباك الّذي يدفع التلميذ إلى الانتقال نحو بداية السطر عند الانتهاء من الجملة السابقة، فيضطر أن يتوقف قليلًا لإعادة تموضعه، لأنّ الانتقال إلى سطر جديد قد أربكه.
وقد أعدّت دراسات لتفسير الصعوبات القرائيّة عند عدد كبير من المتعلّمين الذين يعانون من عسر القراءة. وقد توصّل الباحثون إلى وجود مدى واسع في تكرار الأخطاء في التسمية كوظيفة في استخدام المعجم، ممّا يشير إلى ضعف المعالجة الصوتيّة في قواعد الإملاء خاصّة في القراءة بين المجموعتين لصالح الأطفال الذين يعانون من صعوبات في القراءة. وقد أجريت أبحاث على إنتاج اللّغة المنطوق، فتوصّلت إلى أنّ اللغة المستخدمة من قبل التلاميذ الذين لديهم صعوبات والذين ليس لديهم صعوبات في القراءة عند مناقشتهم لموضع ما داخل الصف، حيث تمّ تحليل عيّنات لغويّة من حيث طول وتعقيد اللغة المستخدمة من قبل التلاميذ ، فوجدوا أنّ التلاميذ الذين لديهم صعوبات قرائيّة استخدموا جملًا طويلة ودالّة بشكل أقلّ من حيث تعقيد القواعد من التلاميذ الآخرين. وتوصّلت الأبحاث أيضًا إلى أنّ لديهم مشكلات في فهم واستخدام تراكيب اللغة، ممّا قد يؤدّي إلى عدم تمكّنهم من استيعاب اللغة المكتوبة فيما بعد [26].
3– اضطرابات لغويّة :
قد يعاني الكثير من التلاميذ من مشكلة مهمّة في عملية إنتاج اللّغة، وخصوصًا عند التلفّظ بها. فاللّغة هي نظام من الرموز اللّفظيّة أي أنّها كلمات يستخدمها الإنسان للتّواصل مع الآخرين. وتظهر اللّغة في أشكال مختلفة كالمحادثة والاستماع والقراءة والكتابة. ويعتبر الاستماع من أكثر أشكال اللّغة ظهورًا، لأنّه يعرّف المستمع إلى الكثير من الألفاظ والمفردات الّتي ترسخ في ذهنه عندما يكون مستمعًا باهتمام إلى ما يُقال على مسمعه، ثمّ تأتي المحادثة في المرحلة الثانية، ومن ثمّ تتراكم الخبرات لتصل إلى اللّغة المكتوبة، فالخبرة اللّغويّة المبكرة تشكّل القاعدة المتينة للقراءة. ومع تراكم الخبرة واستمرارها يتشكّل لدى الطفل الألفة في البناء اللّغويّ، كما تتوسّع دائرة مفرداته، ويصبح لديه المعرفة بالأنماط المختلفة للجملة. وهكذا نجد أنّ تشكيل اللغة يقوم على ركائز أساسيّة وهي: الاستماع، المحادثة، القراءة، الكتابة [27]. وإنّ عدم اكتساب الطفل للكفاءة اللّغويّة لأي سبب سوف يؤثّر بشكل سلبيّ على التقدّم في المهمّات التعليميّة المرتبطة به، فالأطفال يمكن أن يتقدّموا عبر مراحل القراءة ليصبحوا قراء فاعلين إذا ما اكتسبوا مهارات ما وراء اللّغة، وأتقنوا مكوّنات وعناصر اللّغة الأساسيّة، واستطاعوا أن يستخدموها في مدرستهم وفي حياتهم، لأنّ اللغة تحتاج إلى كمٍّ من المفردات ومن التراكيب التي ينبغي على التلميذ أن يكتسبها ليكون لديه مخزون كبير من الكلمات يساعده على تكوين لغته مع الآخرين [28].
إنّ مهارات ما وراء اللّغة تساعد على إيقاظ الوعي لدى الطفل وتعرّفه إلى طبيعة وخصائص اللّغة، ويظهر هذا بوضوح عندما يلعب الأطفال لعبة الكلمات، وكيفية تركيبها داخل علبة مخصّصة لذلك. حيث يستخدمون كلمات تنتهي أو تبدأ بالحرف نفسه. ويمكن تقسيم مهارات ما وراء اللّغة إلى ثلاثة أقسام :
- المعرفة : أي أنّ اللغة هي نظام من الأصوات يختارها المجتمع للتعبير عن آرائه.
- التركيب اللغويّ، أي أنّ اللّغة هي نظام تركيبيّ تتحكّم به قواعد تنظيميّة تجعل من الأحرف والكلمات تتناسق فيما بينها داخل نظام كلاميّ يتبع أصولًا نحويّة لا بدّ منها.
إنّ القواعد النحويّة ترتبط بتنظيم تناسقيّ للكلمات داخل الجمل، وهذا التركيب له تأثير معنويّ كبير على مضمون الجمل والتعابير. فإذا أعدنا خربطة الكلمات داخل الجملة، قد يؤدّي ذلك إلى تضييع المعنى، أو تغييره. فالتناسق النحويّ داخل الجمل مهمّ جدًّا في التركيب اللغويّ. ولا يمكن أن نفهم مضمون جملة ما إذا لم يكن التناسق النحويّ قائمًا بين مفرداتها. ولهذا كان التركيب اللّغويّ المتناسق له أهميّته في عمليّة القراءة. فالتلميذ الذي لا يستطيع أن يستوعب التناسق التركيبيّ للكلمات، هو غير قادر على الفهم والاستيعاب ويحتاج إلى علاج مع معلّم متخصّص في هذه الأمور لكي يتخلّص التلميذ من هذه الصعوبة.
والملاحظ أنّ بعض التلاميذ يعانون من تأخّر كلاميّ، نتيجة لصعوبات يعانون منها، ومن أبرزها ضعف الإدراك البصريّ أو السمعيّ، أو أنّهم يعانون من صعوبات في تطوير مهارات مناسبة في القراءة وتهجئة الكلام. فبعد أن قمنا بتجربة لعدد من التلاميذ بأن قرأنا على مسمعهم نصًّا لغويًّا، وطلبنا من بعضهم أن يعود ويقرأ النصّ المسموع، لاحظنا أنّ قسمًا منهم فشل في لفظ بعض الكلمات أو وجد صعوبة في تهجئة كلمة لم يُدركها جيّدًا حين كان يستمع إلى النص المنطوق، مع العلم أنّهم ليسوا بصمّ أو بكم أو مكفوفين، فالنتيجة أنّ البعض الذي عانى من مشكلة النطق الصحيح قد يكون يعاني من مشكلة سمعيّة أو إدراكيّة، وهو بحاجة إلى مدرّب يساعده على النطق الجيّد لكلمات النصّ ويلاحقه باستمرار لكي يتوصّل إلى أن ينطق الأحرف بشكل صحيح، ولا لبس فيه.
وقد تبيّن، بعد أن قام عدد من الباحثين في دراسة هذا التأخر اللّغويّ عند بعض التلاميذ، أنّ للحرمان العاطفي دورًا في ذلك، لأنّ له علاقة مباشرة في تأخّر نموّ اللّغة، وذلك بعد المقارنة بين أداء الأطفال الذين ينشأون في مؤسسات الأيتام، وبين الذين ينشأون في بيوتهم العائليّة إلى جانب أهلهم، إذ لاحظوا أنّ الذين عاشوا في مؤسّسات الأيتام كانوا محرومين من التعاطف الإنسانيّ والحرمان العاطفيّ، وهذا ما أدّى بهم إلى أن يجدوا صعوبة في نموّهم اللغويّ، إذ كان الخوف يلاحقهم وهم يلفظون الكلام عند القراءة، وكان تركيز نظرتهم إلى المعلم أو إلى الآخرين أكثر من تركيزهم على الكلمات التي يقرأونها، ممّا أدّى إلى اضطرابهم النطقيّ واللغويّ.
وإلى جانب الحرمان العاطفيّ، هناك جانب الإحساس بالخوف، نتيجة للتربية السيّئة، أو نتيجة للشعور بالنقص أو التنمّر من قبل الآخرين. فهذه الأحاسيس قد تلعب دورًا أساسيًّا في تهرّب التلميذ من الوقوف أمام زملائه في الصف ليقرأ على مسمعهم نصًّا ما، أو أمام معلّمه القاسي بسلوكه التربويّ، فيقف التلميذ ليقرأ وعلامات الخوف ظاهرة عليه، فيرتبك ويتلفّظ بالكلمات بصورة خاطئة، فيتعرّض للسخريّة من زملائه، لذا ترسخ هذه المخاوف في نفسه، ولا يتجرأ فيما بعد على القراءة أو التلّفظ بالكلام أمام الآخرين. ولكي نساعده على التخلّص من هذه الحالة، ما علينا إلا أن نشجعه، وندرّبه على النطق الجيّد، وأن يقف بثقة أمام الآخرين ليقرأ بصوت عال أمامهم. كما ينبغي أن نطلب إليه أن يقرأ في منزله، وفي غرفته، بصوت عال يوميًّا، لكي يتخلّص نهائيًّا من هذه المشكلة. كما يمكن أن نبتكر حلقة نقاشيّة بين التلاميذ وأن نطلب إليه أن يشاركهم في النقاش حول موضوع يهمّه، ما يمكن أن يؤدّي إلى اكتسابه الثقة بالنفس تدريجيًّا.
كما أنّ الاضطرابات العصبيّة تؤدّي دورًا هامًّا في تأخّر النمو اللغويّ عند الطفل، لأنّ الجهاز العصبيّ المركزيّ ينفّذ دورًا حساسًا في التحكّم الرمزيّ باللغّة وأيّ إصابة لهذا الجهاز تؤدي إلى تدهور مقومات اللغة عند الطفل أو تأخر في ظهور القدرات اللغوية، كما أنّ أيّ تأخر في نمو اللّغة يعتمد على درجة انتشار العلّة الّتي تصيب الجهاز العصبيّ المركزيّ، فكلما زاد التأخر العقليّ زاد التأخر اللغويّ، وقلّت فرص تدريب الطفل على تنمية مهاراته اللّغويّة [29].
هذا على صعيد الصعوبات القرائيّة التي بيّنا من خلالها بعض المظاهر الكاشفة لها وكيفيّة علاجها. أمّا بالنّسبة للصعوبات التعبيريّة التي يعاني منها التلميذ، فإننا نستعرضها كالآتي :
ثالثًا– صعوبات تعبيريّة :
قد يعاني بعض التلاميذ من صعوبة أخرى، غير صعوبة الكتابة والقراءة، أعني بها صعوبة التعبير الشفهيّ، بحيث نجد بعضهم لا يستطيع أن يعبّر عن أفكاره أو مشاعره بلغة سليمة، فيعتريه الخوف من المتابعة، أو أنّه غير قادر على تكوين الجمل اللّغويّة كما يجب، فيقع في الخطأ والارتباك، ويتوقّف ولا يستطيع بمقدوره أن يتابع كلامه. ويبدو أنّ التلاميذ ذوي صعوبات التعلّم هم الذين لا يستطيعون الاستفادة من الخبرات التعليميّة المتاحة في الفصل الدراسيّ أو خارجه ولا يستطيعون الوصول إلى مستوى زملائهم مع استبعاد المعوّقين عقليًّا وجسميًّا والمصابين بأمراض عيوب السمع والبصر [30] .
يعدّ التعبير الشفويّ وسيلة للإفهام، والتفاهم واتّصال الفرد بغيره وتقوية الروابط بالآخرين، وهو فن لنقل الأفكار والمعتقدات، وتتجلى أهميّته في النقاط الاجتماعيّة والفكريّة التالية :
- التعبير الشفويّ عنصر أساسّي للمتعلّم وعن طريقه يكتسب المعلومات.
- وسيلة للتلميذ للتعبير عن آرائه وأفكاره ومعتقداته، ومشاعره، فهو الشكل الرئيسيّ للتّواصل الإنسانيّ [31].
إنّ قدرة الطفل على التعبير الشفهيّ واستخدام اللغّة في التخاطب يمكن تحسينها بواسطة الأنشطة المبنية على البرامج المناسبة، كما ينبغي أن تكون الأنشطة اللغوية والشفهية جزءا حيويًّا من أي منهج تعليميّ، ولذلك يعتمد نجاح الطفل في البيئة التعليمية في كلّ من المجالين الاجتماعي والأكاديميّ بشكل كبير على كيفية الاستخدام الأمثل للّغة [32].
تؤكّد بعض الدراسات الحديثة التي اهتمّت بموضوع الصعوبة التعبيريّة، أنّ الأطفال الذين يعانون من مشكلات في استخدام اللّغة لا يستطيعون أو أنّهم يقصّرون في فهم اللّغة في المواقف الاجتماعيّة المختلفة، ويرجع ذلك إلى النقص الواضح في قدرة هؤلاء الأطفال على الاستماع الجيّد إلى لغة الآخرين، وإنتاج اللغة [33].
وأبرز صعوبة يعانيها الأطفال هي صعوبة نطق الأصوات. فالنظام الصوتيّ هو حالة معقّدة، ويحتاج إلى وقت لإنتاج الكلمات الصحيحة والمفهومة. فلا يمكن أن يدخل الطفل المدرسة وهو قادر على إنتاج الكلمات ونطقها بصوت ملائم لمكوّناتها الحرفيّة. فالكثيرون من الأطفال يدفعون البعض إلى السخرية منهم حين ينطقون بعض الأحرف أو بعض الكلمات بأسلوب مخالف لتركيبتها اللغويّة. لذا انصبّ اهتمام التربويين على معالجة هذه الحالة، انطلاقًا من فكرة أنّ موضوع التعبير الشفهيّ يشكّل أحد الموادّ المساعدة على بناء شخصيّة الطفل .
والملاحظ، أنّ التلميذ الذي يعاني من صعوبة في التعلّم، يتّصف بأنه دائم القلق والخوف، ولديه صورة سلبيّة عن ذاته وسوء في التوافق الشخصيّ والانفعاليّ والاجتماعيّ، وهو غير قادر على مواجهة الآخرين نتيجة ما يتعرّض له من إحباط داخل الفصل الدراسيّ، ولعلّ كلّ هذه الصفات تعدّ معوّقًا أساسيًّا لعملية التواصل اللغويّ الشفهيّ [34]، فلا يمكن أن نتجاهل تعليم التلاميذ على كيفيّة الأداء في تعابيرهم اللغويّة، ولهذا كان من الضروريّ أن يسعى المهتمّون إلى وضع الاستراتيجيات التربويةّ والبرامج العلاجيّة من أجل تحسين أداء التلاميذ لتخطّي هذه الصعوبات.
ولعلّ من أفضل الطرق لمعالجة صعوبة التعبير الشفهيّ هي الطريقة التي تعتمد على معالجة الجانب الصوتيّ في هذه الصعوبة. وتعتمد هذه الطريقة على مجموعة من الأنشطة المتنوّعة لمعالجة كلّ صعوبة، واستخدام العديد من الوسائل السمعيّة والبصريّة كالصّور، والاستماع إلى تسجيلات صوتيّة واضحة، إضافة إلى ما يقوم به التلاميذ أنفسهم، كالمناقشات في مجموعات داخل الصّف، وإجراء محادثات، واستعمال البطاقات الورقيّة، والطلب من التلاميذ أن يرسلوا رسائل صوتيّة من خلال آلات مخصّصة لذلك والاستماع إليها، بهدف تصحيح النطق عند المتعلّم.
يرتكز هذا الاسلوب التدريبيّ، بنوع خاص، على نطق الأصوات بشكل صحيح، من خلال عرض مجموعة من الصّور، بحيث تعبّر كلّ صورة عن كلمة تتضمّن أصواتًا كالذال أو الظاء، ويقوم المعلّم أو المعلمة بنطق هذه الكلمات على مسامع التلاميذ، والطلب فيما بعد إعادة ما تمّ نطقه، حتى يصل التلميذ إلى النطق السليم لكلّ صوت [35] . وهذا ناتج، من دون أدنى شك، من مشكلات لغويّة، فهم غير قادرين على فهم الرسائل الصوتيّة الموجّهة إليهم، وغير قادرين، في الوقت عينه، على إرسال رسائل صوتيّة دقيقة لغيرهم، وهذا ما يؤدّي إلى ارتباك واضطراب ورفض المتابعة والكلام، نظرًا لمعاناتهم من الاختلافات الدقيقة لأصوات اللّغة[36].
وإذا حاولنا تقصّي الأسباب التي تؤدّي إلى معاناة التلميذ من مشكلة التعبير الشفهيّ أو الضعف في النطق أو في التكلّم، فإننا نقع على كمّ كبير من الأسباب والمشاكل التي تؤثّر في حركة التعبير الشفويّ عند التلاميذ، نحصر أهمها بما يأتي :
- الكتب المدرسيّة :
أحيانًا قد تشكّل الكتب المدرسيّة سببًا في بروز هذه المشكلة. أوّلًا، إمّا لأنّها لم تتبع منهجًا مخصّصًا لمثل هذه الحالات، وإمّا قد تمّ تأليفها بطريقة عشوائيّة لم تراعَ فيها النصوص المفيدة والمتضمّنة كلمات وألفاظًا تسهم في التخفيف من مشكلة النطق عند الأطفال، كأن يتضمّن الكتاب نصوصًا فيها كلمات سهلة النطق، وتسير بالتدريج التصاعديّ، ممّا يساعد الطفل على أن ينطق الحرف المناسب، فيراه في عدد من الجمل النصيّة، فيكرّر ذلك حتى ترسخ الكلمات في ذهنه، ويتلفّظ بها بطريقة سهلة.
ومن الأسباب التي تُعزى إلى المناهج حشوها بعدد وفير من المقرّرات، كالقواعد النحويّة والصرفيّة والبلاغيّة والأدب، والإلمام بها في المراحل الأولى من الدراسة على حساب مهارات التعبير الشفويّ وممارستها، ما يؤثّر سلبًا على التلاميذ، الذين ينزعجون من كثرة الدروس ، فينفرون، من التعبير عن أفكارهم وأحاسيسهم شفويًّا في المواقف التعليميّة والشخصيّة، فضلًا عن المواقف الاجتماعيّة والاحتفاليّة، لعدم ممارستهم الكلام داخل حجرة الدرس، لأنّ اهتمامهم يكون منصبًّا على الحفظ الكثيف وتنفيذ الواجبات المدرسيّة المكثّفة [37].
- المعلّم :
يشكّل المعلّم أو المعلّمة المحور الأساسيّ في تدريب الأطفال على النطق الجيّد، ومساعدتهم على تخطّي هذه المشكلة، فإذا كان المعلم غير مؤهّل لهذه المهنة أو غير متخصّص لحالات الأطفال الذين يعانون صعوبات في التعبير الشفهيّ، فقد يترك أثره السيئ على الطفل. فمن واجب المعلّم أن يدرّب تلاميذه على النطق السهل والصحيح بأن يعلّمهم كيفيّة التلفظ بالأحرف وبالكلمات، حتى يصبحوا في مرحلة يتخطون بها كل العراقيل، إلى جانب أنّه يساعدهم على بناء الثقة بأنفسهم، وبأن يكونوا قادرين على التعبير الجيّد. وقد نشير إلى أهميّة معلّم اللغة العربيّة الذي يدرّب تلاميذه على قراءة الأبيات الشعريّة وحفظها في قلوبهم، ويطلب إليهم كلّ بمفرده، أن يقف بين زملائه ويًلقي القصيدة عليهم بصوت جهوريّ واضح، ونطق سليم للكلمات. فهذه الطريقة تساعد التلاميذ على النجاح في الأداء التعبيريّ.
ان مشكلة قلّة المدرّسين الأكفّاء، وعدم إعدادهم الكامل لتدريس اللّغة العربيّة من أهم أسباب ضعف المتعلمين في التعبير الشفويّ؛ فبعض المدرسين تكون مستوياتهم متدنيّة في اللّغة العربيّة، وغير مؤهلين تربويًّا، والبعض الآخر له مستوى لغويّ جيّد لكنّه يفتقر الى الكفاءة التربويّة لتوظيف الطرائق المناسبة للتعليم، فلا يتلقّى منهم الطلبة تشجيعًا للطموحات العليا، ولا تحفيزًا لدافعيتهم إلى التفوّق في التحصيل المعرفيّ [38] .
ج – التلميذ :
قد يكون لسلوكيّات التلميذ في مواجهته العمليّة التعلميّة أثرٌ إمّا يكون سيّئًا أو إيجابيًّا. ومن مظاهر السلوكيات السلبيّة عدم إقباله على القراءة والمطالعة، وهذا عامل مسؤول عن ضعف التعبير الشفويّ لديه. فإن أغلبيّة تلامذة اللّغة العربيّة ينقصهم هوية المطالعة في الكتب العربيّة، علمًا أنّ القراءة عنصر له من الأهميّة مالا يستهان به في بناء المهارات اللّغويّة [39].
ويبدو أنّ أكثر ما تكون حاجات المتعلّم إلى كثرة القراءة عندما يتعلّم اللّغة العربيّة في معزل عن بيئتها، وأكثر ما يمكن عزو ضعف مهارات التعبير الشفويّ لدى التلاميذ اقتصارهم على دراسة ومذاكرة الكتب المدرسيّة، وقلّة الاكتراث بالكتب والمجلّات والصحف الثقافيّة الأخرى، وهجران الطلبة للمكتبات، وقلّة التدريب على تنمية المهارات اللّغويّة، فاللّغة ظاهرة طبيعيّة لا يتمّ اكتسابها إلا بالتدرّب والتمرّن. وتعدّ قلّة الأنشطة الطلابيّة في المؤسّسات التعليميّة، وضعف فاعليتها عاملًا فرعيًّا آخر مسؤولًا عن هذا الضعف، ويشكل تحدّيًا كبيرًا أمام رفع درجة مهارات التعبير الشفويّ لدى المتعلّمين[40].
إنّ غياب الأنشطة اللامنهجيّة القادرة على إمداد التلاميذ بوسائل رفع مهاراتهم الشفويّة في المؤسّسات التعليميّة العربيّة من العوامل المحتملة لهذه المشكلة، وتمثل عقبة ضخمة تحول دون نجاح تعليم اللّغة العربيّة، ومن الأسباب المحتملة عن هذا الضعف في التعبير الشفويّ بروز الحالات النفسيّة المتمثّلة في الخجل والشعور بالنقص، إذ إنّ عددًا كبيرًا من المتعلّمين ينفرون من التعبير، فبناء الثقة بالنفس في متعلّم اللّغة يبثّ روح الطمأنينة والاستقرار في شخصيّة المتعلّم ما يجعله ميالًا إلى الطلاقة باللّغة المستخدمة، ويسلبه الخوف من الوقوع في الخطأ أثناء الكلام، وينمّي فيه الجرأة على التعبير الشفويّ[41].
د – توظيف اللغة :
إنّ من أبرز صعوبات تعليم اللّغة العربيّة إهمال جانب توظيف اللّغة، وعدم ممارستها في الحياة العمليّة، وحكر تعليمها على الكتابة والقراءة دون التحدّث بها والاستماع إليها، إذ نلاحظ أنّ عددًا من التلاميذ غير قادرين على استعمال اللّغة الّتي تعلّموها في مجالات التعبير، فيفتقدون إلى الإدراك في كيفيّة استثمار مفردات اللّغة العربيّة حين يقومون بالتواصل الشفهيّ مع الآخرين أو في مجال التخاطب وإلقاء الكلمات أمام حشد من الحضور، أكان في احتفال مدرسيّ أو في تسميع ما حفظوه من دروس لغويّة، الأمر الذي يجعل الكثير من المربين يهتمون بهذه المشكلة ويسعون للتخلّص منها، وذلك من خلال توظيف اللّغة توظيفًا فاعلًا، بحيث يضطر التلاميذ إلى التخاطب فيما بينهم بلغة عربيّة واضحة وصحيحة. ففي بعض المدارس، يلجأ بعض المعلمين إلى إقامة حوارات ونقاشات داخل الصف بين التلاميذ، لكي يتمرّنوا على التعبير الصحيح وعلى التعبير عن آرائهم في موضوع النقاش أو الحوار، فضلًا عن أنّ كفاءة التلميذ في مهارات التعبير الشفويّ تجعل له قدرة لغويّة كافية يستطيع توظيفها في محيطه الذي يعيش فيه، كما تتوثّق علاقته مع بيئته الّتي ينتمي إليها.
وإزاء هذه الأسباب أو المشاكل الّتي تعترض طريق المتعلّمين في تخطّي صعوبات التعبير الشفهيّ، كان لا بدّ أن نعرض عددًا من الحلول الناجعة الّتي نراها قد تترك أثراً إيجابيًّا في مجال التحسين والتطوير، ومنها:
- أنشطة التواصل الشفهيّ :
على المعلّمين أن يسعوا لتنظيم الأنشطة التواصليّة في المدرسة بهدف إشراك التلميذ في تحسين قدراته التعبيريّة في المواقف التي تتطلّب أعمالًا شفويّة، كأن يتمّ تنظيم أنشطة تطبيقيّة لها معنى عند المتعلم وتستهدف تقوية مهارات كلاميّة – لغويّة. إذ يُطلب منهم تنفيذ مسرحيّات صغيرة يعدّها المعلّم أو التلاميذ بأنفسهم، مكوّنة من تلميذين أو ثلاثة وليس أكثر، وينفذّون العمل داخل الصف أمام مسمع ومرأى بقيّة زملائهم، ويبدأون العمل بإشارة من المعلّم، فيتخاطبون بلغة صحيحة وراقية وبعيدة عن الألفاظ الصعبة والمعقّدة، خصوصًا أنّ الكلام يكون قد تمّ حفظه في ذاكرتهم قبل البدء بالعمل المسرحيّ.
إنّ هذا النشاط التطبيقيّ في مجال التعبير الشفهيّ يُسهم بشكل فعّال في زرع الثقة بالنفس في نفوس المتخاطبين، وفي تدعيم قاموسهم اللغويّ وفي تقوية ذاكرتهم إذ يتمّ دعمها بالكلمات المنطوقة بطريقة صحيحة بناء على النص المحفوظ بأسلوب تقنيّ على يد معلّمين وتربويّين متخصًّصين في هذا المجال.
- استثمار الحكاية :
تعدّ الحكاية من الأنشطة التواصليّة المهمّة في مجال تحسين القدرات التعبيريّة عند التلاميذ، إذ يمكن تدريبهم على قراءة قصّة أو حكاية قصيرة لا تتعدّى أسطرًا قليلة، فيقرأها التلميذ أكثر من مرّة، ويتدرّب على نطق كلماتها بطريقة سليمة، ومن ثمّ يقف أمام زملائه ويبدأ بسردِ هذه الحكاية عليهم وكأنّه يقوم بتمثيلها، وهذا الأمر قد يساعده على تخطّي عقدة الخوف، ويزرع في قلبه الحماسة حين يرى الزملاء متوجّهين بأنظارهم إليه.
إنّ اعتماد الحكاية في مجال التعبير الشفويّ، من الأساليب التربويّة الناجحة، لأنّها تساعد التلميذ على التكيّف مع زملائه في الصفّ ومع المجتمع بصورة عامة حيث يعيش، فضلاً عن تحقيق الألفة والأمن، ويعوّده على المواجهة، ويغرس فيه الجرأة، ويعدّه للمواقف القياديّة والخطابيّة ويقوده إلى التعزيز الذاتيّ. كما يُتيح فرص التدريب على المناقشة وإبداء الرأي، وهو أساس بناء الشخصيّة السويّة، القادرة على التفاعل الاجتماعيّ السليم داخل المدرسة وخارجها [42].
تعتبر القصّة من أفضل الأساليب التي تستخدم لنقل المعلومات وتعلم التاريخ، والتعبير منذ الأزل، فتساعد المتعلّمين على جذب انتباههم وتكسبهم الكثير من الحقائق بصورة واضحة . كما تساعد على تعليمهم المثل العليا بطريقة شيّقة ومسلية، وتساعد على خلق حالة من التكاتف بين بعضهم بعضا ونشوء علاقة مشتركة بين القاصّ ومستمعيه، فالقصّة لها دور فعّال في بناء الثروة اللغويّة، وهي وسيلة تربويّة تغني مخيلة التلميذ بالأفكار[43] ، لأنّها تساعد في بناء عقلية التلميذ، وتعد من أنجع الوسائل في تعليم اللّغة الفصحى والتزويد بالمفاهيم الجديدة التي تضاف إلى الرصيد اللّغويّ وتعوّده حضور البديهة وسرعة النقد والتعليل[44].
- المناقشة الشفهيّة:
إنّ إقامة أيّ حوار أو مناقشة بين التلاميذ يُسهم في حلّ عقدة الخوف من الكلام ومن التعبير الشفهيّ عندهم. فكثير من المتعلّمين يواجهون الخوف والارتباك حين يُطلب إليهم أن يتكلموا أو يشرحوا فكرة أو يسمّعوا درساً كان من الواجب أن يتدرّبوا على حفظه. فالمناقشة الشفهية التي يكوّنها المعلم الناجح تساعد على تقوية التعبير الشفويّ. لأنها إذا نجحت في تأدية الأهداف التي من أجلها نفّذت، تكون قد أنجحت العمليّة التعليميّة، وأخرجت المتعلّمين من مشاكل التقوقع والانطواء، وجعلتهم يتغلبون على المعاناة، والتخلّص من التأتأة والتلعثم والخوف[45] . لهذا يتبيّن، بدون أدنى شك، بأنّ التعبير الشفويّ ترتكز أهميته حين يتمّ نجاح التواصل مع الآخرين، وذلك حينما يُقدم المتعلّم على التعبير عن مشاعره وآرائه ونقلها إلى الآخرين من دون خوف أو ارتباك. ولكيّ يتمّ له ذلك بطريقة سليمة عليه أن يتدرّب ويتمرّن على المناقشة التواصلية مع الغير، وعلى خوض حوارات حول بعض المواضيع التي تنعش الذاكرة وتدعم مخزونه اللغويّ.
إنّ فكرة المناقشة في مجال التعبير الشفويّ تنمّي قدرة المتعلّمين على انتقاء الألفاظ والمعاني وعلى تقديم الصيغ المناسبة لتحقيق الإقناع والإمتاع، كما تساعدهم على تعقّب كلام أو حديث المحاور أو المناقش الآخر، وتنمية القدرة على تحديد الخطأ الواضح في أثناء النقاش، والقدرة على الإلمام بنتائج الحوار وإتقان المواقف الخطابيّة. كما تساعد المناقشة البنّاءة على تعليم التلاميذ أصول آداب التحدث والحوار، وتنمّي لديهم طاقة الاستماع واختيار الوقت المناسب للتعبير عن الفكرة واستيعاب أفكار الآخرين، وأصول المشاركة وفنّ اللباقة [46] .
إنّ غياب النشاط اللغويّ التواصليّ باللّغة العربيّة، وتغليـب الفعل اللغويّ في التعبير هو ما أوصل دروس التواصل الشفهيّ إلى الأزمة. فغابـت التفـاعلات التواصليّة بأبعادها الثقافيّة والاجتماعيّة . إنّ مفهوم التواصل الشفهيّ أشمل من حصـر التعـبير الشفهيّ في هواجس لغويّة صرفة. والكفاية التواصليّة شاملة لقدرات لسانية ومعرفيّة وتداوليـّة تمكن من اكتساب اللّغة واستعمالها شفهيًّا وكتابيًّا في سياقات مختلفة ولتلبية حاجات ومواقف متعدّدة يصطنعها المعلّم أو المعلّمة تكون قريبة من حياة المتعلمين [47]. و تبقى الوحدات الأساس لتعلّم اللّغة هي أفعال الكلام . وهذه أبرز الإجراءات التدبيريّة للدّرس [48] :
- قدرة المتعلّم على إنتاج جمل متنوعة لتكوين نصًّا خطابيًّا أو نصّاً أدبيًّا.
- تنظيم مواقف تساعد التلاميذ على تقوية مهارات كلاميّة معيّنة تستخدم في التواصل الشفهيّ.
- تكوين أفعال كلاميّة وأساليب إنشائيّة من أمر ونهي وطلب ، بهدف تطبيق الوظيفة التأثيريّة للّغة العربيّة [49].
إذاً، يمكن اقتراح بعض العلاجات التي تسهم في التخفيف من صعوبات التعبير الشفهيّ، عبر وسائل تربويّة مفيدة لمثل هذه الحالات ومن أبرز هذه العلاجات:
- أن يعتمد المربّي على طريقة لتدريب التلاميذ على النطق الجيّد، بأن يسهم هو في تنظيم صوته، من حيث العلوّ والانخفاض عند وجود ضرورة للنبر. ويقرأ على مسمع تلاميذه نصًّا واضح الكلام وسهل الأحرف، بطريقة مثيرة للاهتمام، فيتوقّف عند الفواصل والنقاط، ويرفع صوته عاليًا مع وجود الألف الممدودة، وأن يصمت عند وصوله للنقطة.
- على المربّي أن يعمد إلى قراءة نصوص شعريّة، لأنّه في هذه الحالة يتحكّم بالإيقاعات الموسيقيّة وبرنين الأحرف، ويبرز القافية والرويّ، فيرتاح التلميذ لمثل هذا النوع من الكلام ويحاول أن يقلّد المعلم بإعادة قراءة النص الشعريّ كما قرأه المعلّم. فهذه الطريقة تعتبر من أنجح الطرق في مساعدة التلاميذ ذوي الصعوبات التعلميّة على نموّ قدرتهم في التعبير الشفويّ.
- من الضروريّ أن يعتمد المعلّم على تلاميذه واحدًا واحدًا في قراءة نصّ كلاميّ من الكتاب، وأن يتدخّل للتصحيح اللفظيّ لمن يُخطئ في لفظ الكلام، فهذه الطريقة تدعم قدرات التلاميذ على التخلّص من حالتهم النفسيّة، وتشجّعهم على المتابعة وتنمية قدرة التعبير الشفويّ لديهم.
هناك طرق عديدة لتدعيم قدرات التلاميذ على النجاح في التخلّص من صعوبة التعبير الشفويّ أو التخفيف من حدّتها، ويبقى ما ذكرناه جزءًا من هذه الطرق، قد تفتح المجال، فيما بعد، للباحثين على أن يقدّموا لوضع الخطط والاستراتيجيّات للتخلّص من هذه الصعوبات أو التخفيف من أضرارها التربويّة.
خاتمة :
بعد أن استعرضنا الصعوبات التعلميّة التي يعانيها قسم كبير من التلاميذ، وبعد أن بحثنا في الأساليب والطرق المساعدة على التخفيف من هذه المشاكل، رأينا أن نضع خلاصة لما تطّرقنا إليه من خلال هذا البحث. فمن أبرز ما توصلنا إليه ما يأتي :
– على صعيد صعوبات الكتابة، يمكن تدريب المتعلّم على كلمات مفردة مختارة من كتب القراءة، بهدف دفعه إلى تذكّر هذه الكلمات، وكتابتها بصورة صحيحة، ممّا يساعد على ترسيخها في ذهنه. ومن المستحسن أن تسهم عمليّة تدريس أصول الكتابة الصحيحة في تحقيق الوظيفة الأساسيّة للّغة، وهي الفهم والإفهام والاتّصال. ومن الضروري العمل على تقوية ذاكرة المتعلّم البصريّة، لأنّها القادرة على حفظ واسترجاع الخبرات السابقة، والقادرة على تعديل سلوكه بعد الاستفادة من الخبرة السابقة، وذلك لأنّها، في المفهوم العلميّ، نشاط عقليّ معرفيّ مستقلّ عن الوظائف العقليّة. وهذه الذاكرة قادرة على استدعاء مثيرات بصريّة سبق تعلّمها.
– على صعيد الصعوبات اللغويّة، فقد تبيّن لنا أنّ مهارات ما وراء اللّغة تساعد على إيقاظ الوعي لدى الطفل وتعرّفه إلى طبيعة وخصائص اللّغة، ويظهر هذا بوضوح عندما يلعب الأطفال لعبة الكلمات، وكيفية تركيبها داخل علبة مخصّصة لذلك. حيث يستخدمون كلمات تنتهي بنفس الحرف، أو تبدأ بنفس الحرف، ويعتبر الاستماع من أكثر أشكال اللغة ظهورًا، لأنه يعرّف المستمع إلى الكثير من الألفاظ والمفردات التي ترسخ في ذهنه عندما يكون مستمعًا باهتمام إلى ما يُقال على مسمعه. ثمّ تأتي المحادثة في المرحلة الثانية، ومن ثمّ تتراكم الخبرات لتصل إلى اللغة المكتوبة ، فالخبرة اللغويّة المبكرة تشكّل القاعدة المتينة للقراءة.
– على صعيد صعوبات التعبير، فقد تبين أنّ من أفضل الطرق لمعالجة صعوبة التعبير الشفهيّ هي الطريقة التي تعتمد على معالجة الجانب الصوتيّ في هذه الصعوبة. وتعتمد هذه الطريقة على مجموعة من الأنشطة المتنوّعة لمعالجة كلّ صعوبة، واستخدام العديد من الوسائل السمعيّة والبصريّة كالصور، والاستماع إلى تسجيلات صوتيّة واضحة، إضافة إلى ما يقوم به التلاميذ بأنفسهم، كالمناقشات في مجموعات داخل الصّف، وإجراء محادثات، واستعمال البطاقات الورقيّة، والطلب من بعض التلاميذ أن يرسل رسائل صوتيّة من خلال آلات مخصّصة لذلك والاستماع إليها، بهدف تصحيح النطق عند المتعلّم.
كما على المعلمين أن يسعوا لتنظيم الأنشطة التواصليّة في المدرسة بهدف إشراك التلميذ في تحسين قدراته التعبيريّة في المواقف التي تتطلّب أعمالًا شفويّة، كأن يتم تنظيم أنشطة تطبيقيّة لها معنى عند المتعلم وتستهدف تقوية مهارات كلاميّة – لغويّة لديه.
مراجع البحث
- أمل زكي 2009، صعوبات التعبير الشفهيّ، التشخيص والعلاج، المكتب الجامعيّ الحديث، القاهرة
- أحمد، م. ن. 2013. مشكلات تعليم اللّغة العربية وتعلّمها في أفريقيا. مجلة قراءات في شؤون القارة الإفريقية
- أسعد أبو الديار؛2012، الذاكرة العاملة وصعوبات التعلّم، مركز تقويم وتعليم الطفل، الكويت
- البيلاوي، ح. ح. 2008. الجودة الشاملة في التعليم بين مؤشرات التمييز، ومعايير الاعتماد، والأسس والتطبيقات. عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع
- جاد البحيري، 2004، الدسلكسيا، كيف يمكن للمدرس المساعدة واستراتيجيّة لتدريس المعسّرين قرائيًّا، المؤتمر الدوليّ لصعوبات التعلّم، السعودية.
- حسن عبد الباري عصر 2013،تعليم اللغة العربيّة في المرحلة الابتدائيّة، الدار الجامعيّة للطبع والنشر والتوزيع، الاسكندرية، مصر
- الخولي، م. ع. 1999 العوامل المؤثرة في اكتساب اللغة الثانية. الرياض، حولية كلية التربية، السنة السابعة
- رشدي أحمد طعمة، 2000، تدريس اللغة العربية في التعليم العام نظريات وتجارب، دار الفكر العربي، القاهرة،
- زيدان السرطاوي، كمال سيسالم 1987، المعاقون أكاديميًّا وسلوكيًّا، خصائصهم وأساليب تربيتهم، دار عالم الكتب، الرياض
- سيد أحمد عثمان، 1990، صعوبات التعلم، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.
- عبد الرزاق المجذوب، 2015، ديداكتيك- التعبير الشفهي باللغة العربية، جامعة القاضي عياض، مراكش، المغرب
- عبد العزيز السرطاوي، وائل أبو جودة 2000، اضطرابات اللغة والكلام، أكاديميّة التربية الخاصة، الرياض، السعوديّة
- على آيتأوشان، اللسانيات والديداكتيك ، 2005، دار الثقافة ،مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء
- عيسى، أ. . 2013. ضعف ملكة التعبير لدى طلاب اللغة العربية- أسبابه والوسائل الناجعة في علاجه. لا م. لا ن.
- فاطمة حاج صابري، 2005، عسر القراءة النمائيّ وعلاقته ببعض المتغيّرات الأخرى، رسالة ماجستير، جامعة ورقلة، الجزائر
- فتحي الزيات 2002، المتفوقون عقليا ذوو صعوبات التعلم، دار النشر للجامعات، القاهرة
- فتحي الزيات، 1998 صعوبات التعلم- الأسس النظريّة والتشخيصيّة والعلاجيّة، دار النشر للجامعات، القاهرة.
- كوكب دياب، 2012، الاتجاهات الحديثة في تعليم مهارات اللغة العربيّة، الموسوعة التربويّة، بيروت
- ماهر محمود هلال ، محمد احمد عجاوي ,1994رياض الاطفال على التحصيل الاكاديمي، المجلة العربية للتربية، العدد14
- محمد النوبي محمد علي،2011، صعوبات التعلّم بين المهارات والاضطرابات، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن
- محمد عوض الله سالم، مجدي الشحات، أحمد عاشور، صعوبات التعلم، 2008، التشخيص والعلاج، دار الفكر، عمان
- محمود سالم، 2006، صعوبات التعلّم- التشخيص والعلاج، دار الفكر، عمان
- محمود علي كامل،2005، صعوبات التعلم الأكاديمية بين الفهم والمواجهة، الاسكندرية للكتاب، مصر،
- محمود محسن، زياد البوريني 1989، البسيط في اللغة العربية، دار الكندي، الأردن
- مرتضى ، ع. ح. وزيد، ب. م. ع 2016 أثر استراتيجية المناقشة النشطة في الأداء التعبيري لدى طالبات الصف الرابع العلمي. مجلة التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية
- مروة حسن، 1987، تأخّر نموّ اللغة عند الطفل، جامعة عين شمس، القاهرة
- نصيرة كبير، 2017، أهمية التعبير الشفهي وتقنيات تدريسه، المجلة التعليمية، العدد 9، الجزائر.
- Harris, D. and others (1993) : Tourtte’s syndrome and learning disorders .
- Kuder, S. (1996). Teaching students with language and communication disabilities. Boston, London: Allyn & Bacon.
- Lerner, J. (1992). Children with learning disabilities. Boston: Hou- ghton Mifflin company
- Lerner,J. Learning Disabilities , Wadsworth Language learning, USA
- -Siegel, L. (1992). An evaluation of the discrepancy definition of Dyslexia . Journal of Learning Disabilities,
[1] – أسعد أبو الديار، 2012، الذاكرة العاملة وصعوبات التعلم، مركز تقويم وتعليم الطفل، الكويت، ص33
[2] – محمد عوض الله سالم، مجدي الشحات، أحمد عاشور، 2008، صعوبات التعلم التشخيص والعلاج، دار الفكر، عمان، ص 25
[3] – محمد النوبي محمد علي،2011، صعوبات التعلم بين المهارات والاضطرابات، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ص 30
[4] – عمراني زهير، 2014، ماهية عسر الكتابة بين صعوبات التعلم النمائيّة، مجلة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، العدد 16، الجزائر، ص 10
[5] – جمال الهواري،
[6] – الديسكرافيا هو اضطراب يسبب صعوبة كبيرة في الكتابة اليدوية (إما في الخط أو في الإملاء أو فيهما معاً) ويقلل من قدرة الشخص على كتابة الحروف والكلمات يدويًّا بشكل سليم، كما يقلل من القدرة على الترميز الإملائيّ. واضطراب عسر الكتابة غالباً ما يكون مصحوبًا ببعض الاضطرابات الأخرى كاضطراب عسر القراءة ( الديسليكسيا) واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أو اضطراب التنسيق التنمويّ.
[7] – محمود علي كامل، صعوبات التعلم الأكاديمية بين الفهم والمواجهة، الاسكندرية للكتاب، مصر، 2005، ص 67
[8] – فتحي الزيات، 2008 صعوبات التعلّم، دار النشر للجامعات، القاهرة، مصر، ص 234.
[9] – محمود علي كامل، 2005 صعوبات التعلم الأكاديمية بين الفهم والمواجهة، الاسكندرية للكتاب، مصر، ص 51
[10] – المرجع نفسه، ص 67
[11] – فتحي الزيات 2002، المتفوقون عقليا ذوو صعوبات التعلم، دار النشر للجامعات، القاهرة، ص.374
[12] – Lerner,J. Learning Disabilities , Wadsworth Language learning, USA.p.233
[13] – فتحي الزيات: المتفوقون عقليا ذوو صعوبات التعلم، مرجع سابق، ص 348
[14] – محمود سالم، صعوبات التعلّم- التشخيص والعلاج، دار الفكر، عمان، 2006، ص 87
[15] – كوكب دياب، الاتجاهات الحديثة في تعليم مهارات اللغة العربيّة، الموسوعة التربويّة، بيرو، 2012، ص 498
[16] – كوكب دياب، الاتجاهات الحديثة في تعليم مهارات اللغة العربيّة، مرجع سابق، ص 430
[17] – سيد أحمد عثمان، 1990، صعوبات التعلم، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ص 19.
[18] – Harris, D and others (1993) : Tourtte’s syndrome and learning disorders . The learning disabilities of America conference . san Francisco
[19] – فتحي الزيات، 1998 صعوبات التعلم- الأسس النظريّة والتشخيصيّة والعلاجيّة، دار النشر للجامعات، القاهرة. ص 450
[20] – نصرة جلجل 1993، تشخيص العسر القرائي غير العضوي لدى عينة من تلاميذ الحلقة الاولى من التعليم الأساسي مع دراسة تفاعلية برنامج مقترح، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة طنطا، القاهرة، ص 10.
[21] – فتحي الزيات، 1998 صعوبات التعلم، مرجع سابق،.ص 454.
[22] – الدسلكسيا Dyslexia هي صعوبة تعلّم خاصة عصبيّة المنشأ، تتميز بمشكلات في دقة أو سرعة التعرف على المفردات والتهجئة السيئة. وهذه الصعوبات تنشأ في العادة من مشكلة تصيب المكوّن الفونولوجي (الأصواتيّ) للغة ودائماً غير متوقعة عند الأفراد إذا ما قورنت بقدراتهم المعرفيّة الأخرى مع توافر وسائل للتدريس الفعالة. والنتائج الثانويّة لهذه الصعوبات قد تتضمّن مشكلات في القراءة والفهم وقلة الخبرة في مجال القراءة التي تعيق بدورها نموّ المفردات والخبرة عند الأفراد .
( جاد البحيري، الدسلكسيا، كيف يمكن للمدرس المساعدة واستراتيجيّة لتدريس المعسّرين قرائيًّا، المؤتمر الدوليّ لصعوبات التعلّم، السعودية، 2004)
[23] – فاطمة حاج صابري، 2005، عسر القراءة النمائيّ وعلاقته ببعض المتغيّرات الأخرى، رسالة ماجستير، جامعة ورقلة، الجزائر، ص 35.
[24] – عبد العزيز السرطاوي، وائل أبو جودة 2000، اضطرابات اللغة والكلام، أكاديميّة التربية الخاصة، الرياض، السعوديّة، ص 23.
[25] -Siegel, L. (1992). An evaluation of the discrepancy definition of Dyslexia . Journal of Learning Disabilities, , 61
[26] – Kuder, S. (1996). Teaching students with language and communication disabilities. Boston, London: Allyn & Bacon.
[27] – Lerner, J. (1992). Children with learning disabilities. Boston: Hou- ghton Mifflin company
[28] – المرجع السابق، ص 45
[29] – مروة حسن، 1987، تأخّر نموّ اللغة عند الطفل، جامعة عين شمس، القاهرة، ص 45
[30] – سيد أحمد عثمان، 1990: صعوبات التعلم، مكتبة الأنجلو المصريّة، القاهرة، ص 30.
[31] – محمود محسن، زياد البوريني 1989، البسيط في اللغة العربية، دار الكندي، الأردن، ص 92.
[32] – سيد أحمد عثمان، 1990: صعوبات التعلم، مرجع سابق، ص 45.
[33] – زيدان السرطاوي، كمال سيسالم 1987، المعاقون أكاديميًّا وسلوكيًّا، خصائصهم وأساليب تربيتهم، دار عالم الكتب، الرياض، ص 121
[34] – أمل زكي 2009، صعوبات التعبير الشفهي، التشخيص والعلاج، المكتب الجامعي الحديث، القاهرة ص 276
[35] – أمل زكي، صعوبات التعبير الشفهي، مرجع سابق ، ص 240
[36] – المرجع نفسه، ص 132
[37]– مرتضى ، ع. ح. وزيد، ب. م. ع 2016 أثر استراتيجية المناقشة النشطة في الأداء التعبيري لدى طالبات الصف الرابع العلمي. مجلة التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية، ص 9.
[38]– البيلاوي، ح. ح. 2008. الجودة الشاملة في التعليم بين مؤشرات التمييز، ومعايير الاعتماد، والأسس والتطبيقات. عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع
[39] – عيسى، أ. . 2013. ضعف ملكة التعبير لدى طلاب اللغة العربية- أسبابه والوسائل الناجعة في علاجه. لا م. لا ن.
[40] – أحمد، م. ن. 2013. مشكلات تعليم اللغة العربية وتعلمها في أفريقيا. مجلة قراءات في شؤون القارة الإفريقية، ص 56
[41] – الخولي، م. ع. 1999 العوامل المؤثرة في اكتساب اللغة الثانية. الرياض، حولية كلية التربية، السنة السابعة،، ص 347
[42] – حسن عبد الباري عصر 2013،تعليم اللغة العربيّة في المرحلة الابتدائيّة، الدار الجامعيّة للطبع والنشر والتوزيع، الاسكندرية، مصر، ص 59
[43] – ماهر محمود هلال ، محمد احمد عجاوي ,1994رياض الاطفال على التحصيل الاكاديمي، المجلة العربية للتربية، العدد،14 ، ص158.
[44] – مرجع نفسه، ص ١٦٠
[45] – رشدي أحمد طعمة، 2000، تدريس اللغة العربية في التعليم العام نظريات وتجارب، دار الفكر العربي، القاهرة، ص 13.
[46] – نصيرة كبير، 2017، أهمية التعبير الشفهي وتقنيات تدريسه، المجلة التعليمية، العدد 9، ص 4، الجزائر.
[47] – عبد الرزاق المجذوب، ديداكتيك- التعبير الشفهي باللغة العربية، 2015،جامعة القاضي عياض، مراكش، المغرب، ص 150
[48] – على آيتأوشان، اللسانيات والديداكتيك ، 2005، دار الثقافة ،مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء.ص85 .
[49] – عبد الرزاق المجذوب، ديداكتيك، مرجع سابق، ص 151
عدد الزوار:1120