أبحاثالفلسفة والشريعة

المساواة والعدالة الزّوجيّة في ضوء الحقوق المدنيّة والإسلاميّة

المساواة والعدالة الزّوجيّة في ضوء الحقوق المدنيّة والإسلاميّة

الشيخ الدّكتور علي طالب[1]

مقدِّمـة

منذ فجر التّاريخ برزت حاجة المجتمعات البشريّة إلى التنظيم، وكان من جملتها الدعوة إلى احترام الانسان، ومنحه حقوقه الطبيعية، والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار بين أبناء البشر، وذلك نتيجة القهر والاضطهاد والحروب التي عانت منها البشريّة طيلة العصور القديمة.

وبعد عشرات القرون، ومن خلال سيرورة تاريخية طويلة المدى، أسفرت الجهود البشريّة عن وضع قوانين واتفاقيات في مجال حقوق الإنسان، بدأت بشكل بارز مع الثورة الفرنسية وتوِّجت في القرن العشرين بعد تأسيس منظمات دولية متخصصة بهذا الشأن.

ومن جملة هذه الحقوق الواردة في الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، ما يُعرف بالحقوق العائليّة المرتبطة بالزّوجين، ومدى الحرية المسموحة لكل منهما في التعامل مع الآخر، والتي يمكن اتّباعها والسير على نهجها في ظل الحقوق الطبيعية المقدّسة لكل إنسان.

وقد كرَّست هذه الحقوق مبدأ المساواة بين الجنسين، وحذف الطبقية من المجتمع، باعتبار أن الناس يولدون متساوين، كما كرَّست مبدأ العدالة في إعطاء كل ذي حق حقّه، وفي توزيع المداخيل والضرائب، وغيرها من المبادئ المماثلة التي سنأتي على ذكرها في طيّات هذا البحث.

إن مبادئ العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، في الوقت الذي تعدّ اليوم دعامة القوانين الوضعية، فإنها تعدّ من القواعد الأساسية في التشريع الإسلاميّ، وأصل قوي من أصول نظام المجتمع في الإسلام، لاسيما إذا عرفنا أن نقاط الاتفاق بين الشّريعة والقانون تكاد لا تحصى، وكلاهما يهدفان إلى تنظيم سلوك الأفراد والجماعات داخل المجتمع.

من هنا، فإنّني في هذا البحث سأحاول معالجة قضية العدالة والمساواة المرتبطة بالحقوق الزّوجيّة تحديدًا، وذلك من خلال مقارنتها بين النصوص الدينية والفقه القانوني، بحيث يمكن الإجابة على العديد من التساؤلات التي طرحها الباحثون، والتي يبدو منها الإخلال بمبدأ المساواة من قبل المتشرِّع الإسلاميّ.

ويمكن اختصار إشكاليّة البحث التي سنجيب عنها خلال هذه المقالة بما يلي:

– إذا كانت الأسرة ركيزة البناء الانسانيّ، وقد استُهدفت من قبل الشّريعة والقانون بالتّنظيم والتّطوير، فما هو الموقع الذي تبوأته اليوم لدى كل من القانون الوضعيّ والتّشريع الإسلاميّ؟ وكيف يقرأ كل منهما مبادئ الحقوق العائليّة، وما يستتبعها من إشكاليّات على صعيد مفهومي العدالة والمساواة بين الرّجل والمرأة؟

– انطلاقًا من كون الموضوعات التي تتعلق بالحقوق الأُسرية قد شكّلت غاية وهدفًا للعديد من المقاربات الفكرية التي أنتجها العقل الحديث، أين يظهر موقع العدالة والمساواة في هذه الحقوق كمعيار للسعادة الإنسانيّة فيما طرحته الاتفاقيات الدولية والمواقف الإسلاميّة من أحكام ومبادئ وقوانين؟

– بعدما بات مبدأ المساواة معيار الدول الغربية منذ الثورة الفرنسية، وميزان التقدّم والحداثة في العالم المعاصر، كيف يمكن التثبّت من نجاحه؟ أم أنه لا يزال يحمل في طيّاته بعض الاخفاقات ولا يخرج عن كونه نجاحًا محدودًا في أقطار معينة من العالم؟

تجدر الإشارة إلى أنني تناولت هذا الموضوع ضمن ثلاثة عناوين هي: حقوق الزّوجين المشتركة، وحقوق الزّوج الخاصة، وحقوق الزّوجة الخاصة. وذلك في إطار قسمين رئيسيين هما: المساواة العائليّة في القانون، والعدالة الزّوجيّة في الشّريعة، وفقًا لما يلي:

 

أولًا: المساواة العائليّة في القانون

كانت العائلة ولا زالت ركيزة البناء الانساني التي يقوم عليها إنشاء المجتمع، ولذا استهدفت بالبحث والتحقيق، لاسيما فيما يتعلق بالحقوق والواجبات بين الزّوج والزّوجة، ومدى تحقق المساواة بينهما، وفي هذا الاطار ظهرت العديد من الشرائع والقوانين التي اختلفت فيما بينها نتيجة اختلاف العادات والتقاليد والأديان التي تحكم هذه الحقوق وتتحكم بها، ونتيجة تغيُّر المفاهيم وتطوّر المجتمعات، والتقدّم في مسارات العلوم البيولوجية والنفسية والثقافية وما إليها.

وبالرغم من الاهتمام الدولي الكبير بشرعة حقوق الانسان، ومبادئ العدالة والمساواة، وعدم التمييز ضد المرأة، إلا أن التعامل تاريخيًا مع قضايا الأحوال الشخصية وما تحتويه من حقوق لكل من الزّوجين كان خجولًا، إذ تطرَّق الإعلان العالمي لحقوق الانسان (1948) إلى هذه الحقوق بشكل عام في المواد 16 و23 و25، وكذا في المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في العام 1966، وفي المادة 12 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان لعام 1950 [2].

أما الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (SEDAW)، التي تمّ اعتمادها في العام 1979 ودخلت حيز التنفيذ في العام 1981 ، فإنها تطرَّقت في معظم بنودها إلى عدم التفرقة بين الرّجل والمرأة بغض النظر عن الحالة الزّوجيّة، بل تؤكد الاتفاقية على حفظ حقوق المرأة وحرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أساس مساواتها مع الرّجل، وكذا ضمان حقها في التعليم والعمل والصحة والأهلية القانونية في إدارة الممتلكات وإبرام العقود والترشح للانتخابات والتصويت والاحتفاظ بجنسيتها وإكسابها لأولادها وما إلى ذلك، أما ما يرتبط بحقوقها أمام زوجها بحيث نتحقق من مدى المساواة العائليّة، فقد تطرّقت الاتفاقية إلى مادة واحدة فقط هي المادة السادسة عشرة [3].

أما على صعيد الدساتير والقوانين الداخلية للدول، فقد ذكرت الحقوق الزّوجيّة بشكل إجمالي أيضًا، ولكنها تفي بالغرض في أحيان كثيرة، لاسيما في قوانين الزّواج المدني للدول الأجنبية، على أن مثل هذه القوانين في معظم الدول الإسلاميّة والعربية إنما تعود إلى التشريعات الدينية والطائفية التي بحثت هذه الجوانب بتفصيلات أكثر مما ورد في القوانين الوضعية، وفي هذا الصدد قلَّما تجد بحثًا أو مرجعًا لدى هذه الدول يتطرق بشكل مستقل وتفصيلي إلى الحقوق العائليّة من ناحية قانونية مدنية بحتة.

ونظرًا لعدم توفر قوانين مدنية للأحوال الشخصية أو للزواج المدني التي تبحث في المساواة العائليّة بين الزّوج والزّوجة وحقوق أفراد العائلة، وأخص بالذكر هنا الدول العربية والإسلاميّة [4]، فقد ارتأيت أن أبحث الموضوع وفقًا للاعلانات العالمية، ومن جملتها إتفاقية(SEDAW) ، والقانون المدني الفرنسي، ومشاريع قوانين الأحوال الشخصية التي تقدمت بها هيئات المجتمع المدني في لبنان، والتي لا تزال محل نقاش بين هذه الهيئات والسلطات التشريعية في هذا البلد.

أ- حقوق الزّوجين المشتركة

نظرًا لأهمية الأسرة ودورها في تكوين المجتمع على أسس سليمة، فقد أكدت المواثيق العالمية والتشريعات المدنية على حقوقها في الحماية والرعاية، وفي هذا الإطار يشترك كل من الزّوج والزّوجة على قدم المساواة في التمتع بهذه الحقوق وفي واجباتهما تجاه الأسرة بهدف نمو الأسر في جو من الأمان والكرامة والرفاهية.

1- الحق في الزّواج وتكوين الأسرة:

ورد في الفقرة الأولى من المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان: “للرجل والمرأة على حد سواء، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوّج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدّين، ولهما حقوق متساوية عند الزّواج وأثناء قيامه وعند انحلاله”، وفي الفقرة الثالثة من المادة نفسها ورد: “الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية الدولة والمجتمع” [5].

وتترجم المعيشة اللائقة والضمانات الاجتماعية للأسرة في المادة 23 من الإعلان نفسه حيث ورد فيها: “لكل فرد يعمل، الحق في أجر عادل، يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الانسان”، وكذا في المادة 25 حيث ورد فيها: “لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته” [6].

أما المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فتستعيد ذات النصوص الواردة آنفًا في المادة 16 من الاعلان العالمي، فيما المادة 12 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان تنصّ صراحة على أن: “للرجل والمرأة على حد سواء ابتداءً من سن البلوغ الحق في الزّواج وتكوين الأسرة بحسب القوانين التي تحكم ممارسة هذا الحق” [7].

وفيما يرتبط بالمعاهدة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (SEDAW) فإنها تضمن للرجل والمرأة نفس الحقوق بشكلٍ متساوٍ في عقد الزّواج، وحرية اختيار الزّوج، وكل ما يتعلق بالعائلة والأطفال[8].

علمًا أن حرية اختيار الزّوج إنما تعني عدم إكراه الشاب أو الفتاة للاقتران بمن لا يرغبان به، وقد تم التأكيد على هذا البند بهدف حظر العادات القبلية التي لا تزال شائعة في العديد من دول العالم الثالث والتي تفرض على أشخاص معينين الزّواج من بعضهما قسرًا دون الرجوع إلى رأيهما، وذلك عملًا بالأعراف والعادات الجاهلية.

2- الحق في الأمانة الزّوجيّة:

لا تتعرض المواثيق الدولية إلى هذا الحق، وإنما تركته للقوانين التشريعية للدول، ولذا سأستعرض هذا الحق وفقًا لما ورد في القانون المدني الفرنسي، الذي يتناول قضايا الزّواج والطلاق، باعتبار أن فرنسا كانت السبّاقة إلى تقنين موضوعات الأسرة ضمن قانون علماني واحد، ومن هذا القانون استمدت معظم الدول تشريعاتها في الأحوال الشخصية.

يُقصد من الأمانة الزّوجيّة في القانون أن يكون كل من الزّوجين مخلصًا للآخر في علاقته الجسدية، فلا يجنح أحدهما إلى الزنا تحت أي ظرف من الظروف، وإلا كان خائنًا، وبناءً على ذلك فالأمانة الزّوجيّة تعدّ من أهم الواجبات الزّوجيّة على الإطلاق، وهي في الوقت ذاته حق لكل منهما على الآخر.

وفي حال تحقق الزنا من أحدهما فالقانون الفرنسي قرَّر له عقوبتان: مدنية وجزائية، أما الأولى فهي أنه سبب موجب للطرف المتضرر لطلب الطلاق، وأما الثانية فهي أنه سبب موجب لعقاب الزاني بالحبس أو الغرامة المالية، فقد جاء في المادة 229 من القانون المدني الفرنسي: “يعتبر الزنا سببًا حتميًا للطلاق، سواء وقع من جانب الزّوج أو الزّوجة” [9]، علمًا أنه يقصد من الزنا العلاقة الجسدية التامة، وأما ما دونها فلا يعتبر زنا [10]، ولا يثبت إلا عن طريق محضر الشرطة.

وينظر القانون الجزائي الفرنسي إلى الزنا على اعتباره جنحة وليس جريمة، سواء وقع من قبل الزّوج أو الزّوجة، إلا أن وقوعه من الزّوجة أشد وطأة، والسبب في التشدد على زنا الزّوجة الخوف من اختلاط الأنساب، ويظهر هذا التشدد في النقاط التالية [11]:

– تُعاقب الزّوجة الزانية بالحبس الذي يصل إلى سنتين، أما الزّوج الزاني فعقوبته الغرامة فقط.

– تُعاقب الزّوجة أينما زنت، أما الزّوج فلا يعاقب إلا إذا ارتكب الزنا في منزل الزّوجيّة.

– إذا زنت الزّوجة تعاقب مع شريكها، أما إذا زنا الزّوج فإنه يعاقب وحده.

– تعدّ مفاجأة الرّجل لزوجته وهي متلبّسة بالزنا عذرًا قانونيًا مخفّفًا له إذا ما قتلها، بخلاف الأمر بالنسبة للزوجة، فهي إن فاجأته وقتلته فإن هذه المفاجأة لا تنهض لتكون عذرًا مخففًا.

3- حق المساعدة المالية:

ويُقصَد منها النفقة، وهي كل ما تحتاجه العائلة لكفاية نفسها، من المسكن والملبس والطعام والعلاج والخدمة والتعليم والعناية الترفيهية، وهذه النفقة إنما تكون لجميع أفراد الأسرة، الأصول والفروع، سواء كانوا معسرين أو قاصرين.

وفي هذا الصدد، نعود إلى القانون المدني الفرنسي بشقّه المتعلق بالحقوق والواجبات المتبادلة بين الزّوجين، فيسمّي حق الانفاق بواجب المساعدة المالية، ويعتبره واجبًا وحقًا، وهو يقع على عاتق كل من الزّوج والزّوجة دون تفريق، باعتبار أن القانون ذاته استبدَلَ في العام 1970 مفهوم “السلطة الأبوية” بمفهوم “سلطة الأهل” [12] مكرِّسًا المساواة شبه الكاملة بين الزّوجين، كما ألغى صفة “رب العائلة” للأب، الموروث عن الشرع الروماني[13]، وباتت الأم تشاركه في السلطة العائليّة.

على أن أعباء الأسرة المادية ليس بالضرورة أن يتم تقسيمها بالتساوي، بل يمكن أن يساهم كل منهما بنسبة إمكاناته، فربما تكون إمكانات المرأة المالية أقوى من إمكانات الرّجل، وربما العكس، وبالتالي ليس لأحدهما التهرُّب من المسؤولية طالما توفرت القدرة، وإن أي تهرّب يعطي الطرف المتضرر سببًا لطلب الطلاق أو الانفصال الجسدي[14].

وقد لمّحت المادة (16)، الفقرة (ح)، من المعاهدة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (SEDAW) إلى حق كل من الزّوج والزّوجة بالتمتع بأملاك الآخر، بما يوحي باستفادة كل منهما من المسكن والملبس والطعام المُعدّ من الآخر، حيث تنص الفقرة على أن: “لكلا الزّوجين نفس الحقوق فيما يتعلّق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها، وإدارتها، والتمتع بها، والتصرّف فيها، سواء بلا مقابل أم مقابل عوض”[15].

وإذا نظرنا إلى مشروع قانون الأحوال الشخصية المدني المقدَّم الى مجلس النواب اللبناني في العام 2014، والمؤلف من 244 مادة، فإن المادة 37 المقترحة تلحظ موضوع النفقة باعتبارها على كاهل الزّوجين، حيث جاء فيها: “يشترك الزّوجان في الإنفاق على العائلة بنسبة مواردهما المالية، وإذا لم يكن للمرأة أموال خاصة ناتجة عن مشاريع وعمل ولا تتعاطى مهنة ببدل مالي، فالزّوج هو الملزم بالإنفاق المادي المباشر شرط اعتبار الزّوجة شريكة بالإنفاق المنزلي من خلال تقدير قيمة العمل المنزلي كمورد أساسي للأسرة” [16].

 

4 – حق الرعاية والتعاون:

لمّا كان الزّواج المدني طبقًا للقانون الفرنسي عبارة عن: “نظام قانوني يستهدف إقامة الحياة المشتركة بين الرّجل والمرأة وتبادل الرعاية والمعونة لخيرهما المشترك” [17]، فإننا نستنتج من هذا التعريف أنّ لكل من الزّوج والزّوجة على شريكه كامل الحق في رعايته وتقديم العون له، لا سيما إذا كان في حاجة إليها، كما في حالات المرض والعسر والشيخوخة.

على أن إطلاق العبارة دون تقييدها بحالات خاصة تعني أن هذا الحق عام يشمل حالات الرخاء أيضًا، ومن هنا يلزم على كل منهما أن يكون عضدًا للآخر، يتبادلان الإهتمام والتعاون في شتّى شؤون الحياة المعيشية، وأن أي إخلال بهذا الواجب من قبل أحدهما يعتبر إهانة جسيمة للآخر تبرّر له طلب الطلاق أو الانفصال الجسدي.[18]

وقد تطرّق مشروع قانون الأحوال الشخصية المشار اليه آنفًا إلى هذا الحق في المادة 33 المقترحة، حيث جاء فيها: “يتعهّد كل من الزّوجين تجاه الآخر بالمحبة وإسعاد الآخر وحسن المعاملة والسلوك غير العنفي، ويشتركان في شؤون الأسرة وفي تربية الأطفال[19] “، إذ أن هذه التوصيفات تؤدي فحوى الرعاية والتعاون المتبادل.

ومن ختام هذه الفقرة يتبين أيضًا أن تربية الأطفال من مسؤولية الوالدين معًا، فلهما نفس الحقوق الرعائية والحضانية والولائية، وعليهما ذات الواجبات في التربية والإنفاق بجميع أشكاله المتقدمة، بما يحقق مصالح الأطفال، وهذا ما أكدت عليه الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (SEDAW) في مادتها الخامسة، الفقرة (ب) حيث جاء فيها: “…والاعتراف بالمسؤولية المشتركة لكل من الرجال والنساء في تنشئة أطفالهم وتطوّرهم، على أن تكون مصلحة الأطفال هي الاعتبار الأساسي في جميع الحالات [20] “.

 

ب – حقوق الزّوج الخاصة

ينفرد الزّوج وفقًا للقانون المدني الفرنسي بالحق في اختيار محل الإقامة وحق المساكنة، إذ ليس للزوجة أن تمانعه في هاذين الحقّين إذا ما أصرّ منفردًا عليهما، بل يجب عليها الانصياع لإرادته، وهذان الحقان يتماشيان إلى حدّ كبير مع التشريعات الدينية – المسيحية والإسلاميّة – وخاصة ما يتعلّق بحق المساكنة، على ما سيأتي توضيحه في الصفحة التالية.

 

1 – حق اختيار محل الإقامة:

ورد في نص المادة 215 من القانون المدني الفرنسي ما حرفيته: “للزوج حق اختيار محل إقامة الأسرة، وعلى الزّوجة أن تساكنه فيه [21] “، وهذا النص صريح لا يحتمل التأويل، ولكن من الطبيعي أن يكون المنزل الزّوجي يحمل من الصفات ما يؤهله لاستخدامه للسكن العائلي بما يوفّر للأسرة السكينة والراحة.

وفي هذا الإطار، بإمكان الزّوجة رفض المسكن المُعَد من قبل الزّوج إن لم يكتمل بناؤه، أو لم يتأثث بالأثاث الضروري لمقتضيات الحياة، أو كان في موقع لا تأمن فيه على نفسها من اللصوص أو الحيوانات المفترسة أو الكوارث الطبيعية أو غيرها من المخاطر.

 

2 – حق المساكنة:

يقصد من اصطلاح المساكنة “التزام الزّوجين بالعيش معًا تحت سقف واحد، وحسن المعاشرة، وإشباع الرغبة الجنسية” [22]، بشكل يتحقّق منها جوهر الزّواج وغايته، فلا يمكن أن يحقق الزّواج غايته إذا كان كل من الزّوجين يقيم في مكان مستقل عن الآخر، أو كان تعامله مع الآخر فظًّا غليظًا، أو كان ممتنعًا عن أداء الوصال الجسدي مع الآخر. علمًا أنّ لهذا المصطلح معاني أخرى ليست مقصودة في هذا المطلب[23].

ولمّا كان اختيار محل إقامة الأسرة من حق الزّوج، فإذا وقع اختياره على مسكنٍ مناسب لحياته مع زوجته، لائق بهما اجتماعيًا، مستوفٍ للشروط القانونية التي ذكرناها آنفًا، كان من واجب الزّوجة أن تقيم فيه، وهذا هو المراد مما ورد في المادة 215 من القانون المدني الفرنسي “وعلى الزّوجة أن تساكنه فيه”.

وفي السياق ذاته، فإن امتناع أي من الزّوجين عن الإقامة في المنزل الزّوجي يعتبر إخلالًا بهذا الواجب، يرتّب المسؤولية على المُخل، وفي هذه الحالة بإمكان الآخر أن يمتنع عن أداء أموال زوجِهِ الخاصة والمشتركة، كما “أن الإتفاقات بالتراضي التي يجريها أحيانًا بعض الأزواج للعيش مفترقين تعدّ باطلة لمخالفتها للنظام العام، وذلك تطبيقًا لما ورد في المادة 307 من القانون المدني الفرنسي والتي جاء فيها: “لا يجوز أن تقوم الفرقة على التراضي المتبادل بين الزّوجين[24] “.

ولمّا كان الزّواج ينظِّم العلاقات الجنسية المشروعة بين الزّوجين، ومن ثمرته تحقيق التناسل وتكوين العائلة وتنظيم السلالة، فقد اعتبرت المحاكم الفرنسية المعاشرة الجسدية إلتزامًا واجبًا يقع على الطرفين بنسبة واحدة، وهي من مقتضيات المساكنة وصميمها، تماشيًا منها مع القانون الكنسي[25]، حيث الإمتناع عن أداء هذا الواجب بغير عذر يُعتبر في نظر القضاء من الأسباب التي تبرّر طلب الطلاق أو الانفصال الجسدي[26].

علمًا أن هذه الأحكام تتماهى بدرجة كبيرة مع الأحكام الإسلاميّة أيضًا، التي ترى وجوب التزام الزّوجين بالمساكنة بأقسامها الثلاثة[27]، لكن بنسبة محدّدة من قبل الزّوج، وبنسبة تامّة من قبل الزّوجة، خصوصًا فيما يرتبط بالمبيت والاتصال الجسدي.

 

ج – حقوق الزّوجة الخاصة

نستعرض في هذا المطلب حقوق المرأة كزوجة، أي حقوقها التي على عاتق زوجها، أو المرتبطة بزوجها بشكل عام، وليس حقوق المرأة ككل، إذ أن لائحة هذه الأخيرة تطول، ويدخل فيها الحقوق المدنية والسياسية والضمانات الإجتماعية وغيرها، وقد كُتبت فيها المواثيق الدولية والعهود العالمية من أجل مساواتها بالرّجل.

 

1 – الحقّ في السكن العائليّ:

ورد في تتمة المادة 215 الآنفة، من القانون المدني الفرنسي، ما نصّه: “وهو ملزم باستقبالها”، وهذا معناه أن للزوجة حقًا على الزّوج بشكل إلزامي – بعد تهيئة المسكن الملائم – أن يستقبلها فيه، فالسكن العائلي حق لها، وما ذلك إلا من أجل تحقيق العيش الكريم، وتوفير واجب المساكنة، الذي يؤمِّن غاية الزّواج، مع الأخذ بالإعتبار أن المنزل قد يكون على سبيل الإنتفاع لا التمليك [28].

على أنّ المنزل يتسم بحرمة خاصة، يجب على الزّوجين احترامها، فلا يجوز التصرّف فيه لغير السكن العائلي، ولا أذية الجار، ولا تجاوز الشروط المحددة في القوانين التي ترعى شؤون السكن، كما يجب على الآخرين احترام خصوصيات المتزوجين، ولهذا الاعتبار فقد أولت الدساتير الدولية حماية متميّزة للمنزل، ومن جملتها الدستور اللبناني، الذي نصّ في المادة 14 منه على أن: “للمنزل حرمة ولا يسوّغ لأحد الدخول إليه إلا في الأحوال والطرق المبيّنة في القانون” [29].

 

2 – الحقّ في العيش بكرامة:

تعدّ الكرامة الإنسانيّة واحدة من الحقوق الطبيعية التي أكد عليها الإعلان العالمي لحقوق الانسان، حيث جاء في ديباجته: “إن لجميع أعضاء الأسرة البشريّة كرامة أصيلة وحقوق متساوية وثابتة… وإن شعوب الأمم المتحدة قد أعادت في الميثاق تأكيد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الإنسان وقدره، وتساوي الرجال والنساء في الحقوق” [30].

من هنا استحقت المرأة العيش بكرامتها، سواءً كانت مستقلة أو في ظل الحياة العائليّة مع الزّوج، وذلك بعيدًا عن العنف والإكراه والخوف والقلق والتوتر، وكل ما يؤدي إلى الأذى الجسدي، أو الاضطراب النفسي، أو ما شاكل ذلك.

ولمّا كان العنف الزّوجي أحد الأسباب الرئيسية لانعدام العيش بكرامة في القفص العائلي، وهو السمة السائدة تاريخيًا في أغلب المجتمعات وإن بنسب متفاوتة، فقد أولته المواثيق العالمية اهتمامًا بارزًا، وما المعاهدة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة إلا انعكاسًا لهذا الاهتمام، الذي كانت الغاية منه إخراج المرأة من الحالة المأساوية التي كانت تعاني منها منذ القرون الوسطى وما قبلها، ويشكِّل تأديبها آنذاك من قبل الرّجل عادات وتقاليد متوارثة وراسخة عند الإنسان القديم.

ومن الجدير ذكره، إن العنف الزّوجي لا يزال منتشرًا في دول العالم الثالث خصوصًا، وهو حالة قائمة حتى في المجتمعات المتحضِّرة ولو بنسبة أقل، وقد ورد في الملحق (هـ) من التوصية (12) من التوصيات العامة التي تبنّتها لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العام 1989، إن: “العنف الأسري يشكّل أحد أكثر أشكال العنف ضد المرأة، وهو منتشر في المجتمعات كافة، وتخضع النساء من كافة الفئات العمرية للعنف بكل أشكاله، بما في ذلك الضرب المبرح والاغتصاب والاعتداءات الجنسية الأخرى[31] “.

لهذه الأسباب، فقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلانًا دوليًا في العام 1993، أكدت فيه على الدول الأعضاء وجوب الإلتزام بالمواثيق الدولية للقضاء على ظاهرة العنف تجاه النساء، وطالبت بالتطبيق الشامل لحقوق المرأة والمبادئ المتعلقة بالمساواة والأمن والحرية والنزاهة والكرامة لجميع البشر، كما دعت إلى عدم التذرّع بالعادات والتقاليد والأديان، وذلك من أجل محاربة العنف ضد المرأة وإزالته كليًا [32].

 

3 – الحقّ في تصرّف الزّوجة بجسدها:

يقتصر هذا الحق في إطار الحقوق الزّوجيّة على مفهومين: إستخدام وسائل منع الحمل، والإجهاض. فهل يحق للزوجة وحدها اتخاذ القرار الذي تراه مناسبًا في هذين الأمرين كونه يتعلّق بجسدها مع غض النظر عن رأي الزّوج؟ أم أن هذه الحقوق مرتبطة بالزّوجين معًا؟

في الواقع هناك آراء متعددة في هذا الشّأن، وهناك تفريق بين الأمرين، كما أنّ القانون يلحظ تفصيلات دقيقة ترتبط بصحة الأم وعمر الجنين، فالمادة 16 الفقرة (هـ) من المعاهدة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تنص صراحة على أن: “للزوجة نفس الحقوق – مع زوجها – في أن تقرّر بحرية وإدراك للنتائج، عدد أطفالها، والفاصل بين الطفل والذي يليه…” [33]، وهذا إقرار واضح بأن قرار استخدام وسائل منع الحمل يعود إليهما معًا. أما الإجهاض فما هو الرأي القانوني حوله؟

في مقام الجواب، نجد أنّ التّشريعات الحديثة في الدّول اختلفت فيما بينها حيال هذه المشكلة، فالمحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة الأميركية اعتبرت في قرارها رقم 410 الصادر عام 1973 بأن “الحق باحترام الحياة الخاصة الوارد في الدستور الأميركي يتضمن حق المرأة بأن تقرّر إيقاف حملها أو السير به حتى الولادة، باعتبار أن الجنين لا يشكّل شخصاّ بنظر الدستور[34] “، في حين رأت المحكمة الفدرالية الألمانية في قرارها الصادر في العام 1975 أن: “كل إعفاء من العقوبة لطبيب يمارس الإجهاض خلال الإثني عشر أسبوعًا التي تلي الحمل هو مخالف للدستور، وذلك استنادًا الى المادة 2 منه التي تنص على أن: لكل إنسان الحق في الحياة والسلامة الجسدية، وأن القانون يحمي أيضا الحياة التي تنمو في بطن الأم [35] “.

أما القانون اللبناني فإنه يعاقب على الإجهاض، فالمادة 541 من قانون العقوبات تعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات “كل إمرأة طرّحت نفسها بما استعملته من الوسائل، أو استعمله غيرها برضاها”، إلا أن القانون ذاته يستثني الحالات المرضية التي تشكّل خطرًا على صحة الأم، أو التي تمّ تشخيصها من قبل الطبيب المختص وأكدت وجود تشوّه في تكوين الجنين لا يمكن علاجه[36].

 

ثانيًا: العدالة الزّوجيّة في الشّريعة

تتجلى العدالة الزّوجيّة في الاسلام في تبادل الحقوق بين الزّوج والزّوجة، حيث ترى الشّريعة أن الحقوق متبادلة ومتماثلة بشكل عام، لكنها تتميّز في التفاصيل التي ترتبط بالفوارق الجسدية والغرائزية، فعلى مستوى التماثل نجد قوله تعالى: “وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ” [37]، أي لهن من الحقوق ما عليهن من الواجبات، وعلى مستوى التمايز نجد قوله تعالى: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ” [38]، وهو مقتضى الإنسجام بين مقولة العدالة الزّوجيّة في الاسلام، ومقولة عدم المساواة بين الجنسين لدى الأديان.

إن العدالة الإسلاميّة اقتضت أن يكون بين الرّجل والمرأة تساويًا في الكرامة الإنسانيّة، وفي التكليف والمسؤولية، أما في الحقوق والواجبات المادية فقد أقرّ الاسلام لهما التماثل وليس التساوي، فسعادة المرأة إنما تتحقق في أن يكون لها حقوق وواجبات كما أن للرجل حقوقًا وواجبات، ولكن ليس بالضّرورة أن تكون هي ذاتها تمامًا، فالإسلام لم يمنح الجنسين حقوقًا من نوع واحد ولون واحد، بل وزَّع المسؤوليات بينهما بما ينسجم مع الطبيعة الجسدية والميول النفسية لكل طرف، وفي النتيجة كانت حقوق المرأة أكثر قيمة وأهمية كما سيتضح فيما بعد.

 

أ- حقوق الزّوجين المشتركة

لمّا كانت غايات الزّواج الأساسية بحسب الاسلام تتحقق في تنفيذ الزّوجين لرغباتهما الفطرية والغريزية والتي منها الاستمتاع بمشاعر الحب والوصال الجنسي والتناسل الذي يحقق غريزة الأمومة والأبوّة وتشكيل الأسرة، وذلك من خلال التعاون معًا على شؤون الحياة بالطريقة الحسنى والشراكة الكاملة [39]، فإن هذه الغايات تعدّ حقوقًا مشتركة لكل من الزّوجين على الآخر على سبيل المساواة، لا يجوز لأي منهما منع الآخر منها ولا التهرّب عنها تحت أي ذريعة، بل لا بد من التوافق عليها بشكل يحقق الرضا والقبول المتبادلين.

ومن جملة الحقوق المشتركة للزّوجين المتضمَنة في جوهر الزّواج، والتي لا يختلف عليها اثنان في الشّريعة الإسلاميّة وكل الشرائع والقوانين، هو حسن المعاشرة بينهما. وبناءً عليه، سنركّز في هذا المطلب على ثلاثة حقوق مشتركة هي: حسن المعاشرة، تبادل التعاون، والتناسل. تاركين موضوع الاستمتاع لحقوق الرّجل طبقًا لما درجت عليه عادة فقهاء الإسلام.[40]

 

1- حسن المعاشرة:

لقد أمر القرآن الكريم الزّوج بمعاملة زوجته بالمعروف فقال: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ[41] “، ثم طلب منه الإنفاق عليها دون منٍّ ولا أذى فقال: “وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ[42] “، ثم إذا أراد الانفصال عنها لسبب من الأسباب قال: “فَأَمْسِكُوهُن بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرحُوهُن بِمَعْرُوفٍ”[43].

من مجموع هذه الآيات الكريمة التي أكّدت على مفردة: “المعروف”، يتبيّن لنا أن التشريع الإسلاميّ يدعو الزّوج بشكل أساسي إلى اتباع الطريقة المعروفة في العيش بين الناس، وهي أن يعامل زوجته بما يعرفه الناس من السلوك القويم والأخلاق الحسنة والآداب الجميلة، التي تؤمِّن كرامة المرأة، وتضمن احترامها، وتغرس في نفسها الراحة والإطمئنان، وتزرع المحبة والرحمة.

إن طبيعة المعروف الوارد في الآيات المذكورة إنما يدلّ على أنّ حقيقته وجوهره يجب أن يكون محققًا للسكينة والمودة والرحمة، حيث قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً…[44] ” وهذا معناه أن العلاقة الحميمة بين الزّوجين يجب أن تصل الى مرحلة يشعر فيها كل منهما بالسكينة والراحة النفسية الى الآخر، فيأنس إليه، وتأخذه المحبّة والعاطفة والرحمة تجاهه، كأنهما عضوين في جسد واحد، وهذا إنما يتمّ من خلال حسن المعاشرة بين الزّوجين والتعامل مع بعضهما بلطف ونعومة، وأن لا يجرح أحدهما الآخر قولًا ولا فعلًا. هكذا يزرع الانسان المودة في قلب الآخر، ومحال لمن يزرع المودة أن يجني غير الإحسان.

وقريب الى هذا المعنى ما ورد في قوله تعالى بحق الزّوجين: “هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ[45] “، فقد عبّر الله سبحانه وتعالى باللباس باعتباره يحفظ جسم الإنسان من البرد والأخطار، ويستر عيوبه، وهو في الوقت ذاته زينة وجمال، فعلى كلّ من الزّوج والزّوجة أن يحفظ الآخر، ويستر عيوبه، ويكون زينة له. هذا هو المعيار الحقيقي للعلاقة بين الزّوجين في نظر الاسلام، وليس الاستمتاع الجنسي فقط، أو اتخاذ المرأة أداة للخدمة، أو وسيلة للإغراء في عالم الموضة والإعلان كما يحصل في المجتمعات المنفصلة عن الاسلام.

وإذا أضفنا الى ما ورد مجموعة من الأحاديث الشّريفة حول طبيعة العلاقة التي ينبغي أن يمارسها الزّوجين مع بعضهما وفقًا للشريعة الإسلاميّة، فإننا نجد في طليعتها حديث الرسول الأكرم (ص) الذي يقول: “عيال الرّجل أسراؤه، وأحبّ العباد الى الله عزّ وجل أحسنهم صنعًا الى أسرائه[46]“، فقد شبّه الرسول الزّوجات بالأسراء لكون المرأة عندما تنتقل الى زوجها تكون قد أصبحت كالأسيرة بين يديه، لأنها انقطعت عن أبويها الحنونين وتعلّقت به روحًا وجسدًا، ووكّلت أمرها إليه، ولم تعد ترى لنفسها سندًا غيره.

وفي السياق ذاته، نجد الحديث المشهور عن رسول الله (ص): “أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم، خياركم لنسائه”[47]، وقوله (ص) أيضًا: “من اتّخذ زوجة فليكرمها”[48]، وما ورد عن الإمام علي بن أبي طالب (ع) في وصيته لولده محمد بن الحنفية: “المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كلّ حال وأحسن الصحبة لها ليصفو عيشك”[49]، وما جاء في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (ع): “وحق الزّوجة أن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سَكَنًا وأنسًا، وتعلم أن ذلك نعمة من الله تعالى عليك فتكرمها وترفق بها” [50].

أمام هذا الكم الهائل من الآيات الكريمة والأحاديث الشّريفة، يمكن لنا أن نصل الى نتيجة مفادها: إن حسن المعاشرة بين الزّوجين يعتبر من أهم وصايا الاسلام الملقاة على عاتق كل منهما، وهو يهدف الى إضفاء المتعة على الحياة الزّوجيّة، وتربية الأبناء تربية هادئة، بما يمنح الهناء والسعادة الى مؤسسة العائلة، ويجعلها في وئام وانسجام.

 

2- تبادل التعاون:

لمّا كان عقد الزّواج من أغلظ العقود وأوثقها، وفقًا لما ورد في الآية الكريمة: “وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا” [51].

ولمّا كان الزّواج عقد على مدى الحياة، ويتعلّق بالإنسان، وليس بالحيوان ولا بالجماد ولا بأي سلعة ثمينة أو رخيصة.

فإنه تنتظم بموجبه علاقات إنسانية دائمة ومستمرة، لا بد أن يتبادل خلالها الزّوجان التعاون والتشارك بما يحقق للعائلة حاجاتها الضرورية والملحّة لمتطلبات الحياة.

إنّ تبادل التعاون هذا إنما يتحقق في تقسيم المسؤوليات، وقد جرت العادة تاريخيًا أن تكون مسؤوليات البيت على عاتق الزّوجة ومسؤوليات العمل على عاتق الزّوج، وهذا ما قضى به رسول الله (ص) على نحو الرضا المتبادل بين ابن عمّه علي بن أبي طالب (ع) وابنته فاطمة الزهراء (ع) على ما ورد في المأثور التاريخي، بأنّ عليها ما كان داخل البيت من الخدمة المنزلية ورعاية الأطفال، وعليه ما كان خارج البيت من العمل وتأمين الحاجيات.[52]

تجدر الإشارة إلى أن أطر التعاون واسعة لا حصر لها، فقد يتعاون الزّوجان في العمل والإنفاق على الأسرة، وقد يتعاونان في شؤون المنزل ورعاية الأطفال، وقد يتعاونان في الصبر على مكاره الحياة، فهذه القاعدة عامة تشمل جميع مجالات العمل المشترك، وليس على الزّوجين سوى الالتزام بها بالطريقة التي يتوافقا عليها.

وفي هذا الإطار لا بد من التأكيد على أن هذا التعاون الذي من شأنه أن يؤدي إلى بناء الأسرة والتقدم بها نحو مستقبل أفضل للأزواج والأولاد معًا، إنما يعتبر من جملة وجوه التعاون على البر الذي دعا إليه القرآن الكريم بقوله: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” [53]، وهذا الأمر إنما يتحقّق عندما يؤدي كل من الزّوجين وظيفته التامة، وعندما يشعر كل منهما أن الآخر يشكّل سندًا متينًا له وركنًا أساسيًا من أركان الأسرة.

 

3- إنجاب الأولاد

اختلف علماء الإسلام في حق الإنجاب على ثلاثة أقوال: هل هو للوالد؟ أم للوالدين معًا؟ أم أن الولد حق مشترك للأمة الإسلاميّة والوالدين ولكن حق الوالدين أقوى؟ [54]

يرى مشهور الفقهاء أن الانجاب حق لكل من الزّوج والزّوجة، فإذا طلب أحدهما الولد فلا يجوز للآخر منعه إلا في حال الضرورة كالمرض والضرر والحرج الشديد، أو إذا كان لهما أولاد.[55] ولذا حرَّم أكثر الفقهاء على الزّوج العزل إلا بإذن الزّوجة.

وفي مقابل حق الانجاب، فإن لكل منهما أيضًا حق المنع من الحمل في حال كان لهما أولاد [56]، سواءً كان عن طريق تناول العقاقير للمنع المؤقت، أو عن طريق إجراء عمليات جراحية للمنع الدائم، وذلك قبل حصول الحمل.

وبما أن الحقوق في هذا الإطار متساوية، فالطريق السليم هو التوافق بين الزّوجين على الانجاب أو عدمه، فهما بالاختيار، لكن ليس لأي منهما إكراه الآخر على هذا أو ذاك إلا ضمن القاعدة المذكورة.

 

ب – حقوق الزّوج الخاصة

لمّا كانت الحياة الزّوجيّة مسؤولية متبادلة بين الزّوجين، فقد قسَّمت الشّريعة الإسلاميّة الواجبات والحقوق بينهما بما يتلاءم مع الحاجات والميول الفطرية التي أودعها الخالق في كلّ منهما، وبما ينسجم مع الخصائص الخلقية والتكوينية التي تختلف بين الذكر والأنثى، ومن هنا كانت حقوق الزّوج مغايرة لحقوق الزّوجة، ويمكن تلخيصها بأمور ثلاثة، هي التالية:

 

1 – حق الإطاعة:

يبدو من كلام عدد كبير من فقهاء الدين الإسلاميّ وجوب طاعة المرأة لزوجها بالمعنى الشامل والكامل، أي بما يشمل المساكنة، والاستمتاع، وامتثال أمره، وتجنّب نواهيه، واستئذانه بالتصرّف بالمال، وبالخروج من البيت، إلى غير ذلك من التفاصيل، وذلك على قاعدة أن الآية الشّريفة قد نطقت بالطاعة في قوله تعالى:”وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا” [57].

لكن، بالعودة إلى فقه الآية، وإلى آراء فقهاء آخرين، يتبين أن الطاعة في الآية ليست شاملة، لأن السّنّة الشّريفة قد حدّدت وجوب طاعة المرأة لزوجها بالمساكنة والاستمتاع فقط على ما سيأتي توضيحه، وإن منطوق الآية يتمحور حول حرمة النشوز وليس وجوب الطاعة، لأن الزّوجة ليست هي المخاطبة في الآية كي تكون مأمورة، وإنما المخاطبون هم الرجال. أضف الى ذلك أن مقتضى الأصل الأولي في باب الولايات هو عدم ولاية أحد على أحد، وبالتالي عدم وجوب الطاعة لأي إنسان على آخر إلا بدليل، وطالما أن الدليل غير مكتمل فالطاعة غير ثابتة [58].

وإذا تساءلت: ماذا تقول في الآية الكريمة: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”[59]؟ وماذا تقول في قوله تعالى: “وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ”[60]؟

يمكن الإجابة على ذلك: إن هذه القوامة لا تعني الطاعة المطلقة، وإنما تعني المسؤولية[61]، فالزّوج مسؤول عن زوجته باعتباره هو الذي يعمل ويكّد وينفق على عياله. وفي هذا الإطار يقول الإمام شمس الدين: “إن هذه القوامية لا تعني استبداد الزّوج بالزّوجة وتجريدها من دورها في الأسرة بحيث تكون آلة مطيعة، بل يجب على الزّوج أن يمارس قوامته في الأسرة في إطار المعاشرة بالمعروف التي لا يمكن أن تتحقق الا بمراعاة التوازن والتقابل بين حقوق الزّوجة وحقوق الزّوج[62]“.

وهذا الكلام يفيد أن حقوق الزّوجين متوازنة ومتقابلة، فحقّه عليها يقابله حقّها عليه، فإن لم تفِ له بحقه لا يجب عليه الوفاء بحقها، والعكس صحيح أيضًا، وهذا أحد معاني المساواة في الحقوق التي أسس لها الإمام علي بن أبي طالب (ع) بقوله: “أما بعد، فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقًا بولاية أمركم، ولكم عليّ من الحق مثل الذي لي عليكم… ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقًا افترضها لبعض الناس على بعض (كالزّوج والزّوجة) فجعلها تتساوى في وجوهها، ويوجب بعضها بعضًا، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض…” [63].

ويضيف الإمام شمس الدين: “إن القوامة في جوهرها سلطة البتّ في الأمور بعد التشاور بين الزّوجين، فالمبدأ الأساس في إدارة الحياة الزّوجيّة هو التشاور على نهج ما بيَّنه الله تعالى بالنسبة الى فطام الولد حيث قال: ” فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا…”[64]، ثمّ يضيف: “إن المستفاد من الآية ملاك عام في طبيعة العلاقة بين الزّوجين، فالآية وإن وردت في مقام الفطام، لكنها عامة تشمل كل ما له علاقة بمسؤوليتهما المشتركة في الأسرة [65]“.

وفي تفسير الآية نجد أن القوامية هنا تعني أن “الرجال قوّامون على النساء بما خصّهم الله به من خصائص القوامة الجسدية، وبما أنفقوا عليهن من أموالهم[66]“، فالتفضيل إنما هو من حيث الخلقة الجسدية التي هي أقوى عند الرّجل غالبًا، كما أن الإنفاق يعطي السلطة، وهذه إشارة إلى أن القوة والمال هما المعياران الأساسيان للسلطة سواءً على مستوى المؤسسات الكبرى كالدول والأحزاب والجماعات، أم على مستوى المؤسسات الصغرى كمؤسسة العائلة.

وأما قوله تعالى: “وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ” فهي تعني الدرجة في الإدارة المنزلية [67]، إذ أن للرجل كلمة الفصل في المنزل في حال التنازع، كما هو الحال في الرئيس والمرؤوس في الإدارات الحكومية أو الخاصة، وكما هو الحال بين العميد والعقيد في المؤسسات العسكرية، فهي قوامية في الرتبة، لكنها رتبة واحدة لا غير، لأن النكرة تفيد الوحدة، وهذة الرتبة الواحدة لا تحطّ من كرامة المرأة ولا تهبط بها إلى مستوى المذلة، وإنما هي من باب توزيع المسؤوليات وتقسيم الحقوق والواجبات داخل الأسرة [68]، والتي تهدف الى ضبط مؤسسة العائلة على قاعدة :”إن كنتم إثنان أو ثلاثة فأمّروا أحدكم[69] “.

بناءً على ما تقدّم، لم يثبت وجوب طاعة الزّوجة لزوجها مطلقًا، بل يثبت جزئيًا في حقوقه عليها التي توجب النشوز بتركها، وهي المحددة بالمساكنة والاستمتاع فقط على ما سيأتي.

 

2 – حق المساكنة:

ويقصد منه وجوب أن تسكن الزّوجة مع زوجها في المسكن الذي يهيّئه لها، بحيث ينفردا ببعضهما، ويحصل من خلال ذلك حالة الوحدة للكيان العائلي باعتبارهما كالجسد الواحد.

على أن المنزل الزّوجي ينبغي أن يكون مناسبًا، باعثًا على الاستقرار والطمأنينة، مكتملًا من ناحية الأثاث الضروري اللائق بشأن الزّوجة، مستقلًا بها دون غيرها من الأقارب والأباعد، إلا في حال قبولها ورضاها.

لكن في الوقت ذاته، لا ينبغي التشديد على الزّوج، ولا كثرة المتطلبات، ولا تحميله ما لا يطيق، ولذا أوجب الفقهاء ذلك على الزّوج بحسب حالته المادية وإمكانياته الاقتصادية، إذ “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [70] “.

هذا الحق هو للزوج على زوجته، بمعنى إذا صار المنزل الزّوجي جاهزًا مكتملًا من حيث المواصفات والشروط المتقدّمة ودعاها إليه، فليس لها الإمتناع عن مساكنته فيه، ولا الخروج منه، وإلا اعتبرت ناشزًا، بل يجب عليها تلبيته، وهذا هو مقتضى الالتزام بالعقد الزّوجي[71].

وبناءً على هذا الحق أوجبت الشّريعة الإسلاميّة على الزّوجة التزام بيتها، بمعنى حرمة السكن أو المبيت عند والدتها أو صديقتها مثلًا إلا برضا الزّوج، وحرمة الخروج منه لأي سبب دون رضاه، باعتبار أن الزّوج قد وفى بالتزاماته من حيث تهيئة المنزل الملائم، فعليها في المقابل الوفاء بالتزاماتها بالسكن فيه، وبالتالي فليس لها أن تمارس حريتها بشكل مطلق وتترك بيتها متى تشاء وكأن لا وجود لشريك لها في الحياة الزّوجيّة، بل عليها – كما عليه – أن تمارس حريتها بالتوافق مع الزّوج[72].

وهذا الكلام لا يعني حرمة خروجها من بيتها مطلقًا، بل بإمكانها الخروج المتعارف عليه لزيارة أقاربها أو جارتها أو للسوق وغيره إذا كانت تعلم عدم ممانعة الزّوج، وهذا مما لا خلاف فيه، باعتبار عدم وجود أي دليل من القرآن الكريم على المنع المطلق، وأما السّنّة الشّريفة فقد تمّ تفسيرها بوجوه متعدّدة، يبدو منها أن التفسير الدقيق هو حرمة خروجها من بيتها إذا كانت في معرض الإغواء المؤدي الى ارتياب الزّوج بها، أو في حال مزاحمة خروجها لحقه في الاستمتاع، أما في غير هاتين الحالتين فإن منعها من الخروج يعتبر منافيًا لوجوب المعاشرة بالمعروف الوارد في الآية الكريمة: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ” [73].

من هذا المنطلق يقول الإمام شمس الدين: “فلا يقتضي حق المساكنة أن يتحوّل بيت الزّوجيّة الى سجن للمرأة لا يشرع لها الخروج منه إلا بإرادة الزّوج كما يظهر من بعض الفتاوى بتوهّم دلالة السّنّة على ذلك، ولكن البحث أدى إلى عدم وجود دليل على ذلك…[74]

 

3 – حق الاستمتاع:

أجمع علماء المسلمين على ثبوت هذا الحق للزوج بمقتضى عقد الزّوجيّة، وذلك بعد أن يتأمن السكن ويتحقق الإنفاق، لا سيما أنه غاية أساسية من غايات الزّواج، ودليلهم على ذلك القرآن الكريم والسّنّة الشّريفة، وهو يعني الاستمتاع الكامل في أي وقت يشاء وضمن أية ظروف عدا الموانع الشرعية المتمثّلة برؤية الدم والمرض وما شاكل ذلك، كما أضافوا أن هذا الحق لا يقتصر على تمكين الزّوجة نفسها لزوجها، بل يجب عليها أيضًا توفير عناصر الإغراء والجاذبية النفسية والبدنية [75]، وهذا هو أيضًا مقتضى تسمية العقد بينهما بعقد النّكاح.

والدليل من الكتاب الكريم قوله تعالى: ﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾[76]، ومن السّنّة الشّريفة ما ورد عن الإمام محمد الباقر (ع) أنّه قال: “جاءت إمرأة الى النبي فقالت له: يا رسول الله ما حق الزّوج على المرأة؟ فقال لها: “أن تطيعه ولا تعصيه… ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب…[77]” بمعنى أن تجيبه إلى حاجته الجنسية ولو كانت على ظهر الناقة، لكن بطبيعة الحال مع مراعاة الستر والساتر وبقية الموانع.

وفي إطار توفير عناصر الإغراء ورد عن الإمام جعفر الصادق (ع): “… وعليها أن تطيّب نفسها بأطيب طيبها، وتلبس أحسن ثيابها، وتتزيّن بأحسن زينتها…” [78] وقد سار على هذا الأساس فقهاء الإسلام حيث ورد عن أحد كبار فقهاء المسلمين، وهو المحقق الحلّي: “يجب على الزّوجة التمكين من الاستمتاع وتجنّب ما ينفر منه الزّوج” [79].

علمًا أن الشّريعة قد أوجبت على الزّوج ما يقابل هذه الأخلاقيات الحسنة من الزّوجة، وأهمها معاشرتها بالمعروف والإحسان إليها والتزيُّن لها، فقد ورد عن يونس بن عمار قوله: زوَّجني الصادق (ع) جارية فقال لي: “أحسِن إليها” [80]، وروي عن ابن عباس أنه قال: “إني لأحب أن أتزيّن للمرأة كما أحب أن تتزيّن لي، لأن الله عز وجل يقول “وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ” [81].

أضف إلى ذلك أن الدين الإسلاميّ يعتبر أن الممارسة الجنسية ليست علاقة غريزية حيوانية محضة، بل هي ممارسة عاطفية ونفسية تحمل في طيّاتها معاني الحب والمتعة، وهي ليست امتيازًا للرجل وحده، فالمرأة ليست وعاءً جنسيًا للرجل تتلقى فعله وكفى، وإنما هي شريك له في الفعل، لها نصيبها من اللذة، فهما يتفاعلان معًا في الممارسة التي يشتركان في الحاجة إليها[82]، ولذا جاء في الحديث: “إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله فلا يعجلها، فإن للنساء حوائج[83] “.

بعد هذين الحقين، لا يبقى للزوج أي حق آخر على زوجته، فليس له عليها حق الخدمة المنزلية كما هو شائع، ولا رعاية الأطفال، ولا إرضاع ولدها، ولا غير ذلك، وإنما هذه من الأمور التي رغَّب بها الشرع على سبيل الاستحباب لا الوجوب، فبإمكانها مطالبته بالأجر عليها إن شاءت، وبإمكانها أن تكتفي بجعلها مكسبًا للثواب والأجر عند الله تعالى.

 

ج – حقوق الزّوجة الخاصة

في مقابل حقوق الزّوج التي فرضها الاسلام على الزّوجة من المساكنة والاستمتاع، فقد فرض الدين الإسلاميّ أيضًا – بموجب مبدأ المساواة – حقوقًا للزوجة، هي واجبات على الرّجل تجاه قرينته، وقد انتظمت في هذا الإطار ثلاثة حقوق أساسية، وهي كما يلي:

 

1 – حق المبيت:

ويُقصَد منه وجوب أن يلتزم الزّوج المبيت عند زوجته في منزلهما المعدّ لسكنهما، وذلك من أجل أن تشعر الزّوجة بكيانها العائلي، وبالحماية والرعاية، وبما يضمن لها حقوقها العاطفية، منعًا من وقوعها في تيار الرذيلة، باعتبار أنّ إحدى غايات الزّواج الإحصان لكلّ من الرّجل والمرأة.

وفي تفصيل هذا الحق نجد أن الشّريعة قد أوجبت على الرّجل أمرين: المضاجعة والمواقعة، الأولى هي مجرد نوم الرّجل مع زوجته ليلًا في فراش واحد وإن لم يحصل بينهما إتّصال جنسي. والثانية هي نوم الرّجل مع زوجته ليلًا بما يتضمّن الإتصال الجنسي.

المشهور عند فقهاء الشّريعة أن الزّوجة الدائمة لها حق المضاجعة ليلة واحدة كلّ أربع ليالٍ بالحد الأدنى، لكن في حال كان للرجل زوجتان أو أكثر، جاز له أن يبيت عند إحدى زوجتيه ثلاث ليالٍ وعند الأخرى ليلة، أو عند إحدى زوجاته الثلاث ليلتان وعند الباقيتين كل منهما ليلة، أما لو كان للرجل أربع زوجات فإن بات عند إحداهنّ وجبت المداورة بالسوية على الثلاث الباقيات.

على أن الإمام شمس الدين له رأي مغاير في المسألة، وهو أن القسمة إنما تجب في حال تعدد الزّوجات فقط، لورود أدلتها في فروض التعدد، وعليه، فتبقى حالة الوحدة على مقتضى الأصل وهو عدم إلزام الزّوج بعدد معيّن من الليالي، وإنما الواجب هو ما يقتضيه الأمر الوارد في الآية الكريمة: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ”، بمعنى أن القدر اللازم من المضاجعة هو أن لا يهجرها ولا يذرها كالمعلّقة [84]، ويعود تحديد ذلك الى العرف.[85]

أما المواقعة، فالمشهور عند الفقهاء حق المرأة على زوجها مرة واحدة كل أربعة أشهر بالحد الأدنى، فيحرم عليه ترك ذلك إلا مع إذنها، باعتبار أن المرأة مجهّزة بغريزة لها انفعالاتها الطبيعية، وإن كانت تختلف عن غريزة الرّجل كمًّا وكيفًا.

وفي هذا الصدد نجد أن الإمام شمس الدين قد خالف المشهور هنا أيضًا، فإنه (رحمه الله) بعد أن أبطل دليلهم قال بما مفاده: إن الشّريعة قد تركت تحديد هذا الأمر الى الرغبة الطبيعية عند الرّجل والمرأة ولظروف الزّوجين، وهذه الرغبة قد تكون يومية وقد تكون إسبوعية وقد تكون غير ذلك، وهي تختلف قوة وضعفًا بمراحل العمر ومؤثرات أخرى، فلا يمكن ضبطها بمعيار محدد من الناحية الزمنية، بل ما تدل عليه النصوص الشرعية الصحيحة هو عدم إهمال حاجة المرأة الطبيعية إلى الوصال الجنسي، فإذا أهمل الزّوج ذلك فإنه يكون مخلًا بحقوقها الزّوجيّة [86].

وبناءً على هذا الرأي، فليس لأحد الزّوجين أن يمنع الآخر عن استيفاء حقّه في الإرواء الجنسي، إلا في حالات المنع الشرعي المتقدّمة، لا سيما بعد أن عرفنا أن الاستمتاع الجنسي ليس امتيازًا حصريًا للزوج، بل إنّ الزّوجة تشاركه فيه ولها نصيب منه على نحو ما أشرنا إليه.

 

 

2 – حق النفقة:

أجمع فقهاء الإسلام على وجوب إنفاق الزّوج على زوجته حتى لو كانت غنية، لإطلاق قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ﴾[87]، فالمولود له هو الزّوج، وضمير “هنّ” عائد إلى الزّوجات.

والمشهور بين الفقهاء أن هذا الموجب إنما ينشأ على نحو الإقتضاء نتيجة عقد الزّواج، وعلى نحو الفعلية بعد الإنتقال الى المسكن الزّوجي، وهو ملقى أساسًا على عاتق ربّ العائلة كزوج وكأب، باعتبار أن النفقة سوف يمتدّ وجوبها على الأبناء فيما بعد.

والنفقة الزّوجيّة هي كل ما تحتاجه الزّوجة للعيش اللائق، وتشمل المأكل والملبس والطبابة والمسكن، وما يلزمه من مفروشات وأمتعة وأدوات منزلية للطبخ والتنظيف وغير ذلك مما يعتبر من الضروريات، أما الكماليات فإنها مطلوبة على نحو الإستحباب لا الوجوب.

وفيما يعود الى نوع النفقة ومقدارها، فلم يحدّد الشرع نوعًا معيّنًا ولا مقدارًا خاصًا، وإنما اعتبر الواجب ما فيه الكفاية، وهنا لا بدّ من مراعاة الأعراف والتقاليد الإجتماعية غير المنافية للشرع، مع الأخذ بالإعتبار حال الزّوجين وملاحظة شأنهما وما يناسبهما.

وقد ورد في القرآن الكريم مبدأ عام في باب الإنفاق، وهو اعتماد الوسط بين الإسراف والتقتير، فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾[88]، كما عبّر القرآن الكريم في آية أخرى بتعبير بليغ فقال: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾[89].

هذا في حال اليسار، أما في حال الإعسار فقد قال تعالى: ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾[90] أي أن نفقة الزّوجة على زوجها تدور مع حالته يسرًا وعسرًا، وتبقى دينًا في ذمته إلى حين يساره، فلا تسقط إلا بالقضاء أو الإبراء.

 

3 – حق المهر:

المهر حق مالي أوجبه الشرع الإسلاميّ للمرأة على الرّجل عند إرادة الزّواج، وتحديدًا عند العقد، وهو ليس ركنًا ولا شرطًا، وإنما حقّ فقط، فلو لم يُذكَر المهر في العقد عمدًا أو سهوًا يبقى العقد صحيحًا ويثبت لها مهر مثيلاتها الذي يحدّده العرف.

ومشروعيته ثابتة في القرآن والسّنّة، فمن القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾[91]، صدقاتهنّ من الصداق وهو المهر، والنحلة هي الشّريعة، بمعنى أعطوا النساء مهورهن عطية واجبة وفريضة لازمة [92]. ومن السّنّة الشّريفة ما روي عن رسول الله (ص) أنه قضى في امرأة تزوجت ولم يكن قد سُمّيَ لها مهرًا، ثمّ مات زوجها قبل أن يواقعها، بأنّ لها مهر مثلها لا زيادة ولا نقصان [93].

وقد تركت الشّريعة تقدير المهر نوعًا وكمًا الى إرادة المتعاقدين، فلهما أن يتفقا على أيّ مال نقدي أو عيني، كثير أو قليل، شرط أن يكون محددًا وحلالًا، لكن السّنّة الشّريفة رأت أنّ “خير الصداق أيسره” [94]، وذلك من أجل تذليل العقبات أمام الزّواج وتسهيله ما أمكن.

كما جرت العادة على قسمته الى قسمين: معجّل ويستحق بمجرد إتمام العقد، ومؤجّل ويستحق عند حلول أحد الأجلين (الموت أو الطّلاق)، والحكمة من وجود المعجّل هو حاجة العروس لتجهيز نفسها للبيت الزّوجي بأنواع الثياب والحلي والزينة وما إليها، وأما الحكمة من وجود المؤجل فهو لأنه يشكّل نوعًا من الحماية لها من الطلاق، إضافة الى أنه بمثابة التعويض عند حلول أحد الأجلين[95].

وهذا المهر تستحقه الزّوجة وحدها، ليس لأبيها ولا لزوجها ولا لغيرهما أدنى تصرّف به، بل هي التي تملك حق التصرّف به كيفما تشاء دون تدخّل من أحد، وبإمكانها أن لا تصرف منه لبيتها قرشًا واحدًا، لأنّ تجهيز البيت بكلّ ضرورياته على عاتق الزّوج، لكنّها إذا صرفت منه في جهاز البيت فما اشترته يكون ملكًا لها لا للزوج، قال تعالى: ﴿ِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾[96].

 

الخاتمة

في نهاية المطاف، يمكن تسجيل بعض الخلاصات والنّتائج التي توصلّنا إليها في هذا البحث، وهي على الشّكل الآتي:

– إنّ الحقوق المشتركة بين الزّوجين وفقًا للقوانين المدنية تتلخّص في: الحقّ في الزّواج وتكوين الأسرة، الحقّ في الأمانة الزّوجيّة، حق المساعدة المالية، حق الرعاية والتعاون. فإنّ هذه الحقوق متبادلة بينهما على نحو التّساوي التام.

– حقوق الزّوج الخاصة وفقاً للقانون المدني الفرنسي تنحصر في حق اختيار محل الإقامة، وحقّ المساكنة الذي يعني التزام الزّوجة بالعيش مع زوجها في المسكن الذي يختاره لحياتهما، شرط أن يكون لائقًا بهما اجتماعيًّا، ومستوفيًا للشّروط الواردة في القانون.

– حقوق الزّوجة الخاصة التي جاءت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبعض القوانين الدستوريّة في الدّول الغربيّة تتعلّق بالحق في السّكن العائليّ، الحقّ في العيش بكرامة، والحقّ في تصرف الزّوجة بجسدها لجهة الحمل أو المنع منه.

– أمّا الحقوق المشتركة بين الزّوجين وفقًا للشّريعة الإسلاميّة فتتلخّص في: حسن المعاشرة، تبادل التّعاون، إنجاب الأولاد. فإنّ لكل منهما كامل هذه الحقوق على قدم المساواة مع الآخر.

– حقوق الزّوج الخاصة وفقًا للإسلام تنحصر في حق المساكنة، وحق الاستمتاع. والقصد من الأوّل حرمة خروج الزّوجة من بيتها من دون رضا زوجها في حال مزاحمة ذلك لحقّه في الاستمتاع، أو إذا كانت في موضع الإغواء. والقصد من الثّاني حق الاستمتاع الجسديّ للزّوج بمقتضى عقد الزّوجية، كونه غاية أساسية من غايات الزّواج، قال تعالى: ﴿نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم﴾.

– حقوق الزّوجة الخاصة الواردة في التّشريع الإسلاميّ تتعلّق بحقّ المبيت، حقّ النّفقة، حقّ المهر. ويقصد بالأوّل وجوب أن يلتزم الزّوج المبيت عند زوجه في منزلهما المعدّ لسكنهما، وذلك كي تشعر الزّوجة بكيانها العائلي، وبالحماية والرّعاية، وبما يضمن لها حقوقها العاطفيّة والغريزيّة. أما النّفقة فإنّها تشمل الطّعام والشّراب والمسكن والملبس والطّبابة وكل ما يحتاجه البيت من أثاث وأمتعة. وأما المهر فيشمل المعجَّل عند بداية الزّواج، والمؤجل عند أقرب الأجلين.

 

المصادر والمراجع

أ- الكتب المقدّسة:

1 – القرآن الكريم

2 – نهج البلاغة، الإمام علي بن أبي طالب(ع)

3 – رسالة الحقوق، الامام زين العابدين (ع)

ب- الاتفاقيات الدولية:

4 – الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

5 – الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان.

6 – المعاهدة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ((sedaw.

7 – القانون المدني الفرنسي.

8 – الدستور اللبناني وتعديلاته.

ج- أمهات المصادر:

9 – إبن الهمام، كمال الدين: فتح القدير، منشورات مطبعة مصطفى محمد، القاهرة، 1982.

10 – البيهقي، أبو بكر بن الحسين: السنن الكبرى، دار المعرفة، بيروت، 2002.

11 – الترمذي، محمد بن عيسى: سنن الترمزي، دار المعرفة، بيروت، 2002.

12 – الحر العاملي: وسائل الشيعة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1991.

13 – السجستاني، سليمان بن الأشعث: سنن أبي داوود، دار الجيل، بيروت، 1988.

14 – الشوكاني، محمد: نيل الأوطار في شرح منتقي الأخبار،حمد، القاهرة، 1982.

15 – الطبرسي، حسين: مستدرك الوسائل، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، بيروت، 1994.

16 – الكليني، محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج5، مكتبة الصدوق، طهران، 1381 ه.

17 – المحقق الحلّي: شرائع الإسلام، ط2، ج2، دار الأضواء، بيروت، 1983.

18 – النيسابوري، الحاكم: المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية، بيروت، 2002.

د- المراجع المتخصصة:

19 – البيلاني، بشير: قوانين الأحوال الشخصية في لبنان، ط4، دار العلم للملايين، بيروت، 1984.

20 – حريري، إسماعيل: الأحوال الشخصية بين الشرع والقانون، دار الولاء، بيروت، 2017.

21 – خضر خضر، مدخل إلى الحريات العامة وحقوق الانسان، ط3، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس-لبنان، 2008.

22 – السيستاني: علي الحسيني: استفتاءات الحمل وموانع الحمل. المصدر: موقعSistani.org  .

23 – شلتوت، محمود: الاسلام عقيدة وشريعة، ط17، دار الشروق، القاهرة، 1997.

24 – شمس الدين، محمد مهدي: حقوق الزّوجيّة، ط3، المؤسسة الدولية للدراسات، بيروت، 2001.

25 – الغريب، محمد ميشال: الحريات العامة في لبنان والعالم، الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، د.ت.

26 – الغريّب، محمد ميشال: الزّواج المدني، مطبعة سيما، بيروت، 1998.

27 – الفخري، رندة: التمييز ضد المرأة في ضوء أبرز المواثيق الدولية، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2013.

28 – القرضاوي، يوسف: الحلال والحرام في الاسلام، ط 15، نشر المكتب الإسلاميّ، دمشق، 1994.

29 – كبارة، عبد الفتاح: الزّواج المدني، دار الندوة الجديدة، بيروت، 1994.

30 – محمود، جمال الدين: أصول المجتمع الإسلاميّ، دار الكتاب المصري، القاهرة، 1992.

31 – ياغي، أكرم: الزّواج المدني- الحلم الصعب، منشورات زين الحقوقيّة، بيروت، 2015.

32 – ياغي، أكرم: قوانين الأحوال الشخصية، منشورات زين الحقوقيّة، بيروت، 2008.

 

                      

 

[1]– رئيس قسم الشريعة في كلية الدّراسات الإسلاميّة (الجامعة الإسلاميّة في لبنان).

[2]– سنتطرق بالتفصيل الى هذه المواد في الفقرة التالية من هذا البحث.

[3]– تحتوي المادة 16 على ثمانية بنود سنتطرق اليها في الفقرة التالية.

[4]– سوى الجمهورية التونسية وتركيا.

[5]– الاعلان العالمي لحقوق الانسان، راجع: خضر خضر، مدخل إلى الحريات العامة وحقوق الانسان، ط3، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس-لبنان، 2008م، فهرس الملاحق، ص460. 461.

[6]– م.ن، ص462.

[7]– الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان، راجع: ميشال الغريب، الحريات العامة في لبنان والعالم، الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، د.ت، ص123.

[8]– المعاهدة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، المادة 16، الفقرات: أ-ب-ج-د-هـ. راجع: الفخري، رندة: التمييز ضد المرأة في ضوء أبرز المواثيق الدولية، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2013، ص146-147.

[9]– ياغي، أكرم: الزواج المدني- الحلم الصعب، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2015، ص 39.

[10]– الغريّب، محمد ميشال: الزواج المدني، مطبعة سيما، بيروت، 1998، ص 55.

[11]– ياغي، أكرم: الزواج المدني- الحلم الصعب، م.م، ص 39-40.

[12]– خضر، خضر: مدخل الى الحريات العامة وحقوق الانسان، م.م، ص 327.

[13]– الفخري، رندة: التمييز ضد المرأة في ضوء أبرز المواثيق الدولية، م.م، ص 159.

[14]– القانون المدني الفرنسي: المادة 323، راجع: ياغي، أكرم: الزواج المدني- الحلم الصعب،م.م، ص 40.

[15]– الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، راجع: الفخري، رندة: التمييز ضد المرأة في ضوء أبرز المواثيق الدولية، م.م، ص 147.

[16]– حريري، إسماعيل: الأحوال الشخصية بين الشرع والقانون، دار الولاء، بيروت، 2017، ص 98.

[17]– كبارة، عبد الفتاح: الزواج المدني، دار الندوة الجديدة، بيروت، 1994، ص 8.

[18]– ياغي، أكرم: الزواج المدني- الحلم الصعب، م.م، ص 40.

[19]– حريري، إسماعيل: الأحوال الشخصية بين الشرع والقانون، م.م، ص 94.

[20]– الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، راجع: الفخري، رندة: التمييز ضد المرأة في ضوء أبرز المواثيق الدولية، م.م، ص 146.

[21]– راجع: ياغي، أكرم: الزواج المدني- الحلم الصعب، م.م، ص 37.

[22]– ياغي، أكرم: قوانين الأحوال الشخصية، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2008، ص 151.

[23]– كالمعنى الذي يشتمل على المعاشرة الكاملة بين رجل وإمرأة والعيش معاً تحت سقف واحد خارج إطار العقد القانوني للزواج، وهو ما يُعرّف في بلاد الغرب بـ “الصداقة”.

[24]– الغريب، محمد ميشال: الزواج المدني، م.م، ص 55.

[25]– ورد في رسالة بولس الرسول لأهل كورنتوس: “ليس للمرأة تسلّط على جسدها بل للرجل، وليس للرجل تسلط على جسده بل للمرأة”، المصدر السابق.

[26]– ياغي، أكرم: الزواج المدني- الحلم الصعب، م.م، ص 38.

[27]– أي العيش تحت سقف واحد، وحسن المعاشرة، وإشباع الرغبة الجنسية.

[28]– أي أن المنزل قد يكون مستأجراً أو مستعاراً، فليس بالضرورة أن يكون مملوكاً.

[29]– الدستور اللبناني وتعديلاته، م.م، ص 31.

[30]– الاعلان العالمي لحقوق الانسان، راجع: خضر خضر، مدخل إلى الحريات العامة وحقوق الانسان، م.م، فهرس الملاحق، ص458.

[31]– الفخري، رندة: التمييز ضد المرأة في ضوء أبرز المواثيق الدولية، م.م، ص 86.

[32]– خضر، خضر: مدخل الى الحريات العامة وحقوق الانسان، م.م، ص 329.

[33]– الفخري، رندة: التمييز ضد المرأة في ضوء أبرز المواثيق الدولية، م.م، ص 147.

[34]– خضر، خضر: مدخل الى الحريات العامة وحقوق الانسان، م.م، ص 330.

[35]– م.ن، ص 330.

[36]– م.ن، ص 331.

[37]– القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 220.

[38]– القرآن الكريم: سورة النساء، الآية 34.

[39]– وذلك وفقاً لتعريف الزواج المشهور بأنه: “عقد ثنائي علني ذو صفة دينية يتفق فيه رجل وامرأة على العيش معاً على سبيل الدوام، بغية التناسل والاستمتاع وتبادل التعاون”. بشير البيلاني: قوانين الأحوال الشخصية في لبنان، ط4، دار العلم للملايين، بيروت، 1984، ص41.

[40]– يؤكد الفقهاء على أن موضوع الاستمتاع يخص الرجل غريزياً بالدرجة الأولى، فإن الزوجة وإن كان لها هذا الحق، لكنه على المستوى العملي يهمّ الرجل أكثر من المرأة، فلذا تمّ إدراجه ضمن حقوق الزوج.

[41]– القرآن الكريم: سورة النساء، الآية 19.

[42]– القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 233.

[43]– القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 228.

[44]– القرآن الكريم: سورة الروم، الآية 21.

[45]– القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 187.

[46]– الحر العاملي: وسائل الشيعة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1991،، ج14، باب 88، رواية 9.

[47]– الترمذي، محمد بن عيسى: سنن الترمزي، دار المعرفة، بيروت، 2002، الحديث 1162.

[48]– الطبرسي، حسين: مستدرك الوسائل، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، بيروت، 1995، ج 1، حديث رقم 1023.

[49]– الحر العاملي: وسائل الشيعة، م.م، ج 14، باب 87، رواية 3.

[50]– الامام زين العابدين: رسالة الحقوق، شرح القبانجي، ط4، دار الأضواء، بيروت، 1999، ج1، ص451.

[51]– القرآن الكريم، سورة النساء، الآية 21.

[52]– شلتوت، محمود: الاسلام عقيدة وشريعة، ط 17، دار الشروق، القاهرة، ص 156. والحر العاملي: وسائل الشيعة، م.م، ج1 ح14.

[53]– القرآن الكريم، سورة المائدة، الآية 2.

[54]– الأول هو رأي الامام الغزالي المتوفي عام 505 ه. والثاني هو الرأي المشهور لدى المذهب الإمامي والمذهب الحنفي مع تفصيلات إضافية، والثالث هو رأي جمهور المسلمين من أصحاب المذاهب الأخرى. الإمام محمود شلتوت، الاسلام عقيدة وشريعة، م.م، ص 199.

[55]– المرجع السيستاني: السيد علي الحسيني: استفتاءات الحمل وموانع الحمل. المصدر: موقعSistani.org  تاريخ الزيارة 18/2/2024.

[56]– م.ن، المسألة ذاتها.

[57]– القرآن الكريم: سورة النساء، الآية 34.

[58]– شمس الدين، محمد مهدي: حقوق الزوجية، ط3، المؤسسة الدولية للدراسات، بيروت، 2001، ص25-27.

[59]– القرآن الكريم: سورة النساء، الآية 34.

[60]– القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 228.

[61]– القرضاوي، يوسف: الحلال والحرام في الاسلام، ط 15، نشر المكتب الاسلامي، دمشق، 1994، ص188.

[62]– شمس الدين، محمد مهدي: حقوق الزوجية، م.م، ص 14

[63]– الإمام علي بن أبي طالب(ع): نهج البلاغة، م.م، الخطبة رقم 216.

[64]– القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 233، راجع: محمد مهدي شمس الدين: عمل المرأة المهني بين المشروعية والتحريم، ضمن كتاب حقوق الزوجية، م.م، ص233.

[65]– شمس الدين، محمد مهدي: حقوق الزوجية، م.م، ص 234.

[66]– التفسير الميسّر: منقول من موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.

[67]– شلتوت، محمود: الإسلام عقيدة وشريعة، ط17، دار الشروق، القاهرة، 1997، ص 157.

[68]– محمود، جمال الدين: أصول المجتمع الإسلامي، دار الكتاب المصري، القاهرة، 1992، ص 118.

[69]– السجستاني، سليمان بن الأشعث: سنن أبي داوود، دار الجيل، بيروت، 1988، الحديث رقم 2708.

[70]– القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 286.

[71]– لمزيد من الإطلاع، راجع: محمد مهدي شمس الدين: حقوق الزوجية، م.م، ص77 وما بعدها.

[72]– شمس الدين، محمد مهدي: حقوق الزوجية، م.م، ص85.

[73]– م.ن، ص 89. القرآن الكريم: سورة النساء، الآية 19.

[74]– م.ن، ص 89-90.

[75]– شمس الدين، محمد مهدي: حقوق الزوجية، م.م، ص 70.

[76]– القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 223.

[77]– الحر العاملي: وسائل الشيعة، م.م، ج 16، أبواب مقدمات النكاح وآدابه، باب 79، رواية 1.

[78]– الكليني، محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج5، مكتبة الصدوق، طهران، 1381 ه، باب حق الزوج على المرأة، حديث 8، ص 508.

[79]– المحقق الحلّي: شرائع الإسلام، ط2، ج2، دار الأضواء، بيروت، 1983، القسمة والنشوز، ص 334.

[80]– الحر العاملي: وسائل الشيعة، م.م، ج 20، باب 88، ص 170.

[81]– البيهقي، أبو بكر بن الحسين: السنن الكبرى، دار المعرفة، بيروت، 2002، الحديث رقم 13638.

[82]– شمس الدين، محمد مهدي: حقوق الزوجية، م.م، ص 139.

[83]– الحر العاملي: وسائل الشيعة، م.م، ج 20، الباب 56، الحديث 4.

[84]– التي لا تُعرَف لا هي متزوجة ولا هي مطلقة.

[85]– شمس الدين، محمد مهدي: حقوق الزوجية، م.م، ص 149.

[86]– شمس الدين، محمد مهدي: حقوق الزوجية، م.م، ص 137- 138.

[87]– القرآن الكريم: سورة البقرة، الآية 233.

[88]– القرآن الكريم: سورة الفرقان، الآية 67.

[89]– القرآن الكريم: سورة الإسراء، الآية 29.

[90]– القرآن الكريم: سورة الطلاق، الآية 7.

[91]– القرآن الكريم: سورة النساء، الآية 4.

[92]– التفسير الميسّر: م.م، عن موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.

[93]– الشوكاني، محمد: نيل الأوطار في شرح منتقي الأخبار، ج6، باب من تزوج ولم يسمّ صداقاً، حديث1.

[94]– النيسابوري، الحاكم: المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية، بيروت، 2002، الحديث رقم 1139.

[95]– ياغي، أكرم: قوانين الأحوال الشخصية، م.م، ص 158.

[96]– القرآن الكريم: سورة النساء، الآية 32.

عدد الزوار:321

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى