إعلان دولة لبنان الكبير
إعلان دولة لبنان الكبير
غزوان عبد شاهين[1]
إشراف الأستاذ الدكتور نافذ إبراهيم الأحمر[2]
الأستاذ الدكتور محمد علي القوزي[3]
تمهيد
إذا كان السّوريّون قد قرروا مواجهة أوروبا بإعلان استقلالهم، فإنّ أوروبا قررت بدورها مواجهتهم. وإذا كان الاستقلال السّوريّ قد أعلن (في 8 آذار/مارس سنة 1920)، وإذا كان مقرر هذا الاستقلال هو المؤتمر السّوريّ، فإن مؤتمرًا آخر كان يعقد بعد مضي شهر وبعض الشّهر على قرار المؤتمر السّوريّ، ألا وهو مؤتمر سان ريمو.
لقد اجتمع المؤتمر السّوريّ في دمشق معلنًا الاستقلال في ٨ آذار/مارس، وتاليًا اجتمع مؤتمر سان ريمو ( في ۱۹ نيسان/أبريل1920) وكان موضوع هذا المؤتمر هو تقرير مصير البلاد العربيّة التي كانت تابعة لتركيا وتقرير مصير تركيا المنهزمه في الحرب.
أما تركيا فقد قيّدتها معاهدة سيفر Siver التي قضت بتمزيقها بين الدول والقضاء على استقلالها. وأما البلاد العربيّة فقد قرر المؤتمر في ٢٠ نيسان/أبريل وضعها تحت الانتداب؛ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسيّ، والعراق فلسطين وشرق الأردن تحت الانتداب الإنكليزي.
أولًا- ردود الفعل ومواقف المسلمين من الانتداب الفرنسيّ وظهور الحركات المسلحة (1919- 1926)
- موقف السّنّة من الانتداب (عكار والمناطق الحدودية أنموذجًا):
كان شعور العداء نحو فرنسا، في ذلك الحين، أقوى منه نحو بريطانيا، إذ كانت هذه الأخيرة تبيّن لرجالات العرب وزعمائهم أنها ساعدهم ونصيرهم القوي، ومؤيدتهم المخلصة ضدّ فرنسا الطامعة في ديارهم، فكان أن صدّقها العرب ولا سيما زعماؤهم السياسيون، فراحوا يعدّون العدة للقيام بثورة على الفرنسيّين، وكان أن اتصلوا بالدّنادشة[4] وتفاهموا معهم على ذلك. ( الدندشي، 1985، ص 86).
وما كاد الجيش العربي بقيادة الأمير ” فيصل بن الحسين” يدخل دمشق ( في 2 تشرين الأول/أكتوبر عام 1918)، حتى بادرت وفود من الدّنادشة وضباطهم في الجيش التركي بالقدوم إلى دمشق فرسانًا ومشاةً لمبايعة الأمير فيصل، وتأييدًا للحركة العربيّة في الساحل السّوريّ والداخل. وقد تأكد ذلك تقديم إمكانيات العشيرة من سلاح ورجال ومال، لتحقيق استقلال البلاد العربيّة، وقد واكبه مئة وخمسون فارسًا على رأسهم:” عبد الله الكنج، مصطفى الأسعد، خالد رستم، حسن علي العبود، محمد بك المحمد، حسن إبراهيم”. (الدندشي، 1985، ص 59).
لقد عُقد الاتفاق بين الأمير فيصل والدّنادشة بتل كلخ (مدينة سورية)، حيث اجتمع بزعماء الدّنادشة، الذين استقبلوه استقبالًا مسلحًا، وقد سمع فيصل من الدّنادشة عبارات التأييد للقضية العربيّة التي يُمثّلها، مُعلنين له استعدادهم للبذل والتضحية متى لزم الأمر. فسّر فيصل بحماستهم ووطنيتهم، وأطلعهم على ما يمكن أن يواجهه العرب من مصاعب وعقبات، مؤكدًا أن هذه المصاعب لا يمكن التغلب عليها بغير العمل الجدّي والاتحاد والنضال والتضحية، فأعادوا على مسامعه ما أعلنوه من استعدادهم الجدي لدعم القضية العربيّة دعمًا قويًا، وقد اتفق الطرفان على أن يكون الزعيم الفلسطيني سليم عبد الرحمن([5])، هو الشخص الذي سيكون صلة الوصل بينهم وبين الأمير فيصل لكي لا يشك الفرنسيّون بأي تحرك. (الدندشي، 1985، ص 87).
وإلى جانب ثورة الدّنادشة قامت بعض الثّورات المسلحة في وجه الانتداب الفرنسيّ، مثل ثورة الشيخ صالح العلي في الجبال الساحلية، وثورة يوسف السعد، وثورة إبراهيم هنانو في ريف حلب، وثورة محمود الفاعور في سهل الحولة، وثورة جبل العرب وثورة دمشق والغوطتين، وقد كانت هذه الثّورات مترابطة زمنيًا ومكانيًا، فالثورة التي قادها المجاهدان عمر ونجيب البيطار كانت مرتبطة عضويًا بثورة الشيخ صالح العلي في الجبال الساحلية. (الغصين، 1956، ص 113 – 114)
ولم تقم ثورة حماه، وكذلك ثورة دمشق والغوطيين، إلا بالتنسيق مع قائد الثورة السّوريّة الكبرى في جبل العرب، (سلطان باشا الأطرش )، وكذلك فإن ثورة قرى وادي التيم في لبنان كانت متصلة بالثورة الأم في جبل العرب، كما كانت ثورة القلمون وجبل عكار متصلة بثورة حمص وحماه والمنطقه الوسطى (موسى، 1966، ص 68)
دعا الدّنادشة زعماء العشائر العربيّة في سوريا إلى اجتماع اتفق على عقده في حمص، نظرًا لبعدها عن عيون المستعمر وتحرياته، وذلك للبحث في أمر القيام بثورة ضد الفرنسيّين باعتبارهم سلطة احتلال، وقد تمَّ الاجتماع في حمص في منزل فندي السّعود، شیخ عشائر (الأحسنة)([6]) الذين تربطهم بالدّنادشة صداقة قوية، وقد ضم ّهذا الاجتماع من الدّنادشة السّادة: الشيخ عبد الله الكنج، مصطفى الأسعد، محمد خالد الرستم وغيرهم. كما تمثّل ثوار سوريا في الآتية أسماؤهم (وصفي الأتاسي، وكان من حماة أحمد آغا البرازي، مع بعض آل العظم والكيلاني). وترأس عشائر البدو «الشيخ فندي» وعلي حمد من عشائر المتاولة([7]) في الهرمل، ومن بعلبك بعض زعماء الحرافشة، وبعد التداول وتبادل الرأي اتخذ المؤتمرون المقررات التالية:
- القيام يدًا واحدة بثورة ضدّ الفرنسيّين.
- تنطلق الشرارة الأولى للثورة من تل كلخ.
- يؤمّن الحمصيون للثوار السّلاح والغذاء.
- تكليف الدّنادشة بتوجيه دعوة إلى زعماء عكاريين ( من آل المرعبي )، للوقوف على رأيهم، وقد عقد اجتماع، بعد الاتصال بالمراعبة في عكار، وذلك لتعيين بدء موعد الثورة ( الدندشي، 1985، ص 89-90). وبهذا الشكل يكون مسلمو لبنان قد اجمعوا على هذه الثورة.
اجتمع الدّنادشة والمراعبة في عكار بعدما عاد وفد الدّنادشة من اجتماع حمص،وأخذ الوفد في توجيه الدعوة إلى الزّعماء العكاريين وعلى رأسهم آل المرعبي، حسب الاتفاق الذي جرى في حمص، ولكيلا تتنبّه السلطات الفرنسيّة في تل كلخ([8])، تقرر تحديد موعد الاجتماع ( الذي كان مقررًا في احتفال بإقامة عرس في مشتى حسن) فلما كان العرس، أو يوم الاجتماع، حضر وفد من عكار، على رأسه السادة: عبود بك عبد الرزاق المرعبي، وعلى الأسعد المرعبي وعبد الرزاق الياسين المرعبي، وغيرهم. غير أن نتيجة هذا الاجتماع لم تكن مرضية تمامًا، فقد كان من العكاريين متحمسين للثورة، وبخلاف ذلك كان هناك رافضون لها، ولا سيما المراعبة الذين أبدوا تحفظًا إلى أبعد حدود التحفظ، على أن الفريق الأول وعد بأن يشترك في الثورة حينما تنشب. (الأسعد، 2017-2018، مقال)
- أسباب إنطلاق شرارة الثورة:
من أجل تبيان أسباب هذه الثورة، يقول حسن نمر دندنشي([9]) في كتابه”الثورة السّوريّة الأم الدّنادشة عام 1919″:
“… عندماعندما أبرق فيصل إلى أخيه ونائبه في دمشق ( زيد )، يخبره ما جرى له في باريس ولندن، ويدعوه إلى الاتصال بالدّنادشة للقيام بالثورة، أتى إلى قرية «الفتايا» السّيدان «سليم عبد الرحمن، والضابط هو (إسماعيل نامق) ومعهما حوالي أربعمائة بندقية مع ذخيرتها، وأربعة رشاشات، وأربعة صناديق مملوءة بالقنابل، منها ما هو ألماني الصنع، ومنها ما هو إنكليزي، وذلك ليصير توزيعها على الثّوار فيما بعد “. ( الدندشي، 1985، ص 103).
وقد وجه زعماء الدّنادشة رسالة لحاكم تل كلخ كان فحواها:
1- إنزال العلم الفرنسيّ في تل كلخ.
2- تشكيل حكومة وطنية من أهل البلاد في تل كلخ.
3- الاتفاق بشأن تصديق استقلال البلاد العربيّة وعدم تجزئتها.
وكان رد المستشار الفرنسيّ أنه مأمور بالمحافظة عليه، وأنه لن ينزل العلم الفرنسيّ حتى آخر نقطة دم ستسيل من آخر جندي، وأما بالنسبة إلى تشكيل الحكومة فلم يجب عليه، عندها قرر الثّوار طرده والدفاع عن البلاد. ( الدندشي، 1985، ص 103).
وقد كان بدء الثورة قبل أوانها حسبما هو مقرر، فقبل أن ينتهي الإجتماع في مشتی حسن من بحث ما اجتمعوا لأجله، وقع حادث فرض نفسه على المؤتمرين معلنًا ابتداء الثورة. وأما كيف سارت الأمور وتطورت:
ففي عام 1919، وتحديدًا في 12 كانون الأول/ديسمبر تحركت عربة من قبل الثّوار تحتوي على السلاح من حمص…ولما صارت في منطقة العريضة ([10])، نظر المسافرون أي الثّوار الثلاثة من العربة فإذا هم يرون المستشار الفرنسيّ وزوجته، ومعهما ضابطان وجنديان، يتنزهون على ضفة النهر الكبير الجنوبي في العريضة بعضهم في عربة مكشوفة، والأخرون خيالة. ولما كان لا بدّ من التقاء الطرفين، خشيَ رُكّاب العربة المسلحة من تعرض الجنود الفرنسيّين لهم وتفتيشهم العربة، فقرروا مباغتة الجنود الفرنسيّين ومبادرتهم، ففتحوا نيران بنادقهم عليهم، فقتلوا ضابطًا فرنسيًا وأصيب آخر في ساقه إصابة خطرة، وعادت العربة ( الدندشية ) بركابها سالمين. وكان أن طارد العربة قائد الدرك الفرنسيّ على رأس قوة، فلم يتمكن من اللحاق بها لأنها كانت قد دخلت المنطقة الشرقية التابعة للحكومة العربيّة. (الأسعد، 2017-218 مقال )
بناءً على ذلك بدأت الثورة يوم السبت ( في 18 كانون الأول/ديسمبر 1919 ) بمناوشات خفيفة بين الثّوار والقوات الفرنسيّة في دار الحكومة في تل كلخ، وامتدت لمدة ستة أيام حتى 25/12/1919، حيث احتدمت المعارك في 20/12/1919، بوصول قوة فرنسية مؤلفة من خمس سيارات تقل (100 جندي)، مع قوة من المشاة (حوالي 100 جندي)، وخمس عربات رشاشة، واستطاع الجيش الفرنسيّ أن يتقدم، بعد تخلف آل مرعب (لتحفّظهم على الثورة)، ثم في 22/12/1919 تابعت القوات الفرنسيّة تقدمها، فاحتلت تل كلخ وقامت بأعمال الحرق وهدم البيوت، وفي 25/12/1919 هاجمت القوات الفرنسيّة قريتي مشتى حسن ومشتى حمود في عكار، ودارت معركة دامية قتل فيها عشرون جنديًا فرنسيًا، ولم تتمكن القوات الفرنسيّة من الدخول إليهما، إلّا بعد وصول تعزيزات كبيرة حيث أحرقت وضربت البلدتين بالمدفعية.( الدندشي، 1985،ص 104،100)
- نتائج الثورة:
تمخّضَت من هذه الثورة عدة نتائج، كان منها أهمها:
- إنتهاء الثورة بهزيمة الدّنادشة وهجرتهم إلى المنطقة الشرقية الواقعة تحت الحكم العربي التابع للأمير فيصل.
- عدم منح الأمان لرؤساء الثورة من قبل سلطات الانتداب الفرنسيّ، ومنهم من عكار: محمد خالد رستم، وحسن الإبراهيم من مشتى حسن.
- إعدام بعض زعماء الدّنادشة رميًا بالرصاص. ومنهم: أحمد الحسين الدندنشي ومحمود الإبراهيم ( الدندشي، 1985، ص 114).
في الواقع شكلّت هذه الثورة حدثًا تاريخيًا، عبَّر عن ائتلاف المسلمين حول قضايا الانتماء، وسيادة منطق الوحدة العربيّة لدى هذه الفئات التي تبنّت فكرة القومية العربيّة برفضها أي استعمار أو احتلال أو انتداب. هذا إضافة إلى ثورة البيرة التي حصلت سنة 1920، وثورة أكروم التي تأثرت بالثورة السّوريّة الكبرى سنة 1926 (رزق، 1998، ص 90)، وثورة فنيدق سنة 1925- 1926، وكلها ثورات حدثت في عكار، وعلى الرغم من ذلك فقد تمكنت السلطات الفرنسيّة من إحداث شرخ بين المسلمين السّنّة في المنطقة، وذلك عبر الوعود التي قدمتها للزعماء السّنّة في الوصول إلى التمثيل النيابي، والحفاظ على ثرواتهم التي جمعوها أيام السلطنة العثمانية.
ب – موقف المسلمين الشّيعة من الانتداب:
تفجّر النزاع المسلح بين الفرنسيّين والمسلمين الشّيعة في عدد من المناطق، وجاء ذلك تزامنًا مع عدد من الضباط السّوريّين بالثورة في جبل عامل (قدري، 1956، ص209).
ونتيحه الممارسات الفرنسة، ومثل جميع الجهود السياسية التي بذلها رجال السياسة مع الفرنسيّين في لبنان، وخاصة جهود حكومه دمشق الفيصليّة، وبعد شعور هذه الحكومة بالخطر، عملت على تشجيع الثورة المسلحة في جبل عامل والمناطق البقاعية في بعلبك والهرمل وبقيه المناطق اللبنانية.
وردًّا على العمليات المسلحة ضد القوات الفرنسيّة، اتخذ الجنرال غورو إجراءات عسكريّه هادفة لقمع العمليّات المسلحة الشّيعيّة خاصة في جنوب لبنان (قلعجي، دون تاريخ النشر، ص 386) وتمّ تجنيد حمله فرنسية بدأت بالزحف على جبل عامل، واصطحبت معها الحاج إسماعيل خليل والحاج أحمد عرب كرهينتين، وقد رافق الحملة رشيد جنبلاط متصرف لواء صيدا، فتعرّض لها صادق حمزة وعشرات الرجال وأوقفوا تقدم الجيش المؤلف من أربعة آلاف جندي مدة سبع ساعات بما كان معهم من ذخائر. ( رضا، 1947، ص 199) وعلى الأثر قامت الثّورات الشّيعيّة في جبل عامل وساحله والخيام والحولة والخالصة وكفركلا وعديسة والطيبة وحومين والنّبطيّة، وأغار الثّوار المسلمون على تحركات الجيش الفرنسيّ ومراكزه، وأخذوا يهاجمون القرى الموالية لفرنسا في كل الأماكن (كوثراني، 1982، ص 330)
أكدت ذلك مجلة الحوادث في مقالة ورد فيها: “جبل عامل عريق في الوطنية عراقته في العلم، فأوّل ثورة عربية على تركيا قامت في الجنوب، وأول ثورة لبنانية على فرنسا كانت في جبل عامل، وثمار أيّ مدينة عادلية هي المدينة الثورية الأولى في تاريخه؛ أهي النّبطيّة أم مرجعيون أم صور أم صيدا، فلكل مدينة من هذه المدائن تاريخها الوطني. (الحوادث، 1978، العدد 1130) لقد كان جبل عامل المنطقة الرئيسية التي اتخذ فيها النضال ضد الفرنسيّين شكل صراع محلي بين الشّيعة وبعض سكان القرى المسيحية، فقد تطوّع عدد من أبناء هذه القرى في المليشيات المختلفة، وحصل عدد آخر على أسلحة فرنسية بحجة حماية قراهم. وكانت الأعمال العسكريّة المناوئة للاحتلال وأعوانه فى جبل عامل قد اتخذت شکل مجموعات، نظّمها وأشرف على بعضها الضباط العرب وبرزت قيادات محلية: كأدهم خنجر، (الشقيف) وصادق حمزة (بنت جبيل) وتعرضت القوات الفرنسيّه إلى کمائن ناجحة في أماكن عديدة أوقعت فيها الخسائر. (كوثراني،1982، ص 327 – 328) مما جعل هذه القوات الفرنسيّة تهاجم مراكز هؤلاء الثّوار.
هذا وقد شهد العام 1920 تزايدًا في الاتصالات الفرنسيّة برجالات جبل عامل، سواء باستدعائهم إلى بيروت أو صيدا، أم بزيارات يقوم بها القادة الفرنسيّون إلى منطقة جبل عامل، حيث كانوا يجتمعون إلى زعمائها، قاطعين الوعود لطلاب المناصب والمنافع. (شعيب، 1987، ص 71) وكانت السّلطات الفرنسيّه تهدف من وراء ذلك إلى تقريب فرنسا من قلوب الشّيعة في جبل عامل، وإبعادهم عن الحكومة العربيّة في سوريا، وخاصه بعد المؤتمر السّوريّ وتنصيب فيصل ملكًا على كامل سوريا المتحدة. (رضا، ج 7، ص 734 – 735) كل هذه الزّيارات كانت تجابه بالمقاطعة واللامبالاة، ومثال ذلك ما ينقل عن الشيخ أحمد رضا حول زيارة قام بها الجنرال الفرنسيّ غورو إلى النّبطيّة (في ٢٥ شباط/فبراير 1920 ) إذ يقول: “ورد يوم الإثنين أمر من حاكم صيدا العسكري بأن تستعدّ النّبطيّة وما حولها لاستقبال الجنرال غورو يوم الأربعاء السّاعة التّاسعة صباحًا، فنشد مدير النّبطيّة نخلة الخوري الأمر وأبلغه إلى مختاري القرى بطريقه رسميّة… ولم يأتِ من القرى المجاورة أحد، حتى من النّبطيّة لم يحضر هذا الاستقبال سوى جماعة لا يزيد عددها على بضعة عشر رجلًا من الوجهاء. (رضا، العرفان، ج5، ص 472)
كما واجهت قوات الاحتلال صدمة عنيفه عندما جمعت زعماء عامليين على جسر الخردلي في آذار/ مارس 1920 وطلبت إليهم تأييد سياستها، وقد ردّ عليهم كامل الأسعد بالقول : ” إنّ العامليين يرفضون هذا الطلب ولاسيما الاعتراض على ما قرره المؤتمر السّوريّ من تنصيب الملك فيصل على سوريا لأنّه هاشمي وذلك أقصى تمنيات الشّيعة” فعرضوا عليه اللائحة التي يودّون توقيعها فردّ عليهم جازمًا: “إنّ الشعب العاملي لا يقبلها وأنا بصفتي رئيس هذه البلاد لا أستطيع أن أفعل ما لا يريدونه، ولا أهمية لرياستي حينئذ، لاسيما إذا كان فيه ما يخالف مبدأهم الديني” (رضا،، ج7، ص 736)
وعندما جوبه الفرنسيّون بالرفض في جبل عامل، لجأوا إلى سياسة جديدة بالضغط والإكراه والعنف، قابلها الثّوار بالهجمات المتتالية على الحاميات الفرنسيّة وعلى القرى المسيحية المؤيدة لهم، حيث هاجمت مجموعات مسلحة من عرب الفاعور وعرب الفضل (وغيرها) جديدة مرجعيون في ٢٩ آذار/مارس1920 )، كما هوجمت دير ميماس والقليعة، وفي الخربة «كان القتلى من الفريقين كثر وقيل إن خسارة العسكر (الجيش الفرنسيّ) كانت تفوق العشرين قتيلًا. وقال بعض القادمين إنّ أرض الخربة بدت ملطخة بالدم. (رضا، 1960، مجلد 33، ص 736) وامتدت الأحداث إلى القرى الفلسطينية الواقعة تحت السيطرة الصّهيونيّة، عندما هاجم عرب الحولة مزرعة صلحا، وشرعوا يفتشون عن العساكر الفرنسيّة، وقد دارت معارك عنيفة بين الثّوار والصّهاينة المسلحين فى صلحا عندما أراد اليهود الفتك بالمهاجمين، وعلى رأسهم كامل الحسين وصادق حمزة، ولحق الثّوار بالهاربين من اليهود إلى المطلة واحتلوها، وامتد القتال إلى الخالصة، وسقط فى صفوف الفريقين القتلى والجرحى، بعد أن استعملت العساكر الفرنسيّة ( الريحاني، 1958، ص54 ) المدافع ضد المجموعات الثائرة، وانتشرت الشّائعات التى يروجها الانتداب الفرنسيّ وعملاؤه لشقّ الصف الشيعي وضرب المقاومة من الداخل، فقيل: إنّ کامل بك الأسعد تعهّد للفرنسيين بمطاردة العصابات وحفظ الأمن، وإنه استنجد بالعسكر الفرنسيّ لمّا هاجمت مجموعة صادق حمزة قرية جويا اللبنانية لمطارده المهاجمين، وكثرت الإشاعات حول تحرك كامل الأسعد وبعض الوجهاء الشّيعة لإرسال عرائض تؤيد السّياسة الفرنسيّة بإنشاء لبنان الكبير، وضمّ جبل عامل إلى لبنان، وتوكيل المطران عبدالله خوري بالدفاع أمام المؤتمر عن حقوق جبل عامل، مع المطالبة بضمّه إلى لبنان الكبير (شعيب، 1984، ص 739)،
وفي هذا السّياق، طالبت الأقضية بالإجماع ومنها البقاعيون، بالعودة إلى دمشق: ففي مدينة بعلبك مثلًا، كان هناك أكثر من أربعة آلاف مسلم مقابل ألف مسيحي – قبل ضمها إلى لبنان- كما أنّه مـقـابل ألف مـاروني وخمسة آلاف كاثوليكي وأرثوذكسي: كان هناك خمسة وعشرون ألف مسلم في قـضـاء البقاع، بينما الآن( أي بعد الانضمام الى مديرية الهرمل) فقد أضيف ألف مسلم من هذه المديرية، وثلاثة آلاف من مديرية شمسطار حيث لا يوجد أي مسيحي (رزق، 1998، ص 107). وعليه يكون عدد المسلمين أكبر بكثير من أعداد المسيحيين، لذلك نجد تسويغًا واضحًا حول مطالب أهالي البقاع السّابقة بإعادة قضاء البقاع إلى سوريا الطّبيعيّة.
لقد أخذ الانتداب علمًا بمواقف الزّعماء المحليين الشّيعة، وبرغبتهم في الوصول إلى السلطة المركزية كائنة ما كانت هذه السلطة شرطا لمساندتها، فاستفاد الانتداب من تناقضاتهم، وتمكن من إخضاعهم واجتذابهم إلى سياسته، وكان توفيق هولو حيدر قد أقام علاقات وثيقة مع جبل الدروز، لتوسيع مجال الثورة، فتشكلت عصابات مسلحة من عشائر الهرمل الشّيعيّة، مثل عشيرة الجعافرة التي يتزعّمها زين مرعي جعفر، وعشيرة ناصر الدين. كما كان محمد علي يحـفـوفي، يقـود من بعلبك القيادة العسكريّة لتلك الجماعات (رزق، 1998، ص 107- 108)
- معارك وادي فيسان:
أما آل حمادة في الهرمل، (الموالون لفرنسا) من الدّاخل، وكان أغلب أفراد هذه العائلة يؤيّدون سعد الله حمادة الذي اشترك في معارك وادي فيسان، (ضد زين جعفر، قائد الثورة في الهرمل)، وكذلك فإنّ عصابة زحلة، التي كان يقودها مخايل أبو طقة الموالي لفرنسا، اشتركت في معركة وادي فيسان ضد زين جعفر أيضًا. وأمّـا الجعافرة فقد هاجموا قرية القبيات المارونية التي كان رجالها يساندون الفرنسيّين في معارك أكروم، وفي بعلبك، عبثا حاول أعيان آل حيدر إقناع توفيق هولو حيدر بتغيير موقفه المناوئ للانتداب الفرنسيّ (رزق، 1998، ص 107- 108).
لقد كان موقف معظم المسلمين الشّيعة- كمثله من مواقف المسلمين السّنّة- فقد كان الزّعماء المحلّيون كافة منقسمين على أنفسهم بين مؤيد ومعارض للانتداب الفرنسيّ، وذلك ما أدى إلى نجاح السياسة الفرنسيّة في احتواء معظم الزعامات من خلال وعدها بمناصب سياسية لهم ودعمهم ماديًا ومعنويًا.
لقد كان الفرنسيّون يكافئون الذين وقفوا إلى جانبهم، فساندوهم في انتخاب أول مجلس تمثيلي عام 1922، كمثل تعيين فضل الفضل ممثلًا للبنان الجنوبي، ونجيب عسيران ممثلًا لمنطقة الزّهراني. وكانت أسرة الفضل تقع في مدار أسرة الأسعد، وكانت أسرة عسيران غير معروفة سياسيًا قبل سنة 1923، فيما يوسف الزين، شقيق حسين الزين الذي كان مواليًا لفرنسا، جرى تعيينه نائبًا (رزق، 1998، ص 107- 108)
وبالتالي بدأ الفرنسيّون بتنظيم الإدارة، فعينوا في مختلف المناصب موظفين اختاروهم من بين أولئك الذين كانوا يؤيدون الانتداب، أو بكلام آخر ساندت السياسة الفرنسيّة المؤيدين لها في وسط جبل عامل.
لقد عمدت فرنسا إلى إلغاء ميليشيات الطائفة الشّيعيّة. فضلًا عن دعمها عائلات الأعيان القديمة (الأسعد)، وإبراز عائلات جديدة مثل الزين، عسيران وسواها (معلوف، 1973، ص 17).
وهكذا عرف الفرنسيّون كيف يستغلّون التناقضات والخصومات بين الزّعماء المحليين، الذين كانوا يسعون وراء تأييد شعبي، مع احتمال الوقوف إلى جانب الغالب، كائنًا من كان؛ لذا لم يتردد أعيان شيعة آخرون في تأييد الانتداب، إذ كانوا متعطشين لاحتلال المناصب الإدارية الرفيعة، المخصّصة للشخصيات القريبة من الانتداب. لهذه الأسباب الكثيرة، عمل الفرنسيّون على تفريق موقف الشّيعة بين الأعيان وعلماء الدين والمثقفين. ففي جبل عامل (مثلًا)، قام عبد الحسين شرف الدين وجماعات أدهم خنجر وصادق حمزة ومـحـمـود البزي المسلحة، بدور فعال ضد الفرنسيّين، وكان هذا سبب الإحراج للزعماء التقليديين، إذ أفقدهم موقف الثّوار من طائفتهم ثقة الفرنسيّين. (رزق، 1998، ص 110)
- موقف الموحدين الدروز من الانتداب:
بالنسبة إلى الدروز، ينبغي التفريق بين موقف دروز وادي التيم ومواقف دروز جبل لبنان. فـقـد حـافـظ دروز جبل لبنان على مـوقـف مـحـايد أثناء الثورة السّوريّة، فيما كان دروز وادي التيم متضامنين مع إخوانهم في جبل الدروز، وكانوا يقاتلون إلى جانبهم.على الرغم من ذلك، لم يتمكن الفرنسيّـون من استغلال التناقض بين الطائفة والعائلة لدى الدروز، وذلك بالنظر للتلاحم العضوي بين هذين الكيانين: فالقيادة الدرزية الروحية خاضعة لقيادة السياسة، والعصبية الدرزية ظلت قائمة على تلاحم الأقلية، حيث شكلت العلاقات المقفلة والخوف من الخارج قوة هذه الطائفة. وكان هذا ما يفسر مساندة الفلاحين لتلك العائلات، وفشل الجنرال الفرنسيّ كاربييه “Carbillet” في محاولته «تحرير الفلاحين من عبودية العائلات الاقطاعية. (رزق، 1998، ص 115)
ومن ثمّ راهن الفرنسيّون على التناقضات القائمة بين العائلات؛ فراحوا يساندون بعضها ضد الأخرى. وعليه فقد جسد جوهر تلك الخصومات عند تمثيلهافي المجلس التمثيلي، إذ كان رشيد جنبلاط قد مثل الشوف في اللجنة الإدارية (عام 1920)، وكذلك في المجلس الإداري الأول بين عامي 1922 و1925. أمّا في المجلس التمثيلي الثاني فقد جرى تمثيل دروز جبل لبنان بفؤاد أرسلان وجميل تلحوق (معلوف، 1973، ص 12).
ولا بدّ في هذا السياق من التطرق إلى الثورة السّوريّة الكبرى (سنة 1925 )، التي قادها الدروز بوجه الانتداب الفرنسيّ، بزعامة سلطان الأطرش، والتي امتدت لتشمل بعض المناطق الدرزية اللبنانية.
فلقد واجه الدروز بقيادة سلطان الأطرش الجيوش الفرنسيّة، إلا أنّ مواجهة دولة عظمى كفرنسا لم تكن شيئًا هينًا، حيث انتهى الأمر بفشل ثورة سنة 1922، وهرب سلطان الأطرش إلى شرقي الأردن. لكنه عاد الى سوريا بتاريخ 5 نيسان/أبريل سنة 1923م بعد قانون العفو الذي أصدرته السلطات الفرنسيّة عنه ( في 4 نيسان/أبريل سنة 1923)، وكانت هذه الثورة – بالإضافة الى الانتفاضات التي شهدتها المناطق الجنوبية في سورية والمناطق الدرزية في لبنان حتى عام 1922 – مقدمة لاندلاع الثورة السّوريّة الكبرى عام 1925(lamaziere, 1936, p. 111).
لقد سبقت الثورة السّوريّة الكبرى ثورات وانتفاضات عديدة في سوريا ولبنان ضد الوجود الفرنسيّ، وقدر الجنرال ساراي (saray) الفرنسيّ عددها بـ 35 ثورة، وخسائر الفرنسيّين إزاءها بخمسة آلاف جندي فرنسي وذلك حتى سنة 1925 (كويلنز، 1936، ص 59- 60).
أمّا عن أسباب قيام الثورة السّوريّة الكبرى سنة 1925 فمردها إلى الطريقة التي عامل بها الجنرال ساراي، خلال تمرسه بمنصب المفوض السامي في الشرق، وفدا من أبناء جبل الدروز مكونًا من بعض زعمائهم ومشايخهم قصده في بيروت للشكوى من سوء تصرف حاكم جبل الدروز الفرنسيّ الكبيتان كاربيه، (Carbillet) إذ طلبوا منه تطبيق الانتداب في مناطقهم وجبلهم وفق الشروط المتفق عليها بينهم وبين فرنسا والمصدّقة من روبي دي كه(1) بالنيابة عن المفوض السامي السابق الجنرال غورو في آذار/مارس 1921، فاستقبلهم بجفاء وعاملهم بخشونة، ورفض مطالبهم، وصرفهم مهددًا متوعدًا. (هاشم، 1997، ص 245)
وحاول الزّعماء الدروز إعادة الاتصال به لفتح الحوار من جديد، ولكن محاولاتهم اللاحقة لم تكن أوفر حظًا من محاولاتهم السابقة، فكان ذلك السبب المباشر في إشعال الثورة السّوريّة الكبرى في جبل الدروز عام 1925، ثم ما لبثت الثورة أن امتدت إلى العاصمة دمشق، وحمص، وحماه وسائر المناطق السّوريّة، وإلى بعض المناطق اللبنانية لاسيما وادي التيم وراشيا وبعض قرى جبل لبنان. وكانت هذه الثورة السبب المباشر لاستدعاء ساراي إلى باريس وإقالته من منصبه في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1925، فكان آخر المفوضين الساميين الفرنسيّين العسكريين الذين تولوا السلطة في الشرق خلال هذه الحقبة. (الخوري،دون تاريخ النشر، ج1، ص 126 – 129).
وبدأ الحكم العسكري الفرنسيّ المباشر لجبل الدروز مع النقيب غابرييل كاربييه (Gabriel Carbillet)، الذي حاول الإمساك المباشر بالسلطتين السياسية والعسكريّة في الجبل. ومن المرجح بأنّ تعسّفه كان المحرّض الأساسي للدروز من أجل الثورة عليه، إذ إنه أقدم على استخدام عبارات مهينة للشرف والكرامة ومدعاة للثورة والانتقام في المجتمع العشائري، كقوله: “أنا إمبراطور بلاد عجيبة. وليس الدروز سوى قطيع من الخنازير وسأعاملهم كالخنازير” (حكيم، 1965، ص 238)
ومع أنّ انحسار مشروع الوحدة السّوريّة، وتراجع بعض الوحدويين المسيحيين ( كأمثال أيوب تابت وشكري غائم ) عن مسارهم السياسي الوحدوي (لويسي، 2015، ص 146)، مضافًا إلى ذلك تراجع القادة الفرنسيّين الداعين إلى الفدرالية السّوريّة عن توجهاتهم كالجنرال كاترو (Catroux) وغيره (Catroux, 1948 , pp. 230-231)، فإن ذلك شكل دلالة سياسية ذات مغزى حول أفول الطروحات الوحدوية الإسلامية، مع بروز فكرة إنشاء أو إقامة الدويلات في المنطقة – كدولة لبنان الكبير ودولة حلب وجبال العلويين وغيرها – كواقع مسلّم به، حيث شهدت الفترة الممتدة منذ انتهاء الحرب عام 1918 وحتى إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920، محاولات تقاربية بين العشائر الجنوبية الدرزية ( في سوريا ولبنان) وفرنسا، لكن فرنسا لم تنجح بكسب ودّ هذه العشائر لأسباب عدة، أهمها تضارب السياسات الفرنسيّة والبريطانية في المنطقة، حيث كانت العشائر الجنوبية أكثر طواعية لبريطانيا، التي كانت تقوم بدعم العشائر وتسليحها ضدّ الوجود الفرنسيّ في سوريا (عامر، 2016-2017، ص 89). وهكذا تمخّض موقف الدروز من الانتداب الفرنسيّ.
إعلان دولة لبنان الكبير
بعد معركة ميسلون وإنهاء الحكم الفيصلي في دمشق، وتعيين الحكومة الفرنسيّة الجنرال غورو مفوضًا ساميًا وقائدًا للجيوش الفرنسيّة في الشرق، وصدور قرارات مؤتمر سان ريمو (في ربيع 1920)، كان من الطبيعي أن يتأثر لبنان بشكل مباشر بهذه التطورات، سيما وأن لبنان وسوريا خضعا خضوعًا تامًا للحكم الفرنسيّ، وكان من الطبيعي أيضًا البحث في مستقبل لبنان السياسي. (سعيد، 1934، ص 272 – 276)، ففي 24 آب/أغسطس من العام نفسه أرسل رئيس وزراء فرنسا ماليران رسالة إلى رئيس الوفد اللبناني إلى باريس المطران عبد الله الخوري تضمنت الكثير من المغالطات حول تحقيق “أماني اللبنايين العريقة في القدم بفضل تقرير انتداب الحكومة الفرنسيّة لسوريا”. (الخوري، 1983، ج 1، ص 284).
وأضاف ماليران بأنّ حكومة فيصل هي التي اضطرته إلى إعادة لبنان الكبير قائلًا في هذا الصدد: “…إن نظرت إلى المطالب التي ذكرتموني بها بخصوص ضم البقاع وهي مطالب قد تحققت، وإن الجنرال غورو أعلن في مدينة زحلة أنه قد ضم إلى لبنان جميع البلاد الواصلة إلى جبل الشيخ وحرمون” (نوار، 1974، ص 547 – 548)، ثم أشار ماليران إلى أن لبنان الكبير يجب أن يضم سهول عكار في شمال لبنان، وأن يمتد جنوبًا حتى حدود فلسطين، وأن ترتبط به مدينتا طرابلس وبيروت ارتباطًا تامًا.
وحول حدود لبنان الكبير والمدن الملحقة به، أشارت المذكرة السياسية المرسلة من الإدارة الفرنسيّة لعصبة الأمم ( في 13آب/أغسطس 1920 ) إلى أن لبنان يطالب بالحدود التي اعترفت فرنسا له بها عام 1860، أمّا فيما يخصّ مدينة بيروت فهذه المدينة لا يمكن أن تكون إلا لبنانية، وإنّها العاصمة الفعلية للبنان كما كانت عليه من زمن الأمير فخر الدين والأمير يوسف الشهابي، وإنّ إلحاقها بلبنان هو الشرط الرئيسي لعودة الأغنياء اللبنانيين من الخارج، أمّا طرابلس فيجب أن تكون لبنانية للأسباب نفسها. (كوثراني، 1982، ص 341 – 343). “ولا تستطيع الأغلبية المسلمة أن تعارض هذا الأمر لأنّه يتناول منطقة لبنانية، وعليها منطقيًا أن تتقيد بمصير هذه المنطقة”. (Rabbat,1973, PP: 347 – 348).
ومما جاء في المذكرة أيضًا أنّ فرنسا لا يمكنها أن تفرض (بيروت وطرابلس) اللبنانيتين الجديدتين دون أن تجازف بمكانتها المتميزة، سواء في لبنان أو في سوريا إذ “إن فصل طرابلس بيروت عن لبنان التي هي عاصمته يعني الحكم على هذا البلد بموت محتوم، ويجب أن يبقى لبنان معقل النفوذ الفرنسيّ في الشرق، وكلما كان قويًا وقابلًا للحياة رسخت فرنسا مكانتها في كامل سوريا”. (كوثراني، 1982، ص 334).
وفي 31 آب/أغسطس أعلن الجنرال غورو قيام دولة لبنان الكبير، وأصدر القرار رقم 318 بضم المدن التالية إلى جبل لبنان وهي: بيروت القديمة التي كانت تتألف من أقضية صيدا وصور ومرجعيون وطرابلس والأقضية الأربعة حاصبيا وراشيا وبعلبك والمعلّقة والبقاع” (Fisher,1942, P 492). وبالتالي ففي الأول من أيلول/سبتمبر تم الاحتفال رسميًا بالدولة الوليدة في قصر الصنوبر في بيروت، بحضور رجال الدين والسياسيين والأعيان وممثلي الطوائف لاسيما بطريرك الموارنة إلياس الحويك ، ومفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا؛ للإشارة بأنّ المسلمين والمسيحيين على السواء موافقون على صيغة لبنان الكبير في ظل السيطرة الفرنسيّة، وموافقون على فصل لبنان عن سوريا. (ديب، 2010، ص 92)
وللحقيقة فإنّ إعلان دولة لبنان الكبير أثار انقسامات حادة بين اللبنانيين: فسكان الساحل (المسلمون) رفضوا رفضًا قاطعًا إعلان غورو، لاسيما بعد شعورهم بالخوف من الانتداب الفرنسيّ وشكوكهم به. هذا على عكس الموارنة الذين أعلنوا تأييدهم لدولة لبنان الكبير، بالرغم من تخوف البطريرك الماروني من هذه الصيغة الجديدة التي جعلت من المسلمين أكثرية سكانية، ممّا أدى برأيه إلى الاختلال بالتوازن الطائفي.
ويذكر المؤرخ محمد جميل بيهم بأنّ إعلان دولة لبنان الكبير كان مؤلمًا للوحدويين الذين لم ينحصر ألمهم فيما وقع من التجزئة، بل زاد على ذلك شعورهم بأنّ مخططًا خبيثًا يرمي إلى إضفاء صيغة محلية على هذا الكيان الجديد؛ الأمر الذي يساعد فرنسا على إقامة مركز إستراتيجي دائم لها في الشرق الأدنى (بيهم، 1969، ص 23)، أما فيليب حتّي وجورج أنطونيوس فقد انتقدا ذلك الإعلان، حيث اعتبر فيليب حتّي بأنّ لبنان كسب مرافىء ومساحات جديدة، ولكن هذا الكسب – في مساحة الأرض- كان يقابله عدم تجانس في السكان ونقص في التمازج والترابط. وذلك أن لبنان فقد التوازن الداخلي الذي كان ينعم به سابقًا، ولكن من الناحية الجغرافية والإقتصادية أصبح لبنان دولة تستطيع البقاء، أما الأكثرية المسيحية فهي تعدّ تلك الاكثرية الساحقة التي كانت تتمتع بمزايا خاصة من قبل (حتي، 1959، ص 598) وبدوره أكد أنطونيوس أنّ المسيحيين أصبحوا أقلية، وإن هذا الكيان هو كيان مفتعل، وأدان فرنسا لإعلانها لبنان الكبير. (أنطونيوس، 1966، ص 494).
كما اعتبر وليد فارس أنّ إعلان غورو أعطى الضوء الأخضر لتفجير أكبر مشكلات القرن العشرين ألا وهي “القضية اللبنانية”، لا لشيء إلا لأنّ غورو جمع داخل حدود واحدة مجموعتين قوميتين تصارعتا على مدى الأجيال منذ ثلاثة عشر قرنًا بشكل مباشر، ورأى فارس في هذا السياق حتمية تجدد صراع القومية العربيّة الإسلامية ضدّ القوى اللبنانية المسيحية. (فارس، 1979، ص 213).
- ثانيًا : موقف المسلمين من إعلان لبنان الكبير 1920 – 1926:
كان قرار الجنرال غورو بإعلان دولة لبنان الكبير (في 31 آب/أغسطس 1920) قد أحدث تغييرًا في علاقة المسلمين بالدولة المنتدبة من النواحي السياسية والاجتماعية والدينية، إذ بدأت الهوّة تتسع بين المواطن المسلم والدولة المنتدبة عندما تعدّى الأمر الشؤون السياسية إلى الشؤون الدينية الإسلامية، وذلك بعد أن عيّن الجنرال غورو الشيخ شفيق الملك – من علماء طرابلس – مراقبًا عامًا والسيد جناردي مستشارًا.
وإستنادًا إلى القرار المذكور وجه مراقب الأوقاف إلى مفتي بيروت ( الشيخ مصطفى نجا )، بوصفه أيضًا رئيسًا لجمعية المقاصد الخيرية، كتابًا يطلب فيه الاطلاع على أعمال ومستندات الجمعية محددًا فترة لتنفيذ القرار. وما إن علم المسلمون في بيروت بهذا القرار حتى قامت الاحتجاجات ضد هذا الأمر، مما دعا إلى تراجع سلطات الانتداب عنه. من جهة أخرى ظلّ المسلمون في هذه الفترة ينهجون منهجًا وحدويًا مؤكدين دون مواربة أن لبنان جزءٌ لا يتجزأ من العالم العربي (حلاق، 2010،ص 108).
وفي 24 آذار/مارس أرسل داوود عمون – رئيس اللجنة الإدارية – إلى يوسف السودا (عضو الانتداب السّوريّ في القاهرة) رسالة أوضح فيها موقف المسلمين. وممّا قاله: ” المسلمون جميعهم يطلبون الوحدة في المناطق السّوريّة، والمسيحيون في سوريا يطالبون بها أيضًا “. (الحبال، 1981، ص 14 – 17).
وفي 17 حزيران/يونيو 1921 أكد يوسف الحايك في رسالة من بيروت إلى يوسف السودا في القاهرة عمق الخلافات بين اللبنايين حين قال: “عندما وصلت البلاد رأيت المسلمين ينادون بأنّ البلاد إسلامية ويجب أن تبقى إسلامية؛ بينما المسيحيون خرجوا في مواكب زياحات انتشروا فيها بالطرقات وكرسوا فيها البلاد للقلب الأقدس” (السودا، 1967، ص 331). ويبدو أن المسلمين حاولوا في بعض الأحيان الاعتراف بلبنان الكبير بشرط إقامة العدل والمساواة بين مختلف اللبنايين.
ونظرًا للمارسات الفرنسيّة التي شعر المسلمون من خلالها بأنّ هناك خططًا سياسية للقضاء على تطلعاتهم؛ فقد تكوّنت جمعية إسلامية سرّية هدفها القضاء على المسلمين الذين يتعاملون مع الفرنسيّين بصورة أو بأخرى، وكان من بين أعضاء هذه اللجنة: نور العرب، ديب العرب، عبد خالد. لقد اكتشفت السلطات الفرنسيّة هذه الجمعية واتهمت بتأسيسها والمشاركة فيها: سليم علي سلام، عمر الداعوق، صلاح بيهم، سليم الطيارة، محمد جميل بيهم، فضلًا عن بعض الشخصيات البيروتية، وذلك بعد أن نفذت هذه الجمعية حكم الإعدام في 7 نيسان/أبريل 1922 باغتيال أسعد بك خورشيد – مدير الداخلية في بيروت – وطلبت الجمعية من عبد خالد تنفيذ العملية، إلا أن الذي نفذها يومذاك ديب العرب، فاعتقلته سلطات الانتداب وأصدرت بحقه حكم الإعدام، كما اعتقلت سليم علي سلام وصلاح بيهم وسليم الطيارة وحسن القاضي، حيث سيق هؤلاء إلى سجن القلعة في بيروت، ثم نفوا جميعًا إلى بلدة دوما في منطقة البترون.
بدا واضحًا إذًا أنّ الوجود الفرنسيّ في لبنان ارتكز على التعاطف المسيحي معه، وخاصة الماروني، وبالفعل فقد عمل الموارنة بجد في مختلف المحافل الدولية للحصول على الانتداب الفرنسيّ، وبالتالي مسايرة هذا الانتداب فيما يرمي إليه من إحداث كيان مستقل للبنان تقع على رأس السلطة فيه الطائفة المارونية التي تحظى بالحماية والوصاية الفرنسيّة. ” بناء على ذلك أصبح الأول من أيلول/سبتمبر بنظر فئة من اللّبنانيين يومًا من الفخر والسلام، بل أصبح يدعى “يومًا من النصر .” (مرعب، 2002، صفحة 147).
ولا بد من الإشارة إلى أن الموالين لفرنسا سواءً كانوا مسيحيين أو مسلمين كانوا قد طالبوا ( فيما بعد) الفرنسيّين بتثبيت مسألة الكيان والحدود اللبنانية للدولة الحديثة، وبالتالي فقد آل هذا الأمر إلى ما كرّسه الدستور اللبناني الذي وضع في 23 أيار/مايو 1926، فثبّت في مادته الأولى وحدة البلاد، وحدودها كما رسمها الجنرال غورو عام 1920 (Antoin , 1996, p. 37).
وكانت قد ظهرت بوادر المعارضة السياسية في لبنان، مع الجنرال ساراي سنة ١٩٢٥وقد تجلت بخجل نسبي في المجلس التمثيلي. ولتلبية مطالب التيار الجديد، أقـدم الجنرال ساراي في 13 كانون الثاني/يناير سنة 1925 على حلّ المجلس التمثيلي. ولما جرت الانتخابات في تموز/يوليو سنة 1925، جلبت إلى المجلس عددًا من الممثلين الموالين للفرنسيين، بحيث تجدر الملاحظة بناء على ذلك أنّ الدستور اللبناني وضعه المجلس الموالي لفرنسا، دستور سنة 1926 هو دستور انتقائي لا تمثل قواعده كلّ مكونات الشعب في الدولة. (rabbath, 1973, p. 342)
أما أعداء الانتداب، من مسلمي لبنان (ومسيحييه) -أنصار الملك فيصل القدامى- فقد جرى نفيهم، فـراحـوا يواصلون حلمهم بعروبة موحدة، إذ انتقل إلى القاهرة رجال مثل الشيخ رشيد رضا وأسعد داغر، وهناك واصلوا مع السّوريّين المبعدين كفاحهم ضدّ فرنسا. كما قام آخرون، ( الأمير شكيب أرسلان ورياض الصلح )، بالتعاون الوثيق مع الحلبي إحسان الجابري، بتشكيل لجنة تنفيذية سورية – فلسطينية (rabbath, 1973, pp. 410- 492) في جنيف.
كانت هذه اللجنة على صلة دائمـة بمناضلي القاهرة وقوميي الكتلة الوطنية في سوريا، وهي لم تنثن يومًا عن معارضة الانتداب الفرنسيّ معارضة حازمة؛ تجسدت في احتجاجات كثيرة واعتراضات شديدة غالبًا ما كانت تُمطر بها، بلا كلل أو ملل، لجنة الانتدابات الدائمة في عصبة الأمم. وفي الغالب كانت نشاطاتها تشكّل إحراجا لفرنسا أمام العصبة في جنيف، ولم تنته فعاليات اللجنة المذكورة إلا سنة 1936، بعد عودة أعضائها الى سوريا ولبنان، في سياق الاتفاقية الفرنسيّة اللبنانية المعقودة آنذاك. (رزق ، 1998، صفحة 36)
ونزولًا عند المطالب المحقة للوطنيين المسلمين السّوريّين واللبنانيين (والمسيحيين أيضًا)، وجدت فرنسا نفسها مضطرة لمنح لبنان دستورًا، لذا حمل السيد د.جوفنيل تعليمات جديدة، إذ كانت فرنسا مضطرة هذه المرة، تحت وطأة تلك المطالب، إلى وضع مخطط سياسي عام وجديد، فيه شيء من الوضوح، وكان مما جاء فيه: «إن حقوق سكان سوريا ولبنان سوف تحدد وفقا لمبادئ حريات الغرب، التي يقع على كاهلنا إدخالها في القوانيين والعادات الخاصة بالمشرق السّوريّ: حرية الوعي والضمير، الحرية الفردية، المساواة أمام المحاكم، وحقّ الملكية طبقًا لإعلان حقوق الإنسان ” (الجريدة الرسمية – محضر جلسة 16 تموز / يوليو، 1925).
ولذلك لاقى إعلان دولة لبنان الكبير ارتياحًا لدى فئات واسعة من الشعب اللبناني، وخصوصًا من المسيحيين، فيما رفضته فئات أخرى، ونعني بذلك المسلمين. نصل مما سبق إلى أنّ ولادة لبنان الكبير كانت ولادة بذرة الخلاف بين اللبنانيين حول وجه لبنان الحضاري والسياسي، وحول سياسته الخارجية وحول سياسته الداخلية، وهو خلاف قد تعدى الأزمات والنزاعات إلى المواجهات الدموية، إذ كان من المؤسف أن تتفق الطوائف اللبنانية، فلا يطول أمد اتفاقها، وتختلف فتبقى عهودًا في خلافها. وفقًا لهذا السياق اعتبر الجنرال كاترو في مذكراته أنّ لبنان الكبير كان غلطة عندما كتب يقول: ” إنّ الجنرال غورو ارتكب في سياسته اللبنانية – التي كانت أيضًا سياسة الحكومة الفرنسيّة – خطأ سيكولوجيًا خطرًا بخلقه لبنان الكبير المتميز بتوجيهاته المسيحية على حساب سوريا الإسلامية… إنّ غورو بتقديمه للطوائف المسيحية، وبإلحاقه الإجحاف بالطوائف الإسلامية، زاد في تدهور العلاقات العدائية التقليدية بين هذه الطوائف… إنّ الجنرال غورو كان يدرك نتائج هذه السياسة، ولكن التخوف من الشعور الوطني العربي الإسلامي قاده مع الحكومة الفرنسيّة إلى محاولة جعل لبنان سورًا يحمي الوجود الفرنسيّ في الشرق (George Catroux, 1949, p:56)، لكن الأسباب تعود إلى السياسة الفرنسيّة في الشرق الأوسط ولم تكن غلطة غورو.
مطالب البطريرك عريضة
كان لبنان المسيحي شديد التمسك بانفصاليته وباستقلاله، وكانت مطالب المونسنيور عريضة، ( بعـد مـؤتمر عقد في بكركي يوم شباط/فبراير 1936)، والمرفـوعـة إلى المفوض السامي، تدل على طبيعة النزاع في لبنان، إذ كان البطريرك عريضة قد أعلن في خمس نقاط، المطالب التي تعبّر تماما عن وجهة نظر الأغلبية العظمى من مسيحيي لبنان في تلك المرحلة، ومنها:
- استقلال لبنان التام.
- المحافظة على الكيان اللبناني في حدوده الحالية، من دون أي تعديل.
- حياده السياسي بحيث لا يحارب، ويكون بمعزل عن كلّ تدخل حربي.
- الاستقلال الفعلي للبنان، والاعتراف بسيادته الوطنية، من دون إلحاق الضرر بتوطيد “علاقاته الأخوية مع الشقيقة سوريا، لا سيما على صعيد التعاون الاقتصادي الاجتماعي”.(جريدة الأحرار، 1926).
- المسائل الاقتصادية التي يجري درسها، وتقرّر بواسطة لجنة مؤلفة من الطرفين، وتنفذ قرارتها بعد موافقة مجلس نواب لبنان وسوريا.
هذا وقد أوضح البطريرك أسباب مطالبه والحيثيات التي دعته لرفع هذه المطالب، ألا وهي الفروق القائمة بين لبنان والبلاد العربيّة من حيث التاريخ والعناصر والمستوى الإجتماعي، مبررًا ذلك بالقول:” إنّ لبنان لا يطالب بالاستقلال فقط وإنما يريد الاستقلال التام عن كلّ دولة عربية في سوريا”. (بيهم، ص 90).
قائمة المصادر والمراجع
- الاسعد الأسعد، سعاد: (2017-2018). النهضة العربيّة الحديثة العروبيون في لبنان الشمالي (عكار نموذجًا). مقال.
- أنطونيوس، جورج: (1969). تاريخ حركة العرب القومية. بيروت: دار العلم للملايين.
- بيهم، محمد جميل : (1946). فلسطين أندلس الشرق 1917- 1945. بيروت : مطبعة صادر ريحان.
- بيهم، محمد جميل: (1957): قوافل العروبة ومواكبها. بيروت: منشورات دار المشرق.
- بيهم، محمد جميل: (1977): تأليف النزاعات السياسية بلبنان1918-1945. بيروت: دون دار نشر.
- بيهم، محمد جميل: ( 1950). قوافل العروبة ومواكبها خلال العصور، ج2، بيروت.
- بيهم، محمد جميل: ( 1969 ). لبنان بين مشرق ومغرب، 1920 – 1969،.
- الحبال، أحمد أمين: ( 1981 ). ما لا يعلمه المسلمون عن جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، بيروت.
- حتي، فيليب: ( 1959 )، لبنان في التاريخ، تعريب أنيس فريحة، مراجعة تقلا زيادة، بيروت – نيويورك.
- حتّي، فيليب: (دون تاريخ النشر). تاريخ لبنان منذ أقدم العصور التاريخية إلى عصرنا الحاضر. بيروت: دار الثقافة.
- حتّي، فيليب: ( 2010 ). تاريخ لبنان المعاصر، 1913-1952، بيروت – لبنان، دار النهضة العربيّة.
- حكيم، الحسن: (1965). مذكراتي، صفحات من تاريخ سوريا الحديث 1920-1925 (المجلد ج2). بيروت: دار الكتاب الجديد.
- الخوري، بشارة: ( دون تاريخ ). حقائق لبنانية، ج2، منشورات أوراق لبنانية.
- الخوري: (1983). حقائق لبنانية،ج(1،2،3). بيروت: الدار اللبنانية للنشر الجامعي.
- الدندشي، حسن نمر: (1985). الدّنادشة الثورة السّوريّة الأم 1919. طرابلس: دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر.
- ديب، كمال: ( 2010 ). هذا الجسر العتيق، سقوط لبنان المسيحي (1920 – 2010)، دار النهار، بيروت،.
- رزق، هدى: (1998). لبنان بين الوحدة والإنفصال هزائم الإنتفاضات 1919-1927 (المجلد الطبعة الأولى). بيروت: بيسان للنشر والتوزيع.
- رضا، أحمد: مجلة العرفان، مجلد 33، جـ7، ص 734 – 735
- رضا، أحمد: مجلة العرفان، مجلد 23، جـ5، ص 472.
- الريحاني، أمين: ( 1958). فيصل الأول،، بيروت، دار الريحاني للطباعة والنشر
- سعيد، أمين: ( 1934)، الثورة العربيّة الكبرى، جـ2، القاهرة – مصر.
- السودا، يوسف: ( 1987 ). في سبيل الاستقلال، دار النهار، بيروت لبنان،
- السودا، يوسف: (1967). من أجل الاستقلال. بيروت: دار الطليعة
- شعيب، علي: ( 1987 ). مطالب جبل عامل، الوحدة والمساواة في لبنان الكبير، 1936، ط1، بيروت – لبنان،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.
- عامر، هماد: (2016-2017)، الدروز في الدولة اللبنانية 1920-1975 بين المجتمع والسياسة والسلطة. بيروت: الجامعة اللبنانية-المعهد العالي للدكتوراه.
- الغصين، ثائر: ( 1956 ). مذكراتي عن الثورة العربيّة، دمشق،، ص 113 – 114.
- فارس، وليد: ( 1979 ). التعددية في لبنان، الكسليك، لبنان.
28.قدري، أحمد: ( 1956 ). مذكراتي عن الثورة العربيّة، دمشق.
29.قلعجي، قدري: ( دون تاريخ ). جبل الفداء، قصة الثورة العربيّة الكبرى ونهضة العرب،، بيروت، دار الكاتب العربي.
30.كوثراني: ( 1980 ). بلاد الشام، قراءة في الوثائق، بيروت لبنان، دار العلم للملايين.
31.كوثراني، وجيه: ( 1978 ). الاتجاهات الاجتماعية والسياسية في جبل لبنان والمشرق العربي،1860 – 1929، ط2، بيروت، معهد الإنماء العربي.
32.كويلنز، بول: (1936). سكوت ساراي. دمشق: مطبعة ابن زيدون.
33.لويسي، صليبا: (2015). لبنان الكبير أم لبنان خطأ تاريخي؟ جبيل: دار ومكتبة بيبلون.
34.مجلة الحوادث: ( 1978 )، لم يذكر اسم الكاتب، العدد 1130.
35.معلوف، جان: (1973). الموسوعة الإنتخابية المصورة. بيروت: منشورات بيروت.
36.موسى، سليمان: ( 1966 ). الثورة العربيّة الكبرى، وثائق وأسانيد، عمان.
37.نوار، عبد العزيز سليمان: ( 1974 ). وثائق أساسية من تاريخ لبنان الحديث 1517-1920، بيروت، جامعة بيروت العربيّة.
[1] بحث أعد لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر.
[2] أستاذ التّاريخ الحديث والمعاصر مشرفًا رئيسًا الجامعة اللبنانيّة.
[3] أستاذ التّاريخ الحديث والمعاصر مشرفًا مشاركًا جامعة بيروت العربيّة.
[4] يعود نسب الدناندشة إلى يعرب بن قحطان، وقحطان من عرب العرباء، وعرب العرباء من اليمن،، ينظر دندنشي، حسن نمر (1959)، الثورة السورية الأم الدناندشة في العام 1919، رسالة في العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية (1959) إشراف الدكتور أسد رستم، ص 17.
([5]) سليم الحاج إبراهيم الملقب بالزعيم من عائلة مشهورة في مدينة طولكرم ومدينة الطيبة (آل عبد القادر) ومن أقاربه أيضا عارف عبدالرزق القائد في ثورة 1936 ـ 1939 التحق بالجمعيات العربية في عهد الاتراك وهو ممثل منطقة بني صعب في المؤتمر الفلسطيني الرابع (1920)، السادس (1922)، والسابع (1928). ولد في الطيبة من أب عرف بثقافتة العالية، وكقاض شرعي، ورئيس بلدية طولكرم، وكزعيم وممثل لبني صعب في المؤتمر الفلسطيني (1922) للمزيد راجع موقع https://arbyy.com/detail1104448123.html تاريخ الدخول 8/12/2021.
([6]) عشائر الأحسنة أوعشيرة الحسنة هي عشائر سكنت في سوريا ويعود أصلها إلى قبيلة عنزة أقدم القبائل العربية، التي تنتسب إلى عنزة بن وائل بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معبد بن عدنان كما ذكر أحمد وصفي زكريا في كتابه: (عشائر الشام). وأضاف أن بني وائل هم بطن من ربيعة من العدنانية، ومن هنا جاءت تسميتهم ببني وائل. أواسط نجد وشمالي الحجاز. للمزيد راجع موقع https://syrmh.com/2019/10/25 تاريخ الدخول 8/12/2021.
([7])هي عشائر شيعية سكنت في عدة مناطق في لبنان كجبل عامل وغيرها من المناطق الأخرى، للمزيد راجع http://www.bintjbeil-um.gov.lb تاريخ الدخول 8/12/2021.
([8]) تقع المدينة على مسافة 45 كلم إلى الغرب من مدينة حمص، وتبعد 130 كلم إلى الشمال من العاصمة دمشق، وتتربع على سفح تل يشرف على الطريق الذي يصل حمص بمدينة طرابلس في شمال لبنان.
https://www.aljazeera.net/encyclopedia/citiesandregions تاريخ الدخول 8/12/2021.
([9]) حسن نمر الدندشي: ولد عام 1929 في وادي خالد – قضاء عكار وهو صاحب فكرة تأسيس ندوة “إخوان القلم” الأدبية في طرابلس وشمالي لبنان عام 1952، نال الإجازة في العلوم السياسية والاقتصادية من الجامعة اللبنانية عام 1959، وانتخب عضوا في الهيئة الإدارية للمجلس الثقافي للبنان الشمالي في العام 1975، وكان مديرا للمجلس وأمينا للسر عدة سنوات. (نمر الدندشي، 1985)
([10]) تقع بلدة العريضة في محافظة عكار، الشمال. ترتفع عن سطح البحر ٤ م. تبعد عن بيروت 115 كلم، وعن مركز المحافظة حلبا ٢٢ كلم. للمزيد راجع موقع https://lub-anan.com تاريخ الدخول 14/11/2021.
(1) روبير دي كه: صحافي ودبلوماسي فرنسي، يعد من الشخصيات التاريخية التي شاركت في ولادة الإنتداب الفرنسي على سوريا ولبنان في عشرينيات القرن الماضي.
عدد الزوار:4967