قراءة في رواية “ما تبقّى لكم”
قراءة في رواية “ما تبقّى لكم”
“Ce qui reste pour vous” Ghassan Kanafani
منيرة جهاد الحجار
Mounira Jihad El hajjar
تاريخ الاستلام 17/3/2024 تاريخ القبول 1/4/2024
الملخّص
تعالج هذه القراءة في رواية “ما تبقّى لكم” لغسّان كنفاني دوائر العلاقات، العوامل والممثّلين، وتتطرّق كذلك إلى دراسة الشّخصيّات، ودراسة الفضاءات الزّمانيّة والمكانيّة، وصولًا إلى المربّع السّيميائيّ.
قسّمت هذه الدّراسة إلى عناوين كبرى هي: مكوّنات النّموذج العامليّ، الشّخصيّات ورمزيّتها، الفضاء المكانيّ، والفضاء الزّمانيّ، والمربّع السّيميائيّ، يندرج تحتها عناوين فرعيّة، فتناولت القراءة الحديث تحت عنوان مكوّنات النّموذج العامليّ، عن العامل الذّات، والعامل الموضوع، والعامل المرسِل، والعامل المرسَل إليه، والعامل المساعد، والعامل المعاكس، مع إظهار العلاقات فيما بينها، وقد أُرفقَت الدّراسة بترسيمة تسهم في توضيح هذه العلاقات، وتناولت الدّراسة معالجة الشّخصيّات ورمزيّتها من حيث الدّور، ومن حيث الظّهور والتّأثير، أمّا على صعيد الفضاء المكانيّ فتنقّلت القراءة بين غزّة، والصّحراء، والسّاعة، وعلى صعيد الفضاء الزّمانيّ فقد قُسّم الزّمن إلى ثلاثة عناوين فرعيّة، تنوّعت بين زمن ما قبل الاعتداء، وزمن الاعتداء، وزمن ما بعد الاعتداء، واختتمت الدّراسة بمربّع سيميائيّ يظهر التّناقض بين الاعتداء والصّون انطلاقًا من الأخلاق.
تعالج هذه القراءة الإشكاليّة الآتية: كيف تجلّت دوائر العلاقات بين شخصيّات “ما تبقّى لكم”؟ وإلى أيّ مدى تأثّرت هذه الشّخصيّات بالمكان والزّمان؟ وكيف برز ذلك؟
وتوصّلت الدّراسة إلى ظهور علاقة الرّغبة بين الذّات والموضوع، في علاقة إرسال بين المرسِل والمرسَل إليه، مقابل علاقة صراع بين العوامل المساعدة، والمعاكسة انتهت بسيطرة حامد أي العامل الذّات على الجنديّ وهو من العوامل المعاكسة، وقد ظهرت الشّخصيّات متأثّرة بالمكان والزّمان، وكان لها رمزيّاتها الّتي تتمحور حول موضوع أساس، بطريقة سرديّة إبداعيّة، لتكون الكلمة عنصرًا مجاهدًا في سبيل القضيّة الفلسطينيّة، لتخرج القضيّة من إطارها الضّيّق ووتصبح قضيّة عامّة تتناقلها الشّعوب وتدافع عنها.
الكلمات المفاتيح: العوامل – الشّخصيّات – الزّمان – المكان – المربّع السّيميائيّ – القضيّة الفلسطينيّة – غزّة
Résumé
Cette lecture du roman de Ghassan Kanafani « Ce qui reste pour vous » traite des cercles de relations, de facteurs et d’acteurs, ainsi que de l’étude des personnalités, de l’étude des espaces temporels et spatiaux, et du carré sémiotique.
Cette étude a été divisée en titres principaux : les composants du modèle de travail, les personnalités et leur symbolisme, l’espace spatial, l’espace temporel et le carré sémiotique, sous lequel les sous-titres sont inclus, de sorte qu’elle traitait la lecture en parlant sous le titre des composantes du modèle de travail, sur le facteur soi, le travailleur du sujet, l’agent du destinataire, le co-agent, le facteur auxiliaire et le facteur opposé, tout en montrant les relations entre eux. L’étude a été jointe à un shéma qui contribue à clarifier ces relations, en plus l’étude a traité les personnalités et de leur symbolisme en termes de rôle, et en termes d’apparence et d’influence. Au niveau de l’espace spatial, la lecture s’est déplacée entre Gaza, le désert et l’horloge, et au niveau de l’espace temporel, le temps a été divisé en trois sous-titres, qui variaient entre le moment de pré-agression, le moment de l’agression et le temps post-agression. L’étude s’est conclue par un carré sémiotique qui montre la contradiction entre l’agression et la protection basée sur l’éthique.
Cette lecture aborde la problématique suivante : Comment les cercles de relations se sont-ils manifestés entre les personnalités de « ce qui reste pour vous »? Et dans quelle mesure ces personnalités ont-ils été affectés par l’espace et le temps ? Et comment cela a-t-il apparu ?
L’étude a abouti à l’émergence de la relation de désir entre le soi et le sujet, dans une relation de transmission entre l’expéditeur et le destinataire, contrairement à une relation de conflit entre les facteurs auxiliaires, et le contraire s’est terminé avec le contrôle de Hamed sur le soldat, qui est l’un des facteurs opposés, et les personnalités semblaient influencées par l’espace et le temps, et avaient leurs symboles qui tournent autour d’un sujet de base, d’une manière narrative créative, de sorte que le mot serait un élément d’effort pour la cause palestinienne, pour sortir la question de son cadre étroit et devenir une question publique transmise et défendue par les peuples.
Mots-clés : Facteurs – personnalités – Temps – Lieu – carré Sémiotique – Cause palestinienne – Gaza
مقدّمة
رواية “ما تبقّى لكم” للرّوائيّ الفلسطينيّ “غسّان كنفاني” (1936 – 1972)، تحدّثت الرّواية عن القضيّة الفلسطينيّة على ألسنة شخصيّاتها بطريقة رمزيّة، تروي قصّة مريم الفتاة الّتي تعرّضت للاعتداء من قبل زكريّا، ثمّ تزوّجها بعد أن قبل أخوها حامد بهذا الزّواج فقط من أجل التستّر على الفضيحة، فزكريّا بالنّسبة إلى حامد هو رجل نتن كما كرّر ذلك في الرّواية “إنّه نتن” (كنفاني، 1966، ص21)، ولم يستطع حامد المواجهة فقرّر الهروب من غزّة لعلّه يصل إلى أمّه في الأردن، بعد اجتيازه للصحراء المحفوفة بالمخاطر حيث كان يردّد دائمًا: “لو كانت أمّي هنا”، وكان زكريّا دائمًا ينعته بالصّغير “هذا الصّغير لا يطيق سماع صوتي” (ص27)، فلم تربطهما علاقات ودّ قطّ.
واستنادًا إلى هذه الرّواية كيف تجلّت دوائر العلاقات بين شخصيّات “ما تبقّى لكم”؟ وإلى أيّ مدى تأثّرت هذه الشّخصيّات بالمكان والزّمان؟ وكيف برز ذلك؟
1- مكوّنات النّموذج العامليّ
يتحدّد النّموذج العامليّ الّذي وضعه غريماس لدراسة الأعمال السّرديّة بناء على الأدوار السّرديّة، والعلاقات بينها، في ستّة عوامل تأتلف في ثلاث علاقات (فرحات، 2022، ص27)، ويظهر لنا النّموذج العامليّ كالآتي:
العامل الذّات
يمثّل حامد وهو الشّخصيّة الرّئيسة في الرّواية، العامل الذّات.
العامل الموضوع
يرغب حامد في تحقيق العامل الموضوع المتمثّل في الوصول إلى الأمّ من أجل الوصول إلى السّلام النّفسيّ.
العامل المرسِل
الإحساس بالذّلّ والضّعف وعدم القدرة على المواجهة.
العامل المرسَل إليه
حامد، والشّعب العربي عامّة، والفلسطينيّ خاصّة.
العامل المساعد
شكّلت خطيئة مريم العامل المساعد الأوّل في عزم حامد على هروبه من غزّة، ثمّ تزويجها للمعتدي تستيرًا لهذه الخطيئة رغم العلاقة العدائيّة الّتي تربط بينهما (حامد وزكريّا) حتى قبل هذا الحدث، كذلك عدم إدلاء مريم بأي إشارة أو كلمة لمنعه من السّفر.
السّاعة المعلّقة على الجدار في غرفة حامد في غزّة كانت عاملًا مساعدًا في تخليد ذكراه ورصد خطواته حتّى بعد غيابه عن غزّة.
قوّة حامد كانت عاملًا مساعدًا في تغلّبه على الجنديّ الّذي صادفه في طريقه في الصّحراء، رغم عدم حمله للسّلاح، وكانت حفنة الرّمل في الصّحراء الخالية من كلّ شيء عاملًا مساعدًا في انتزاع سلاح الجنديّ، واحتفاظه بالسّكين الطّويلة “تيقّنت أنّني أقوى منه” “خليتُ إحدى يديه ونثرتُ حفنة رمل في وجهه” “احتفظت بالسّكين الطّويلة وخلصته من مسدّس الإشارة” (كنفاني، 2014، ص59 – 60).
إفصاح زكريّا عن مشاعره المكبوتة كان عاملًا مساعدًا في إخراج مريم من غفلتها، وانتفاضتها للحفاظ على جنينها، وثورتها ضدّ زكريّا وقتله، خصم حامد “انفتحت فجأة تلك البوابات الرّهيبة […] الّتي كانت تغلق عينيّ” (ص84)، “سمعتُ صوت النّصل يغوص في لحمه” (ص86)، “شخر”، “انتفض”، “تساقط وتكوّم” (ص87)، إذ ترمز هذه الأفعال إلى طريقة موته الذّليلة، فالظّالم لا بدّ له من نهاية تشبهه.
العامل المعاكس
في بداية مسيرة حامد كانت الصّحراء عاملًا معاكسًا، فهي مكان شاسع، غامض، ومخيف “إنّ الصّحراء تبتلع عشرة من أمثاله في ليلة واحدة” (ص15)، كذلك حلول الظّلام “سقط الظّلام تمامًا الآن وسقطت معه ريح باردة صفرت فوق صدر الصّحراء، كأنّها لهاث مخلوق ميت…” (ص16).
عدم حمل حامد للسّلاح خلال انتقاله من غزّة إلى الأردن “افتقدتُ السّلاح فعلًا هنا” (ص58)، كذلك عدم معرفته لكيفيّة استخدام السّلاح أصلًا “لا أعرف كيف يُستعمل” (ص62)، الخوف ” اجتاحني رعب لامثيل له” (ص57)، ثمّ التقائه بجنديّ مسلّح، وإطلاق هذا الجنديّ إشارة ضوء من مسدّسه “أن يطلق رجل ما إشارة من مسدّسه” (ص58)، إضافة إلى اختلاف اللّغة بينهما فلغة حامد عربيّة أمّا الجنديّ فلغته العبريّة “إنّني لا أفهم حرفًا واحدًا ممّا تقول” (ص66)، ساعة اليد “السّاعة مجرّد قيد حديديّ يفرز رعبًا وترقّبًا مشوبًا” (ص41)، كلّها عوامل معاكسة اعترضت حامد خلال مسيرته وحيدًا في الصّحراء.
وتظهر لنا العلاقة بين:
العامل الذات “حامد” والعامل الموضوع “الوصول إلى الأمّ والسّلام النّفسيّ” علاقة رغبة وتواصل، والعلاقة بين العامل المرسِل والعامل المرسل إليه علاقة إرسال، أمّا العلاقة بين العامل المساعد والعامل المعاكس فهي علاقة صراع انتهت بسيطرة حامد على الجنديّ دون معرفة مصيرهما إذ بقيت النّهاية مفتوحة للمتلقّي، واختتمت الرّواية بمقتل زكريّا على يد مريم، الّذي يعدّ المسبّب الرّئيس في هروب حامد وبحثه عن أمّه، وهذا رمز لانتصار الحقّ.
ويمكن لنا إظهار هذه العلاقات وعواملها على الشّكل الآتي:
المرسِل المرسَل إليه
(الإحساس بالذّلّ -حامد
والضّعف، وعدم القدرة -الشّعب العربيّ عامّة والفلسطينيّ
على المواجهة) الذّات – الموضوع خاصّة.
حامد – الوصول إلى الأمّ
لتحقيق السّلام النّفسيّ
المساعِد المناوئ أو المعاكس
– خطيئة مريم – الصّحراء – عدم وجود السّلاح
– عدم معارضتها لسفر حامد – جهل كيفيّة استخدام السّلاح
– السّاعة – قوّة حامد – مواجهة الجنديّ المسلّح – ساعة اليد
– إفصاح زكريّا عن مشاعره – إطلاق إشارة الضّوء -اختلاف اللّغة
2- الشّخصيّات ورمزيّتها
تعدّ الشّخصيّات عنصرًا أساسًا لتفاعل القارئ عاطفيًّا ونفسيًّا وفكريًّا، لذلك فلا بدّ للشّخصيّة أن تكون حيّة تتحرّك أمام القارئ، وتتكلّم حتّى يشعر القارئ أنّه يراها بعينه (فرحات، 2022، ص7)، ولا تجري أحداث الرّواية بشكل منفصل عن الشّخصيّات، إنّما تتفاعل معها، وتتأثّر بها، ولا تنفصل عنها (فرحات، 2010، ص174)، وكلماتها “فاضحة وخالدة، وهي أيضًا جسد وروح” (حمّاد، 2023، ص103)، تحمل القارئ بخياله ليعيش لحظات الرّواية، ويغوص في عمق شخصيّاتها ورمزيّتها، إذ تعدّ الرّموز “وسيلة لولوج القلب البشريّ” (صالح، 2018، ص119)، وفي رواية “ما تبقّى لكم” ظهرت الشّخصيّات في صراع بين الخير والشّرّ، والغريزة، على النّحو الآتي:
- من حيث الدّور
أبطال الرّواية هم: حامد، ومريم، وزكريّا، والسّاعة، والصّحراء، إلّا أنّ حامد هو الشّخصيّة المحوريّة الّتي كانت تتقاطع مع كلّ الشّخصيّات وفي كلّ زمان ومكان من الرّواية، فحتّى في غيابه عن غزّة كان حاضرًا من خلال حديث أخته مريم، ومن خلال السّاعة المعلّقة الّتي كانت ترصد خطواته، وهنا كان “الأدب تعبيرًا لغويًّا فنّيًّا جميلًا عن تجربة إنسانيّة واقعيّة عميقة” (فرحات،2018، ص47)، وقد حملت هذه الرّواية قضيّة مهمّة تمثّلت في القضيّة الفلسطينيّة، وفي إظهار قيمة التّضامن مع الحقّ والإنسانيّة بقالب سرديّ مشوّق، أظهرتها شخصيّات الرّواية وأدوارها.
- من حيث الظّهور والتّأثير:
بدت شخصيّة حامد شخصيّة نامية، فقد تطوّرت مع الأحداث من شخصيّة ضعيفة غير قادرة على المواجهة إلى شخصيّة قويّة واجهت الجنديّ المسلّح بصلابة “تيقّنت أنّني أقوى منه” (كنفاني، 2014، ص59). ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ حامد يمثّل الشّخصيّة الفلسطينيّة الّتي تقوى بسبب ما تتعرّض له من ظلم واعتداء، فتواجه الظّلم بكلّ ما لديها من قوّة حتّى لو افتقدت السّلاح فمعهم عُرفت ثورة الحجارة من دون خوف دفاعًا عن هويّتهم.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ حامد اسم فاعل من الفعل حَمَد، وهو الشّاكر للنّعم، وربطًا بالرواية فإنّ حامد كان حريصًا على مريم إلى أن أصبح مخدوعًا “أنتِ ملطّخة وأنا مخدوع” (ص11)، عندها قرّر الهروب لأنّه لم يستطع المواجهة وحده.
وكذلك شخصيّة مريم بدت نامية، متطوّرة، فهي كانت راضخة في البداية، غير قادرة على حماية نفسها حيث ظهر ذلك منذ بداية الاعتداء، لكنّها تمرّدت عندما طلب منها زكريّا أن تتخلّص من جنينها، بصيص الأمل في الحياة والولادة من جديد؛ فقتلت زكريا ليحيا الأمل من جديد.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ لاسم مريم قدسيّة خاصّة فهو اسم السّيّدة مريم العذراء الطّاهرة، ولا بدّ أنها ترمز إلى الأرض المقدّسة، أرض فلسطين الطّاهرة، أرض الأنبياء، أرض المقاومين الأحرار الشّرفاء الّذين لا تردعهم قوّة في المقاومة لاستعادة ما سُلب منهم بالقوّة، وهي الأرض الّتي تحيي نفسها بنفسها في كلّ مرّة يُخطف منها الأمل في الحياة.
مثّل جنينها تصحيحًا للخطيئة بالزّواج، وكأنّها فرصة لتصحيح الذّات لم يقدّرها زكريّا الّذي لم تغير من نفسيّته الأحداث، وقد مثّل هذا الجنين قتلًا للباطل وخلاصًا للإنسانيّة في موت زكريّا، فما في بطن مريم خلاص لمريم بشكل خاصّ من الظّلم، وخلاص لفلسطين بشكل عام، وهنا تناص ديني برز في أنّ عيسى عليه السّلام مخلّصًا للبشريّة في آخر الزّمان ﴿إذ قالَ اللّهُ يا عيسى إنّي مُتَوفّيكَ وَرافِعُكَ إليّ وَمُطَهِّرُكَ منَ الّذينَ كَفَروا وجاعِلُ الّذين اتّبَعوكَ فوقَ الّذينَ كَفَروا إلى يومِ القيامة﴾ [القرآن الكريم، آل عِمران:55].
أمّا شخصيّة زكريّا فبدت مسطّحة من بداية الرّواية حتّى نهايتها، شخصيّة مراوغة، محتالة، نتنة كما كان يقول عنها حامد، ولا شكّ أنّ زكريّا يمثل دور العميل الّذي يخدع وطنه “دفنتكِ في سروال رجل نتن” (كنفاني، 2014، ص37)، ووصف وجهه بالمربّع الخشن لقساوته في المعاملة وعنفه وخداعه.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ اسم زكريّا له رمزيّة وقد ذكر في القرآن وكان وصيًّا على السّيّدة مريم ﴿فتقبّلها ربُّها بقَبول حَسَنٍ وأنبَتَها نَباتًا حَسَنًا وكفَّلَها زَكَرِيّا﴾ [القرآن الكريم، عمران:37]، إذ كان النّبيّ زكريّا وصيًّا على السّيّدة مريم، وقد حفظ الوصيّة، أمّا هنا في الرّواية فقد مثّل زكريّا دور الخائن للوصيّة، المعتدي الّذي لطّخ قدسيّة مريم.
3- الفضاء المكانيّ
المكان في رواية “ما تبقّى لكم” ليس صامتًا، وهو يؤدّي دورًا فاعلًا في إبراز إبداع الكاتب، ولا يمكن دراسة المكان بمعزل عن الزّمان، “ولا يمكن أن يمرّ المكان بشكل من الأشكال محايدًا، من دون معنى” (إبراهيم، 2015، ص11)، فبعض الأمكنة تحوي معانٍ كثيرة رغم صغرها فلا فرق في الرّواية من حيث الأهمّيّة بين الصّحراء الكبرى وبين غرفة حامد ومريم وبين الساعة المعلّقة على الحائط، وهكذا فإنّ الأمكنة تحوّلت من أشياء جامدة إلى شخصيّات فاعلة لها دورها في خلق أحداث الرّواية، وفي الحقيقة المكان الأوّل الدّافع إلى كتابة هذه الرّواية هي غزّة الّتي تمثّل هويّة الكاتب الّتي تجسّدت في شخصيّاته الرّوائيّة، وقد استخدم أمكنة حقيقيّة لإيهام القارئ بواقعيّة أحداث الرّواية مثال غزة، وهذا ما سمّاه رولان بارت بـ”الأثر الواقعيّ” أي الأثر الإيهاميّ الّذي يُلقى في القارئ (فرحات، 2022، ص26)، كما وإنّ وصف الأمكنة والأشياء في تطوّر السّرد يُسهم في تشويق القارئ وتحريك خياله (زراقط، 1999، ص1029).
تمثّل غزّة الجزء ويراد بها الكلّ، يراد بها فلسطين بأكملها “غابت غزّة في ليلها العاديّ” (كنفاني، 2014، ص10)، وقد ظهر المكان هنا رمزيًّا في شخصيّة مريم المغتصبة، وفي غزّة يوجد مكان متخيّل، مغلق، ذاتيّ، وهو غرفة حامد ومريم الّتي تجمع بين زمنين متعارضين، زمن الطّفولة وزمن الحاضر الملطّخ بالسّواد، فكانت مكانًا محبوبًا في الماضي ومكروهًا في الحاضر “بدا جوّ الغرفة خانقًا ومشدودًا” (ص15).
أمّا السّاعة المعلّقة على الحائط فهي تشبه نعشًا صغيرًا، مكان صغير،متخيّل ومحدود، ولكنّه يختزن أحداثًا كبرى، وهي تؤدّي دور المنبّه الّذي أضاف إلى الغرفة جوًّا تشاؤميًّا حزينًا “تدقّ خطواتها الباردة كصوت عكّاز مفرد بلا توقّف” (ص19)، وقد أثّر غياب الأمّ عن المكان في تطوّر الأحداث وتأزّمها “لو كانت أمّي هنا” (ص19).
أمّا المطبخ فهو مكان متخيّل، مغلق، وذاتيّ، لكنّه كان فاعلًا في خلق تاريخ جديد مع قتل مريم لزكريّا، الرّجل النّتن الّذي لطّخ تاريخ مريم.
الصّحراءهي المكان الفاصل بين غزّة والأردن، أي بين مريم وحامد، والأم، مكان مفتوح مقيّد رغم اتّساعه، وقد مثّلت شخصيّة غامضة، مخيفة، وأليفة في آن واحد “رآها لأوّل مرّة مخلوقًا […] غامضًا، مريعًا وأليفًا في وقت واحد” (ص9)، وهنا يلفتنا هذا التناقض بين أليفة ومخيفة، فتأخذنا الصّحراء برمزيّتها إلى العالم العربيّ الّذي يُعدّ أليفًا ومعروفًا، إلّا أنّه أظهر غموضه وتشتّته وعدم توحّده وهذا ما يجعلها مميتة “الصّحراء تبتلع عشرة من أمثاله في ليلة واحدة” “توجد مئات من الميتات الأخرى في الصّحراء” (ص15)، وهي المكان الّذي إذا قطعه حامد وصل إلى أمّه بسلام.
السّاعة هي فضاء مكانيّ صغير، اختزن تاريخًا واسعًا يشيّعه الحاضر، فهي على شكل نعش صغير “تشبه نعشًا صغيرًا” (ص18)، لا تعمل إلّا وهي مستقيمة “ساعة الحائط ذات الرّقّاص لا تشتغل إذا كانت مائلة” (ص18)، وهنا ربّما تظهر قضيّة البقاء لمن كان مستقيمًا مع العدوّ، أمّا من مالَ يُكتب عليه الموت، لذلك فإنّ التّاريخ الفلسطينيّ محفوظ داخل نعش، والطّريق إليه محفوف بالمخاطر “تدقّ خطواتها الباردة كصوت عكّاز مفرد بلا توقّف” (ص19)، فالدّفاع عن هذه الأرض مفردٌ يتمثّل فقط بالشّعب الفلسطينيّ الّذي هجرته الأمّة العربيّة وتركته وحيدًا.
4- الفضاء الزّمانيّ
اعتمدت الرّواية مبدأ التّناوب في سرد الأحداث إذ إنّ الرّاوي ينتقل من حدث إلى آخر بشكل متقطّع، مع بروز التّناوب بين الأحداث، كأنّها فسيفساء مركّبة لعرض الأحداث بصور متقلّبة، وكان هذا الانتقال مترجمًا من خلال تغيير حجم الحروف عند كلّ انتقال. تقسم الرّواية إلى ثلاثة أزمنة كبرى: زمن ما قبل الاعتداء، زمن الاعتداء، وزمن ما بعد الاعتداء.
زمن ما قبل الاعتداء: برز هذا الزّمن بالاسترجاع، كشريط ذكريات، منها ماهو جميل جمع بين حامد وأخته مريم قبل الاعتداء، زمن الطّهارة “كان صغيرًا وشجاعًا […] وهو ملتصق فيّ كأنّه درع صغير من الفولاذ يرصد سنّ الرمح” “حرصتُ عليكِ حرصي على حياتي…” “أمضيتُ كلّ أيّامي وأنا غارق في خدمتك الصّغيرة ليلًا نهارًا بلا كلل” (ص36) “…كنتِ، كنتِ” (ص37).
ومنها ما هو قبيح يجمع بين حامد وزكريّا في مدرسة المعسكر حيث ظهرت شخصيّة زكريّا العميلة عندما أراد أن يدلّ العسكر على سالم “أنا أدلّكم على سالم” ومنذ هذه اللّحظة أُعلن تشييع زكريّا في نفس حامد وأصدقائه “التفت إلى زكريّا وشيّعه بنظرات رجل ميت” (ص26). وزمن اللّقاء بين مريم وزكريّا عندما كانت برفقة أخيها حامد “قابلناك فيها معًا مصادفة بالطّريق” (ص21). وتعلن لحظات الاسترجاع هذه موت الحاضر، والحنين إلى لحظات الطّفولة والتّيقّظ لشخصيّة زكريّا النّتن.
زمن الاعتداء: أعلن زمن الاعتداء، زمن الغفلة والخطيئة، تسارعًا كثيفًا “سقطت الكلمة في أذني وطافت هناك بلا معنى، فلم يعد يهمّني…” “انهيار صامت يجتاح بدني ” (ص30) من دون الأخذ بعين الاعتبار الزّمن الماضي لشخص نتن ولا المستقبل الّذي سيتلطّخ بدناسته، “أعطته نفسها في ربع ساعة مسروقة منه” (ص14)، “دون أن تكترثي لحظة واحدة بي، دون أن تكترثي حتّى به” (ص37).
زمن ما بعد الاعتدا: شكّل زمن ما بعد الاعتداء زمن الصّدمة والتّقاطع مع الأحداث، فأثّر على أحداث الرّواية بين صدمة وهروب من الواقع. استمرّ زمن الاعتداء بالتأثير على زمن ما بعد الاعتداء بسرعته “سقط بصري” “لم تنتظر، جاءتني بجنين يضرب في أحشائها” (ص24)، كذلك برزت سرعة الوقت في قوله “الوقت. كان يتسرّب من بين خطواته” “لكن في سباق مع خسارته” (ص28). وشكّلت هذه الصّدمة زمنًا حاضرًا في ذهن حامد يلاحقه في كلّ خطوة، فيردّد في داخله، وهنا تظهر المناجاة (المونولوغ)، في تكرار ما نطقه رغمًا عنه تعذيبًا لنفسه ولومًا لها “زوّجتك أختي” على أنّه زوّجها لمن لا يستحق، وما قاله وكرّره حسرة “لو كانت أمّي هنا”.
شكّلت السّاعة المعلّقة في الغرفة فاصلًأ زمنيًّا تارةً تعلن زمنًا داخليًّا سريعًا، وتارةً تعلن زمنًا داخليًّا بطيئًا، إلّا أنّها في الحالتين تعلن عن زمن لا متناهٍ ومكثّف داخل نعش صغير، يشيّع في كلّ ثانية ويدقّ إنذارًا بخطر يرصد التّاريخ، وذلك مرتبط بشكل مباشر بالأحداث والحالة النّفسيّة الّتي تعترض الشّخصيّات، “سمعت السّاعة تدقّ ثماني دقّات كأنّها تقرع الباب مرّة أخرى، لو كانت أمّي هنا فقط…” (ص30)، زمن لا متناه من النّدم يلاحق حامد ومريم على خطيئة غيّرت مجرى التّاريخ، فارتبط ذلك بالتّمنّي والحسرة، وفيه استحالة العودة وتغيير الزّمن الماضي الملوّث، الضّائع، والمشتّت.
بدا تسارع الوقت عند سؤال مريم لزكريّا عن زوجه وذلك ارتباطًا بحالته النّفسيّة المتوتّرة “أخذ العكّاز يقرع خطوته المفردة بإلحاح متسارع” (ص34)، ثمّ يقطع الزّمن بتخيّل مريم “فجأة جاءت. وقد كنت أحسب أنّني لن أفكّر بها، ولكنّها جاءت مع صوته حاملة أطفالها” (ص34).
ومع هذا التّأزّم النّفسيّ لم يعد للوقت قيمة، وبدت ساعة اليد الّتي رافقت حامد في مسيره في الصّحراء مجرّد قيد حديديّ يفرز الرّعب “تبدو السّاعة مجرّد قيد حديديّ يفرز رعبًا وترقّبًا مشوبًا” (ص41)، والقيد حديديّ هنا يعطي صلابة وثقلًا ما يعطي جوًّا متباطئًا وطويلًا من الخوف، كونها ترصد الزّمن الحقيقيّ المتعلّق بذكرى الاعتداء، فبعد التّخلّص منها انطوى هذا الزّمن واختفت غزّة وزمانها “غزّة راحت” “خيوط الصّوف كرّت كلّها” وخيوط الصّوف ترمز إلى الماضي الّذي يلتصق بحامد منذ ولادته وزمانه وهويّته “طوال ستة عشر عامًا لفّوا فوقه خيطان الصّوف حتّى تحوّل إلى كرة وهو الآن يفكّها تاركًا نفسه يتدحرج في اللّيل” (ص10)، إلّا أنّ حامد شعر بأنّ جزءًا من معصمه بُتر، كأنّها تشكّل جزءًا من كيانه، فهي الشّيء الوحيد الّذي يحتوي على الزّمان الحقيقيّ المتمثّل بالزّمن الفلسطينيّ وهو ليس مجرّد زمن عابر، إنّما هو هويّة وانتماء “تيقّنت أنّ ما حدث لم يكن بترًا، وربما كان سبب هذا الاستنتاج إمعاني في الابتعاد عنها” (ص42).
وبدا الاستشراف في تصوّر لو كانت الأمّ موجودة “هل تصوّرت أنّها ستقوم معك عائدة إلى غزّة، تقتحم البيت، فتلقي زكريّا بالطّريق، وتعيد لمريم عفافها وطموحها وشبابها؟” (ص47)، “هل أنت واثق أنّها لم تتزوّج هي الأخرى” (ص49) فلربّما لو وصل إليها وهي متزوّجة لنسيت القضيّة وما يربطها به مختارة حياة جديدة.
في الصّحراء كان الزّمن البطيء المتيقّظ عاملًا مساعدًا في رصد كلّ حركة وترقّبها “مضيت أقيس صوت الخطوات البعيدة، فتبدو وكأنّها تتّجه نحوي ببطء وحذر” (ص58)، أمّا عند الاصطدام المباشر بالجنديّ فكان الزّمن السّريع المتمثّل بحركات سريعة عاملًا مساعدًا للسّيطرة على الوضع وضمان الحياة “قبل أن أترك لحظة تفكير واحدة […] نثرت حفنة رمل في وجهه” (ص59).
وبدا الزّمان خصمًا يتعارك معه حامد للبقاء كحال كلّ فلسطينيّ يحارب الزّمن لتبقى هويّته مزروعة في أرضه، حافظة لزمانه وحضارته “أضحى الزّمن خصمًا” (ص65).
وهكذا فإنّ زمن ما قبل الاعتداء مثّل تراثًا عريقًا لحضارة عريقة، أمّا زمن الاعتداء فكان زمن الضّياع والتّشتّت، والزّمن المسيطر الّذي يكبّل الشّخصيّات ويحرّكها، وبقي زمن المستقبل مستترًا، رهين الحاضر، حيث بقي حامد وحده في الصّحراء يواجه الجنديّ، واختتمت الرّواية بالقضاء على زمن الاعتداء وذلك على يد مريم الّتي قتلت زكريّا إذ اخترقت الزّمن الحاضر المتمثّل بالعدوان والظّلم، لتصنع أملًا في الحياة من جديد لفلسطين الأبيّة، فهي ترمّم نفسها بنفسها “أضاء شعاع الشّمس الضيّق المتسرّب من النّافذة خطًّا رفيعًا من الدّم” (ص87).
5- المربّع السّيميائي
أخلاق
الاعتداء الصَّون
مادّيّة روحيّة
خيانة أمانة
حمل صدق
إكراه اختيار
هروب بقاء
لا صَون لا اعتداء
لا أخلاق
يختزل هذا المربّع السّيميائيّ الدّلالة بثنائيّات متضادّة، فالاعتداء والصّون تصرّفان متناقضان يعلنان عن أخلاق الشّخصيّة، فعلاقات التّضمين بين الاعتداء واللّاصَون مقرونة بتعلّق الشّخصيّة بالمادّيّة والأمور الدّنيويّة، وقد نتج عنها خيانة زكريّا لحرمة مريم، انطلاقًا من حرمة نهت عنها الأديان، ونهت عنها الأخلاق المجتمعيّة، نتج عن هذه العلاقة اللّاشرعيّة حمل أدّى إلى زواج بالإكراه تكتيمًا للفضيحة، ما دفع حامد، أخ مريم، إلى الهروب لعدم قدرته على مواجهة هذا العمل اللّاأخلاقي، خاصّة وأنّ شرف الرّجل في البلدان العربيّة مقرون بالمرأة، فيما لو كان زكريّا على خلق كريم، وأحبّ مريم بصدق، لكان أمينًا عليها، وصادقًا في علاقته، وكان الزّواج اختيارًا لا إجبارًا ولا كرهًا، زواجًا عن حبّ وقناعة، بعيدًا من العلاقة اللّا شرعيّة الّتي لطّخت تاريخ مريم، وجعلتها تخسر أخاها الّذي هرب من مواجهة هذا الذّلّ بحثًا عن الأمان الدّاخليّ، بدل بقائه في غزّة إلى جانبها.
خاتمة
“ما تبقّى لكم” رواية تمثّل القضيّة الفلسطينيّة، عبّرت عن تاريخ ممتدّ يمثّل زمن الاعتداءات المستمرّة، ويظهر لنا العنوان قضيّة لازالت تناضل بما تبقّى منها، وما تبقّى لها، رغم الألم، رغم الحصار والفقدان “حساب البقايا. حساب الخسارة. حساب الموت.” (ص68)، تحاول أن تخلق من تحت الرّماد نصرًا يليق بها، وتحاول أن تبعث في أشلاء الموت حياة! فيه دعوة إلى الحياة بحسرة، مع إعلان الخسارة، دعوة إلى عدم الرّضوخ، فيه خسارة تعلن الحياة مقابل قرابين الموت دون خوف، ما تبقّى يعلن القوّة، ويعلن العزّة لأهل فلسطين الّذين يطرقون باب الموت في كلّ لحظة، ولا يغادرون، ما تبقّى يخرجهم من دائرة الذّات الضّيّقة إلى الفعل الّذي لا زال يترجمه الفلسطينيّ حتى اليوم على أرضه دون ملل، وما تبقّى يجعل هذه القضيّة قضيّة عامّة، لا تقتصر فقط على الفلسطينيّ، أمّا اليوم فخرجت من إطارها العربيّ الضيّق، لتطال كلّ أرجاء الكون، رغم التّعتيم الّذي يحصل، إلّا أنّها استطاعت أن تخرج من النّفق الضّيّق، وأن تفضح الكثير من الهويّات، فقط بما تبقّى لها… أمّا ما تبقّى لنا، فتات ضمير يستنشق رائحة الموت، بعضه يصيح بقلب مكتوم، وبعضه لا يصيح أبدًا من فقدان مشاعره! أو ربّما من تجارة به أدّت إلى خسارته! ونتساءل ماذا تبقّى لهم؟ وماذا تبقّى لنا؟ تبقّى لهم الكثير، ولم يتبقّ لنا شيء، فالخسارة مع العزّة نصرٌ كبير.
تتقاطع هذه القضيّة مع أحداث اليوم وهذا دليل على الإصرار وعلى أنّ هذه القضيّة لا تموت ولن تموت مهما طال الزّمان، وستنتصر ولو كانت فلسطين وحدها، لأنّ الحقّ لابدّ له أن ينتصر ولو بعد حين، فهذه الأرض المقدّسة هي أرض خصبة يتمنّاها الجميع “أنت أرض خصبة” (ص30)، وقد دفع الظّلم، حسب الرّواية، حامد للبحث عن أمّه لأنّ الأم ترمز إلى الاحتواء، إلى الأمان، إلى الوطن والهويّة. فيما بدت خاتمة مريم واضحة في إعلان النّصر ولو بعد حين، فإن تكاسَلَ الجميع عن نصرتها فهي تعلن انتفاضتها للقضاء على الظّلم، وقد برز ذلك واضحًا في الرّواية حيث تمرّدت مريم عندما طلب منها زكريّا التّخلّص من جنينها، وهو الدّافع الوحيد لتصحيح الخطيئة بإعلان الزّواج، وباب الأمل لولادة حياة جديدة ملؤها الطّهارة، وبقتلها لزكريّا، وحماية جنينها، إشارة إلى قرب ولادة عهد جديد يعيد الحياة لمريم الّتي تمثّل فلسطين، ليعلن راية النّصر والخلاص، والعودة من جديد.
أمّا خاتمة حامد فبقيت مفتوحة من دون معرفة مصيره، رغم أنّه أظهر قوّة وصمودًا وسيطرة على الوضع في مواجهة كلّ الظّروف المحيطة، ولكن هل سيبقى مصير حامد مرهونًا بيقظة المجتمع العربي، وهل سيبقى حامد وحده في الصّحراء يصارع الموت للوصول إلى أمّه من أجل تحقيق السّلام والحفاظ على هويّته؟ أم سيتكاتف معه العالم العربيّ لنصرته؟
المصادر والمراجع
القرآن الكريم
- إبراهيم، صالح (2015)، عناصر الإبداع في السّرد العربيّ الحديث. لبنان: دار البنان.
- زراقط، عبد المجيد (1999)، في بناء الرّواية اللّبنانيّة (1972 – 1992) الجزء الأوّل. بيروت: دائرة منشورات الجامعة اللّبنانيّة، الإدارة المركزيّة.
- صالح، كامل (2018)، حركيّة الأدب وفاعليّته (ط2). بيروت: الحداثة.
- فرحات، درّيّة (2010)، الرّغيف وطواحين بيروت نموذج لوطنية توفيق يوسف عواد(ط1). النّبطيّة: دار المواسم.
- فرحات، درّيّة (2018)، مقاربات سرديّة تقنيّات ومفاهيم (ط1). بيروت: دار المواسم.
- فرحات، درّيّة (2022)، محاضرات في مادّة مقاربات سرديّة. لبنان: كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة – الجامعة اللّبنانيّة، الفرع الخامس.
- كنفاني، غسّان (2014)، ما تبقّى لكم. قبرص: دار منشورات الرّمال.
- حمّاد، سهيلة ومجموعة من المؤلّفين، (2023)، قراءات نقديّة لنصوص أدبيّة(ط1). لبنان: دار النّهضة العربيّة.
عدد الزوار:5177