أبحاثالتربية وعلم النفس

التطوّرات العدديّة لقطاع التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان بين عامي 1989-2014

التطوّرات العدديّة لقطاع التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان

 بين عامي 1989-2014

   وليد رفيق ناصر ([1])

أ.د.محمد علي القوزي مشرفًا رئيسًا

أ.د.خالد الجندي مشرفًا مشاركًا

الملخّص

شهد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان بعد الحرب الأهليّة إلى العام 2014 تطوّرا مطردًا نتيجة تغيرات عديدة شهدها هذا القطاع. فأعداد الطّلاب زادة بشكل ملحوظ، بالمقارنة بين التّعليم المهنيّ الرّسميّ والخاص من جهة، والتّعليم الأكاديميّ من جهة أخرى. وهذه الزّيادة أدّت في طبيعة الحال إلى زيادة في عدد المدارس والمعاهد وأعداد الأساتذة، وإنّ التطوّرات الإداريّة التي حصلت خلال تلك المرحلة، والخطط التي قامت بها الدّولة اللّبنانيّة بالتّعاون مع الجهات المعنية، أدّت أيضًا إلى تطوير هذا القطاع من التّعليم.

لكن ظلّ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ يعاني من بعض المشاكل، منها القديمة المتجدّدة كقلة الكوادر االتّعليميّة المتخصّصة، ومنها مستجدة كتطوير المناهج الدّراسيّة لمواكبة التطوّرات الحاصلة في العالم.

الكلمات المفتاحية: التّعليم المهنيّ، التّعليم الرّسميّ، التّعليم الخاص، المعلّمون، لبنان.

Summary

Vocational and technical education in Lebanon after the civil war until 2014 witnessed steady development as a result of many changes witnessed in this sector. The number of students has increased significantly, compared between formal and private vocational education on the one hand, and academic education on the other hand. This increase naturally led to an increase in the number of schools and institutes and the number of professors, and the administrative developments that took place during that stage, and the plans undertaken by the Lebanese state in cooperation with the concerned authorities, also led to the development of this sector of education.

However, vocational and technical education continues to suffer from some problems, some of which are old and new, such as the lack of specialized educational personnel, and some are new, such as developing curricula to keep pace with developments taking place in the world.

 

مقدّمة الدّراسة

بات التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في القرن الواحد والعشرين، نتيجة لما يستند إليه من إحصائيّات ومعطيات وشواهد وحقائق، يشكّل أحد المظاهر الرّئيسة للعمليّة االتّعليميّة في العالم، وتأثير ذلك على التّنمية المستدامة في المجتمعات الحديثة، خاصّة في ظلّ تنامي العديد من المشكلات الاجتماعيّة، وبروز معضلة استشراء ظاهرة البطالة في أوساط الخريجين الأكاديميّين، ومن هذا الواقع، فإنّنا نشهد تجارب حيّة وعمليّة تعكس أهميّة تطوير التّعليم المهنيّ والتّقنيّ.

“فالصّين استطاعت في السّنوات الأخيرة، من خلال المعاهد والجامعات المهنيّة، أن ترفد المجتمع الصّيني بكفاءات مدرّبة في المجالات كافة..

والهند نجحت هي الأخرى في جعل التّعليم المهنيّ والتّقنيّ يشكل أحد المحاور المهمّة في العمليّة االتّعليميّة، وهي تقدّم تسهيلات جمّة للطّلبة لتشجيعهم على الالتحاق بالمؤسّسات االتّعليميّة ذات الاختصاص في هذا المجال.

وقبل هذه البلدان سبقت ألمانيا الدّول الأخرى في إعطاء أولويّة خاصّة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، إدراكًا منها أنّ الاقتصاد الحقيقي القوي لا يقوم بمعزل عن الكفاءات المهنيّة والتّقنيّة..” (الخطيب، 2012)، (كانـتـور،1420ه، ص 13-26).

بينما العالم العربيّ قد تأخّر نسبيًّا اهتمامه بهذا النّمط من التّعليم لأسباب ثقافيّة وتنمويّة، حيث كان التّعليم الأكاديميّ هو المفضّل للطّالب وولي الأمر. لكن بعد أن استشرت وتفاقمت ظاهرة المتعطّلين عن العمل من الخريجين الأكاديميّين، وضعت بعض الدّول خططًا قريبة وبعيدة المدى للنّهوض بالتّعليم المهنيّ والتّقنيّ.

إذًا، يعتبر مجال التّعليم المهنيّ والتّقنيّ من المجالات الأساسيّة في تنمية المجتمعات الحديثة وتقدمها. ومن هنا كانت أهميّة اهتمام الدّول والحكومات بالتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، ووضع المعايير الأكاديميّة ذات الجودة للارتقاء بهذا القطاع التّعليميّ وتحسين مخرجاته.

ولمواجهة التّحديات والمنافسة في سوق العمل وتحسين المخرجات، فقد بُذل الكثير من الجهود في مجال تطوير أنظمة التّعليم التّقنيّ والتّدريب المهنيّ، فشملت السّياسات والأهداف والبنية المؤسّسية والبرامج وطرق وأساليب التّعليم والتّدريب وغيرها. إلا أنّه لا تزال معظم الدّول، ولا سيما العربيّة منها، تحتاج إلى المزيد من الجهد لتحسين برامجها للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وأن تكون مرتكزة على الكفاءة والموجهة للحصول على فرص العمل، والّتي تتناسب مع السّياق الاجتماعيّ- الاقتصادي، والتّنمية التّكنولوجيّة، إلى جانب تحسين نوعيّة مخرجات التّعليم التّقنيّ والتّدريب المهنيّ، والارتقاء بمستويات المهارة المهنيّة كي تواكب المستويات العالميّة، وتلبي احتياجات سوق العمل من المهن والتخصصات الجديدة، وتساهم في زيادة قابليّة التّشغيل لخريجي المعاهد والمدارس التّقنيّة ومراكز التّدريب المهنيّ، الأمر الّذي سوف ينعكس على خفض نسبة البطالة بين هذه الفئة، ويزيد من دورها في تلبية الاحتياجات المطلوبة في سوق العمل.

إشكالية الدّراسة

يعود تاريخ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان إلى العهد العثماني، وبطبيعة تطوّر المجتمع واحتياجاته وطرق عيشه ووسائلها، وتنامي المعارف وتطوّرها، تصبح الحاجة ملحّة لتطوير مناهج التّعليم بشكل عام، ومناهج التّعليم المهنيّ والتّقنيّ بشكل خاص، لأنّ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ هو القطاع التّعليميّ المرتبط بسوق العمل أكثر من أيّ قطاع تعليمي آخر، لذلك من المفترض أن تكون مناهج هذا القطاع تواكب متطلّبات السوق كمًّا ونوعًا ضمن سياسة تربويّة تضمن وجود برامج لاختصاصات حديثة، لتجذب إليها عددًا من التلاميذ بشكل يلائم متطلّبات هذا السّوق، ليتمّ تعليمهم بأساليب ووسائل تؤهّلهم ليكونوا أفرادًا فاعلين ومنسجمين مع البيئة التي سيعملون فيها مستقبلًا.

انطلاقًا من ذلك تتولد الإشكاليات التالية:

ما هي العوامل المؤثرة في نمو قطاع التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ والخاص في لبنان؟

ما هي نسبة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ على التّعليم الأكاديميّ العام؟

ما هي العوامل المؤثرة على الكادر التدريسي في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ؟

فرضيات الدّراسة

بما أنّ الفرضيات هي إجابات عن الأسئلة تتولد الفرضيات التالية:

هناك عدة عوامل تؤثر على التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان.

تتفاوت نسب التّعليم المهنيّ والتّقنيّ على التّعليم الرّسميّ وفقًا لعامل الزمن.

تعتبر المنفعة المادية المؤثر الأول للكادر التدريسي، فضلًا عن التفرغ للوظيفة.

منهجية الدّراسة

اعتمدت المنهج الوصفي التحليلي في عرض المعلومات وتحليلها، وكذلك المنهج الاحصائي من خلال إيراد نسب وجداول وأرقام من شأنها أن تبين التغيرات الحاصلة في أعداد ونسب طلاب التّعليم المهنيّ والتّقنيّ سواء في الرّسميّ أو الخاص وكذلك نسبة المعلّمين.

حدود الدّراسة (الزمانية والمكانيّة)

لا بدّ للبحث أن يراعي الزمان والمكان، من أجل تقديم المضمون والفائدة، وتقديم المعلومات في إطار زماني ومكاني محدّد.

  • الحدود الزمانية: الفترة الممتدة بين عامي 1989-2014 كإطار تأريخي عام، وتشمل ما بعد اتفاق الطائف وبداية عهد الرئيس الياس الهراوي (1989-1998)، حيث تمّ إنشاء أوّل وزارة خاصة بالتّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان، وتمتد الدّراسة إلى عهد الرئيس ميشال سليمان (2008-2014).

ــ  الحدود المكانيّة: الجمهورية اللّبنانيّة.

 

مقدمة

مرّ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان منذ عهد الاستقلال وحتّى تاريخنا الحاضر بكثير من المراحل، بعضها كان تأسيسيًّا، وبعضها شهد ركودًا، وفي بعض المراحل حصل نوع من التقدّم والتطوير لهذا القطاع الحيوي المرتبط بشكل مباشر بحاجات المجتمع، والّذي يشكّل مدماكًا أساسيًّا في البنية الاقتصادية لأيّ مجتمع، والإفادة من موارده البشريّة بشكل جيّد ،بغية توجيهها ضمن مسارات وظيفيّة تخدم مصلحته، وذلك في إطار خطّة تربويّة شاملة.

تشهد التّجارب الواقعية بأنّه لا يمكن لأي دولة أو مجتمع أن يبنيا نفسيهما من دون ازدهار التّعليم المهنيّ والتّقنيّ؛ لهذا يعتبر نظام التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان بمثابة الرافد للاقتصاد الوطني والمحرك لعجلة التقدم والازدهار والتنمية. من هنا برزت دعوات كثيرة تؤكد على أهمية تفعيل دوره على المستويات والصعد كافة، لما يؤدي من خدمات مهمّة للمجتمع اللّبنانيّ بمختلف شرائحه، ويسهم في إعانة الطلبة الذين يعانون بعض المشاكل التعلمية، أو غير الراغبين في متابعة الدروس الأكاديميّة والنظرية، أو لمن أراد منهم أن يستعدّ مسبقًا لاختصاصه في التّعليم العالي بمتابعة الدروس حول هذا الاختصاص المعني منذ صفوف البكالوريا الفنيّة ليكون متمرّسًا به أكثر فأكثر. كما يساعد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ على تلبية احتياجات سوق العمل، إلى جانب الحدّ من هجرة اليد العاملة اللّبنانيّة لا سيما الشبّان والشابات منهم.

لهذا رأى وزير العمل اللّبنانيّ الأسبق سجعان قزّي أن: “التّعليم المهنيّ السلاح الأقوى لمواجهة البطالة في لبنان، وأنه لا يمكن لأيّ مجتمع أن يبني نفسه دون ازدهار هذا التّعليم”، ويضيف: “إننا بحاجة إلى إرساء ثقافة التّعليم المهنيّ التي نفتقدها في لبنان، والبدء في نشرها في القرى والبلدات والعائلات والمجتمع، وعدم الاكتفاء بالمدارس والمعاهد فقط” (قزي، 2015).

نلقي فيما يلي الضوء على واقع هذا القطاع الذي يستوعب عشرات الآلاف من الطّلاب في مستويات واختصاصات مختلفة.

 

أولًا: التطوّرات العددية  للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ

1- أعداد الطّلاب والخرّيجين

بعد أن توقّفت الحرب الأهليّة في لبنان في العام 1990 بدأ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ يشهد نموًّا متسارعًا من حيث عدد المدارس والمعاهد والتلاميذ، وخصوصًا في القطاع الرّسميّ. فقد ارتفع عدد تلامذة التّعليم المهنيّ في القطاع الرّسميّ من 7451 تلميذًا عام 1990 إلى 18448 تلميذًا عام 2000، ومن ثمّ إلى 33692 عام 2004/2005. وتُرجم ذلك في ارتفاع حصّة القطاع الرّسميّ في حقل التّعليم المهنيّ، ولكن مع استمرار تقدّم القطاع الخاص في هذا المجال. فقد ارتفعت حصة التّعليم الرّسميّ من نحو 18% عام 1991/1992 إلى 25% عام 1999/2000، ومن ثم إلى 34.8% عام 2004/2005. وفي العام الدّراسيّ 2004/2005، شكّل تلامذة مرحلة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ نحو 7.3% من إجمالي عدد الملتحقين بكافّة قطاعات ومراحل التّعليم الرّسميّ، مقابل نحو 4.5% عام 1999/2000 (مجلس الإنماء والإعمار، 2006، ص 93).

وفي سبيل الحديث عن التطوّر التّربويّ في لبنان بعد الحرب الأهلية، عزّزت الدّولة من اهتمامها الإداري بالتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، فتمّ تحويل المديرية إلى وزارة عام 1993 ثم “أطلقت عام 1997 ورشة إعادة النظر بالمناهج، وتهتم الوزارة بإعداد مناهج جديدة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وتطوير اختصاصاته في مرحلتي البكلوريا الفنيّة والامتياز الفني، وتم اعتمادها منذ مطلع عام 99/2000، علمًا أنّه قد تمّ اعتماد مناهج معدّلة للاختصاصات الصناعية في مطلع التسعينات” (وزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، 1997، ص 14).

بالنسبة إلى هذا النوع من التّعليم، وهو التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، لم يعرف هذا النوع من التّعليم إقبالًا كبيرًا عليه في لبنان، فمنذ نشأة هذا التّعليم وحتى اليوم لم تتجاوز نسبة طلاب التّعليم المهنيّ والتّقنيّ 20% من مجموع التلاميذ الملتحقين بالتّعليم النّظاميّ الرّسميّ.

ففي سنة 1995/1996 بلغ عدد طلاب التّعليم المهنيّ 48064 في القطاعين الرّسميّ والخاص، بينما وصل في السّنة نفسها عدد التلاميذ في التّعليم العام ما قبل الجامعي في المرحلة المتوسطة والثانوية إلى 288335 تلميذًا، فتكون نسبة تلاميذ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ 14.28% من مجموع التلاميذ العام والتّقنيّ والمهنيّ.

ما بين العام الدّراسيّ 74/75 التي كان عدد تلاميذ التّعليم التّقنيّ والمهنيّ 25451 تلميذًا، إذا ما قيس هذا العدد بما وصل إليه سنة 95/96 تكون نسبة الزيادة 86% بين هاتين الفترتين.

ونجد أنّ ما يقارب 78% من تلاميذ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ منتسبون إلى القطاع الخاص، ونلمس تحسنًا ملحوظًا لمصلحة القطاع الرّسميّ، إذ إنّ نسبة من المجموع ارتفعت من 19.7% سنة 1974/1975 إلى 22% سنة 95/96، وعلى المستويين الرّسميّ والخاص، فإنّ كليهما يستقطبان الأغلبية الساحقة من تلاميذ البكلوريا الفنيّة والامتياز الفني.

أما بالنسبة إلى العنصر البشري للطلاب والمتخرجين فقد “بلغ عدد الطّلاب في التّعليم المهنيّ والرّسميّ للسنة الدّراسيّة 96/97، 13508 طالب في حين بلغ عدد الطّلاب في القطاع الخاص في نفس السّنة الدّراسيّة 42340 طالبًا” (المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، 96/97، ص 58).

وقد توزع العدد الاجمالي للطلاب على الشهادات الرّسميّة الخمس، وهي الكفاءة المهنيّة والتّكميليّة المهنيّة والبكلوريا الفنيّة والامتياز الفني والإجازة االتّعليميّة، وذلك على الشكل التالي:(المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، 96/97، ص 61)

الشّهادة الرّسميّة الكفاءة المهنيّة التّكميليّة المهنيّة البكلوريا الفنيّة الامتياز الفني الإجازة الفنيّة
عدد الطّلاب 140 878 9350 2546 594

 

وهذا الجدول يعني أنّ النسبة الأكبر من الطّلاب هي من حصة البكلوريا الفنيّة الموازية للتّعليم الثانوي، في حين أنّ الكفاءة المهنيّة تحتوي على الحصة الأقل، ربما لأن طبيعة الاختصاصات التي تقدمها (البكالوريا) هي أشبه بالتدريب منها بالتّعليم.

ولكن تجدر الاشارة هنا إلى “أن 62.66% فقط من مجمل الطّلاب 13508 هم الذين يتأهّلون للاشتراك في الامتحانات الرّسميّة التي تعدّها المديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، 37.34 % يتأهلون لنيل افادات خاصة فقط تمنح من قبل المدارس الخاصة، وتصدّق من المديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ”(المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، 96/97، ص 64).

لقد جاءت هذه السنوات ما بين 93 إلى 2014، بالعديد من الأمور وهي على سبيل تيسير الحال للطلاب، وتحديدًا تلك الإفادات الخاصة التي كانت تعطيها المعاهد، وهي أقرب إلى التدريب المسرّع منه إلى التّعليم المهنيّ، إذ يملك المتخرّج منه مهارة فنية في جملة من الاختصاصات التي لا يقلّ زمن بعضها عن ثلاثة أشهر، ولا يزيد عن السّنة في البعض الآخر، “وما تشير إليه الأرقام أنّ حوالي 27530 طالبًا فقط هم الذين يمكن مقارنتهم بطلاب القطاع الرّسميّ، لأنّ القطاع الرّسميّ لا يشمل على نظام الافادات الخاصة، وهذا ما يعدّل من الكفة الراجحة غالبًا لصالح القطاع الخاص، في عدد الطّلاب المنتسبين، لكي يجعل الفارق لا يزيد عن النصف تقريبًا لصالح القطاع الخاص أيضا”، أما على صعيد تطوّر هذه الاعداد فتشير الاحصاءات التّربويّة إلى ان “أعداد الطّلاب في هذا التّعليم قد ارتفعت في اجمالي القطاعين الرّسميّ والخاص من 22529 طالبًا للعام 94/95 إلى 50679 للعام الدّراسيّ 1998/1999 أي بمعدل زيادة إجمالي قدره 56.2 % على مدى السنوات الخمس”. وإذا أردنا أن نوزّع هذه الزيادة على كلّ من القطاعين الرّسميّ والخاص، لوجدنا “أن معدل الزيادة في القطاع الرّسميّ قد تجاوز بأشواط الزيادة الحاصلة في القطاع الخاص، إذ بلغ المعدل في القطاع الرّسميّ 77.4% بينما بلغ في القطاع الخاص 47%” (خوري، جريدة السفير، بتاريخ 21/6/1999، ص 11-12).

ولذلك يمكن القول بأنّ قطاع التّعليم المهنيّ والتّقنيّ يلقى إقبالًا متزايدًا خلافًا للرأي السائد حول ضعف الإقبال واعتكاف الطّلاب عن دخول مضماره، وتدني حصته في المنظومة االتّعليميّة، ولقد تحققت هذه الزيادة بشكل خاص خارج نطاق بيروت الكبرى، أي في مناطق جبل لبنان البعيدة عن الساحل وفي محافظات البقاع والشمال والجنوب، وهذا من غير العلمي، إرجاع هذه الزيادة إلى افتتاح مدارس جديدة في برجا وحمانا (جبل لبنان) وبعلبك وبدنايل وراشيا (البقاع) وجويا ومرجعيون والعباسية (الجنوب).

ولعل المسألة يمكن أن ترجع إلى ضعف الوضع الاقتصادي في لبنان عمومًا، الأمر الذي ينعكس انحصارًا في خيار التّعليم بهذا القطاع دون غيره، باعتبار أنّه قد يكون أقل كلفة من جهة، ومن الممكن أن يساعد في تأمين العمل بشكل أسرع من التّعليم العام من جهة ثانية، ولأنّ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ لا يزال يأتي في المرتبة الثانية بعد التّعليم العام.

2- توزع الطّلاب بحسب المحافظات

يتوزع الطّلاب في القطاع الرّسميّ في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان على الشكل التالي:

ففي محافظة بيروت الإداريّة حوالي 11%، في محافظة جبل لبنان ما عدا ضواحي بيروت 10%، أما في جبل لبنان مع ضواحي بيروت 30%، وفي محافظة البقاع 22%، أما في محافظة لبنان الجنوبي فجاءت ما يقارب 18% وفي لبنان الشمالي 17% وهذا ما بيَّنه الجدول الإحصائي (المركز التّربويّ، الإحصاءات لعام 1996/1997، ص 58).

أما توزع مجموع الطّلاب جغرافيًا في القطاع الخاص فهو على الشكل التالي:

النبطية والجنوب 10%، البقاع 5 %، لبنان الشمالي 15 %، بيروت 25 % وجبل لبنان مع ضواحي بيروت 45 % وهذا ما يبينه الجدول (المركز التّربويّ، الإحصاءات لعام 1996/1997، ص 64).

ونلاحظ أن القطاع الخاص في بيروت وضواحيها يستوعب حوالي 65 % من مجمل عدد الطّلاب الذي يضمهم هذا القطاع، وهذه النسبة مرتفعة جدًا مقارنة بالمساحات الجغرافية المتبقية من لبنان، بالإضافة إلى أنّ القطاع الخاص يستحوذ على سائر المناطق بنسبة لا تزيد عن 35% والنسبة الأكبر في جبل لبنان والشمال. وهو أمر طبيعي بالنظر إلى الظروف التي كان يمرّ بها لبنان في مناطق الجنوب والبقاع الغربي على وجه الخصوص.

أما فيما خصّ المتخرجين في سنوات 1993 إلى 2014، فقد انعكست الزيادة في أعداد الطّلاب زيادة في أعداد المتخرجين من التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، فارتفع عددهم حسب الشهادات الرّسميّة من 3179 في عام 1994 إلى 7915 في عام 1998، أي نسبة زيادة 128% وشملت هذه الزيادة كافة الشهادات، ولكن هذا لا يشمل الإفادات الخاصة.

لقد ارتفع عدد المتخرّجين في القطاعين الرّسميّ والخاص بين عامي 1995 و1999، أكثر من ثلاثين ألف طالب، يتوزعون على شهادات هذا التّعليم من خلال توزيع الشهادات والسنوات وعدد الخريجين والنسبة المئوية وفق الجدول الآتي: (خوري، 1999، ص 11).

 

الشّهادة 1994 1995 1996 1997 1998 الإجمالي النسبة %
الكفاءة المهنيّة 173 224 310 30 539 1549 5.1
التّكميليّة المهنيّة 410 652 874 1046 1358 4340 14.4
البكالوريا الفنيّة 2532 3726 4503 3822 4664 19248 63.7
الامتياز الفني 566 763 1119 889 1213 4550 15
الإجازة الفنيّة 37 80 137 1522 141 547 1.8
المجموع 3719 5445 6943 6212 7915 30234 100

 

بالنّظر إلى الجدول أعلاه، وإذا أخذنا بعين الاعتبار الرقم الأعلى قبل عام 1997، وهو 4503 خريج في البكلوريا الفنيّة، فيمكننا أن نؤكّد أنّ هذه الشّهادة هي الأساس في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ. في حين تقف التّكميليّة المهنيّة موقفًا متأخرًا بالنّسبة إليها، حيث إنّ أقصى ما وصلت إليه من أعداد المتخرجين هو 539 متخرجًا، كما أقصى ما وصلت إليه أعداد المتخرجين في الإجازة الفنيّة هو 1522 متخرجًا سنة 1997، بينما انخفض العدد إلى 141 متخرجًا في سنة 1998.

وبالعودة إلى 4503 متخرجين، فإننا نلاحظ أن 889 فقط، هم الذين تابعوا دراستهم في المستوى الأعلى من البكلوريا الفنيّة أي الامتياز الفني، و141 فقط هم الذين يتابعون الدّراسة على مستوى الإجازة الفنيّة. ولكن نعود ونرى أنّ تطوّر المتابعين بالنسبة لخريجي البكلوريا الفنيّة بنسبة أعلى من السّنة التالية أي عام 1997، ويمكننا أن نقول إنّه من الممكن جدًا أنَّ المتابعة في الدّراسة تهدف إلى الحصول على الشّهادة تخوّل صاحبها الدّخول في حقل التّعليم، أو أن الذين تخرجوا من البكلوريا الفنيّة لم يجدوا فرص عمل مناسبة، فعادوا إلى مقاعد الدّراسة.

هذا بالإضافة إلى خريجي الامتياز الفني للعام 1996 بلغ 1119 خريجًا، بينما تطوّر عدد المتابعين في الشّهادة اللاحقة (الإجازة الفنيّة) للعام التالي 1997 فبلغ 1522، “مما يعني أنه من الممكن جدًا أن بعض خريجي الامتياز الفني في العام 1995 والبالغ عددهم 763، والذين لم يتابعوا، قد شعروا لسبب أو لآخر بضرورة المتابعة لأنهم لم يجدوا فرص عمل فتابعوا دراستهم، وقد أظهرت الدراسات أن 28% من الذين تخرجوا من دورات التدريب المعجل التي تنظمها المؤسسة الوطنية للاستخدام، عادوا وانخرطوا في النّظام التّعليميّ التّربويّ (نقولا شماس، التدريب المهنيّ المعجّل وسوق العمل، النهار في 14/10/1996).

جدول تطوّر أعداد تلاميذ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ والخاص في لبنان (1974 – 2014)

(المركز التّربويّ، النشرة الإحصائية، الأعوام المذكورة في الجدول)

 

العام الدّراسيّ القطاع الرّسميّ القطاع الخاص المجموع
1974-1975 5017 20434 25451
1980-1981 6975 24233 31208
1985-1986 8873 28586 37459
1994-1995 9739 35803 45776
1997-1998 16284 50056 66340
2004-2005 33692 63190 96882
2006-2007 37446 62285 99731
2009-2010 37317 58494 95811
2011-2012 36675 53106 89781
2012-2013 38020 52208 90228
2013-2014 39452 48811 88263
2014-2015 41982 44368 86250

 

هذا التّزايد العدديّ إن دلّ على شيء فهو يظهر بأنّ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، لم يعد يشكّل ملجًأ للرّاسبين، بل أصبح يعكس أهمية هذا النوع من التّعليم لدى المجتمع، حيث إن أكثر من 32% من مجموع عدد تلامذة لبنان يلتحقون بهذا القطاع، كما أنّ تنوع الاختصاصات وفتح المجال لمتابعة التّعليم العالي دفع بالعديد من تلامذة التّعليم العام للتّوجّه باكرًا إلى اختيار مسارهم المهنيّ، خصوصًا بعد إتمامهم المرحلة المتوسطة من التّعليم العام، وهذا الإقبال المتزايد على التّعليم المهنيّ والتّقنيّ يطول جميع المناطق اللّبنانيّة، حيث يتصاعد عدد تلامذة هذا النوع من التّعليم من سنة إلى أخرى، فبلغ في الشمال 13703 تلميذًا في العام الدّراسيّ 2009/2010، بعد أن كان 8591 تلميذًا في العام الدّراسيّ 2001/2002، وفي ضواحي بيروت بلغ عدد الملتحقين بهذا التّعليم 17088 تلميذًا في العام الدّراسيّ 2009/2010، بعد أن كان 12112 تلميذًا للعام الدّراسيّ 2001/2002.

3- أعداد المدارس

أما بالنسبة لعدد المدارس المهنيّة الرّسميّة فقد ارتفع من 28 مدرسة عام 1990-1991، إلى 40 مدرسة عام 1999-2000، ومن ثمّ إلى 76 مدرسة عام 2004-2005. وتندرج الزيادة الأخيرة في عدد المدارس المهنيّة الرّسميّة، ضمن إطار نتائج السياسة الحكوميّة المنفّذة عبر مجلس الإنماء والإعمار، وتحديدًا عبر خطّة التنمية الخمسية التي وضعت أواخر التسعينيات. وقد اشتملت الخطّة على إنشاء 130 مدرسة مهنية و23 مدرسة مهنيّة وتقنيّة، و11 معهدًا فنيًا عاليًا (مجلس الإنماء والإعمار، 2004، ص 33). وكان من المتوقّع أن تستوعب هذه المدارس والمعاهد ما يقارب 28000 تلميذًا جديدًا. هذا فضلًا عن أنّ وزارة التّربيّة قد باشرت، منذ العام 1999، بتأسيس وتجهيز 31 مدرسة جديدة بفضل تمويل حصلت عليه من البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعيّة، وصندوق الدول المصدّرة للنفط، إضافة إلى التمويل الصادر عن الحكومة. وفي الفترة الممتدة بين عامي 1992 و2003، استثمر في التّعليم المهنيّ ما يقارب 62 مليون دولار أميركي، فضلًا عن إعداد عقود بناء وتجهيز بقيمة 59 مليون دولار أمريكي (مجلس الإنماء والإعمار، 2004، ص 37-39).

أمّا ما عكسه سوق العمل حينها ظهر عبر الدّراسة الّتي أُعدّت بتمويل من البنك الدّولي لصالح وزارة التّربيّة والتّعليم العالي، شملت سبعة قطاعات صناعية) الطباعة، الصّناعات الغذائية، الألبسة، النسيج، الأدوية، البلاستيك، والكهرباء)، حيث تمّ استطلاع رأي المسؤولين فيها عن مستوى متخرّجي التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، فأجمع أصحاب العمل على أنّ التّعليم المهنيّ والتّقنيّ لا يغطّي حاجاتهم كليًا، كما أنهم أعربوا عن وجود نقص ملحوظ في أعداد العمّال المهرة. وكانت الشكاوى عديدة ومازالت حتى الآن، لأنّ متخرّجي التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، لاسيما في الاختصاصات الصناعيّة) كهرباء، الكترونيك، ميكانيك (لا تتلاءم و كفاءاتهم واحتياجات سوق العمل، فمن جهة هناك نقص في تجهيزات التدريب، ومن جهة أخرى فإنّ أسس التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في خطوط الإنتاج والصيانة في المصانع لم تدخل إلى مناهج التّعليم، كما أن التّعليم المهنيّ والتّقنيّ لا يغطي بعض القطاعات الصناعية الأساسيّة في البلد ،مثل الطباعة والصناعات الغذائية وصناعة الألبسة والبلاستيك (نقاش، المجلة التّربويّة، 2003، ص 37).

جدول التطوّر التاريخي لأعداد مدارس ومعاهد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ والخاص في لبنان (1974-2014)

(المركز التّربويّ، النشرة الإحصائية، الأعوام المذكورة في الجدول).

 

العام الدّراسيّ مدارس ومعاهد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ المجموع
الرّسميّ الخاص
1974-1975 17 134 151
1977-1978 17 130 147
1979-1980 17 113 130
1980-1981 18 139 157
1982-1983 22 162 184
1991-1992 28 210 238
1992-1993 31 214 245
1994-1995 31 245 276
1995-1996 29 278 307
1997-1998 34 319 353
2004-2005 76 365 441
2007-2008 98 365 463
2011-2012 117 306 423
2013-2014 123 314 437
2014-2015 123 247 370

 

نلاحظ في الجدول أعلاه، أن وتيرة تطوّر أعداد مدارس ومعاهد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الخاص، كانت أسرع من وتيرة تطوّر التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ، الّذي شهد تقلبات في أعداد مدارسه ومعاهده بأقل وتيرة من مدارس ومعاهد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الخاص.

ويظهر الجدول وتيرة تطوّر مدارس ومعاهد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الخاص، بالشكل شبه التصاعدي بين العام 1974/1975 والعام 2007/2008، الذي سجل أعلى عدد لهذه المدارس والمعاهد، ومن اللافت التراجع في هذه الأعداد بين العام 2007/2008 والعام 2014/2015، الذي بلغت نسبة 25% تقريبًا، بينما في الفترة نفسها شهد التّعليم الرّسميّ تقدمًا في عدد مدارسه ومعاهده بنسبة 20% تقريبًا.

أما سبب التقلبات الحادة في أعداد مدارس ومعاهد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الخاص، فتعود برأينا للسبب الآتي، إنّ هذه المدارس والمعاهد ذات طابع تجاري، وتبتغي الربح وترتبط بشكل أساسي بالعرض والطلب، لذلك هناك بعض المعاهد المهنيّة الخاصة الصغيرة المنتشرة على جميع الأراضي اللّبنانيّة (الداخلة في إحصاءات المركز التّربويّ للبحوث والإنماء)، تضطر لسبب قلة عدد تلامذتها أن تلحقهم بمعاهد أخرى، أو تعتذر عن فتح أبوابها بسبب انخفاض نسبة التسجيل في بعض السنوات الدّراسيّة.

ولكن هذه المشكلة لا يعاني منها القطاع الرّسميّ، حيث لا تعتبر معاهده ومدارسه تجارية، ومعايير فتح المدارس والمعاهد خاضعة لدراسات والإحصاءات التي تحدد حاجات المناطق لهذه المدارس والمعاهد، والتي تجريها المديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ بالتعاون مع مجلس الانماء والاعمار، وهذا هو سبب ارتفاع أعداد مدارس ومعاهد التّعليم المهنيّ الرّسميّ.

4- العنصر التّعليميّ في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ

يعتبر العنصر التّعليميّ أو أساتذة التّعليم العنصر الرئيسي، والجزء الأهم بالنسبة إلى الخطة والحركة التّربويّة التي تهدف إلى تطوير قطاع التّعليم، وذلك باعتبار أن الأستاذ هو الواسطة في إيصال المعلومات إلى الطّلاب، ولذلك فإن عنصر شخصيته يدخل كعنصر فعّال ومؤثّر في العملية التعلمية.

ويكتسب المعلّم في القطاع المهنيّ والتّقنيّ أهمية خاصة، وذلك لأن المعلّم هو الذي يساهم في وضع المادة التي يعطيها لطلابه، هذا بالإضافة إلى أنّ طبيعة مواد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ تقتضي في كثير منها إلى احتكاك مباشر ومستمر من قبل المعلّم، بكل ما يستجد من معطيات علمية قد تتطلب تعديلًا أو حذفًا لمعطيات، لم تعد علمية بالنظر إلى تطوّر العلم، ومن هنا لا بدّ لنا من أن نبيّن الواقع البشري للمجموعة االتّعليميّة لمحاولة المقارنة والقياس حتى يبقى عائق أمام اكتمال العملية التعلمية.

 

جدول تطوّر عديد الهيئة االتّعليميّة في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان (1974-2014)

(المركز التّربويّ، النشرة الإحصائية، الأعوام المذكورة في الجدول).

العام الدّراسيّ القطاع الرّسميّ القطاع الخاص المجموع
1974-1975 1147 945 2092
1981-1982 1430 2133 3563
1988-1989 1468 2398 3866
1993-1994 1630 4035 5665
1995-1996 2025 4957 6982
2001-2002 5143 6943 12086
2003-2004 8532 7660 16192
2006-2007 9610 7664 17274
2009-2010 12502 6699 19201
2011-2012 13445 6687 20132
2013-2014 15273 6455 21728

 

إنّه من الطبيعي أن ينعكس الازدياد في عديد المنتسبين للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ ازديادًا في عديد المعلّمين في هذا القطاع. إنّ معايير اختيار المعلّمين في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الخاص تختلف عن تلك المعتمدة في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ، ففي التّعليم الخاص هناك شريحتان من التّعليم:

  • المعلّمون “المتفرغون” أي الداخلون في ملاك المدرسة أو المعهد المهنيّ والتّقنيّ، وهم ينتسبون لصندوق التعويضات في المدارس الخاصة (مجلس النواب، قانون 27/3/1951)، وبذلك يحكم العلاقة بينهم “قانون تنظيم الهيئة االتّعليميّة في المعاهد الخاصة 1956 وتعديلاته” (مجلس النواب، قانون 15/6/1956 وتعديلاته حتى 15 شباط 2005) الذي يحدد النصاب الأسبوعي للحصص االتّعليميّة للمعلم، ودرجته في سلّم الرتب والرواتب، وذلك بناءً على مؤهلاته العلمية وعدد سنوات خبرته.
  • المعلّمون “المتعاقدون” بعقود خاصة، وفي هذه الحالة يكون العقد هو الذي ينظّم العلاقة بين المؤسسة االتّعليميّة المهنيّة والمعلّم المتعاقد، لجهة عدد الحصص االتّعليميّة، والبدل المالي العائد لها، وطريقة التسديد.

كذلك في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ توجد شريحتان، المتفرغون والمتعاقدون، ولكن شروط التعيين والتعاقد تختلف عن التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الخاص:

  • المعلّمون الداخلون في ملاك المديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وهم إما من متخرجي المعهد الفني التّربويّ، وإما من الناجحين في مباريات يدعو إليها “مجلس الخدمة المدنية” (مجلس الوزراء، مرسوم رقم 55/12 تاريخ 7 كانون الثاني 1955)، وهم يخضعون للنظام الداخلي للمديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وينتسبون لتعاونية موظفي الدّولة. (مجلس الوزراء، مرسوم رقم 14273 تاريخ 29 تشرين أول 1963).
  • المعلّمون المتعاقدون مع المديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، ويكون التعاقد وفق حاجات تحددها مدارس ومعاهد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وترفع طلبها بهذه الحاجات إلى المدير العام للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ الذي يوقّع على العقود الموافق عليهم من المعلّمين المتقدمين بطلباتهم للمديرية، أو لمدارس ومعاهد التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ.

لقد بلغ عديد المتعاقدين في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في العام الدّراسيّ 2004/2005، 7372 أستاذًا، بينما كان عديد الأساتذة الداخلين في ملاك المديرية العامة للتّعليم المهنيّ 794 (إحصائيات غير منشورة للمديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ)، أي أن نسبة المتعاقدين تخطّت 90%.

وفي العام الدّراسيّ 2006/2007، بلغ عدد أفراد الهيئة الإداريّة واالتّعليميّة في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ 9600 معلمًا وإداريًا، حوالي 80% منهم متعاقدون بالساعة.

إنّ توسع فرص التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وعدم القدرة على التوظيف في الملاك، لا يبرران التضخم الحاصل في أعداد المتعاقدين، حيث إن نسبة عالية منهم لا تدرّس أكثر من أربع ساعات أسبوعيًا. وإنّ معظم المتعاقدين في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ هم من بين متخرجي الجامعات، ومتخرجي التّعليم المهنيّ والتّقنيّ العالي، وهم بشكل عام غير معدين لهذا النوع من التّعليم، وقليلًا ما يتمّ التعاقد مع أهل الخبرة من سوق العمل (وزارة التّربيّة والتّعليم العالي، 2007، ص 28).

لقد أدّى عدم وضع سياسة رشيدة ومسؤولة للتعاقد وللتعيين في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ وتنفيذها إلى سلبيات كبيرة، خفّضت من كفايته الداخلية والخارجية، وأدّت إلى تفاوت في المهارات المكتسبة من مدرسة إلى أخرى، وأحيانًا من شعبة إلى أخرى (وزارة التّربيّة والتّعليم العالي، 2007، ص 29).

من هنا يمكن القول، إنه لا بدّ من إعادة التخطيط في هيكلة الكادر البشري في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، حيث يمكن أن ندعم الكادر البشري في الشهادات الأكثر إقبالًا بالكادر التّعليميّ الأعلى اختصاصًا، نظرًا لما يكتسبه المعلّم في القطاع المهنيّ من دور أساسي.

 

ثانيًا: أهم إنجازات المرحلة (1989-2014)

1-  الهيكليّة الجديدة

بعد خروج لبنان من الحرب الأهليّة، وبدء ورشة الإعمار لإعادة بناء ما دمّرته الحرب، كان لا بدّ من إطلاق ورشة لإعادة بناء النّظام التّربويّ في لبنان الّذي تأثّر أيضًا، وأصابه الاهتراء بعد إهماله طيلة سنوات الحرب تلك. فالثورة العلميّة والتكنولوجيّة التي حصلت في العالم في سنوات انشغال اللّبنانيّين بالأحداث الأمنيّة أحدثت تغيّرًا كبيرًا في عالم المعرفة، وأجبرت القيّمين على الشأن التّربويّ حول العالم على إعادة النظر في بنية أنظمتهم التّربويّة، وكذلك الطرائق الحديثة للتّعليم ووسائلها التكنولوجيّة الجديدة والمتنوّعة.

لذلك قامت الدّولة اللّبنانيّة بتعزيز اهتمامها بالقطاع التّعليميّ، وتحديدًا التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، حيث قامت بتحويل المديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ إلى وزارة مستقلّة بموجب المرسوم رقم 211 تاريخ 2/4/1993، حيث اعتمدت الوزارة المذكورة نظامًا جديدًا للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان، عرف باسم “النّظام المزدوج”، ويهدف إلى مواكبة الطّلاب المهنيّين لسوق العمل، وهو النّظام الذي تتوزع مهمة القيام به على جهتين: المؤسسة المعنية والمدرسة المتخصصة (الوكالة الألمانية للتعاون الفني، 1996، ص 5)

ثمّ ألغيت الوزارة حيث جرى تنظيم جديد للمديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ بموجب المرسوم رقم 247 تاريخ 7/8/2000. وهذه الوزارة وقبل إلغائها وتحويلها إلى مديريّة، كانت قد أطلقت ورشة في إعادة النّظر بالمناهج عبر وضعها خطّة لإعداد مناهج جديدة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وتطوير اختصاصاته وتحديدًا في مرحلتي البكالوريا الفنيّة والامتياز الفني، وتهدف هذه الخطة إلى تحقيق الأهداف التي تسعى الدّولة لبلوغها لإرساء نظام حديث للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، يلبي متطلبات سوق العمل في قطاعاته المختلفة، خطة استراتيجيّة عامة أكثر منها برنامجًا مرحليًا دقيقًا. يتم تنفيذها على ثلاث مراحل، تمتد كلّ منها على خمس سنوات، وتنتهي المرحلة الأولى سنة 2002، والثانية 2007، والثالثة 2012، وذلك بنسبة 40% في المرحلة الأولى، و30% في المرحلة الثانية والثالثة، وهذه الخطة للمناهج الجديدة تمّ اعتمادها في العام الدّراسيّ 1999/2000 مع اعتماد مناهج للاختصاصات الصناعيّة في أوّل أيّام وضع الخطّة الجديدة.

إنّ الاهتمام الكبير بالتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وإيمانًا من الدّولة بالدّور الذي يقوم به هذا القطاع، وبسبب شعور أهل الحكم بأهميته وفاعليته، وبعد تحويل مديرية التّعليم المهنيّ إلى وزارة كما أسلفنا، ثمّ تحويلها فيما بعد ولأسباب سياسية إلى مديرية عامة، وإلحاقها بوزارة التّربيّة والتّعليم العالي، وبعد أن وضعت خططًا لها، جاءت هيكليتها مواكبة لدراسة الخطة الجديدة والتي ستستمر إلى العام الدّراسيّ 2012/2013 (وزارة التّعليم المهنيّ، 1997، ص 35).

وبتاريخ 25/10/1995، أقرّ مجلس الوزراء “الهيكليّة الجديدة للتّعليم في لبنان” الّتي أعدّها المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، وشاركت في إعدادها- إلى جانب العديد من الخبراء المحلّيّين والدّوليّين- ووزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، لا سيّما فيما يتعلّق بالأجزاء المتعلّقة باهتمامات الوزارة والمهام المنوطة بها. أما “الهيكليّة الجديدة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ” الّتي وضعت في إطار “الهيكليّة الجديدة للتّعليم في لبنان” فقد أقرّها مجلس الوزراء بتاريخ 16/8/2000.

إنّ من أبرز ما تضمّنته هذه المرحلة، من التطوّرات الإداريّة في التّعليم بشكل عام، والتّعليم المهنيّ والتّقنيّ بشكل خاص، هو تطبيق الهيكليّة الجديدة (المناهج الجديدة) في التّعليم في لبنان، والتي ابتدأ العمل بها في عام 1999/2000، وهي الهيكليّة التي وضعها المركز التّربويّ للبحوث والإنماء في سبيل نهوض البلد من ناحية التّعليم والخريجين، والتي ستؤتي ثمارها في الأعوام الدّراسيّة اللاحقة، والتي ننظر إليها في حلول الأعوام التي تلتها حتى عام 2014 وما تلاها.

وفي إطلالة سريعة على ماهية الهيكليّة الجديدة للتّعليم نجد أنّ هناك ما يعرف أسباب نشوئها، المشاكل التي يعاني منها القطاع التّربويّ بشكل عام، والمتغيرات السريعة خلال السنوات الأخيرة التي سبقت إطلاق الهيكليّة الجديدة، وما حملته من تحدّيات وظروف وتطوّرات تتعلق بأكثر من قطاع وتحديدًا القطاع التّربويّ، ولذلك جاءت الهيكليّة الجديدة على سبيل خطة للنهوض التّربويّ، حيث أرادت أن تعيد بناء هذا القطاع وتطويره في لبنان، حتى تكتمل الصلة بسوق العمل والإنتاج والتقدم المهنيّ وغيره.

أما الأهداف فكانت كثيرة تلخص في ما يلي:

  • السّعي إلى تحقيق توازن بين التّعليم الأكاديميّ والتّعليم المهنيّ لتوثيق الصلة مع التّعليم العالي.
  • السّعي إلى إنشاء ملاءمة وتكامل بين التّربيّة والتّعليم من جهة، وحاجات المجتمع وسوق العمل اللّبنانيّ من جهة ثانية.
  • النهوض بمستويات التّعليم والتأهيل في المراحل االتّعليميّة ما قبل الجامعية.
  • مواكبة التقدم العلمي والتطوّر التكنولوجي، وتعزيز التفاعل مع الثقافات العالمية.

وبهدف تطوير التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان، “وضعت الوزارة أي وزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ عام 1997 الخطة الخمسية لتطوير التّعليم المهنيّ، وهي خطة تمتد على مدى 15 سنة من عام 1997 إلى 2012” (وزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، 1997، ص 35).

وتهدف هذه الخطة إلى تحقيق الأهداف الخاصة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، مواكبة لخطة وزارة التّربيّة في الهيكليّة الجديدة للمناهج، حيث “تسعى الدّولة لإرساء نظام حديث للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ يلبي متطلبات سوق العمل في قطاعاته المختلفة” (وزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، 1997، ص35).

وهذه الخطة هي خطة عامة أكثر منها برنامجًا محليًا دقيقًا، يتم تنفيذه على ثلاث مراحل كل مرحلة خمس سنوات. أما أهداف الخطة:

  • تلبية الطلب الاجتماعيّ على التّعليم، وذلك من خلال توسيع قدرة الوزارة الاستيعابية لمزيد من الطّلاب، عبر إنشاء معاهد ومدارس فنية في غالبية المناطق التي لا يغطيها هذا القطاع.
  • تلبية احتياجات سوق العمل، عبر توفير اليد العاملة الماهرة والفنيّة التي يحتاج إليها سوق العمل كمًا ونوعًا.
  • تحديث النّظام التّعليميّ، وذلك بإرساء نظام تعليمي مهني وتقني مفتوح على المستقبل، بتفرّع مناهجه وطرائقه االتّعليميّة، وحداثة تجهيزاته ووسائله.
  • تفعيل دور الوزارة، وذلك بملء الشواغر في ملاك الوزارة بعناصر ذات كفاءة، عبر إخضاعها لدورات تدريبية على المهام وإعادة النظر في هيكليتها الحالية.

ولتحقيق هذه الأهداف، وفي السنوات الخمس الأولى للخطة كان لا بدّ من:

  • إنشاء وحدة تخطيط في الوزارة تتولّى متابعة تنفيذ الخطة الخمسيّة.
  • تعميم مكننة الأعمال الإداريّة والماليّة على الوزارة.
  • وضع أنظمة داخلية جديدة للمعاهد والمدارس بحيث تعطى إدارتها صلاحيات أفضل.
  • إعداد إداريي المدارس من مدراء ورؤساء دروس نظرية وتطبيقية.
  • تنظيم حملة إعلانية حول دور الوزارة.
  • تنظيم سبل التعامل مع القطاعات الأخرى.

فقد جاءت هذه الخطط الخمسية من وزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ مواكبة لما طرحته الوزارة في الهيكليّة الجديدة للمناهج في التّعليم العام والتّعليم المهنيّ والتّقنيّ؛ وكما ذكرنا سابقًا، لم يبدأ العمل بالهيكليّة الجديدة للمناهج حتى العام الدّراسيّ 1999/2000، في حين أن خطة النهوض في وزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ بدأت منذ 1997، وعليه فإنّ الصيغة المنشورة من الهيكليّة الجديدة، هي “الصيغة الرابعة التي تم الاتفاق عليها، وقد أقرت في جلسة عقدت في مكتب وزير التّربيّة الوطنية والشباب والرياضة بتاريخ 5/10/1995، بحضور وزيري الثقافة والتّعليم العالي ووزير التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وبمشاركة الفئة الأولى من المعنيين بشؤون التّربيّة والتّعليم “(المركز التّربويّ للبحوث والانماء، 1995، ص 2).

الهيكليّة الجديدة بدأت بالتنفيذ عام 1999/2000 وحتى يومنا هذا، مما يعني أنها ضمن الفترة التي نتكلم عنها، وعليه فما هي الهيكليّة الجديدة.

المقصود بالهيكليّة الجديدة للتّعليم “الإطار العام الذي يحدد مسارات التّعليم وأنواعه وفروعه، وعلاقة التّعليم العام الأكاديميّ بالتّعليم المهنيّ، وصلة التّعليم ما قبل الجامعي بالتّعليم العالي، وارتباط التّعليم على اختلاف أنواعه ودرجاته بسوق العمل والإنتاج، وحاجات المجتمع اللّبنانيّ وتطلعاته المستقبلية، وهو التمهيد لوضع مشاريع لمناهج جديدة مترابطة ومتكاملة لجميع أنواع التّعليم وفروعه ودرجاته” (المركز التّربويّ للبحوث والانماء، 1995، ص 2).أما ما يهمنا نحن، فهو ما يتعلق بالتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، دون الفروع الأخرى إلى مدى ارتباطه بالمناهج الأخرى. ما يتعلق بالتّعليم المهنيّ والتّقنيّ تشدد الهيكليّة على ما يلي:

  • “ألّا يتحوّل التّلميذ اللّبنانيّ إلى التّعليم المهنيّ النّظاميّ وغير النّظاميّ قبل سن الثانية عشرة.
  • تحرص الهيكليّة على ربط التّعليم الأكاديميّ بالتّعليم المهنيّ والتّقنيّ بصورة عضوية، وعلى تعزيز هذا التّعليم حيث يستطيع الطالب تصحيح مساره التّعليميّ للانتقال من إحدى نوعي التّعليم إلى الآخر”.
  • تطمح الهيكليّة إلى تفعيل دور المؤسسة الوطنيّة للاستخدام في مجال استجابة التّعليم والتأهيل لحاجات سوق العمل، ولا سيما في نطاق التّعليم المهنيّ والتّقنيّ غير النّظاميّ.

أما فيما يخص التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، نلاحظ وجود بنية للتّعليم الأساسي والتي ذكرت في الهيكليّة الجديدة، وهي التي تتمثل بالمرحلتين الابتدائية والمتوسطة (التّعليم الأساسي)، هذه البيئة هي اللبنة الأولى في مرتكزات التّعليم العام والتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وهو ما يتعلق بالتّعليم النّظاميّ.

ولقد لحظت الهيكليّة الجديدة أن التّعليم غير النّظاميّ يسلك مسارًا تدريبيًا على المهن الموجودة في سوق العمل، وذلك للمتعلّمين الذين أنهوا المرحلة الابتدائية ويرغبون باكتساب مهنة في وقت مبكر”(المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، 1995، ص 28).

هناك العديد من الأمور الإيجابية التي ظهرت وفق الهيكليّة الجديدة، حيث برزت موضوعات عديدة أبرزها:

  • التفريغ، “يضفي مرونة وتفاعلًا أكثر بين التّعليم العام والتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، عبر إقامة الجسور والروابط المشتركة، كما أنه يسمح بالتحرك بين الاتجاهين بسهولة أكثر على امتداد السلم التّعليميّ، بدءًا من نهاية المرحلة المتوسطة وانتهاءً بالتّعليم العالي.
  • تفسح الهيكليّة الجديدة للتّعليم المجال أمام التّعليم المهنيّ والتّقنيّ لتفريع التّعليم والتدريب خلال المرحلة الثانوية التّقنيّة، والتي تعتبر البداية الرّسميّة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ النّظاميّ عبر ثلاثة مجالات:
  • صناعة
  • زراعة
  • تجارة وخدمات.

بالإضافة إلى الاهتمام بقطاع الزراعة حيث لحظ في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، كفرع اختصاص إلى جانب الاختصاصات الأخرى.

 

2- المديرية العامة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ

تعود المرجعيّة الفنيّة والإداريّة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ الرّسميّ في لبنان إلى المديريّة العامّة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، التابعة لوزارة التّربيّة والتّعليم العالي، أمّا التّعليم المهنيّ والتّقنيّ الخاص فيتبع لها في الترخيص، والمناهج االتّعليميّة، وإجراء الامتحانات الرّسميّة فقط. والهيكليّة الحاليّة للمديرية الّتي أقرّت بموجب المرسوم رقم 8349، جاءت على الشكل التالي: (مجلس الوزراء، تاريخ 2/5/1996)

أصبحت المديريّة العامّة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ خمس مصالح إضافة إلى دائرة المعلوماتيّة والإحصاء، والدوائر التّربويّة في المحافظات. أمّا مهام هذه المصالح والدوائر فهي كالآتي: (قبيسي، 2012، ص 229-233)

  • مصلحة الإدارة والتنفيذ:

وتتألّف من: الدائرة الإداريّة، دائرة شؤون الموظّفين، دائرة القضايا، دائرة اللّوازم، دائرة العلاقات العامّة والمنشورات.

وتهتم هذه المصلحة بـ:

  • الأعمال القلميّة، شؤون التحرير والترجمة، سجل الشكاوى، شؤون المحافظات.
  • إعداد المعاملات للموظّفين، الشؤون الذّاتيّة، ملاحقة قضايا موظّفي الوزارة ومستخدميها لدى تعاونيّة موظّفي الدّولة وصندوق الضمان.
  • إعداد مشاريع القوانين والمراسيم والاتفاقيات، إعداد معاملات الاستملاك اللّازمة للمؤسّسات االتّعليميّة ومراكز التأهيل، التنسيق بين أجهزة الرقابة الإداريّة والقضائيّة والوزارة.
  • إعداد صفقات الّلوازم، إدارة المستودعات المركزيّة.
  • شؤون الإعلام والإعلانات، شؤون الاشتراكات في المجلات والصحف، إصدار نشرات دوريّة عن شؤون التعلّم والتدريب، الاهتمام بشؤون التلاميذ المتخرّجين وتأمين الارتباط معهم، وتسهيل إيجاد عمل لهم بالتعاون مع إدارات المعاهد والمدارس الفنيّة الرّسميّة، وتنظيم محاضرات وندوات تهدف إلى إرشاد التلاميذ وتوجيههم نحو الحقول والاختصاصات الّتي تناسبهم.
  • المصلحة الفنيّة:

وتتألّف من: دائرة الدراسات والبحث والتطوير، دائرة التعاون التّقنيّ، دائرة التجهيز والصيانة، دائرة المناهج وتقنيّات التّعليم

وتهتمّ هذه المصلحة بـ:

  • الدّراسات الّتي تساهم في تحديد أهداف التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في مختلف المراحل.
  • تحرّي حاجات البلاد إلى فنّيين من الناحيتين العدديّة والنوعيّة، تحديد حاجات القطاعين الرّسميّ والخاص لأساتذة ومدرّبين في مختلف الاختصاصات الفنيّة والمهنيّة.
  • اقتراح إنشاء معاهد ومدارس فنيّة ومراكز تدريب رسميّة في مختلف المحافظات، دراسة مشاريع عقود التدريس بالسّاعة في معاهد ومدارس التّعليم المهنيّ والتّقنيّ ومراكز التدريب من الناحية الفنيّة.
  • تأمين الارتباط بين الوزارة ومختلف الإدارات الرّسميّة والمؤسّسات الخاصّة والمراجع الّتي لها علاقة بالتّعليم المهنيّ، شؤون العلاقات مع الأمم المتّحدة والمنظّمات.
  • وضع الدراسات الفنيّة المتعلّقة بالأبنية المدرسيّة، والدراسات لتحديد المفروشات والتجهيزات، متابعة شؤون الأبنية وصيانتها بشكل عام.
  • اقتراح تشكيل لجان عمل المناهج ،ووضع مشاريع مناهج التّعليم ومتابعة تقويمها ووضع مواصفات الكتب والوسائل االتّعليميّة وطرائق التدريس، وضع الاختبارات والأسئلة لجميع الاختصاصات وجعلها في تصرّف لجان الامتحانات الرّسميّة.
  • مصلحة المحاسبة والتدقيق:

وتتألّف من: دائرة المحاسبة، دائرة التدقيق.

وتهتم هذه المصلحة بـ :

  • إعداد مشروع الموازنة وتنظيم جداول الرواتب والمساعدات وجميع المعاملات الّتي لها علاقة بالموازنة.
  • تدقيق حسابات المشاريع والإشراف على حسابات صناديق المعاهد والمدارس ومراكز التدريب من الناحية الماليّة، مراقبة محاسبة الموارد، إعداد قطع حساب الموازنة.
  • مصلحة التأهيل المهنيّ:

وتتألّف من: دائرة برامج التدريب المهنيّ، دائرة مستويات التدريب

وتهتم هذه المصلحة بـ:

  • وضع برامج للتدريب المهنيّ ومتابعة تنفيذها، والعمل على إعداد الكتب ووسائل التدريب في مجال التدريب المهنيّ.
  • توجيه المدرّبين وإرشادهم وتقويم أدائهم، ودراسة متطلّبات المراكز التدريبيّة.
  • وضع تقارير دوريّة عن نشاط المدرّبين واحتياجاتهم التدريبيّة.
  • تصميم الاختبارات المهنيّة والإشراف على تنفيذها، ومنح الشهادات والوثائق.
  • مصلحة المراقبة والامتحانات:

وتتألّف من: دائرة المراقبة التّربويّة والإرشاد، دائرة الامتحانات، أمانة سرّ لجنة المعادلات.

وتهتم هذه المصلحة بـ:

  • الإشراف على انتظام التّعليم ووضع تقارير سنويّة.
  • توجيه أفراد الهيئة االتّعليميّة وإرشادها.
  • درس طلبات الترخيص للتّعليم الخاص ضمن الشروط اللّازمة والمراقبة على تنفيذ المناهج، وتنظيم معاملات الامتحانات الرّسميّة.
  • إعداد الشهادات وتسليمها إلى أصحاب العلاقة، مراقبة الامتحانات السنويّة في المعاهد والمدارس، متابعة شؤون المعادلات.
  • دائرة المعلوماتيّة والإحصاء

ترتبط هذه الدائرة مباشرة بالمدير العام للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وتتولّى إعداد أنظمة معلوماتيّة وتصميمها وتنفيذها لمكننة جميع الوحدات، وإقامة شبكة اتصالات معلوماتيّة بينها، وإعداد البيانات الإحصائيّة الدوريّة عن نشاط التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وجميع ما يلزم من إحصاءات ومعلومات لمختلف الوحدات.

  • الدوائر التّربويّة في المحافظات

تتوزّع الدوائر التّربويّة في المحافظات باستثناء بيروت، وتعمل تحت إشراف المحافظ، ودورها تمثيل مختلف الوحدات المختصّة في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، وتأمين الارتباط بين الإدارة المركزيّة وإدارات المعاهد والمدارس الفنيّة ومراكز التدريب، استقبال طلبات فتح المعاهد ومراكز التدريب، تسلّم البيانات المدرسيّة على أنواعها، تسلّم جميع المعاملات القلميّة وإجراء التبليغات العائدة لها، تسلّم طلبات الترشيح للامتحانات الرّسميّة، بالإضافة إلى سائر المهام الّتي تفوّضها بها الإدارة المركزيّة وفقًا للقوانين والأنظمة النّافذة.

بالرّغم من أنّ مسؤوليّة إعداد المناهج االتّعليميّة وتطويرها في المديريّة العامّة للتّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان مناطة بالمصلحة الفنيّة، كما قرأنا في العرض السابق، إلّا أنّنا نلاحظ أيضًا أنّ لغالبيّة المصالح والدوائر الأخرى دورًا أساسيًّا في ذلك، فمصلحة الإدارة والتنفيذ مثلًا عليها إعداد مشاريع القوانين والمراسيم الّتي يحتاجها المسار القانوني للمناهج، كما عليها إعداد الصفقات الّتي تحتاج المديرية إبرامها في حال شراء تجهيزات للمناهج المستحدثة.

كما أنّ لمصلحة المحاسبة والتدقيق دورها في ما خصّ الموازنات المتعلّقة بالمناهج، ولمصلحة التأهيل المهنيّ دور في وضع برامج تأهيل المعلّمين وتدريبهم على المناهج الجديدة، وكذلك إعداد الكتب اللّازمة وتحضير الوسائل االتّعليميّة الّتي تتطلّبها المناهج الجديدة.

وعليه نعتقد بأنّ عمليّة إنتاج مناهج تعليميّة جيّدة تتطلّب تنسيقا وتعاونا بين مختلف المصالح والدوائر، وأي خلل في عمل أحدها سيؤثّر على نوعيّة المناهج الّتي تصدر.

 

خاتمة

نجد مما تقدم، أنّ وعي أهمّية تطوير التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان، فضلًا عن وضع مشاريع لتطويره، هو نقطة منهجية مهمة في الطّريق إلى النهوض بهذا القطاع التّربويّ المهم، بالنظر إلى ما يرافقه من تحديّات عالمية على مستوى التطوّر السّريع في التكنولوجيا، والتي تتطلب منه القيام بسدّ الحاجات المفروضة في هذا المجال.

وبالإضافة إلى ذلك تهدف مشاريع التطوير، والتي انطلقت مع الخطط الخمسية في وزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، إلى تحقيق الملائمة والتكامل بين التّربيّة والتّعليم من جهة، وبين حاجات المجتمع وسوق العمل اللّبنانيّ والعربي من جهة ثانية، إضافة إلى تحقيق التوازن بين التّعليم المهنيّ والتّقنيّ والتّعليم العام، نظرًا إلى الهوة الشاسعة في الذهنية االتّعليميّة السائدة لصالح التّعليم العام على حساب التّعليم المهنيّ والتّقنيّ.

أما جهات التخطيط، فتلاحظ الواقع الراهن لسوق العمالة لجهة احتياجه إلى التدريب العلمي التكنولوجي، وذلك من خلال وضع التّعليم غير النّظاميّ الذي يسمح لليد العاملة الفعلية من الاستفادة من التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، بطريقة مرنة تؤمن استمرارية الانخراط في سوق العمل والتّعليم في خط موازٍ.

 

لائحة المصادر والمراجع

  1. كانـتـور، ليــونارد. (1420هـ). ‏أهمية التّعليم الفني في الدول المتقدمة. ترجمة محمد بن شحات الخطيب (معربًا). مجلة التدريب والتّقنيّة، العدد (1). http://www.altadreeb.net.
  2. قزي، سجعان. (2015). التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في خدمة المجتمع اللّبنانيّ، لبنان: معهد الحكمة الفني العالي: http://newspaper.annahar.com/article/237530.
  3. الجمهوريّة اللّبنانيّة، مجلس الوزراء، مجلس الإنماء والإعمار، البرنامج التنموي آفاق 2006-2009، بيروت، 2006.
  4. الجمهوريّة اللّبنانيّة، مجلس الوزراء، مجلس الإنماء والإعمار، تقرير حول تقدم الأعمال، بيروت، تموز 2004.
  5. الجمهوريّة اللّبنانيّة، وزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، الخطة الخمسية لتطوير التّعليم المهنيّ والتّقنيّ 1998-2002، بيروت، 1997.
  6. وزارة التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، بانوراما التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان، بيروت، 1997.
  7. الجمهورية اللّبنانيّة، وزارة التّربيّة الوطنية والشباب والرياضة، المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، النشرة الإحصاءات لعام الدّراسيّ 1996/1997.
  8. جريدة السفير، القفزات الكمية لا تغني عن تقديم الحلول الفعلية للمعضلة المزمنة: التّعليم المهنيّ والتّقنيّ أمام تحديات السوق والحداثة العاصفة، دراسة أعدّها إيلي خوري من مؤسسة التنمية والثقافة والتكنولوجيا تحت عنوان “التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في مواجهة التحديات“، جريدة السفير، بتاريخ 21/6/1999، ص 11.
  9. نقولا شماس، التدريب المهنيّ المعجّل وسوق العمل، جريدة النهار في 14/10/ 1996.
  10. المركز التّربويّ للبحوث والإنماء. المقارنات الإحصائية لمسار التطوّر التّربويّ خلال 20سنة، بيروت، 1995.
  11. نقّاش، (نبيل). مسيرة تطوير المناهج في التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، المجلّة التّربويّة، العدد 28، كانون أول 2003.
  12. الجمهورية اللّبنانيّة، مجلس الوزراء، مرسوم رقم 55/12، بيروت 7/1/1955
  13. الجمهورية اللّبنانيّة، مجلس الوزراء، مرسوم رقم 14273، بيروت، 29/10/1963
  14. الجمهورية اللّبنانيّة، مجلس النواب، قانون صندوق التعويضات لأفراد الهيئة االتّعليميّة في المدارس الخاصة، بيروت، 27/3/1951.
  15. الجمهورية اللّبنانيّة، مجلس النواب، قانون تنظيم الهيئة االتّعليميّة في المعاهد الخاصة، بيروت، 15/6/1956
  16. الجمهورية اللّبنانيّة، مجلس النواب، قانون تنظيم الهيئة االتّعليميّة في المعاهد الخاصة، بيروت، 15/6/2005.
  17. وزارة التّربيّة والتّعليم العالي، مشروع الإنماء والإعمار، الاستراتيجية الوطنية للتربية والتّعليم في لبنان، وثيقة الرؤية، إعداد الهيئة اللّبنانيّة للعلوم التّربويّة ولجنة الاستراتيجية الوطنية للتربية والتّعليم في لبنان، بيروت، 2007.
  18. المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، الهيكليّة الجديدة للتّعليم في لبنان، بيروت، 1995
  19. الوكالة الوطنية للتعاون الفني، تنفيذ برامج التدريب المزدوج، رسالة إلى وزير التّعليم المهنيّ والتّقنيّ في لبنان، بيروت، 1996
  20. الجهوريّة اللّبنانيّة، مجلس الوزراء، مرسوم رقم 8349، تنظيم مديرية التّعليم المهنيّ والتّقنيّ، بيروت، تاريخ 2/5/1996
  21. قبيسي، حسان. (2012)، النّظام التّعليميّ في لبنان، دار الكتاب العزيز، بيروت، 2012

 

 

 

[1]– طالب دكتوراه في جامعة بيروت العربية في التاريخ الحديث والمعاصر. walidrnasser@gmail.com

 

 

عدد الزوار:76

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى